يعيش إخواننا الطلاب هذه الأيام حصاد موسم دراسي كامل، بذلوا فيه الكثير والكثير، وبذل أولياء أمورهم ومعلموهم الجهد الوفير، من أجل تحقيق نجاح يختمون به مشوار عام دراسي كامل، وقياس مستوى تحصيلهم خلال هذا الفصل الذي تصرّمت أيامه وانقضت، فنسأل الله عز وجل أن يوفق إخواننا الطلاب، وأن يعينهم ويحقق لهم رجاء معلميهم ووالديهم بأن يتخرَّجوا ويصبحوا مواطنين مخلصين ولبنة صالحة في هذا المجتمع الطاهر، وهم أهل لذلك - إن شاء الله تعالى - ولكن ونحن مقبلون على هذه الفترة المهمة في حياة أبنائنا الطلاب.. إلا أنه يخفى على بعض المعلمين وأولياء الأمور ما يقوم به الطلاب حال خروجهم من اختباراتهم في الفترة الصباحية من اختلاط بقرناء سوء مفسدين أغواهم الشيطان، فأنساهم ذكر الله، وأحبوا أن يُوقعوا غيرهم في شِراكهم، حيث يقومون بلفت أنظار هؤلاء الفتية بالتفحيط تارة، وبالتّحدي والمغامرة تارة أخرى، بعيداً عن رقابة المعلمين وأولياء الأمور، بل قد يصل الأمر إلى عرض الحبوب المنشّطة، التي يتوهّم أصحابها بأنها سبب في رفع قدرة التحصيل، وما علموا أنها بداية النهاية. إن المتأمل لما يقوم به بعض طلابنا اليوم في هذه الفترة الحرجة (فترة ما بين الخروج من الاختبار، وحتى وقت الظهيرة) من سلوكيات منحرفة، وتصرفات لا مسؤولة ليعجب أشد العجب، ويتألم أشد الألم حين يرى شاباً لم يتجاوز السابعة عشرة من عمره جعل من سيارته أداة للعبث بدماء الآخرين؟؟ نتألم أشد الألم حين نرى تلك التّجمعات من شبابٍ في عمر الزهور يدفعون زميلهم - قائد السيارة - إلى الموت بالتشجيع، والتصفيق له! نتألم أشد الألم حين نرى ذلك الشاب يفقد السيطرة على السيارة، فيدهس مجموعة من الأطفال الذين خرجوا للتو من مدرستهم.. متوجهين لتناول وجبة الإفطار في بيوتهم ومع أمهاتهم!! نتألم أشد الألم حين نشاهد أولياء الأمور في سبات عميق، لا يصحون منه إلا في وقت لا ينفع فيه الندم!!نتألم أشد الألم حين نشاهد أولياء الأمور يهرعون لأقسام الشُرط يُقدِّمون الأعذار الوهمية، ويطلبون الشفاعات لأبنائهم؛ وما علموا أنهم بذلك قد أيدوهم وجروهم إلى مخالفة الأنظمة، التي تحمي أرواحهم وممتلكاتهم من الإزهاق والإتلاف، وأنهم بفعلهم هذا قد مهدوا لهم الطريق إلى النهاية الحزينة!! نتألم أشدّ الألم حين نرى المعلمين يخرجون من مدارسهم، ويشاهدون طلابهم يتسابقون إلى الموت، فيواصلون مسيرهم وكأنّ الأمر لا يعنيهم!! نتألم أشد الألم حين نرى أهل التربية والتعليم يلقون اللوم والعتب على الجهات الأمنية فيما يحدثه طلابهم ونتاج غراسهم - من سلوكيات منحرفة!! إن ما يعانيه بعض شبابنا اليوم، هو في الحقيقة أزمة تربوية تظهر جلياً في ما نشاهده من مناظر مخيفة، ومشاهد مروعة يشيب منها الولدان ويقف الحليم أمامها حيران!!وإلا.. فأين تأثير عام دراسي كامل على سلوك الناشئة وأخلاقهم؟؟ هل وعى المعلمون اليوم دورهم التربوي قبل التلقيني؟؟ إننا نناشد المعلمين وأولياء الأمور أن يقفوا صفاً واحداً في سبيل توجيه هؤلاء الشباب ونصحهم وتحذيرهم من عاقبة تلك التجمعات المشبوهة بعد فترة الامتحان، والتي تشكِّل خطراً بالغاً على هؤلاء المتجمعين، وأن يتعاونوا مع رجال الأمن في التحذير من تلك التجمعات؛ بالإبلاغ عن كل من به ريبة، والتعاون مع أجهزة الأمن بإعلامهم عن موعد خروج الطلاب في هذه الفترة، وأن يمنع الطلاب من الخروج من المدرسة بين فترتي الامتحان.وإن من الواجب على أولياء الأمور أن يتفقَّدوا أبناءهم ويسألوهم: أين ذهبوا؟ ومع من يذهبون؟ وماذا يفعلون؟ ومتى يعودون؟ فيدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة من غير عنف، ولا تجريح، فإننا في هذه الفترة نشاهد مآسي سببت الآهات لكثير من الآباء والأمهات!! في هذه الفترة نشاهد الحسرة في قلوب كثير من أولياء الأمور بسبب فقدهم لأولادهم، أو ملازمتهم لهم على الأسرَّة البيضاء!!نسأل الله عز وجل أن يوفق شبابنا في دينهم ودنياهم، وأن يحفظهم من كل سوء، وأن يجعلهم ذخراً لدينهم ووطنهم، وأن يديم علينا نعمة الأمن والإيمان؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه. [email protected]