• كم كتبتُ وكتب غيري وتحدَّث عن التعليم، وعن دوره في بناء وتطوير الأمم، وعن دور المعلمين في بناء الأجيال، لكن كيف يتحقق ذلك في ظل تأخُّر العملية التعليمية، والتي لا تزال تدور في مكانها، ولا يزال النظام التعليمي بعيدًا عن الواقع، وقريبًا من التخبُّط، النظام الذي لم يُفرِّق بين معلم مُتميِّز ومعلم كسول، ليس في ذمته ولا في عقله سوى متى يقبض الراتب؟! (لا) والمصيبة أن تجد ردود الفعل على ما كتبه الزميل والصديق قينان الغامدي غريبة عجيبة، مع أن الرجل كتب رأيه، وهو رأي يحمل في مضمونه الكثير، الذي يفترض أن يتحقق ومن قديم، وأذكر أنني كتبتُ كثيرًا عن التعليم، حتى ظن البعض أنني معلم، مع أنني لم ولن أستطيع أن أكون معلمًا أبدًا، ومن أجل التعليم، وبعض الحجج الواهية، التي تعتقد أن هناك قصورًا في المكان والمنهج، سوف أضع أمام القارئ هنا نموذجًا، ليرى أن المعلم وثقافته هي مَن تصنع النجاح، وفي مدرسة فرسان الابتدائية وقبل أكثر من 30 عامًا، كانت المادة «العلوم»، وكان الدرس صناعة مربى التفاح، وكان المعلم هو الأستاذ علي محمد صيقل، يومها كانت فرسان نائية جدًا، وكان لا شيء فيها، حتى التفاح كُنَّا لا نعرفه سوى في الكتاب، وبالرغم من ذلك أحضر المعلم التفاح وصنع المربى..!!! • وهنا يكون الفرق بين أن تختار معلِّما مخلصا مُثقَّفا، يعي مهمّته، ويعرف واجباته التي قهرت الصعاب، وصنعت جيلًا مثقفًا قادرًا على تحمُّل المسؤولية، واليوم تقوم الدنيا وتقعد على ما قاله أخونا قينان، وكأنَّ قينان عدو الوطن، بينما الحقيقة أن كل الكُتَّاب كتبوا وقالوا عن التعليم أكثر مما قاله قينان، وأن رأيي هو أن التعليم لا يزال يحتاج إلى مُنقذ يردّه ويُعيد تأهيله، ليصنع النجاح للوطن..!!! • (خاتمة الهمزة).. كان الفصل في مدرسة فرسان الابتدائية فقيرًا من كل شيء، لكنه كان حاضرًا في بناء العقول، وكان نظام التعليم وهيبة المعلم وحرصه وثقافته هي أهم عناصر التعليم.. اليوم لا تعليم ولا هيبة ولا مُعلِّم (إلا ما ندر) ولا تلميذ ولا يحزنون... إذن علينا أن نعترف أن لدينا مشكلة في التعليم، ونسعى جاهدين على احتوائها... وهي خاتمتي ودمتم.