منذ بدء انتشار فيروس كورونا المستجد في أوروبا، أرسلت موسكو طائرات تقل خبراء ومساعدات إلى إيطاليا فيما تتصدى لاتهامات بنشر معلومات مضللة، لتستعرض بذلك "قوتها الناعمة" في مختلف الطرق خلال فترة تفشي الوباء. ونشرت وزارة الدفاع الروسية عدة بيانات يومية بعد إقلاع أولى الطائرات إلى إيطاليا الأحد وهي تنقل حوالى مئة خبير في علم الفيروسات مع تجهيزات طبية ومختبرات نقالة ووحدات تعقيم. وسبق أن عمل الخبراء الذين أرسلوا إلى إيطاليا في دول إفريقية واجهت أوبئة، وعلى تطوير لقاح لوباء ايبولا، كما أعلنت الوزارة. وسيعملون في مدن إيطالية بينها بيرغامو قرب ميلانو وهي الأكثر تضررا من الفيروس. كما أرسلت الصين وكوبا خبراء إلى إيطاليا. وتأتي المساعدة الروسية في وقت حاسم لإيطاليا التي تقيم علاقات جيدة مع موسكو وساندت رفع العقوبات عنها، فيما كانت دول الاتحاد الأوروبي بطيئة في مساعدة هذه الدول العضو في التكتل. كما تأتي في ظل انقسام الاتحاد الأوروبي حول خطة إنقاذ محتملة لاقتصاد المنطقة. فقد حذرت ألمانيا من توقعات غير منطقية فيما تطالب إيطاليا وفرنسا وإسبانيا بتقديم مساعدات كبرى. وقال المحلل السياسي ألكسي مالاشنكو حول الاستراتيجية الروسية إن الرئيس فلاديمير "بوتين سجل انتصارا هنا". وأضاف "أولا انه عمل إنساني، ثانياً يوحي بأن العقوبات (على روسيا) غير مناسبة". ورغم علاقاتها الجيوسياسية المعقدة مع الغرب، تتصرف بشكل يتوافق مع تقليد التضامن الدولي الذي تعتمده منذ الحقبة السوفياتية. الأربعاء قال السفير الروسي في واشنطن إن موسكو مستعدة حتى لمساعدة الولاياتالمتحدة. لكن مالاشنكو حذر من أن "القوة الناعمة يمكن أن تحسن صورة روسيا لكن لا يمكنها تغييرها". فقد واصلت موسكو انتقاداتها للغرب. مزاعم "تضليل إعلامي اتهمت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا الأسبوع الماضي الاتحاد الأوروبي بمحاولة التستر على مشاكله الخاصة في مكافحة فيروس كورونا بواسطة "مزاعم لا أساس لها ضد روسيا". وكانت زاخاروفا ترد على اتهامات باشاعة مخاوف حول الفيروس. في وقت سابق هذا الشهر أعلن الاتحاد الأوروبي ان موسكو "تنشر معلومات مضللة حول فيروس كورونا المستجد" في "حملة كبرى" على حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي مرتبطة بالدولة الروسية. ويأتي ذلك بعد شهر على قول مسؤولين أمريكيين لوكالة فرانس برس أن آلاف الحسابات المرتبطة بروسيا على وسائل التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر وانستغرام تقم بجهود منسقة لنشر المخاوف بشأن الفيروس. ونسبت روسيا الأعداد القليلة المسجلة رسميا للإصابات لديها إلى الإجراءات المبكرة السريعة التي اعتمدتها مثل إغلاق الحدود مع الصين في بداية السنة. كما تقوم موسكو ببناء مستشفى متخصص لوباء كوفيد-19 يفترض أن يفتتح خلال بضعة أسابيع متبعة نموذج الصين. وشدد مسؤولون روس على أن غالبية الحالات المسجلة والبالغ عددها 658 في البلاد هي لأشخاص عادوا في الآونة الأخيرة من أوروبا. ولم تعلن روسيا عن أي وفيات بسبب كوفيد-19. لكن العديد من الروس يبدون غير مصدقين لهذه الحصيلة، نظرا لحصول عمليات اخفاء حقاق في السابق. في خطابه إلى الأمة الأربعاء قال بوتين إن روسيا لا يمكن أن تبقى بمنأى عن الوباء وحض المواطنين على البقاء في المنازل. وأضاف "ما يحصل اليوم في العديد من الدول الغربية، في أوروبا وعبر المحيط، يمكن أن يصبح لدينا في مستقبل قريب". لكن حتى الآن فإن الحصيلة المتدنية تساهم في تحسين صورة روسيا في الخارج وتجعلها تظهر كدولة منظمة جدا وقادرة على فرض إجراءات مشددة. وأوضح مالاشنكو أنه إذا تمكنت روسيا من التعامل بسرعة مع أزمة الفيروس فذلك سيشكل دليلا إضافيا على أن مثل هذه الأنظمة "تتصرف بشكل أفضل في هذه الأوضاع". وخلص مالاشنكو إلى القول إنه إذا استمر الوباء لفترة طويلة وكان الاتحاد الاوروبي غير قادر على مواجهته بشكل فعال فإن "الاحترام لروسيا سيزيد".