قد لا يصدق أحد ما حدث يوم الثلاثاء 5 محرم 1431ه من الهلع والخوف الواضح الذي أصاب سكان مدينة جدة بعد إعلان الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة عن قدوم عاصفتين مطريتين تجاه مدينة جدة، وإنها سوف تمطر العروس بأمطار غزيرة، وهي عبارة عن سحب ركامية تبعد عن مدينة جدة بحوالى (100 ميل) وسوف تمطر المدينة بزخات غزيرة من المياه. وبمجرد سماع هذا الخبر كثرت الاتصالات، وفتحت الجوالات من الأمهات والآباء على الأبناء في المدارس والجامعات، وزاد الهلع بين الآباء الذين توجهوا نحو المدارس والجامعات لأخذ أبنائهم سالمين. وبناءً على تلك التوقعات الجوية سارع الدفاع المدني بمحافظة جدة بإطلاق التحذيرات لجميع سكان العروس خاصة السكان القريبين جدا من مواقع الخطر، ومن بطون الأودية ومجاري السيول شرق الخط السريع، وخلال فترات المساء زاد تساقط الأمطار وارتفعت كثافتها، مما حدا بالدفاع المدني إلى إخلاء المناطق المحيطة ببحيرة المسك والمعرضة لخطر الفيضان لو حصل. ونحن هنا نقول: على الرغم من إطلاق تلك التحذيرات من قبل الدفاع المدني، وكذلك الرئاسة العامة للأرصاد فهي، أعمال ومتابعات مشكورة ومحمودة؛ لكن ينبغي أن يكون الناس على علم ودراية بما يجري أثناء وقوع الحدث، أو بما هو متوقع مستقبلا -بمشيئة الله- خلال تتابع الأحداث ودون توقف تهاطل الأمطار، والحرص على تهيئة الناس، وطمأنتهم، وتوجيه النصح لهم بالعودة إلى منازلهم بأوقات كافية قبل تفاقم الأحداث التي ربما تؤدي إلى ما لا تحمد عقباه. والذي تم ملاحظته خلال هذه الأحداث المتسارعة (يوم الثلاثاء 5/1/1431ه)، منذ التنبؤ الجوي والتصريح المتأخر نوعا ما بقدوم هاتين العاصفتين، - اللتان قد تكونان أشد ضراوة من سابقتيهما في يوم الأربعاء الأليم 8/12/1430ه ، كل ذلك أدخل الناس في نوع من الخوف والهلع من جراء هطول هذه الأمطار، وما قد يصحبها من كوارث وفواجع - لا قدر الله - ، أو حتى التوقع بمقدم السيول المنقولة التي يمكن أن تجتاح المنطقة، لأن الصورة الذهنية لسيل يوم الأربعاء ما زالت باقية في الأذهان، والناس قريبو عهد بها، وما زالت آثارها السلبية باقية حتى يومنا هذا، من مثل وجود البحيرات الكبيرة، وبقايا المخلفات المتناثرة، والممتلكات المدمرة ... ولذلك عندما سمع الناس بقدوم العاصفتين المطيرتين هبوا مذعورين واضطرب المجتمع بشكل كبير وأصبح الناس في حيرة من أمرهم من كثرة الاتصالات المصحوبة بالشائعات عن أمكانية تصدع سدّ بحيرة المسك وسدها الاحترازي، مما زاد من مخاوف الناس وجزعهم إلى حدٍ كبير !! الناس معها حق فكارثة الأربعاء ما زالت راسخة في الأذهان، وبحيرة المسك وسدها الاحترازي يمثلان الهاجس الأعظم الذي يؤرق سكان شرق الخط السريع, بل سكان العروس جميعا، ولذلك عند زيادة الكثافة المطرية بشكل لافت عند الساعة الواحدة من صباح يوم الأربعاء، اتجه الجميع بالدعاء والتضرع إلى الله بأن يصرف عنّا السوء، وأن يجعلها سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا هدم ولا غرق، والحمد لله أن مرت الأزمة بسلام. وحتى نحقق المطلوب ونصل للهدف الأسمى وهو حماية السكان من أخطار الأمطار والسيول وطمأنتهم يجب أن نتبع بعض الخطوات أو التعليمات التي يمكن أن تخفف من قلق الناس وخوفهم من قدوم الأمطار أو السيول ومنها: 1- أن تكون النشرة الجوية على رأس كل ساعة, أو خلال كل نصف ساعة، وتبث من قبل أجهزة الإعلام المرئية والمسموعة خاصة في حالات التوقعات الجوية بقدوم عواصف رعدية غزيرة تجاه مدينة جدة، أو أي منطقة مشابهة. 2- أن يكون هناك تنسيق بين القطاعات ذات العلاقة لاتخاذ القرار السريع، والعمل على إزالة الخطر، أو كيفية التعامل معه. 3- أن يكون هناك شريط إخباري مرئي مستمر في القنوات السعودية الرئيسة لإعطاء معلومات وافية عن أوضاع الأمطار، وتحديد الأماكن الأكثر تضررا في المدينة، وتقديم النصائح والإرشادات التي يستفيد منها المشاهد. 4- أن يفعل دور الإذاعة في توعية المواطنين، وتزويدها بالمعلومات المهمة عن الأحداث الجارية التي يمكن أن يستفيد منها المستمع. 5- العمل على إحداث خط ساخن لاستفسارات الطوارئ يستقي منها المواطن المعلومة الصحيحة، دون اللجوء إلى تناقل الشائعات التي أثبتت ضررها بشكل كبير وزادت من مخاوف الناس. نحن في حاجة ماسة لخطة وطنية «لإدارة الكوارث والأزمات»، وأن يعلن عنها عاجلا حتى توضع الاستراتيجيات الأولى لهذه الخطة، وحتى يتمكن القائمون عليها من مراجعتها، وبلورة أفكارها، وتحديد المسؤوليات المرجعية لها، حتى يتمكن المنسقون لها بالخروج بخطة محكمة يمكن تفعيل استخدامها عند حدوث الكوارث والأزمات، بدلا من التخبط والارتجالية التي تسيطر على معظم أعمالنا عند حدوث الكوارث الكبيرة وغير الكبيرة – لا سمح الله – خاصة عملية اتخاذ القرار، والتنسيق بين القطاعات ذات العلاقة، بحيث يعمل الجميع ضمن منظومة متوائمة يسهل عليها إنجاز العمل بمهنية عالية تحقق النجاح المطلوب بعون الله. فهل نحن فاعلون؟؟!!