ومع الإيمان المطلق بوفاء الإسلام بمقتضيات الحياة في هذا العصر وفي كل عصر فاني أؤكد انه لا يمكن اثبات ذلك ولا تحققه إلا بوضع هذه الأحكام موضع التنفيذ، أما أن يتهم بالنقص وعدم الصلاح، ومدوناته موضوعة في الرفوف قد كفها الغبار ودفنها الاهمال ولا يسمح لها بالنزول في ميدان الحياة فهذا هو التعسف والظلم، اذ من المعلوم أن أي نظام أو قانون لا يمكن أن تظهر فيه صفة الحيوية والاجابة على جميع التساؤلات وحل جميع المشكلات إلا حينما يكون في مجالس الشورى ودواوين الولاة وقاعات المحاكم ودور الافتاء ومكاتب رجال الشرطة.. ومع كل هذا لابد من وضع مؤلفات بصيغ جديدة تساير ما عليه العصر من دقة وتنظيم وشمول وخاصة فيما يتعلق بدعاوى الناس وحقوقهم وأمور تنظيمهم من الاجراءات القضائية والمرافعات ونحوها(1). هذه مشكاة من ضياء رسالة الدكتور صالح بن حميد في أطروحته لنيل درجة الدكتوراه تحت مسمى «رفع الحرج في الشريعة الإسلامية / ضوابطه وتطبيقاته». منذ زمن طويل.. وأنا ألهث خلف الرسائل العلمية لأردم هوة جاهلة في ممرات رأسي، وها أنا أقبض على فضيلة الشيخ «الدكتور» متلبساً «برفع الحرج» هذا الرفع الذي يعد آخر لبنة في بناء كمال الدين. ويحاول شيخنا أن يستدرك في فاتحته بقوله: «ولا أزعم أنها بلغت الكمال أو قاربته، ولكنها محاولة من أولى المحاولات في الموضوع ان لم تكن أولاها، بذلت فيها ما أرجوه ذخراً عند الله»(2). أقول مطمئناً كثيرة علينا رسالة هذا الشيخ، ففيها من المرونة والدقة «والرحابة» و«سعة الأفق» ما لا نصل إليه!! انها دعوة مجانية لزيارة هذا الكتاب، الذي غيبه شيوع الرخيص من القول، والمتواضع من الفكر، دعوة صادقة لمجالسته بنزاهة وحب وصدق وستجدون ما وجدت!! ليس هذا المقال عرضاً لذلكم «الكتاب» لأنني أعتبر عرض الكتاب أو تلخيصه، أو اختصاره، أو دراسة عنه هي اعتداء سافر، ومحاولة مشلولة لبناء كامل!! لي وفقة مستقبلية مع هذا «الكتاب العظيم» من باب عرضه أو تقديم موجز عنه، بل لكشف محاولة عبث مورست مع هذا الكتاب من قبل «أحدهم» حين تطوع «غير مؤجر» على اختصاره وتلخيصه فحذف «الرفع» وأبقى «الحرج» وان أردت الدقة فقد «عبث» و«محا» و«غض» عن كل ما يفرح ويبهج من سماحة شريعتنا..! لي وقفة مع الكتابين أرجو أن يكتب لها الظهور قبل غروب الشمس. هوامش: 1 راجع «رفع الحرج للدكتور صالح بن حميد» ص 12 2 راجع «رفع الحرج للدكتور صالح بن حميد» ص 13 [email protected]
