في الجزء الأول من هذه المقالة كتبت بإيجاز عن ماهية الشيك، ومدى دوره المالي المفترض الإتيان به من قِبل أطراف العلاقة به (الساحب والمستفيد)، في إشارة إلى وجوب احترام هذه الورقة التجارية التي تعد ذات قيمة بحكم تنظيمها المعمول به عالمياً كأداة للدفع وقت تقديم هذا المستند المالي الواجب الالتزام به، وأشرت إلى مقدار المبالغ التي تحملها أقيام الشيكات بدون رصيد في محافظة جدة لوحدها التي وصلت إلى 5.5 مليارات ريال، لا تزال شيكات حبيسة جيوب أصحابها في انتظار دعم حكومي يلزم مصدريها بالوفاء للمستفيدين لها، ولأننا تطرقنا إلى دور وزارة التجارة والصناعة، هذه الجهة التي لا تزال لم تحدث توجهاً صارماً يلزم مصدري هذه الشيكات بالوفاء تجاه المستفيدين، وتقيداً بقرارات عليا صدرت بهذا الخصوص لإنقاذ أصحاب هذه الشيكات من المصائب التي حلت بهم في حصولهم على شيكات بدون رصيد، فلعلي هنا أروي قصة واقعة حدثت لمواطنين سعوديين في مدينة دبي، فقد طلب أحدهما من الآخر منحه سلفة يضمن له سدادها بواسطة شيك مسحوب على بنك سعودي، وقد قبل مقدم السلفة هذا الشيك، وعندما عاد إلى الرياض وراجع البنك المعني لسحب المبلغ اتضح أن صاحبه لا رصيد له، وبعد أن يأس من صاحبه في الوفاء بصرف هذا الشيك بعد زمن، وبحكم أن ساحب الشيك والمستفيد كلاهما تربطهما أعمال تجارية في مدينة دبي وبما أن الشيك صدر فيها، فذهب المستفيد إلى أحد أقسام الشرطة في دبي مستفسراً عن إمكانية رفع قضية ضد صاحبه الذي أعطاه شيكاً بدون رصيد، وصاحبنا المستفيد هذا قد راجع قسم الشرطة بالفعل وهو يعلم مبدئياًَ أنه من الصعب قبول هذه الشكوى والشيك سعودي، إلا أنه وبعد مراجعة قسم الشرطة قد قيل له شيء من هذا الأمر، بينما شفع له شيء لم يكن متوقعاً، فقد قيل له صحيح أن علاقتك مع خصمك نرى أن يكون محل إثارتها في السعودية، لكننا سوف نحاول قبولها لسببٍ واحد، وهو أن ذلك الشخص قد أصدر لك شيكاً بدون رصيد وهو مقيم وقتها على الأراضي الإماراتية فيعتبر هذا الأمر احتيالاً قام به على أراضيها، فبإمكاننا المحاولة على إرغامه بالسداد من هذا المنطلق، فبعد أن أحضر صاحبنا المستفيد ما يثبت صدور هذا الشيك في دولة الإمارات وفي دبي تحديداًَ حينما كانا معاً في دبي، قامت السلطات الإماراتية بوضع اسم ذلك المخالف في قائمة المطلوبين لإبلاغه بخطئه الذي ارتكبه، وعند دخوله في إحدى رحلاته إلى مدينة دبي تم إبلاغه بهذا الخطأ الذي يعد جرماً بعد أن قُدم إليه شهادة رفض الشيك من البنك السعودي، وطلب منه الالتزام بسداد قيمة الشيك وإلا لن يسمح له بالعبور إلى دولة الإمارات، فما كان منه إلا أن أدى ما عليه من مبلغ على الفور، انتهت القصة..، إنها عملية مفرحة ومحزنة ألا تتوافر عندنا بهذه السرعة والتنظيم وسرعة التجاوب التي حدثت من لدن الجهات الأمنية في مدينة دبي، وإذا ما أردنا معرفة آلية التقاضي لدينا عند نشوء مثل هذه القضايا فإنه عليك أن تراجع الغرفة التجارية الصناعية في مدينتك تلك التي لا دخل لها في هذا الشأن ومن ثم وزارة التجارة والصناعة، إلى أن تعقد لك جلسة قضائية وإن لم تحضر في ذلك الوقت ربما تحفظ القضية أو يؤجل انعقاد جلسة أخرى إلى وقت بعيد، اعتقد وفي هذه المرحلة الاقتصادية النشطة القوية المباركة التي نعيشها علينا أن نسعى إلى ما ينمي هذا الاقتصاد الواعد، وألا نهمل ما هو أسمى وأهم شيء في حياتنا الاقتصادية والاجتماعية وهو المال، الذي يحرم ضياعه والتهاون فيه دعماً لاقتصاديات بلادنا الواعدة، ولعلي هنا أقدم بعض الاقتراحات علها تكون إحدى دعائم قطع الطريق على متلاعبي إصدار الشيكات بدون رصيد وهي :- 1- تطبيق كافة القرارات والأنظمة المقننة لفرض العقوبات تجاه مصدري الشيكات بدون رصيد. 2- إيقاف كافة التعاملات مع مصدري الشيكات بدون رصيد من خلال رقم السجل المدني بمركز المعلومات التابع لوزارة الداخلية حتى لا يمكنهم في ذلك إنهاء أي إجراءات إدارية مثل (إصدار جوازات السفر ? الإقامات لمكفوليهم ? إضافة أولادهم في دفاتر العائلة ? تجديد استمارات السيارات ورخص القيادة - أي مستندات تكون ضرورية لأي مواطن). 3- منعهم من السفر. 4- عدم فتح حسابات جارية وغيرها لهم في كافة البنوك. 5- عدم إصدار أو تجديد السجلات التجارية أو الرخص التجارية سواء من البلديات أو غيرها. وعلينا أن نعلم أن لدينا أنظمة وتنظيمات يندر في بعض الأحيان توافرها في أي بلدٍ آخر، لكن المشكلة والمعضلة التي تواجهنا على الدوام هي العزيمة في البدء على التطبيق دون أدنى مجاملة أو محسوبية. والله من وراء القصد.