رغم امتلاك الشيخ عبداللطيف سعود البابطين لثروات كبيرة واستثمارات متعددة، إلا أنه ينسى ويترك كل ذلك عندما يسمع عن كتاب أو مخطوط نادر أو مكتبة تباع سواء كان في طنجة أو سبأ أو دمشق أو القاهرة او لندن او حتى قرية في أي دولة في العالم حاملا حقيبته في يده التي تتوفر فيها تذاكر السفر، يدفع فيه ارقاما كبيرة لإيمانه الشديد بأن الكتاب أغلى من الذهب، وكان آخر ما حصل عليه هو القرآن الكريم بخط ملك الماغول وسدد فيه حوالي 300 ألف ريال، فما بينه وبين الكتاب ما بينه وبين الحياة، وقد بدأت رحلة العشق بين البابطين والكتاب والمخطوط منذ 55 عاما باقتنائه لكتب كبار الأدباء والمثقفين العرب، وقد شجعه على ذلك والده الشيخ سعود البابطين (رحمه الله) الذي لم يبخل عليه يوما بشراء أي كتاب يطلبه مما دعم حالة العشق بين ابنه عبداللطيف والكتاب، ومع ازدياد أعداد الكتب والمخطوطات التي تجاوزت عشرات الآلاف، فكر البابطين ان يرد الجميل ويبر والده فأقام مركزا للثقافة والتراث في مدينة الرياض يحمل اسم (مركز سعود البابطين الخيري للثقافة والتراث)، تجاوزت تكلفته الإجمالية أكثر من 100 مليون ريال، ليخدم به الثقافة السعودية والعربية والاسلامية، ولفك رموز رحلة الشيخ عبداللطيف سعود البابطين رجل الاعمال والتقته «الجزيرة» في حديث خاص جاء فيه: قال الشيخ عبداللطيف البابطين: بدأت قصة عشقي ومحبتي للكتاب منذ 55 عاما، وبعد إتمام دراستي الابتدائية عام 1367ه أحببت قراءة دواوين شعر النبط ثم الشعر العربي وأيام العرب في الجاهلية والاسلام وعن سير الملوك والعظماء ممن سطر التاريخ أسماءهم، ثم عن تاريخ ملوك ورؤساء الجزيرة العربية، فأخذت اجمع شتات نوادر كتب التاريخ والتراث العربي ونفائس المخطوطات من معظم البلدان العربية ومن غيرها؛ فقصدت المكتبات في تلك البلاد واستطعت بحمد الله جمع ثروة تراثية كبيرة لا تقدر بثمن، كما قمت بالبحث والتنقيب عن كل ما هو نادر وفريد نحو 400 ألف كتاب من اندر الكتب المطبوعة بصف الأحرف البارزة التي طبعت بالمطابع القديمة قبل قرن ونصف القرن من الزمن كالميمنية والأميرية وبعدهما دار الكتب المصرية والمنيرية وغيرهما من المطابع العملاقة. وحول المخطوطات قال البابطين: استطعت جمع ما يزيد على 11 ألف مخطوط في مختلف فنون العلوم، كعلوم القرآن الكريم والحديث الشريف والتاريخ والجغرافيا والسير والطب والصيدلة والفروسية والصيد وغير ذلك من فنون العلوم في مختلف القرون، كالقرن السابع والسادس والخامس والرابع وحتى القرن الثالث، جمعت هذا العدد من بلاد الله الواسعة، بعد تعب ومعاناة شديدة وبعض هذه المخطوطات فريدة ونادرة وتكمن ندرتها في أنها النسخة الوحيدة لهذا المؤلف في العالم حيث لا ثانية لها في الوجود خطّها لنفسه عالم مشهور وأودعها خزانته ولم يرد لها اسم في كتب الفهارس أو المعاجم، وقد عثرت على بعض هذه النفائس من المخطوطات النادرة عند أناس كدسوها في أرفف مهجورة عفا عليها الزمن، وتقادمت عليها العهود، فشتتتها وبعثرتها، وبإرادة الله حصلت عليها وفككت أسارها ونفضت غبار الدهر عنها، فرممتها وأودعتها هذا المركز، وهي متاحة للاستفادة منها، كما جمعت اكثر من 150 مصحفا، مختلفة الأحجام والأشكال والخطوط فمنها العباسي والأندلسي والسلجوقي والسمرقندي والمغولي وكذلك الصيني الذي واكب جميع القرون بعد ظهور الإسلام، إن بعض هذه المصاحف مزخرف بالذهب، وموشى بالنمنمات العربية بألوانها العربية الزاهية، خطها علماء ملوك وسلاطين وخطاطون مشهورون، بالإضافة الى 1500 دورية ما بين صحف ومجلات، بعضها نادر الوجود، صدر منذ قرنين يمثل بعضها الوقائع والحوادث التي جرت في تلك الحقبة من الزمن وتعتبر تاريخا مهما ومرجعا يُلجأ إليه، اضافة الى ما ذكرته فإن المركز يحتفظ بمجموعة فريدة ونادرة من المسكوكات والعملات القديمة الذهبية منها والفضية والبرونزية تمثل أقدم عصور التاريخ، منذ ظهور العملات في غابر الزمن ومن المسكوكات الإسلامية ايضا، كالأموية والعباسية والأندلسية والفاطمية الى عصرنا الحاضر، فإن المركز يحتفظ بقسم كبير منها، سوف تُفهرس هذه العملات وتكون في متناول الباحثين. أما بالنسبة لشراء الكتب والمخطوطات أكدالشيخ عبداللطيف البابطين أنه لا يتردد في شراء أي كتاب أو مخطوط يعرض على المركز، فقد قمت بشراء مصحفا مخطوطا من مزاد في لندن بنحو 300 ألف ريال الذي خطه ملك الهند وهو ملك مغولي يرجع تاريخه الى القرن التاسع الهجري، في الوقت نفسه جاءنا مصحف مخطوط بالذهب هدية من شخص طلب عدم ذكر اسمه يساوي نحو 750 ألف ريال.