ذكرت في مقال سابق أن إحدى القارئات سألتني عن علاقتي بالقراءة.. فقررت أن تكون الإجابة كبسولات مختصرة على شكل يوميات.. تأتي على حلقات.. بمعنى آخر سأجيب عن القراءة وأحوالها كلما تيسرت الإجابة.. وأجوبة القراءة -كما تعلمون- مثل أسئلتها لا تنتهي. لذلك هاكم «الحلقةالرابعة» من اليوميات: الأحد: عندما يقترب الإنسان من الموت يحزن على أشياء كثيرة، مثل فراق المال والأهل والأقارب والأصدقاء، ولكن الفيلسوف الكبير شوبنهاور يقول: (لا يعز علي سوى ترك مكتبتي الخاصة فلولا الكتب في هذه الدنيا لوقعت منذ زمن طويل فريسة لليأس). الاثنين: المُتع في الدنيا تبدأ وتنتهي بسرعة، ولكن هناك متعة لا تنتهي، لأنها -بطبيعتها- متجددة، وغير قابلة للانتهاء، وقد وضعت الروائية ترولوب إصبعها على هذه المتعة حين قالت: (عادة المطالعة هي المتعة الوحيدة التي لا زيف فيها.. إنها تدوم عندما تتلاشى كل المتع الأخرى). الثلاثاء: تعودنا على الوعاء الذي يحوي الطعام، والوعاء المخصّص للماء، ولكن هل تصوّرتم الوعاء الذي يُجمَع بداخله النور؟، إنه الكتاب.. وفي ذلك يقول الشاعر والناقد الأمريكي عزرا باوند: (إن الكتاب ما هو إلا وعاء من نور يقبع بين يدي من يقرأ). الأربعاء: القراءة وحدها لا تجعل منك رجلاً مُنتجاً للأفكار، بل يجب أن تصطحب – حين تذهب إلى أريكة أو سرير القراءة- فضيلة التفكير، وفي ذلك يقول المفكّر السياسي الكبير جون لوك: (القراءة تزود عقولنا بمواد المعرفة فقط والتفكير هو الذي يجعلنا نملك ما نقرأ). الخميس: القراءة هناك من يرى أنها سُنّة، وهناك من يرى أنها أمرٌ جيّد، وهناك من يجعلها من الواجبات، ومنهم الشاعر عزرا باوند: (يجب أن نقرأ لنزيد من قوتنا، فالإنسان الذي يقرأ هو إنسان مفعم بالحياة). الجمعة: القرّاء لا يتفاعلون -غالباً- إلا مع الكتب الخالدة، وتعريف الكتب الخالدة أنها تلك الكتب التي كتبت بعرق ودم الرجال المخلصين بعلمهم، لذلك اكتسبت الخلود، وفي ذلك يقول توماس كارلايل: (معظمُ الكتب الخالدة نُقشت بدماءِ كتّابها). السبت: مهما تعدّدت وسائل المعرفة وطُرق اكتسابها، إلا أن القراءة مازالت هي التي تتصدّر دوري المعارف، بل هي تتربّع في ناصية هاشتاق #متصدر_لا_تكلمني .. وفي ذلك يقول الأديب طه حسين: (لا نعرف شيئاً يحقق للإنسان تفكيره وتعبيره ومدنيته كالقراءة فهي تصور التفكير على أنه أصل لكل ما يقرأ).
