اللغة العربية من أقدم اللغات الحية وأكثرها انتشاراً في العالم وهي من أهم عوامل البناء في مختلف الحضارات والثقافات، واللغة العربية هي لغة القرآن ولغة الوحي والسنة النبوية ويطلق على اللغة العربية بأنها لغة الضاد والسبب هو أن العرب لا يجدون صعوبة في نطق حرف الضاد ولذلك قال أحمد شوقي رحمه الله (إن الذي ملأ اللغات محاسناً... جعل الجمال وسره في الضاد). في يوم الجمعة الماضي الموافق 18 ديسمبر 2020 احتفل العالم باليوم العالمي للغة العربية، وهو اليوم الذي اتخذت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1973م قرارها التاريخي بأن تكون اللغة العربية لغة رسمية سادسة في المنظمة، وبهذه المناسبة أطلق رواد مواقع التواصل الاجتماعية في العديد من الدول العربية وسم اليوم العالمي للغة العربية مؤكدين من خلاله أهمية احترام اللغة العربية والمحافظة على مكانتها وعدم استبدالها بلغات أخرى والاستمتاع بجمالها ومفرداتها واكتشاف كنوزها ومعانيها. اللغة العربية ليست مجرد لغة بل هي أصل وهوية وتراث ووسيلة تواصل بين الأجيال التي تعيش اليوم العديد من التحديات وترى التناقضات كضعف الاهتمام والتقدير لمكانة اللغة العربية وعدم استخدامها في العديد من المناسبات والتعاملات والمواقف الاجتماعية وانعدام استخداماتها المرتبطة ببعض الجوانب التقنية والأجهزة الألكترونية المختلفة وتجاهل استخدامها أيضًا في بعض المحافل الدولية. الاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية هو احتفاء لإنقاذ اللغة العربية والتي تمر اليوم بوقت حرج خصوصًا في ظل الهيمنة التقنية والتي لم تترك مكانًا للغة العربية وجعلتها محصورة في أسوار الماضي والتاريخ والأمجاد السابقة والحضارات القديمة وأبعدتها كل البعد عن التطور الحضاري ما ساهم في وجود علاقة ضعيفة بين اللغة العربية وبعض الأجيال الحالية في بعض المجتمعات حيث زهد بعضهم في الاهتمام باللغة الأم واستبدل لغته الأصلية بلغات مختلفة وعمدوا إلى تشويهها وتهجينها عند نقلها لغيرهم من الجاليات الموجودة في بعض الدول العربية. إن هذا الواقع المرير الذي تعيشه اللغة العربية اليوم لا ينسجم مع مكانتها المرموقة في العالم ولا تاريخها ولعل قرار إنشاء «مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية» يساهم في إنقاذ مكانة تلك اللغة العظيمة بشكل خاص والثقافة العربية بشكل عام حيث يعد المجمع أحد أهم المبادرات الاستراتيجية الوطنية لوزارة الثقافة ويُعنى بتعزيز حضور اللغة العربية وإبراز مكانتها وإثراء المحتوى العربي في مختلف المجالات ويسعى المجمع ليكون مرجعية عالمية من خلال نشر (اللغة العربية) وحمايتها ودعم أبحاثها وكتبها المتخصصة وتصحيح الأخطاء الشائعة في الألفاظ والتراكيب.