منذ أن أفاء الله على هذا الوطن بنعمة التوحيد والخير الوفير على يد المليك المؤسس (رحمه الله)، وأفراد المجتمع ينعمون برغد العيش ونعمة الأمن، ويتمتعون بأشكال من الرفاهية لم تكن معروفة من قبل. ونظراً للنهضة الشاملة والتغيّر الاجتماعي والاقتصادي والفكري السريع الذي تعيشه المملكة العربية السعودية فقد أفرز بعض الظواهر الاجتماعية والإنسانية التي تحتاج إلى علاج ينبع من الوطن وأبناء الوطن المخلصين. وبات استقدام الخادمات الأجنبيات أو بمصطلح آخر (العمالة الناعمة) لوناً وشكلاً من أشكال الرفاهية في مجتمع المملكة العربية السعودية. وظاهرة الخدم تعتبر ظاهرة إنسانية بشكل عام وضرورة اقتصادية في معظم المجتمعات، ولكن على مستوى الأسرة تظل هذه الظاهرة نسبية بحسب ظروف كل أسرة وإمكاناتها ومتطلباتها. وحول المجتمع العربي السعودي أشارت إحدى الدراسات - على سبيل المثال- إلى أن ما يقارب 89.5% من الأسر السعودية (من المعلمات) في بيوتهن خادمة واحدة على الأقل. وفي دراسة أخرى أفصحت الدراسة أن 77% من الأسر السعودية لديها خادمات. والآن وبحكم أن استقدام العمالة الناعمة (الخادمات) أصبح ضرورة لدى بعض الأسر فإن سعودتها وعلاجها بات أمراً ملحاً على الصعيد الأسري والاجتماعي والاقتصادي والوطني؛ نظراً لمجموعة من العوامل منها اختلاف ثقافة المجتمع السعودي عن ثقافة هؤلاء الخادمات مما يكون له أثر على تنشئة الأطفال والأبناء. وظهور بعض حالات العنف الأسري من قِبل الخادمات ضد الأطفال ومن قِبل بعض أرباب البيوت تجاه الخادمات مما نجم عنه ظهور حالات من الإيذاء تجاه الأطفال من قِبل الخادمات. ويفترض أن وجود الخادمة في المنزل يحقِّق فائدة للأسرة دون أي ضرر ولكن واقع الأمر أن للعمالة الناعمة سلبيات تختلف تبعاً لنوع الخادمة وطبيعة عملها وصفاتها الشخصية وأخلاقها وبيئتها وثقافتها... إلخ. وإلحاق الضرر بالأسرة وخاصة الأم من حيث قلقها على أطفالها أثناء خروجها للعمل ومن حيث عدم الثقة بالخادمة الأجنبية مما يسبِّب مضاعفات نفسية وذهنية للمرأة. بعض الأسر لا تحتاج إلى الخادمة إلا أثناء خروج المرأة للعمل وقت الصباح وتتمنَّى الخلاص منها بعد هذا الوقت! أيضا أثناء عطلة الأسبوع والإجازات والعطلات الصيفية بعض الأسر لا ترغب في وجود الخادمة في المنزل.. خاصة أن هذا يتزامن مع سفر العائلة ورحلات النزهة.. إلى غير ذلك. التغريب اللغوي الذي أحدثته الخادمات الأجنبيات نظراً لعدم قدرتهن على إجادة اللغة العربية ولا اللغة (الإنجليزية) مما كان له أثر في عدم النمو اللغوي للأطفال. وما نجم من تلك الظاهرة من مشكلات سلوكية وأخلاقية لم تكن معروفة من قبل في مجتمع المملكة العربية السعودية. ناهيك عن الأعباء المالية التي تتحملها الأسرة التي تستخدم أكثر من خادمة، والمتمثلة في مرتباتهن وثمن تذاكر السفر وتكاليف معيشتهن ومصاريف الاستقدام إلى غير ذلك دون حاجة حقيقة منهن. الاستنزاف المستمر لبعض ثروات الوطن في الوقت الذي يمكن تصريف هذه المقدرات عندما يتم سعودة وتوطين هذه المهنة نظراً لكثرة أعداد العمالة الناعمة في المجتمع السعودي. علاوة على المشكلات التي تظهر مع سفارات دول هذه العمالة وتواطؤ هذه السفارات مع رعاياها. إضافة إلى كل ما سبق ذكره أو لم يذكر وفي ضوء ما تقدّم هل يمكن أن تقوم وزارة العمل بسعودة وإحلال الخادمة الأجنبية بالحاضنة السعودية.. بكل تأكيد أن مشروع توطين أي مهنة يحتاج إلى إرادة وجهد ووقت وتأن، والبدء بمثل هذا العمل من (نافذة ثقافة المجتمع).. وإن كان هناك أناس لديهم هوس الاستقدام.. فهناك آخرون لديهم هوس حب الوطن. والله من وراء القصد،،