ارتفاع أسعار النفط    استعرض تميز التحول الاقتصادي وثمار الرؤية بقيادة ولي العهد.. الرميان: العالم يأتي إلى المملكة وثروتها تقاس بازدهار الإنسان    أطلقها نائب وزير البيئة لدعم الابتكار.. 10 آلاف مصدر علمي بمنصة «نبراس»    الجلاجل يناقش مع مقدمي «الرعاية الصحية» تعزيز الشراكة    تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية بما يخدم المصالح المشتركة.. إطلاق تعاون اقتصادي بين السعودية وباكستان    الاحتلال يشن غارة جوية على الضفة الغربية    إدانة دولية لقتل المدنيين.. مجلس السيادة السوداني: سقوط الفاشر لا يعني النهاية    استعرض معهما العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين.. الرئيس السوري يبحث مع وزيري الداخلية والخارجية تعزيز التعاون    الاتحاد يقصي النصر من كأس خادم الحرمين الشريفين    غضب من مقارنته بكونسيساو.. خيسوس: رحلة الهند سبب الخسارة    أكد أن الاتفاق مع باكستان امتداد لترسيخ العلاقات الأخوية.. مجلس الوزراء: مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار يدفع نحو التنمية والازدهار    بدء التقديم على برنامج ابتعاث لتدريس اللغة الصينية    التعلم وأزمة المعايير الجاهزة    الإعلام السياحي على مجهر «ملتقى المبدعين»    «من أول وجديد» 15 حلقة    البليهي: أمامنا مواجهات صعبة    هزازي: علينا التركيز في المباريات المقبلة    من ركوب الإبل إلى قيادة المستقبل.. هُوية لا تُشترى    نفوذ بلا ضجيج.. القوة الناعمة في الإعلام    تعزيز العلاقات التركية - السعودية وسط الفرص والتحديات    تبوك تستعد للأمطار بفرضيات لمخاطر السيول    سعود بن بندر يطلع على أعمال "آفاق"    إسرائيل ترفض الجهود الأميركية للسلام    يايسله يؤكد جاهزية جالينو    المناطيد تكشف أسرار العلا    "وثيقة تاريخية" تبرز اهتمام المملكة بالإرشاد التعليمي    افتتاح القرية التراثية بفيضة السر    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالمحمدية في جدة يستأصل بنجاح ورماً ضخماً من البنكرياس ويعيد بناء الوريد البابي    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالتخصصي يُجري الفحوصات الطبية للملاكمين المشاركين بنزالات موسم الرياض    منتديات نوعية ترسم ملامح مستقبل الصحة العالمية    صحة المرأة بين الوعي والموروثات الثقافية    أفراح ابن سلطان والعزام    الهلال يكسب الأخدود ويبلغ ربع نهائي كأس الملك    قصيدة النثر بين الأمس واليوم    أجور الحدادين والرمل والأسمنت ترفع تكاليف البناء    انطلاق منافسات بطولة العالم لرياضة الإطفاء والإنقاذ بسباق تسلق البرج بالسلالم    فيصل المحمدي من بيت امتلأ بالصور إلى قلب يسكنه التصوير    زيارة استثمارية لوفد من غرفة جازان    تداول يكسب 54 نقطة    فترة الإنذار يالضمان الاجتماعي    ولادة توأم من بويضات متجمدة    العلماء يحذرون من الموز في العصائر    54 مليون قاصد للحرمين خلال شهر    الضربات الأوكرانية خفضت قدرة روسيا على تكرير النفط 20%    أمير منطقة جازان ونائبه يقدمان واجب العزاء للدكتور حسن الحازمي في وفاة نجله    السعودية تدين الانتهاكات الإنسانية الجسيمة لقوات الدعم السريع في الفاشر    تعديل مواد في نظام مقدمي خدمة حجاج الخارج    مفتي عام المملكة يستقبل وزير الشؤون الإسلامية    أمير تبوك يستقبل مدير شرطة المنطقة    نائب أمير جازان يستقبل المستشار الشرعي بفرع الإفتاء بالمنطقة    أمير جازان يستقبل المستشار الشرعي بفرع الإفتاء في المنطقة    كباشي: شكراً صحيفة «البلاد»    القيادة تعزّي ملك مملكة تايلند في وفاة والدته الملكة سيريكيت    نائب أمير الشرقية يطّلع على جهود "انتماء وطني"    رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية يغادر المدينة المنورة    أكثر من 11.7 مليون عمرة خلال ربيع الآخر    أثنى على جهود آل الشيخ.. المفتي: الملك وولي العهد يدعمان جهاز الإفتاء    المعجب: القيادة حريصة على تطوير البيئة التشريعية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التكريم للمعلمة أو مديرة المدرسة.. متى وكيف؟!
نشر في الجزيرة يوم 09 - 04 - 2004

هذا الموضوع من المواضيع التي عادة ما يلمسها الإنسان أو تطرق أفكاره في لحظة من اللحظات المثيرة من خلال عمله اليومي الذي يعتبر الحصيلة والثروة في كثير من المواقف أو تلقيه لبعض الأحاديث التي تدور في المجالس والمنتديات بين أصحاب العلاقة والشأن نستخلص منها نوعاً من الرؤى التي قد يكون بحثها على مستوى الإعلام المقروء أكثر شمولية وموضوعية استقراءً وفائدة لإطلاع كثير من شرائح المجتمع عليها، وبالذات أصحاب العلاقة أو من يهمه هذا الشأن وتلك العلاقة.
حقيقة لم أستطع ان أخف ما بداخلي من تناقض في الحياة العملية التي دائماً ما تكون في صراع طبقي بين المفهوم العام (أو النظريات الفلسفية) والواقع الفعلي على الأرض، ولنأخذ مثلاً على ذلك (موضوع التكريم) الذي تحظى به (المعلمة) أو مديرة المدرسة، وهي (فلسفة) نابعة من الحدث والحديث فإن هذا الترشيح (لمنصب معين) أو التكريم لجهود طيبة وإنجاز مبدع هو تثمين للجهود المبذولة للعاملات في مدارس البنات وتكريم لهذه الجهود في الميدان التربوي، فقد كنت دائماً غير متفاءل أو متفاعل مع هذا (التكريم أو الترشيح) وإن كنت لا أظهره على الملأ من منطلق ان هذا (فوق المستوى العلمي) وانه يخص بالذات راسمي السياسة التعليمية، ولكنه في الحقيقة هو شعور خفي (ودبي نمل) داخل جسمي ينبئ عن تشاؤم ملح داخلي في وقت يكثر فيه التكريم أو الترشيح للجهود التي تبذل والعطاء الذي يقدم وذلك كنوع من التجديد في الحوافز المعنوية والنقلة النوعية التي تعيشها مدارس البنات في ضوء التجديد والتطوير الذي يشهده هذا القطاع منذ ان صدرت التوجيهات السامية بجمع التعليم تحت مظلة واحدة بمسمى (وزارة التربية والتعليم).
وهذا الصراع داخلي نفسي لم أستطع التغلب عليه ويؤرق الافكار ويبعثر التفكير لأنه ينطلق من الواقع الفعلي والواقع الملموس في العملية التعليمية لذلك كانت نظرتي هذه التشاؤمية التي أنظر إليها من زاويتي هذه أفسرها بقرارة نفسي على أنها (اعتراض مؤدب) و(شجب صامت) و(تنديد خفي) و(امتعاض واضح)..الخ من العبارات التي أصبحت مشهورة في عالم الأخبار اليومية.
السياسة العالمية التي أجهل أبجديتها الحرفية وتركيبتها المعقدة أطلقت كل هذه الصفات من أجل نوعية التكريم وهذه الاعتراضات هي من باب ان أقفل التفكير في داخلي رغم ان هذه الكيفية التي يتم فيها مكافأة هذه الجهود التي تبذل فوق طاقتها من أجل الوطن والمواطن وإبراء للذمة وتحقيقاً للمصلحة الوطنية والقومية لا أريد كمواطن قبل كل شيء أو ولي أمر للمكرمة ان تكون شهادة تكريم تقتصر على كونها (شيئاً ملموساً) تخرج بها من قاعدة التكريم كرتونة ملونة الشكل مصقولة الجانب جذابة المنظر مزخرفة التراكيب تلفت النظر وتجذب البصر، رائعة التصميم والإخراج الفني لتضعها في منزلها على إحدى رفوف المكاتب أو بجانب الأبجورة المضيئة في الصالون الرئيسي بالمنزل لتزيدها شكلاً وجمالاً أو تزين بها حائط المنزل أو صالون النساء لتريها زميلاتها وجيرانها بعد تقاعدها أو تدخل ضمن أوراق الذكريات وحنين الماضي وتنظر إليها تردد قول الشاعر:
ألا ليت الشباب يعود يوماً
فأخبره بما فعل المشيب
نريد التكريم -وبحكم عملي في قطاع وزارة التربية والتعليم اكتسبت خبرة مناسبة في مجال العمل المعرفي والمكتبي والتربوي والإداري و(فركته) نظم وتعليمات وقواعد وضوابط التعليم النسوي إدارياً وتعليماً وتربوياً ونفسياً واجتماعياً- نريده تكريماً يرقى على مستوى الحدث والحديث، أزلياً ينطلق من القناعة الأساسية في (مفهوم التكريم) نابعة من القلب إلى القلب، لا نريد هذا التكريم وغيره للاستهلاك الوقتي والبهرجة الإعلامية أو فقاعات من البالونات الملونة تزدان بها سماء ذلك اليوم ثم تختفي إلى الأبد. أو هي هالة صحفية ترسمها إبداعات الإخراج والتفنن الصحفي في صيغة الخبر والعنوان التي تزين الوقت الحالي وتنسى المستقبل.
نريد ان يكون هذا التكريم أو القناعة من منطلق القناعة نفسها بعيدة عن أي مجال النسيان وقت الوظيفة وهذا النسيان الذي أتحدث عنه هو في بعض (اللوائح والأنظمة) التي وضعت بطريقة اجتهادية قد يكون منها جانب خبرات سابقة رؤى منها انها مطلب يحقق المساواة بين الجميع لكن هذه التعليمات والأسس طغت على جانب (التكريم) من جهة ونست الماضي ووقفت للحاضر، و(الماضي والحاضر) سلسلة في حياة الموظفة حتى التقاعد.
هذه الطريقة تتنافى مع مضمون التكريم والعطاء والبذل والجهد، وهذه تجربة مررت بها في كثير من المواقف سواء العملية أو الفعلية، نريد ان تأخذ انعكاسها الإيجابي على العملية التعليمية وتبعد الانعكاس السلبي حتى نستفيد من تجارب الآخرين، وأعتقد بل وأجزم يقيناً أن التجربة مع تعليم البنات تختلف اختلافاً كلياً مع شقها الآخر (تعليم البنين) من حيث التعامل الأنثوي والنواحي النفسية والعقلية والتفكيرية التي تمر بها المرأة العاملة من حيث نوعية التكريم ومفهومه وهذه فطرة إلهية لا يمكن لأحد ان يتدخل فيها أو نغيرها، فسبحان القائل في كتابه العظيم {صِبْغَةَ اللّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ}.
إن (المديرة) المتميزة التي أخذت مكانتها الاجتماعية في التميز من خلال أعوام كثيرة وخدمات طويلة تفقد هذا التميز (بارتداد البصر) عندما تكون اللوائح (تتعامد كمنطق رياضي) معها وبالتالي متى ما تعامدت أو تعارضت معها أصبحت عديمة الجدوى قليلة الأهمية فاقدة المعنى والمضمون والهدف (فالمفترض المنطقي) ان التميز الذي يحقق التكريم يجب ان يتوازى مع اللوائح والتعليمات المنظمة للعملية التعليمية بحيث كل منهما يحقق المطلوب بتواز محكم وتسلسل مناسب دون ان تضار أو تفقد شيئا على حساب شيء آخر أو يطغى كلاهما على الآخر.. فطرحي لموضوع واحد يختص (بالمديرة) على سبيل المثال لا الحصر يظهر فيه تعارض أو تضاد (التكريم والتميز) مع الأسس الموضوعة للتنظيم وقابلة للتعديل والتبديل في العمل فهي ليست من اللوائح النظامية أو التعليمات التي لا تتغير إلا بطرق نظامية أو مرجعية عليا.
... (مديرة مدرسة) متميزة في عطائها قدوة في تعاملها راقية في تقديراتها السنوية ولنقل (حالة مميزة) أو حالة نادرة في العمل والإخلاص والتفاني وحصلت -علاوة على ذلك- على كل ما ورد في مقومات (نقاط القوة) في تقويم الأداء الوظيفي، ولكونها امرأة تابعة (لزوجها وأسرتها) ويستجد ظرف طارئ لزوجها بالنقل إلى منطقة أخرى تضطر للنقل معه وهنا نصطدم بعقبة من عقبات اللوائح والأنظمة الموضوعة وهي أنها تنقل على أنها (معلمة) وليس لها الحق في ان تنقل على مسمى عملها الحالي (مما يولد التساؤل النفسي لها) أين مفهوم التميز وأين مفهوم الجدارة والتكريم الذي كان بالأمس مهرجانا وفرحة كبرى؟! وأين سنوات الإدارة الناجحة حيث ضحت بكل شيء من أجل ان تنال هذه الشهرة وتفوز بهذا اللقب وتنافس الأخريات؟!..
وأسئلة كثيرة تراود تفكيرها في تلك اللحظة.. هل هذه المستجدات للظروف الأسرية تعتبر قتلاً للطموح؟ وهل هذه الظروف تعتبر دماراً للعطاء؟ ونحن نعيش بحمد الله وفضله في مستوى راق من التعامل المبني على التكافل الاجتماعي الذي هو جزء من معطيات الشريعة الإسلامية، مع ذلك تقبل على مضض هذا الأمر تضحية للأسرة ومنعاً للفرقة والشتات، فكيف يمكن للمسؤول أمام هذا التساؤل (المنطقي) أن يوفق بين مصداقية التعامل مع اللوائح والأنظمة التي وضعت وبين مصداقية التقدير والحوافز من جهة أخرى؟ فقد كانت قبل فترة من الوقت محسوبة على أنها (مميزة) وقديرة وجديرة، ثم يأتي هذا المستجد لتعامل على أنها هذه المرة دون الالتفات على الماضي لتعود (لسيرتها الأولى) من حيث بدأت حياتها الوظيفية قبل أكثر من (ربع قرن) من الزمن الوظيفي.
أليس من حقي ان لا أتفاءل أو حتى أظهر هذا التفاؤل على الأقل في الوقت الحاضر في ظل المعطيات لظروف التكريم الحالية.
ان تجارب الحاضر والماضي هي (ثروات عملية وطنية) الاستفادة منها يخلق نوعا من التنظيم الجديد الذي يحقق التوازن والالتفات إلى مثل هذه المواقع الصغيرة والتجارب غير المنظورة والأمور الخفية تحتاج على وقفة تأمل ومراجعة شاملة لهذه النقطة وغيرها من النقاط الرئيسة في ظل التجديد والتحديث للمسيرة التعليمية التي نعيشها بحيث توضع الضوابط الواضحة التي تخلق التوازن وتثبت الحقيقة من أجل ان يكون مفهوم التكريم في محله ووصفه وموقعه في أي بقعة من بقاع أرضنا الطاهرة وفي أي منطقة من مناطقنا الغالية، وان نحفظ هذه الميزة لها أو لغيرها سواء نقلت أو لم تنقل حتى تغادر موقعها التعليمي بالتقاعد وهي (راضية مرضية) مدركة في قرارة نفسها ان هناك من يقدر عملها وجهدها (قولاً وفعلاً) وان تقدير هذا المجهود والتفاني هو أمانة في عنق صاحب الأمانة الذي تشرف بحمل أمانة التعليم في بلادنا وقد قال الله فيها {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ}.
أنقل هذه الفكرة أو هذه الخاطرة (إن صح التعبير) إلى اخوة يبحثون عن الأصلح ويرحبون بالنقد البناء، هدفهم الشفافية ومقصدهم الوضوح والكل يدرك في الوزارة انهم مربون وزملاء أفاضل يسمعون لكل مقترح ويقدرون كل رأي وهم في موقع المسؤولية الكبرى ورسم السياسة العليا (لوزارة التربية والتعليم) على رأسهم معالي وزير التربية والتعليم الأستاذ الدكتور محمد بن أحمد الرشيد ومعالي نائبه الدكتور خضر بن علي القرشي والوكيل للشؤون التعليمية الدكتور عبدالعزيز بن سالم الحارثي فلهم باع طويل في العملية التعليمية ولهم نظرة تربوية ورؤى أكاديمية وتخطيط بعيد النظر لقراءة مستفيضة للمستقبل التربوي والعملي والتعليمي والإداري، واضعين نصب أعينهم قول الله تعالى في كتابه الكريم {إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ} والله الهادي إلى سواء السبيل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.