الإنسان مخلوق اجتماعي.. يشعر بالطمأنينة الكاملة في صحبة أمثاله الذين يشاركونه في العادات.. و الميول. وإذا استعرضنا شتى أنواع المجموعات التي عرفها الجنس البشري من عشائر.. وقبائل.. ومنظمات.. ومؤسسات .. فإن التاريخ يؤكد لنا انه ليس بين تلك المجتمعات.. ما يماثل الإسلام قوة و انتشاراً وشمولاً، في العصور القديمة تجمع البشر لتأمين الحماية المتبادلة.. ثم تعلموا ان يتكاتفوا لتأمين المنفعة المتبادلة.. ومع تقدم الحضارات برزت إلى الوجود مجتمعات.. تضم اعضاء منحتهم مزية اي ميزوا غيرهم ممن ليسوا أعضاء فيها، وتبعاً لذلك وضعت تلك المجتمعات طقوساً.. ونواميس اكتسبت أهمية كبرى.. كذلك قامت جماعات وطنية او عرقية واقتصرت عضويتها على أولئك الذين تضمهم وحدة الاصل والمنبت او يجمع بينهم الولاء لعلم واحد.. كما قامت النوادي.. وجمعيات الطلبة والمحافل والاحزاب السياسية.. والمنظمات العسكرية.. وكل هذه الجماعات.. تعبر عن حاجة الانسان الى توفير.. التشجيع لنفسه في صحبة أمثاله.. الذين ينهجون.. نهجه في العادات والتقاليد والميول في بناء الحياة .. إلا ان الانسان لم يجد الراحة والسلام في أي مكان مثلما وجدهما في الاسلام.. لأن جميع المجموعات الاخرى من وحي الانسان وهي ترسم حدوداً مصطنعة.. وتعلله بحماية زائفة.. بينما الاسلام نابض بالحياة يستمد قوته من ذاته.. لذا كان لهذه العقيدة شأن عظيم في تطور المجتمع وتمدنه والترابط بين ابنائه.. وتعايشهم.. في ظل المسالمة.. والموادعة.. وتقدمهم تسمو بعقل البشرية عن مستوى البهائم.. وتحول بين ابناء البشر.. وبين التناحر.. والتشاجر.. تحفز شتى الامم على التنافس.. والتباهي في ميدان المزايا الانسانية الرفيعة تحفهم.. على تقويم ملكاتهم.. الخلقية وتهذيب نفوسهم والتنكب عن المخادعة والاحتيال.. فهذه العقيدة الثابتة أحكم مرشد وأهدى قائد للانسان.. العقيدة الثابتة على المعارف الحقة والأخلاق الفاضلة.. وهذا أشد ركن لقوام الهيئة الاجتماعية التي لا عماد لها إلا معرفة كل واحد حقوقه.. وحقوق غيره.. والقيام على صراط العدل المستقيم.. اذاً فالعقيدة الاسلامية.. عرفت كيف تحتضن.. وتصهر كل الأفكار.. والاتجاهات.. عرفت كيف تجعل من التعايش بين ابناء البشر على مختلف انتماءاتهم.. ومشاربهم.. أمراً ممكناً.. وهي التي ادركت منذ مئات السنين أهمية التسامح.. وقبول الآخر.. وافكاره.. عرفت كيف تتفاعل مع حركة الحياة السياسية.. والاقتصادية.. الاجتماعية.. والفكرية.. عرفت بمبادئها السامية عرفت كيف تهضم كل هذه التجارب.. ولا يقتصر هذا النظام على ميادين الحياة السياسية.. والاقتصادية.. والفكرية.. بل تتوخى تنظيم حياة الافراد.. والمجتمع في ظل مبدأ شامل.. يقضي بتنسيق جميع انواع النشاط الانساني وفقاً لمبادئ العقيدة الدينية. ان.. تاريخ القوة.. هو تاريخ وحشية الانسان وابتعاده.. عن ذاته و تاريخ العقل هو تاريخ ملحمة الإنسان في عطائه.. وتواصله.. ورقيه.