للأمانة العامة للتوعية الإسلامية في الحج دور مهم في إرشاد حجاج بيت الله الحرام وزوار المسجد النبوي وتوعيتهم وتوجيههم، وتعريفهم بأحكام الحج، وتصحيح المفاهيم والإجابة عن استفساراتهم، وتبدأ الأمانة العامة للتوعية استعداداتها لموسم الحج بعد انتهاء الموسم الماضي، حيث تبدأ في وضع خطة التوعية حسب الإمكانات البشرية والمادية وحاجات الحجاج، وكل عام تحرص الأمانة العامة للتوعية على تقديم الجديد، وفي هذا الحوار مع فضيلة الشيخ جابر بن محمد مدخلي الأمين العام للتوعية الإسلامية في الحج تفضل فضيلته بإلقاء الضوء على خطة التوعية هذا العام والجديد فيها، وكيفية التغلب على مشكلة تعدد الرؤى والاجتهادات بين الحجيج.. وفيما يلي نص الحوار: ********* * في البداية.. نريد إلقاء الضوء على نشأة الأمانة العامة للتوعية الإسلامية في الحج ودورها والهدف منه؟ - في البداية يسعدني أن أوضح للقارئ الكريم بأن الأمانة العامة للتوعية الإسلامية في الحج جهاز متخصص - في توعية الحجاج والمعتمرين بما يهمهم من أمور دينهم وأحكام وآداب حجهم وعمرتهم - وهي تابعة لوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد. مضى على إنشاء هذا الجهاز (35) عاماً بداية من عام 1392ه ب(84) داعية و(10) مترجمين وعدد لا يزيد عن أصابع اليدين من الإداريين موزعين على (10) مواقع، بينما زاد هذا العام 1426ه عدد الدعاة عن (700) داعية و(150) مترجماً و(150) إدارياً موزعين على (170) مركزاً ولجنة. * هناك خطة تضعها الأمانة العامة للتوعية الإسلامية في الحج كل عام، تتضمن الجديد الذي ستنفذه وتتدارك من خلالها بعض الملحوظات في حج الأعوام السابقة، ولكن هناك خطوط رئيسية لمهمة عمل الأمانة فما هذه الخطوط؟! - هذا صحيح، هناك خطط عامة ومحاور رئيسية، وهناك إضافات كل عام على الخطة لتفعيل دور رجال التوعية في الحج.. أما الخطة الموسمية للتوعية الإسلامية في الحج فهي تقوم على أربعة خطوط رئيسة وهي: أولاً: تحديد المواقع التي يمر بها الحجاج في منافذ الدخول ومواقيت الحج والمواقع التي يمكثون بها أياماً وليالي لأداء نسكهم وزيارتهم في مكةالمكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة. ثانياً: تحديد عدد الدعاة والمترجمين والمساندين لهم من الموظفين والعمال والسائقين في كل موقع. ثالثاً: تحديد البرامج والمناشط والوسائل الدعوية للفترة التي يوجد فيها الحجاج. رابعاً: تقدير المبالغ المالية التي تؤمن الاحتياجات وتفي بالمتطلبات التي تساعد المشاركين في أداء مهمتهم. * ما هو الجديد الذي سنراه أو يراه الحجاج من التوعية الإسلامية في الحج هذا العام؟! - أما الجديد في خطة هذا العام 1426ه فيمكن إيجازها في الآتي: أولاً: مزيد العناية في اختيار من يقوم بتوعية الحجاج من حيث التأهيل العلمي والقدرة على الحركة وسلامة الأسلوب في الأداء وحسن التعامل مع المستفيدين. ثانياً: زيارة وتنويع وسائل التوعية التي من شأنها إفهام أكبر عدد من الحجاج على اختلاف لغاتهم ومستوياتهم العلمية. ثالثاً: اختيار كوادر علمية من ذوي المؤهلات الشرعية المتخصصة في المسائل الفقهية الدقيقة للإجابة عن أسئلة الحجاج الشخصية والهاتفية للتيسير عليهم ويكونوا مرجعاً لعامة الدعاة فيما يشكل عليهم. * الحجاج يأتون من كل فج عميق، ومن كل حدب وصوب، وهناك آراء فقهية، ومذاهب مختلفة، وهناك اجتهادات في أداء بعض المناسك التي فيها أقوال كيف تتعاملون مع هذه الاجتهادات كأمانة للتوعية الإسلامية؟ - الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام وهو كغيره من العبادات، له أركان تبطل فريضة الحج بفقدها، وواجبات تجبر بغيرها، وسنن لا تؤثر في قبول العبادة، فأركان الحج كالإحرام من الميقات والطواف والسعي والوقوف بعرفة مجمع عليها بين علماء المذاهب، وتبقى الواجبات والسنن مجالاً للاجتهاد وهذا من رحمة الله بالعباد، ولتعريف الحجاج بفضائل هذا الدين وسماحته ويسره، ومن أجل توضيح مذاهب الأئمة الأربعة، ومن أجل إيجاد مخارج لمن أخلّ بشيء من الواجبات وقصرّ في السنن، كلفت الوزارة ضمن دعاتها المرشحين لتوعية الحجاج فريقاً من العلماء المتخصصين في الفقه المقارن ممن لهم باع طويل وتعمق في العلم والمعرفة واجتهاد في مسائل الحج للإجابة عن أسئلة الحجاج الشخصية وعبر الهاتف في جميع مراكز التوعية المنتشرة في مكةالمكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة بأسلوب علمي يراعي ما دعا إليه الإسلام من التيسير والتخفيف على الناس عملاً بقوله تعالى: {يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}، وقوله تعالى: {ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} * هل تعتقدون أن تكرار أسئلة الحجيج كل عام عن نفس الأسئلة يرجع إلى النقص في الثقافة الإسلامية العامة لدى ضيوف الرحمن أم هو الحرص على أداء الشعيرة بسهولة ويسر؟ - لا يخفى على الجميع أن فريضة الحج تجب على المسلم مرة واحدة في العمر وعامة الحجاج لا تتاح لهم فرصة أداء هذه الفريضة إلا مرة واحدة إما بسبب الأنظمة التي تطبق في بلدانهم وإما بسبب قلة ذات اليد من كثير من الحجاج: ولأن أهم مسائل الحج والعمرة تدور حول بيان أركانها وواجباتها وما يفعله الحاج في كيفية أداء هاتين الشعيرتين ولأن من يأتي من الحجاج في هذا العام غير من أتى في العام الذي قبله ومن يأتي بعده، فبذلك تكون الأسئلة مكررة في حق الدعاة الذين يجيبون عن الأسئلة ولكنها في حق الحجاج جيدة. أما السبب الرئيس فهو عائد إلى جهل الكثير من الحجاج فتجدهم يعزمون على أداء هذه الفريضة بل يدخلون في أول ركن منها وهو الإحرام من الميقات ولا يعرفون من أين يحرمون؟ ولا كيف يحرمون؟ وهؤلاء إما لكونهم من كبار السن الذين فاتهم قطار التعليم ولم يحصلوا في بلدانهم على جرعات علمية تساعدهم على معرفة ما يجب عليهم تجاه هذه الفريضة، وإما لكونهم لم يتعلموا المسائل والأحكام الشرعية التي تؤهلهم لفهم أحكام فريضة الحج وآدابها، وتبقى المسؤولية العظمى في أعناق علماء كل بلد يأتي منه الحجاج فهم ورثة الأنبياء وقد أخذ الله عليهم الميثاق ليبيننه للناس ولا يكتمونه فلا تبرأ ذمتهم إلا بتعليم الجاهل وتذكير الغافل. والحجاج يتحملون جزءاً من هذه المسؤولية في وجوب التعلم وسؤال أهل الذكر عما خفي عليهم وإلا فكيف يسوغ لهم أن يعبدوا الله على جهل والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) والحج المبرور هو الذي توفرت شروطه وانتفت موانع صحته وكماله. * قبيل حج كل عام يكثر الحديث عن توعية الحجاج قبل قدومهم إلى الأراضي المقدسة، ولكن لا نجد جهوداً ملموسة في هذا المجال، فكيف يمكن حل هذه الإشكالية؟! - توعية الحجاج بأمور دينهم بعامة وأحكام حجهم وعمرتهم بخاصة في بلادهم قبل وصولهم إلى الديار المقدسة أمر أجمع عليه المختصون والمهتمون بخدمات الحجاج ولا يختلف اثنان بأن فهم الحاج لصفة الحج والعمرة وآدابهما قبل أن يدخل فيهما يحقق له حجاً مبروراً وعملاً صالحاً مقبولاً. والذي يتأمل أصول الشريعة وفروعها وتاريخ الحج يجد بأن نبينا محمداً - صلى الله عليه وسلم - قد أعلن قبل حجته الوحيدة حجة الوداع في القبائل حاضرة وبادية بأنه عازم على الحج فالتف حوله جمع غفير ممن يرغبون في مرافقته للأخذ من تعليماته القولية والفعلية قبل وأثناء دخوله في الإحرام حرصاً منهم على سلامة أعمالهم وصحتها ولا يقبل الله من الأعمال إلا ما كان خالصاً صحيحاً على وفق ما شرع الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. ويظهر والله أعلم أن إلمام الحجاج بمعرفة أهم أركان الحج وواجباته وآدابه داخل ضمن شرط الاستطاعة في قوله تعالى: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} ولو حقق الحجاج هذا الجانب لارتفع مستوى الوعي واختفت مشكلات كثيرة. * ماذا عن الطاقة البشرية للأمانة العامة للتوعية الإسلامية في الحج هذا العام؟! وهل من نبذة بلغة الأرقام عن ذلك؟! - القوى البشرية والنفقات المالية هما محور العمل -بعد عون الله تعالى وتوفيقه - ومن أجل تقديم خدمة أفضل لضيوف الرحمن وتحقيقاً لما تسعى إليه حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وفقه الله وسدد خطاه، كلّف معالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد لجنة تمثل (8) جهات حكومية لها علاقة بخدمة الحجاج من الناحية الدعوية والتنظيمية مهمتها: أولاً: اختيار الدعاة الذين تقع عليهم مسؤولية تعليم الحجاج أمور دينهم وأحكام حجهم وعمرتهم والإجابة عن أسئلتهم. ثانياً: الإشراف والمتابعة والتقييم لأعمالهم في مواسم الحج، وقد تم في هذا العام 1426ه ترشيح (480) داعية من منسوبي الجامعات والتعليم العام وبعض المهتمين بالدعوة والإرشاد من غيرهم. ثالثاً: إضافة إلى ترشيح (224) من أبرز الدعاة العاملين في الوزارة. رابعاً: كما تم ترشيح (150) طالباً من أبناء العالم الإسلامي الذين يواصلون دراستهم في جامعات المملكة أو ممن يعملون في المكاتب التعاونية لتوعية ودعوة الجاليات في المملكة للقيام بالترجمة وتفهم الحجاج بلغات بلادهم. كما حددت الأمانة العامة للتوعية الإسلامية في الحج الجهاز الإداري الذي يساند في تنفيذ الخطة البالغ عددهم ما يقارب (200) موظف. هذه الفئات تم توزيعها إلى مجموعات وفرق تغطي كافة مراكز ولجان التوعية الإسلامية في منافذ المملكة ومواقيت الحج وفي مكةالمكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة. أما عن تطور خطط التوعية الإسلامية فقد مرت بمراحل واكبت فيها الزيادة الحاصلة في الدعاة والمترجمين والمراكز والوسائل الدعوية من مطبوعات وأشرطة وبرامج إذاعية وتلفازية وفي كل عام تعرض خطة شاملة لكل ما يتوقع تنفيذه في مجال توعية الحجاج. * أدخلت الأمانة العامة للتوعية الإسلامية خدمة الهاتف المجاني للرد على استفسارات ضيوف الرحمن في موسم الحج الماضي، ما جديد الأمانة العامة في هذا الشأن خلال هذا العام؟ - خدمة الهاتف المجاني في توعية الحجاج والإجابة عن أسئلتهم بدات تجربته في حج عام 1424ه بناء على توجيه من معالي الوزير الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ وأظهرت نتائج تشغيله فوائد جمة من أهمها: أولاً: توفير الوقت والجهد والتيسير على الحجاج وغيرهم الذين كانوا يتكبدون مشاق البحث عمن يعلمهم ويجيب عن أسئلتهم فقد أصبح الحاج يتلقى المعلومة والحكم الشرعي وبيان ما يهمه من أمر دينه وهو جالس على أريكته في أي مكان في العالم. ثانياً: التوفير على الحجاج الذين كانوا ينفقون بعض ما لديهم من أموال مقابل أجور مكالمات دولية ومحلية للإجابة عن استفساراتهم فقد أصبحت الوزارة تتحمل أجور مكالمات الحجاج المتصلة بالهاتف المجاني خدمة منها لهذه الفئة. ثالثاً: قصر الإجابة الهاتفية عن مسائل الحج الدقيقة على نخبة من العلماء المتخصصين الملمين بمسائل الخلاف بين المذاهب ومحاولة الخروج منها بما ييسر على الحجاج فيما وقعوا فيه من محظورات وأخطاء. أما الجديد في حج هذا العام 1426ه فيمكن إيجازها في ثلاث نقاط: أولاً: زيادة عدد الدعاة الذين يتولون الإجابة عن أسئلة الحجاج إلى (40) داعية يعملون بالتناوب على مدى (24) ساعة. ثانياً: الاستفادة من الهاتف المجاني للتوعية المباشرة للحجاج في بلدانهم حتى يكونوا على علم بهذه الفريضة. ثالثاً: التعريف بالهاتف المجاني ذي الرقم (8002451000) في وسائل الإعلام المختلفة كي يستفيد منه أكبر عدد من المسلمين. * اتخذت الأمانة العامة للتوعية الإسلامية في الحج خطوات رائدة في الأعوام الماضية لتوعية ضيوف الرحمن، والرد على استفساراتهم واستفتاءاتهم من خلال نشر المراكز الإرشادية في كافة أنحاء منطقة المشاعر المقدسة، وفي مكةالمكرمة والحرم المكي، والمدينة المنورة وفي المسجد النبوي وكذا في المنافذ البرية والبحرية والجوية، كيف يقيّم فضيلتكم هذه الخطوة بعد مضي سنوات على تنفيذها؟ وما مدى استفادة الحجاج منها؟ وما لمستموه من الحجاج خلال تلك السنوات؟ - أعمال البشر يعتريها النقص مهما بذلت من جهود كما أشار القرآن إلى السبب {وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا}ومنه نعلم أن الكمال الذي يصبو إليه البشر غير ممكن لأن الكمال لله وحده لكن إذا حسنت النية بارك الله في الأعمال، والأمانة العامة للتوعية الإسلامية تسعى في كل عام إلى تهيئة كل ما يساعد على تحقيق الأهداف. فمن جانبها تقوم بتشكيل لجان ميدانية علمية وفنية وإدارية ومالية تقابل رؤساء المراكز في مواقعهم وترصد الإيجابيات والسلبيات والمعوقات كما تدوّن تقييماً شاملاً لما يقوم به المشاركون من الدعاة والمترجمين والإداريين وغيرهم. ومن جانب الوزارة تكلف فريقاً علمياً متخصصاً في كل عام يقوم بدراسة بحثية ميدانية على عدد من شرائح الحجاج والمشاركين في التوعية الإسلامية تستخلص منها نتائج طبية تساعد على تقييم وتطوير الأعمال الموسمية وتبني عليها كثيراً من الخطط المستقبلية المفيدة. ولا نحرص على تقييم أعمالنا بقدر ما نحرص على تقييمه من غيرنا فالمستفيد من أعمال التوعية الإسلامية هم الحجاج وهم الذين يُقبل حكمهم وتقديرهم لأعمالنا. وقد قامت وزارة الداخلية مشكورة بعمل استبانة لعدد من الحجاج عن مدى استفادتهم من التوعية الدينية في موسم حج عام 1407ه فكانت النتائج مشجعة جعلتنا نضاعف الجهد ونبذل المزيد من العمل طلباً للأجر والمثوبة من الله ورغبة في تحقيق الواجب الذي كلفنا به ويكفينا اننا نبذل ما بوسعنا ونجتهد بقدر طاقتنا ونسأل الله أن يكون لنا عوناً ونصيراً وأن يرزقنا الإخلاص وحسن العمل.