كرة من ذهب!

كتبت كتاباً بهذا العنوان، في إشارة لمعانٍ عدة نعيشها في هذا العصر، تَحَوُّل كرة القدم من الجلد المُدوَّر داخل الملعب إلى كرة من الذهب خارجه، أموال، رعاية، مداخيل، تسويق، إبداع فكري يستغل كل تفصيلة وعنصر في كرة القدم، لكي تحقق الأندية والمنتخبات الاكتفاء الذاتي، ولو ذهبت لمشجعي أي نادٍ بالخارج الآن وسألتهم مثلاً « كم تبرع محبو النادي الشرفيون»: سيجيبون عليك بالضحك وعدم التصديق!
المونديال الروسي العجيب الذي لم يترك أحدًا فينا إلا وفاجأه! وخالف توقعاته! رسخ لدينا أن خريطة الكرة العالمية تغيرت، فكرواتيا تنفذ خطة منذ الاستقلال سنة 95 وحتى الآن بتقديم نفسها عالمياً: عبر الرياضة! نعم تسويق اسم الدولة وشعارها ونشيدها الوطني، ليعزز أكثر وأكثر معنى: أن كرواتيا دولة مستقلة عن يوغوسلافيا!
لم تتأخر الخطة عن 3 سنوات وفي مونديال 98 كان اسم «كرواتيا» أكثر أسماء المنتخبات شهرة في الصحافة! منتخب بلد حديث من شرق أوروبا أهان ألمانيا وأخرجها بثلاثية، وخطف ثالث العالم والبرونزية من هولندا! ومنذ أيام: التاريخ يعيد نفسه ولكن بشكل أوسع، الميدالية الفضية، وصيف المونديال، النهائي، أفضل لاعب في البطولة، الرئيسة الكرواتية أحد نجوم المونديال، لا بالزي الرسمي، ولكن بقميص كرواتيا! القميص نفسه الذي أهدته إلى الرئيس الروسي ويحمل الرقم 9 ومن فوقه اسم « بوتين»! فكر عزيزي وقل لي إنها ليست خطوات مدروسة!
كرة القدم أصبحت بالتعبير الشعبي مثل «الجوكر»، ورقة الحظ، ورقة كل الظروف وكل الأماكن وجميع الأغراض، كرة القدم أصبحت تسويقًا رياضيًا (إنجلترا)، تسويق للدولة وتاريخها (كرواتيا)، مداخيل لاقتصاد الأوطان (إسبانيا)، تسويق للسياحة والفنون (فرنسا)، خطة شاملة لزيادة الناتج القومي (الصين).
كرة من الذهب في عصر السرعة والإنترنت ومنصات التواصل وفكر التسويق المتطور المحترف! برشلونة منذ ساعات سجل أعلى حد للإيرادات في تاريخه!، 914 مليون يورو، منهم 222 مليون صفقة انتقال لاعب واحد هو «نيمار»، ومانشستر أطلق قميصه الجديد حاملاً للراعي الثالث على الكتف! هذا المربع الصغير من قميص النادي حمل اسم «كوهلر»، مع أديداس، وشيفروليه على الصدر، جاعلة قميص «مانشستر يونايتد» يساوي 148 مليون باوند.. سنوياً!
أليست من ذهب؟ إذن ماذا عن رونالدو المنتقل في سن 33 إلى مغامرة وتحد جديد خصوصًا إننا عرفنا مارادونا سابقًا، في مدينة أخرى ستحقق شهرة فوق الشهرة وستصبح مزاراً سياحياً بعد نابولي مارادونا، وهي تورينو كريستيانو!
520 ألف قميص يوفنتيني بيعت باسم البرتغالي الأسطورة، بقيمة 54 مليون يورو!، وفي أقل من يومين من وصوله مدينة تشتهر بوجود فيات وألفاروميو ويوفنتوس!
فماذا عنَّا؟ رياضة المملكة الموسم الماضي شهدت تغييرات اختصرت 10 سنوات في سنة! وأصبح ألباب هنا مفتوحاً أمام العصر الذهبي لكرة القدم، ومتفائل بأن هذا الموسم سيشهد تمام هذا التغيير، وأن دوري النجوم السعودي للمحترفين هذا الموسم تحديداً سيكون غير!.. تفاءل معي بذلك .. ف كما تظن تَجِد!
مكاسبنا!
الأندية السعودية خلال المونديال: حققت مداخيل من الفيفا لمشاركة لاعبيها المحليين والمحترفين، سواء مع المنتخب السعودي أو مع منتخبات أخرى - 10 أندية سعودية أبرزها الهلال والشباب والنصر والأهلي، قدمت في المونديال 30 لاعبًا، أدخلوا للأندية حوالي 25 مليون ريال.. نصيبنا من الذهب المونديالي!