برعاية خادم الحرمين وزير النقل يفتتح مؤتمر مستقبل الطيران 2024 ويشهد إعلان أكبر استثمار بتاريخ الخطوط السعودية    وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي والوفد المرافق له في حادث تحطم الطائرة المروحية    زلزال بقوة 5.2 درجة يضرب منطقة "شينجيانج" شمال غرب الصين    أكثر من ثلاثة الاف جولة رقابية تنفذها أمانة الشرقية على المنشآت الغذائية والتجارية    إيران تعلن رسمياً مصرع الرئيس ووزير الخارجية    تعليم البكيرية يعتمد حركة النقل الداخلي للمعلمين والمعلمات    وصول أبطال آيسف 2024 إلى جدة بعد تحقيق 27 جائزة للوطن    «التعليم» تحدد أنصبة التشكيلات المدرسية في مدارس التعليم العام    الأرصاد: استمرار التوقعات بهطول أمطار بعدد من المناطق ورياح نشطة في الشمال    حبس البول .. 5 آثار أبرزها تكوين حصى الكلى    أمير عسير يُعزّي أسرة «آل مصعفق»    الفضلي: «منظمة المياه» تعالج التحديات وتيسر تمويل المشاريع النوعية    1.8 % معدل انتشار الإعاقة من إجمالي السكان    رئيس وزراء اليونان يستقبل العيسى    خادم الحرمين يستكمل الفحوصات الطبية في العيادات الملكية    «عضو شوري» لمعهد التعليم المهني: بالبحوث والدراسات تتجاوزون التحديات    أوتافيو يتجاوز الجمعان ويسجل الهدف الأسرع في «الديربي»    البنيان: تفوق طلابنا يبرهن الدعم الذي يحظى به التعليم في المملكة    السعودية.. يدٌ واحدةٌ لخدمة ضيوف الرحمن    متحدث «الداخلية»: «مبادرة طريق مكة» توظف الذكاء الاصطناعي    4 نصراويين مهددون بالغياب عن «الكلاسيكو»    جائزة الرعاية القائمة على القيمة ل«فيصل التخصصي»    السعودية من أبرز 10 دول في العالم في علم «الجينوم البشري»    5 بذور للتغلب على حرارة الطقس والسمنة    وزارة الحج والعمرة تنفذ برنامج ترحاب    المملكة تؤكد استعدادها مساعدة الأجهزة الإيرانية    وزير الخارجية يبحث ترتيبات زيارة ولي العهد لباكستان    نائب أمير منطقة مكة يُشرّف حفل تخريج الدفعة التاسعة من طلاب وطالبات جامعة جدة    ولي العهد يبحث مع سوليفان صيغة شبه نهائية لاتفاقيات استراتيجية    الشيخ محمد بن صالح بن سلطان «حياة مليئة بالوفاء والعطاء تدرس للأجيال»    القادسية بطلاً لكأس الاتحاد السعودي للبلياردو والسنوكر    هاتف HUAWEI Pura 70 Ultra.. نقلة نوعية في التصوير الفوتوغرافي بالهواتف الذكية    تنظيم مزاولة مهن تقييم أضرار المركبات بمراكز نظامية    تأجيل تطبيق إصدار بطاقة السائق إلى يوليو المقبل    جائزة الصالح نور على نور    مسابقة رمضان تقدم للفائزين هدايا قسائم شرائية    تأملاّت سياسية في المسألة الفلسطينية    5.9 % إسهام القطاع العقاري في الناتج المحلي    الخارجية: المملكة تتابع بقلق بالغ ما تداولته وسائل الإعلام بشأن طائرة الرئيس الإيراني    أمير القصيم يرعى حفل تكريم الفائزين بمسابقة براعم القرآن الكريم    الانتخابات بين النزاهة والفساد    الملاكم الأوكراني أوسيك يتوج بطلاً للعالم للوزن الثقيل بلا منازع    ثقافة سعودية    كراسي تتناول القهوة    المتحف الوطني السعودي يحتفي باليوم العالمي    من يملك حقوق الملكية الفكرية ؟!    بختام الجولة ال 32 من دوري روشن.. الهلال يرفض الهزيمة.. والأهلي يضمن نخبة آسيا والسوبر    يوم حزين لهبوط شيخ أندية الأحساء    «الخواجة» نطق.. الموسم المقبل ضبابي    عبر كوادر سعودية مؤهلة من 8 جهات حكومية.. «طريق مكة».. خدمات بتقنيات حديثة    بكاء الأطلال على باب الأسرة    165 ألف زائر من بريطانيا للسعودية    الاشتراك بإصدار مايو لمنتج «صح»    تحقيقات مع فيسبوك وإنستغرام بشأن الأطفال    جهود لفك طلاسم لغة الفيلة    ارتباط بين مواقع التواصل و«السجائر الإلكترونية»    الديوان الملكي: خادم الحرمين يستكمل الفحوصات الطبية    أمير منطقة تبوك يرأس اجتماع جمعية الملك عبدالعزيز الخيرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جُزر القَمَر البلد العربي رقم 22، جاءوا مبايعين الرسول وبعد الفتح.. يقاومون الطّمس
«مأوى العرب الحصين» شرق إفريقيا
نشر في الجزيرة يوم 08 - 02 - 2020

ها قد وصلت يا أعرابي لجُزرنا القمرية، نَقلَ لنا بعض الإخوة العرب، أمر الرّحلة وما دَوّنته مدى الثلاث سنوات.. سنزودك ما تودّ نقلهُ عن حَراكنا الأدبي، وملمحات لبعض عاداتنا الاجتماعية، كان لها الأثر على جوانب المفاهيم الحضارية والتراثية والثقافية عبر أزمنة لتاريخ أرضنا.
نحن البلد رقم 22عربيًا، من حيث الانضمام لعضوية جامعة الدول العربية «جزر القَمَر»، كما سماها العرب الأوائل، لما يضفيه القمر من جمالية على ليالي أرخبيلها.. ولما لموقعها وجغرافيتها من خصوصية هامة، ما حتّم على دمائنا العربية المُعتّقة، المتعلقة بهويتها، التدفق بسهولة للوقوف بوجه الهيمنة الفرنسية، أو أمام محاولات جرّنا للانتماء لدول أفريقية طامعة، وأمام كل المحاولات الرّامية لطَمْس هويتنا العربية. لقد أبَى شعبنا القمري الأبِي، سوى أن يكون عربيًا وأن يظل عربيًا.
حول ذلك، ولغتنا القمرية - التي إنما هي لهجة عربية قديمة، من لهجات جنوب جزيرة العرب من حيث مفرداتها، وما تعرض بعض ألفاظها من تحريف، بمرور الزمن، أو نتيجة اختلاطها بمفردات «البانتو» الإفريقية – سَنُحدثك. كذلك عن قصة «وفد» من أجدادنا الأوائل للحجاز، برئاسة «ميحاسي بن فسماي» إثر فتح مكة، ووفد أسبق، وصل إلى المدينة، لإعلان البيعة لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، مُعلنين الدّخول في الدّين الذي دخل فيه إخوتهم العرب ومن تبعهم من المسلمين. هكذا دَوّن في رقيمك، واسأل نُجب؟
فقلت «هل أنتم، إنما القمر! المأوى الحَصِين للعرب شرق إفريقيا، وأبّان رزحتْ جُمهوريّتكم تحت نيّر الاستعمار المُستبد، وصلافته قرن وثلاثة عقود، إلا أضواء العوالم. يا أقمار العُروبة، أكان غيركم أعطى دروسًا للإرادة والتاريخ! أم صنع أحد من العزائم مثلما صنعتم في جزيرتكم؟
الله، كأني بصفوفكم المُحتشدة بإرادتكم، وجموعكم المحتدة بعزائمكم، رافعين عقائركم! استحلتم أنوارًا، أرجاء أراضين وفضاءات جُزُركم، هاتفين لأمجادكم وأنجادكم القمرية «عَربيّة، عَربيَة جُزر القَمَر عَربيّة»، وكيف كانت الروح دَواخِلكم تَحْيا العيش بإصرار وتحدّي وانتماء، وبقاء. في سبيل الوجُود ضمن دائرة الشخصية العربية. قاله التّاريخ وشَهِدَه المكون الثقافي والإنساني.. نشرناه هذا العدد في (جزيرتكم الثقافية).
ثقافة المجتمع القمري وعروبته لمحة عامة
في استهلال هذا الملف المخصص عن «جزر القمر» ضمن من سلسلة لملفات صحفية سابقة (رقيم ودهاق أوطاننا العربية)، أوضح أستاذ التاريخ والحضارة في جامعة جزر القمر الدكتور «محمد ذاكر السقاف»: أن جزر القَمَر- بفتح القاف والميم معاً نسبة إلى القَمَر الأصلي- تقع في ساحل إفريقيا، على الشاطئ الشمالي لقناة موزمبيق الدولية، في الجزء الجنوبي الغربي للمحيط الهندي. وهي عبارة عن أربع جزر رئيسية «انغازيجا أو غازيجا، أو انجازيجا وتعرف أيضاً باسم القمر الكبرى، وهنزوان أو نزوان أو انجوان، وموهيلي أو موالي، وماوري أو مايوت» ومساحتها الكلية حوالي 2236 كيلومتر مربع، وعاصمتها «موروني» بجزيرة انغازيجا.
ويذكر المؤرخون وعلماء الأنثروبولوجيا والآثار، أن سكان جزر القمر عرب من الجزيرة العربية، من اليمن وعُمَان، دخلوا إلى هذه الجزر عبر هجراتهم بالسفن الشراعية إلى شرقي إفريقيا خلال عهود الدول اليمنية القديمة معين وسبأ وحمير، وأثبتت مصادر الحفريات وجود آثار عربية في هذه الجزر تعود إلى حوالي 3000 سنة قبل الميلاد، وتذكر مصادر تاريخية أخرى أنهم كانوا أول من سكن هذه الجزر وأسموها «القمر».
إذ أن هؤلاء اليمنيين كان هدفهم الاستكشاف وجلب الأخشاب والعاج من إفريقيا الشرقية فسارت سفنهم تجاه البر الإفريقي الشرقي الجنوبي، وجلبوا إلى هذه الجزر من موزمبيق وتنجانيقا «تنزانيا» الحالية، عناصر إفريقية من قبائل «البانتو» أكبر القبائل الإفريقية القاطنة في شرق وجنوب إفريقيا، ما أدى إلى تصاهر وتزاوج بين العناصر العربية والإفريقية البانتو في تلك الفترات التاريخية القديمة.
السُّفن العربية احتَمتْ بها قبل الإسلام
وبين «السقاف»: تتمثل عروبة جزر القمر أن سكانها الأوائل عرب من الجزيرة العربية وبصفة خاصة من اليمن وعُمَان دخلوا إلى هذه الجزر، كما دخلوا إلى غيرها من جزر هذه المنطقة بساحل شرق إفريقيا في تلك الحقب السابقة على ميلاد المسيح عليه السلام وأصبحت جزءاً من بلدانهم. ومثلت جزر القمر ضمن مراكز العرب التجارية ومحطاتهم الهامة في فترة قديمة قبل ظهور الإسلام، لاستراحة سفنهم والاحتماء بموانئها الحصينة والاستقرار بها بعد جلب الإفريقيين «البانتو» من البر الإفريقي للتزاوج معهم، واستمرت السفن العربية الشراعية تتردد على هذه الجزر وغيرها من جزر الساحل الشرقي الأفريقي خلال تلك الفترات ثم ازدادت حركة الهجرة العربية إليها بعد ظهور الإسلام.
وقبل ظهور الإسلام، ظهرت الإمارات القمرية التي تشبه ما كان في الجزيرة العربية من نظام الوحدات القبلية العربية، بالإضافة إلى النظام السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي لها في الفترة من القرن الأول الميلادي وتطور خلال القرن الخامس الميلادي ونمت أنماط الحياة الاجتماعية بوضع نظم اجتماعية هي بمثابة قوانين وتشريعات هدفت في مقامها الأول إلى تنظيم شؤون وسلوكيات أفراد المجتمع من خلال ما يقومون بها من أعمال ومساهمات داخل المجتمع وتنميته والحفاظ على بيئته. وفي فترة من القرن الخامس الميلاد أصبحت جزر القمر محصنا جامعا لكل العرب بمختلف قبائلها واستمر ذلك حتى القرون الحديثة.
وتتمثل عروبة القمريين في الطريقة الاجتماعية المتشابهة بالعادات الاجتماعية لعرب الجزيرة العربية والأزياء التقليدية التي هي نمط طبق الأصل للأزياء اليمنية.
وقال الدكتور «محمد السقاف» من خلال عروبة جزر القمر يمكن أن نضع عدداً من المحطات الحديثة لزيادة التوضيح، في هذا الشأن الهام، بدءا من المحطة الأولى وهي: أن القمريين شاركوا إخوانهم العمانيين في إدارة سلطنة زنجبار عند ما تم نقل عاصمة «الدولة السعيدية» من مسقط إلى زنجبار في شرقي إفريقيا خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي.
الوقوف في وجه ثوار الأفارقة
أما ثاني المحطات فنشأت حين وقوع عرب الخليج والقمريين في المذابح التي قام بها الثوار الأفارقة في «تنجانيقا» في الستينات من القرن العشرين الميلادي والتي أدت إلى توحيد زنجبار مع تنجانيقا تحت اسم تنزانيا حيث كان هدف هؤلاء الثوار القضاء على عرب الخليج والقمريين، وأدى ذلك إلى فرار الناجين منهم إلى جزر القمر «مأوى العرب الحصين في شرق إفريقيا» حيث وجدوا المواساة والمأوى بعد فقدهم كل شيء.
فيما ثالث المحطات: قبول جامعة الدول العربية في عام 1993م عضوية جزر القمر كدولة عربية في هذه المنطقة، فأصبحت الدولة العربية الوحيدة رقم 22 مع بُعدها بعض الشيء عن المنطقة العربية سواء في إفريقيا أو في آسيا، إذ جميع الدول العربية في القارتين تجدها على حدود مشتركة إلا جزر القمر. هذا الانضمام الناتج ناتج عن طلبات القمريين منذ ظهور الحركة الوطنية القمرية في عام 1945م التي بدأت تطالب الانضمام للجامعة العربية خاصة أثناء تصاعد المطالبة بالاستقلال في الخمسينات والستينات من القرن العشرين الميلادي. على الرغم من أن دماء جزر «زنجبار ومافيا وممبسة ولامو وباته» وملحقاتها من الجزر في هذه المنطقة الساحلية عربية مثل جزر القمر تماما، إلا أنها جغرافياً قريبة لبلدان إفريقية «كينيا وتنزانيا» تمكنت من ضمها إليها، في الوقت الذي ظلت جزر القمر في مكانها المميز البعيد إقليما عربيا.
وتعد «اللغة القمرية» رابع المحطات، وهي عبارة عن لهجة عربية قديمة من لهجات جنوب جزيرة العرب من حيث مفرداتها والتي تعرضت لتحريف بعض ألفاظها بمرور الزمن واختلاطها بالمفردات «البانتو الإفريقية» إضافة إلى أن «الدواوين الإدارية» للإمارات والسلطنات القمرية كانت تتعامل مع اللغة العربية في مكاتباتها حتى وقوع الجزر تحت الاستعمار الفرنسي في القرن التاسع عشر الميلادي.
الوفد القمري للحجاز
وزاد: خامس المحطات تمثلت في «الوفد القمري للحجاز» إثر فتح مكة وتوافد وفود القبائل العربية على المدينة لإعلان البيعة ودخولها في الإسلام، وكانت الدراسات التاريخية حول هذا الموضوع قبل عام 2010م مختلفة بين حقيقة الوفد ودخول الإسلام إلى جزر القمر في القرن السابع الميلادي الأول الهجري وبين معارض ذلك الحدث إلى أن جاءت دراسات حفرية قام بها فريق من جامعة دار السلام برئاسة البروفيسور «فليكس شامي» وأكدت ذلك بعد عرض مواد مسجد «نتساويني» بشمال جزيرة انغازيجا على كربون 14 بسويسرا، وتعتبر هذه المحطة تجسيدا وتأكيدا لحقيقةً عروبة الشعب القمري، إذ بعد إبلاغ عرب القمر ما حدث في العام التاسع للهجرة من وفود القبائل العربية من مختلف منازلها ومناطقها كان على العرب القمريين في جزر القمر أن شكلوا وفدهم برئاسة «ميحاسي بن فسماي» إلى الحجاز، للدخول فيما دخل فيه إخوانهم العرب.
استعمار واستقلال جزر القمر
وقال الدكتور محمد السقاف: إن جزر القمر وقعت تحت الاستعمار منذ عام 1843م واستقلت في 6 يوليو من عام 1975م، ودخلت في عضوية الأمم المتحدة في 12 نوفمبر 1975م كدولة مستقلة لأربع جزر لكن فرنسا فرضت على جزيرة «مايوت» وضعا إداريا جديداً منذ ذلك التاريخ ولا تزال حتى اليوم، مع استمرار الحكومات الوطنية على مطالبة عودتها إلى الوحدة الوطنية. كما أن لجزر القمر عضويتها في العديد من المنظمات الدولية والإقليمية منها: الاتحاد الإفريقي و الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ودول عدم الانحياز ولجنة المحيط الهندي وغيرها.
الشعراء لا يتجاوزن عدد أصابع اليد
أكد الباحث والكاتب «عبدالله امدو هوما» أن تأثير الوجود العماني وتاريخه العريق في «جزر القمر» ملاحظ للباحثين، يتضح ذلك من أدبيات البلد ولغته وثقافته والتأثير الحضاري المتفاعل تاريخيًا، وأشار إلى أن الأدب القمري في مجمله ما هو إلا أدب عماني، يظهر ذلك في النمط العمراني ونسق البناء والعادات والموائد...
أما في الأدب – الشعر مثلًا- فإنه من النادر أن تقرأ أعمالا شعرية في كتابات أهل البلد، أو أن تسمع إقامة أمسية شعرية، قد أذهب في القول إن شعراء جزر القمر لا يتجاوزون عدد أصابع اليد الواحدة، وتجدر الإشارة للجهود الشعرية المكتوبة باللغة العربية للشاعر «حسن سولي» غير أن القمريين أثمروا بعض الجهود الشعرية (باللغة القمرية) إذ يوجد الشعر في كثير من الأغاني (القمرية) والأناشيد الدينية.. أما التجربة النثرية، فتوجد غالبًا أو تظهر في المناسبات الاجتماعية، إذ تُقرأ على الناس أوقات احتفالات الأعراس والأفراح، ويدفع مقابلها الأموال كما كان يدفع لشعراء العرب سابقًا. ويُعد من أهم تجارب الأدبية في جزر القمر تجربة الأديب «شيندوانسي - امباي ترامبوي».
والشعر البابطين نهضت بالتعريب
وقد أكد الشاعر القمري «حسن سولي» في حوار أجري معه أن حركة الشعر في جزر القمر ليست بالحركة القوية، إذ قلة من المثقفين يكتبون باللغة العربية الشعر في المناسبات الوطنية والمناسبات الدينية، غير أن حركة التعريب بدأت تنهض مؤخرًا، وتخطو خطوات سريعة من شأنها ترفيد الحركة العربية، خاصة بعد الدور الكبير الذي أسهمت فيه مؤسسة جائزة عبدالعزيز بن سعود البابطين، للإبداع الشعري، إذ كان لهذه المؤسسة الفضل في العناية باللغة العربية ودعم الجهود الرامية للنهوض بها في كافة المجالات، وسط تعددية عرقية ولغوية وثقافية لتعزز وتصل اللغة العربية، وتحافظ على مكانتها. وأضاف: إن الشعر هو القول الواضح في معانيه وأفكاره ومراميه، حبًا في الوطن وللذود والدفاع عنه، بمثل هذه المعاني الراقية، يسهم الشاعر في إنارة الدروب أمام الآخر..
الطّمس صمود أمام محاولات
وحول قصة الصمود المشرفة التي استبسل فيها أهالي جزر القمر من العرب في وجه كل محاولات تشويه الهوية العربية وطمس الثقافة العربية واللغة قال الكاتب نواف يونس: لقد وظف أهالي جزر القمر اللغة العربية وعقيدتهم الإسلامية، كسبيل أوحد لا يمتلكون سواه، لمقاومة محاولات السلطات الفرنسية طمس هوية الانتماء لهذه الثقافة، فعمدوا إلى بناء المساجد وتعليم الأجيال المتتالية والمواظبة على الصلاة، والاحتفاء بشهر رمضان الفضيل والمناسبات الإسلامية، للمحافظة على طابعها الثقافي والفني، وأضاف: أن الثقافة تتكون من عدة عناصر ومقومات ومن أهم هذه العناصر الآداب والفنون، التي تتصل بوجدان وضمير أي شعب من الشعوب الإنسانية، وعلى الرغم من كل محاولات المستعمر الفرنسي إلغاء دور اللغة العربية وتأثيرها في وجدان الشعب القمري، وذلك عبر إنشائه للمراكز الثقافية وتكوينه للتجمعات الأدبية والفنية المسرحية لانعكاس وهيمنة اللغة الفرنسية، إلا أن وجود هذا التوق الشديد وسط وجدان وداخل عقول أهالي جزر القمر في الانتماء العربي أسهم في وجود ومضات، كانت سرعان ما تخبو، لعدم وجود التشجيع والدعم من قبل السلطات الفرنسية المتعمدة إلى ترسيخ دور اللغة الفرنسية كبديل للغة العربية، ما دعى وزيرة التربية الوطنية للدعوة لتأسيس أول تجمع مسرحي عربي في جزر القمر وذلك برعاية ودعم من الهيئة العربية للمسرح، ووعد وزير التعليم العالي والثقافة الدكتور لوفد الهيئة العربية للمسرح، بتسهيل وتذليل كل الصعوبات أمام الهيئة القمرية للمسرح، وبدعمهم مبدعين يعيدون إنتاج ثقافة مجتمعهم عبر الأدب والفن، بما يعبر عن شخصية مجتمعهم وقضاياه، وهمومه.
طريق العلم يبدأ من «الخلاوي»
الباحث في الشؤون الأفرو آسوية الإعلامي «محمد إسماعيل» أكد محافظة سكان جزر القمر العرب على جذورهم وهويتهم العربية، وسط تعددية عرفية ولغوية واجتماعية وثقافية، شاركهم فيها من جاء من شرق إفريقيا، وأهل الملاوي، والهند من آسيا، مشيرًا للوثائق التاريخية التي تؤكد أن السّلاطين العرب، قبل الإسلام، هم الذين أسسوا دولة جزر القمر. كما أكد أن الشعب القمري محب وشغوف بطلب العلم، ما جعل الكثير من الأُسَر تُرسل أولادها وبناتها للمدن الكبرى لإكمال التعليم الثانوي والجامعي، أو إلى الخارج لمواصلة دراساتهم العليا، بعد أن كانوا يُرسلون أولادهم إلى المساجد أو «الخلاوي» حيث يوجد في كل قرية خلوة «للأولاد والبنات» في المساجد أو البيوت أو في عِشَشْ «زِنك» يُدرّس فيها القرآن الكريم واللغة العربية والحساب.
وقال «إسماعيل» هناك بعض العادات الاجتماعية والتقاليد المؤثرة في ثقافات المجتمع القمري، من أبرزها العادة المسماة الزواج الكبير »القراند مرياج» وفيه تقام الاحتفالات والولائم بهذه المناسبة التي يصرف عليها المبالغ الضخمة، على مدى ثلاثة أيام أو أكثر. بحيث يقيم الزوج هذا الاحتفال -إذا قدِر عليه- لو بعد عشرين سنة من الزواج، فيقيم الولائم ويدعو إليها الناس، ويذبح في «القراند مرياج»، عشرات الأبقار، ويقدم لعروسته ما يعادل الثلاثة كيلوات أو أكثر من الذهب، إضافة لما يوزع خلاله من الهدايا على حضور الفرح، من بينها «الطواقي القمرية»، المشهورة كونها منسوجة يدويا.
وأضاف إسماعيل: وتشتهر جزر القمر بالزهور المختلفة التي يُصدر معظمها لفرنسا، لتستخلص منها أثمن أنواع العطور، والمستحضرات الطبية، ومن أشهرها «يلانج بلانج» التي تملأ الجزر، وتمثل نسبة كبيرة من الدخل الوطني. وتوجد بعض المواقع الساحلية والتي تعد من أفضل البيئات البحرية في العالم. لقد حبا الله جزر القمر الطبيعة الساحرة، والجبال الشاهقة، والشواطئ النظيفة، والهواء العليل الخالي من التلوث، والغابات الكثيفة، وأشجار الفاكهة المتنوعة، والزهور الفواحة التي تغطي معظم الجزر خاصة القرنفل والياسمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.