من هول ما سمعت ومن هول ما شاهدت ومن هول الكارثة التي وقعت بك يا جدة أم أتمكن من مسك القلم لأكتب ولم أتمكن من جمع الأفكار لأكتب وبقيت أياماً وليالٍ وأنا أتابع وأشاهد مشدوهة بما أرى وما أسمع وفي كل مرة تهتز نفسي وينتفض قلمي ويطالبني كل منهما بالكتابة ولكن أكثر ما ألمني وأثر في وجعل دمعي يتصبب على مقلتي وحبر قلمي يتصبب على وريقاتي تلك القصص التي سمعتها وتلك المشاهد التي رأيتها عبر اليوتيوب وهي تحكي قصة ذلك البطل من باكستان (فرمان علي أكبر خان) الذي ضحى بنفسه لكي ينقذ 14 من المحاصرين بالسيول بكل شجاعة وصبر وبأس وفي آخر المطاف يرحل هو غريقاً وإن شاء الله يكون من الشهداء ليترك خلفه أسرة بلا معيل وزوجة بلا معين سوى الله ويترك خلفه تلك القصص في التضحية وتقديم العون لذوي الحاجة المهلوف ففي هذه الصور يظهر الإسلام الحق وتظهر الأخوة الحقة بين المسلمين وتذاب الفوارق وتحطم الأسوار والحصون وليس بما صمت به بعض الوسائل والمواقع أذاننا بما ينتهجه بعض مدعي الإسلام والمروجين له وبما ينتهجه بعض مروجي العنصرية والطبقية والأحقاد بين المسلمين والمروحين لها وكأنهم لم يعلموا في الأول والأخير بأن الجميع على هذه الأرض هم من البشر ويسري عليهم ما يسري في جنات كل البشر فهناك منهم الأخيار وهناك منهم الأشرار أما من يريد أن يقنع الآخرين بأن الأخيار قد جمعوا في مكان معين واحد ليس هناك غيره مكان وأن الأشرار قد وزعوا على العالم من دونهم فهم مخطئون في ذلك فلقد جاء الشهيد فرمان وأمام أعين الجميع ليثبت لهم وللمطبلين معهم بأن الإسلام يذيب الفوارق وأن الإسلام يزيد الترابط (فلا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى) وأن الأخيار في كل مكان كما وأن الأشرار في كل بقعة فلعل كارثة جدة تعيد للفاقدين صوابهم الصواب لهم وللفاقدين تعاليمهم العلم لهم ويأخذون من تلك القصص العبر ويعرفون بأن تفرقهم والدعوة لغيرهم بسلوك طريقهم هو ما سوف يقصيهم ويجعل حياتهم في كمد فالعصى لا تكسر مجتمعة إنما فرادى وأن الحياة الدنيا لا تدوم لأحد وأن واجبهم أن يسعوا لعودة الأخلاق النبيلة ولدفع السيئة بالحسنة تمحوها ولتعريف المسلمين أخوتهم بتلك الأخلاق الإسلامية التي غزت كثيراً من البلاد بها وليس بالسلاح فقط انتشرت تعاليم الإسلام إنما بالمعاملة الحسنة وإعطاء كل ذي حق حقه والعدل والمساواة ومحاسبة المخطئ مهما كان وكائناً من كان واللين والرفق والبعد عن التشدد والإصرار على الخطأ ورؤيته صواباً معتمدين بذلك على النزعة العنصرية والجينات الحسبية النسبية. سلوى ابراهيم – مكة المكرمة