القصيم مدرسة من مدارس العلماء والنوابغ والدعاة وجهابذة الفكر والقلم.. وهي درّة من درر الجمال ومعقل من معاقل الدهاة من النساء والرجال.. كما هي نبع من منابع فطاحلة الشعر والشعراء، وكنانة من كنان أميز المثقفين والأدباء.. وهي عين من عيون الإبداع والنتاج والعطاء، ورمز من رموز المحبة والإخلاص والوفاء.. ومنها بزغ عباقرة التجارة والاقتصاد والإدارة، وبها المزارعون والعمالة الوطنية المكافحة والمهرة، فهي إذاً أيها الإخوة والأخوات ترنيمة بل موشحة سعودية أصيلة رائعة وجميلة. وفي جميع هجرها وقراها ومدنها بلا استثناء.. وهي منظومة الجد والعمل الدؤوب والنشط.. ففيها تتجلى معاني المحبة والوفاء ومظاهر الصدق والنقاء. ومن أهل القصيم عرفنا يقيناً وعلى أرض الواقع بعدم وجود المستحيل شريطة الارتباط بالدين الإسلامي منهجاً وسلوكاً وبتشمير سواعد الجد والعمل والبعد عن الخنوع والخمول، وما قولي هذا من فراغ وليس من عاطفة بل قلته بعد أربعة عشر عاماً من الملاحظة والتّأمل والانتظار، أي منذ أن تولى سمو أميرها إدارتها وإمارتها وتسيير دفة شؤونها، فلقد قلت هذا إعجاباً وتقديراً عقلانياً وعلمياً بهذه المنطقة وأهلها، ففي البيت الواحد وبلا مبالغة قد تمتزج جميع ألوان الطيف فقد تجد فيه المعلّم النابغة صاحب وحامل الرسالة التربوية والعلمية والعالِم والداعية وطالب العمل أو الباحث والتاجر أو تجد الطبيب الحاذق والعامل الكادح النشط والطموح المثابر أو تجد الأم الفاضلة والأستاذة الحاملة لهموم مجتمعها وأمتها والأخت الحانية والبنت النابغة بها جميعاً أو ببعضها أو أقلّها المفردة منها وهي كثير، القصيم تلك المنطقة الجرداء في أعين معظم من زارها فيما مضى من سنين سواء من أبناء المملكة أو غيرهم كالرحالة والمستشرقين إلا ما تناثر من بقع خضراء بسيطة هنا وهناك في ماضينا القريب، لكنها هي الجنة الغنَّاء في زمننا الحاضر والحمد لله والزاهية في المستقبل بإذن الله، وكل ذلك بفضل الله وتوفيقه ثم بفضل الجهود المبذولة وبالعمل المضني والدؤوب من قِبل عقول وسواعد أبنائها المخلصين البررة، فعلى سبيل المثال وليس على سبيل الحصر كلنا نعلم أنه لا تخلو مدينة من مدن مملكتنا الغالية من منتجات القصيم الزراعية، بل وتعدى ذلك وبكل فخر ولله الحمد إلى الدول العربية المجاورة وبخاصة من دول الخليج العربي الشقيقة. كما لا تخلو وزارة ولا مؤسسة ولا دائرة حكومية أو خاصة وفي أي منطقة من المملكة من العقلية الخبيرة أو اليد العاملة من أبناء هذه المنطقة.. ففيها البيئة والطبيعة الساحرة وفيها الإنسان السوي بعيد الهدف وسامي الغاية والفكر والطموح والتوجه، حالها كحال أي منطقة على ثرى مملكتنا العربية السعودية الأبية. لقد زُرت القصيم بعد انقطاع تجاوز الست سنوات، فهالني ما رأيت من التغيُّر الإيجابي والتطور السريع والمدروس وفي شتى مناحي وجوانب وأنشطة الحياة. فمن الناحية العمرانية والهندسية والمدنية والبلدية تجد الطرقات الجديدة والميادين الواسعة والممتدة والأحياء والمخططات الحديثة، التي شُيدت جميعها وعلى أعلى مستوى هندسي ومدني وبلدي وتخطيطي، وترى المباني والعمارات الباسقة والمنتشرة هنا وهناك، وكذلك تستمتع بالحدائق والمتنزهات الرائعة والبهية، بل وتتشكَّل أمام ناظريك الصور الهندسية الواقعية الجميلة في كل زاوية من مدنها وقراها بميادينها وأحيائها متأثرة بالمدرسة الواقعية التأثيرية من الفنون التشكيلية، وتذهلك ورش العمل الحية العاملة وفي جميع مناحي الحياة الدعوية والتربوية والعلمية والزراعية والعمرانية والبلدية والاقتصادية والثقافية والأدبية والرياضية والإعلامية والأخيرة بتحفُّظ وغيرها من مناشط الحياة ولجميع أبناء وبنات الجنسين من أفراد مجتمعنا السعودي، كما أني قد وجدت بصمة الجد والإخلاص والتّفاني في العمل، ووجدت نماء منقطع النظير لروح المثابرة والتعاون والتنافس الشريف في العمل لدى أبناء المنطقة، والذي يجعلنا أكثر انبساطاً وانشراحاً وفخراً أن ذلك كله نعني به تطور ونماء العقلية والفكر لدى أبناء وطننا الكبير المملكة العربية السعودية ومنه هذه المنطقة الغالية علينا كأي منطقة أخرى من مناطق مملكتنا الحبيبة. وكما هو معلوم أن لكل سفينة ربانها ولكل مجتمع ومنظومة قائده وأميره. فتحية محبة وتقدير وإعجاب صادقة ومخلصة للعقل المفكِّر وللمدير القيادي الناجح وللمعلّم المبدع وللمثقف الأديب المتألق صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز آل سعود أمير منطقة القصيم - وفقه الله - الذي وعد فأوفى وكأنه يذكِّرنا بقول الشاعر: إذا قلت في شيء نعم فأتمه فإنّ نعم دين على الحرّ واجب والذي أزال مفردة المستحيل من قاموس إمارته وإدارته وعمله، ويعمل بصمت وتأنٍ وروية ووفق تخطيط ودراسة جادة وبعيداً عن الهالة الإعلامية. وتحية كذلك لجميع أفراد فريق العمل مع سموه، فلولا الله تعالى ثم سموه الكريم لما قفزت القصيم هذه القفزات المتتالية والهائلة والسريعة وفي هذه الفترة الزمنية الوجيزة. وكذلك التحية لجميع رجالات ونساء القصيم الأوفياء المجدين والمثابرين، وقبل ذلك نحمد الله حمد الشاكرين على نعمائه العظيمة ومن ذلك أن وهبنا سبحانه وتعالى حكومتنا الرشيدة الداعمة لكل ما فيه الخير والنجاح ولجميع أفراد مجتمعنا ولجميع مناطقه بوطننا الحبيب المملكة العربية السعودية، وكأن حال فكري يتذكَّر ما قاله محمد الوراق بقوله: إلهي لك الحمد الذي أنت أهله على نعمٍ ما كنت قط لها أهلا إن ازددت تقصيراً تزدني تفضلاً كأنّي بالتقصير أستوجب الفضلا فحفظ الله لنا ديننا ووطننا وأمننا وحفظ الله لنا قائد مسيرتنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين.