التعليم عنصر من عناصر النجاح في مسيرة حياتنا، ولكن البعض قد لا تُساعده الظروف في أن يواصل تعليمه، ويحصل على شهادة جامعية لأسباب مختلفة، منها أنه لم يحصل على معدل مرتفع في الثانوية العامة، أو في اختبارات القدرات أو القياس يُؤهّله للدخول لإحدى الجامعات، أو لأن ظروفه الاجتماعية لا تسمح له بالدراسة، وتضطره للتفرغ للعمل، أو غيرها من الظروف المختلفة. الشهادة الجامعية مهمة في مجتمعنا، ولها مكانة خاصة عند بعض أولياء الأمور، غير أن علينا أن نوضح لأبنائنا أيضاً بأنه من المهم أن يسعى الإنسان لأن تكون له شخصية مميزة ومبدعة، وأن يكون له من القدرات والمهارات والكفاءة ما يؤهله لأن يتفوق في حياته العملية، فليس مهم أن يكون لديك كم هائل من المعلومات قمت بتخزينها في عقلك خلال عدة سنوات، بل الأهم هو كيف ستستخدم تلك المعلومات وتُطبِّقها في مسيرة حياتك، لتكون ناجحاً ومتفوقاً، وكيف يمكن أن تضيف لتلك المعلومات مهارات وخصال فردية، كاللباقة وحسن التفكير والصبر والعزيمة والإصرار، لكي تصبح إنساناً مميزاً في مجال عملك. الدرجة الجامعية مهمة، وتتطلب دراسة وسهر وتعب لعدة سنوات، يحصل من خلالها الطالب على شهادة علمية، وهي في نهاية المطاف وسيلة للرزق، ولكن هناك العديد من الأثرياء مثل: بيل غيتس مؤسس مايكروسوفت، ومارك زوكربيرغ مؤسس فيسبوك، وستيف جوبز المؤسس الشريك في آبل، والذين تسرَّبوا من التعليم في أرقى الجامعات العالمية، وحققوا نجاحات كبرى في حياتهم، كما أن هناك بعض الشركات العالمية ألغت من شروط التوظيف فيها توفُّر الشهادة الجامعية، معتبرة أن لا دليل على ارتباط النجاح المهني بالإنجاز الأكاديمي، وذلك في ظل وجود العديد من التجارب التي أكدت بأن التعليم الجامعي أو العام ليس شرطاً للنجاح في الحياة الوظيفية أو المهنية. علينا كأولياء أمور أن نُجدِّد الأمل لدى أبنائنا ممن لم يسعفهم الحظ للالتحاق بإحدى الجامعات، ونُعزِّز الثقة في أنفسهم، ونُصحِّح لهم بعض المفاهيم الخاطئة، والتي أوهمتهم بأن الإنسان بدون شهادة علمية لا يساوي شيئا، ولن يُكتَب له النجاح، وأن الشباب الذين لم تتيسَّر لهم فرص اللحاق بالدراسة الجامعية هم فاشلين وغير ناجحين، مؤكدين لهم بأن الحصول على الشهادة الجامعية شيء رائع، وعنصر مساعد إن سمحت الظروف، ولكن إن لم تسمح، فأبواب النجاح لا تزال مفتوحة، ويمكن للإنسان أن يثابر ويعمل ويتفوق في مجالات أخرى، كما أن التقدم التقني والتكنولوجيا ساهمت اليوم في جعل التعليم الجامعي متاحاً في أشكال متنوعة ومتعددة، ويمكن الحصول عليه في أي وقت وبأساليب حديثة ومرنة، بل إن هناك معاهد مختلفة يتوفر فيها التدريب المنتهي بالتوظيف، وهو ما قد لا يحصل عليه من لديه شهادة جامعية.