تتجه أنظار العالم اليوم صوب القاهرة، حيث يتوجه ملايين المصريين إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء الشعبي على تعديل المادة 76 من الدستور المعمول به منذ العام 1971، التي أقر مجلس الشعب (البرلمان) صياغتها النهائية يوم الثلاثاء 10 مايو الجاري بأن يكون رئيس جمهورية مصر العربية القادم بالانتخاب السري المباشر بين أكثر من مرشح. وتشهد المدن والقرى المصرية سباقاً محموماً بين المعارضة والحزب الحاكم ففي حين يكثف الحزب الوطني الديمقراطي جهوده لحث المواطنين على الذهاب إلى لجان الاستفتاء تعمل المعارضة بميولها المختلفة على تعطيل الاستفتاء خاصة أحزاب التجمع والوفد والناصري والغد وجماعة الإخوان المسلمين والحركة المصرية من أجل التغيير كفاية ونشطاء من المجتمع المدني، الذين سبق أن أعلنوا مقاطعتهم للاستفتاء ودعوة الجماهير إلى ذلك. ومن المتوقع أن تشهد القاهرةوالمحافظات الرئيسية حالة من الاستنفار الأمني لمنع مظاهرات (كفاية) من التأثير على الناخبين وقد توعد اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية بإجراءات أمنية مشددة لمن يحاول تعطيل عملية الاستفتاء أو إحداث شغب أمام اللجان. وكان العادلي قد استعرض مع مساعديه قبل أيام الإجراءات التي اتخذتها وزارته لهذا اليوم التاريخي في حياة مصر المعاصرة، حيث أكد أن أجهزة الأمن ستواجه أي خروج على الشرعية والقانون ضماناً لحسن سير عملية الاستفتاء، وشدد على أهمية مواكبة السياسات الأمنية مع خطوات الإصلاح التي تشهدها البلاد في الفترة الحالية وضرورة أن تنأى بالوطن عن عوامل الفوضى والفتن لحماية مسيرة التنمية. وأكد وزير الداخلية أنه لا توجد قيود على حرية التعبير عن الرأي طالما لم تتجاوز القانون ولم تمس مصالح وحقوق الآخرين أو الصالح العام. إلى ذلك تم حسم مشاركة القضاة في الإشراف على الاستفتاء حيث تقرر مشاركة 13268 من رجال القضاء والنيابة العامة وأعضاء الهيئات القضائية وسوف يشارك هؤلاء القضاة في الإشراف على 325 لجنة عامة و54 ألف لجنة فرعية، ومن جانبه كثف الحزب الوطني الحاكم تحركاته على جميع الأصعدة في جميع المحافظات المصرية من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، حيث نظمت أمانة المحافظات عدداً من الندوات والمؤتمرات المتواصلة لحث المواطنين على المشاركة في الاستفتاء وارتفعت في سماء مصر اللافتات الداعية إلى المشاركة في العملية الديمقراطية يوم الفخار الوطني مقابل لافتات وبيانات أخرى للمعارضة تدعو الناس إلى المكوث في بيوتهم يوم الحداد الوطني على حد وصف المعارضة. في غضون ذلك تلقت المعارضة المصرية ضربة جديدة على الصعيد القضائي حيث أيدت محكمة القضاء الإداري قرار رئيس الجمهورية بدعوة الناخبين على تعديل المادة 76 وقالت المحكمة بعدم الاختصاص في نظر الدعوى التي رفعها الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع اليساري العارض وتضامن معه فيها حزب الوفد والناصري والغد، التي طالب فيها بوقف الاستفتاء. وقالت المحكمة بعدم اختصامها لأن قرار رئيس الجمهورية يعد من الأعمال السيادية التي لا تخضع لأي رقابة قضائية. وأعلنت حركة كفاية عن التظاهر اليوم في 20 محافظة مصرية احتجاجاً على التعديل النهائي للمادة 76 من الدستور ومن المتوقع أن تحول أجهزة الأمن المصرية دون حدوث هذه المظاهرات. في السياق نفسه تضامنت عشرة أحزاب معارضة مع الحزب الحاكم في دعوته للاستفتاء وأكدت قيادات أحزاب الظل العشرة أنهم مستعدون تماماً للذهاب والدعوة إلى يوم الاستفتاء، وتشمل قائمة الأحزاب المتضامنة مع الحزب الحاكم أحزاب (الجيل، الأحرار، الخضر، مصر 2000، الدستوري، الاتحادي، مصر العربي الاشتراكي، الأمة، التكافل، والوفاق العربي) ولم يتوقف الأمر عند السياسيين بل تعداه إلى رجال الدين، حيث انتقد الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر موقف الداعين للمقاطعة، وقال سأكون أول المشاركين في الاستفتاء على تعديل الدستور لأن المقاطعة سلبية أما المشاركة فمن باب الشهادة (ومن يكتمها فإنه آثم قلبه)، ونفى طنطاوي أن يكون قد سمح للعاملين بالأزهر بالانصراف مبكراً يوم الاستفتاء، وقال إن عملية الاقتراع ممتدة إلى آخر النهار ولا داعي لتعطيل العمل.