انخفاض الخامين القياسيين 2 % مع ارتفاع المخزونات وتوقعات بتراجع الطلب    برنامج تطوير القطاع المالي.. خطوات واثقة نحو بناء مركز مالي إقليمي وعالمي    أمير جازان يستقبل رئيس مكافحة الفساد    دعم عربي - تركي لأمن واستقرار سورية وإدانة للاعتداءات الإسرائيلية    68 شهيداً في قصف إسرائيلي على غزة بينهم 32 من طالبي المساعدات    التعاون يدشن معسكر هولندا    رامون بلانيس: نعمل بجد من أجل إسعاد جماهير الاتحاد    الأهلي يرفض انتقال ديانغ للحزم    المملكة تحصد سبع جوائز دولية في أولمبياد الرياضيات والمعلوماتية    العلا قديماً.. تناغم الإنسان والطبيعة    "الأمن والحياة" توثّق عاماً من الإنجاز    مهارة تساوي ثروة    أمير القصيم يدشن مبادرة "أيسره مؤونة" للتوعية بتيسير الزواج    مستشفيات ومراكز مجموعة الدكتور سليمان الحبيب الطبية توفر فحص ما قبل الزواج بأحدث الأجهزة وأكثرها دقة لحياة صحية آمنة وسعيدة    استنفار 40 طبيباً لمكافحة "الحزام الناري"    لقاح للحوامل يقلل من دخول الرضع للمستشفيات    القبض على باكستانيين في المدينة المنورة لترويجهما (الشبو) المخدر    47 ألف بلاغ إسعافي بالشرقية في النصف الأول للعام 2025م    أكثر من 11 ألف طن من مياه زمزم لسقيا ضيوف الرحمن في المسجد النبوي    16242 شكاوى ضد الناقلات الجوية والأمتعة تتصدر    «من الميدان»... القطاعات الأمنية توثّق جهودها اليومية بعدسة الكاميرا    مدرب نيوكاسل عن هدف الهلال: إيزاك مستمر.. هو لاعب لا يعوض    المملكة تقدم مساعدات لنازحي السويداء    ضبط 23 ألف مخالف للأنظمة    1541 حالة ضبط بالمنافذ خلال أسبوع    ترسيخ الاعتدال ومحاربة التطرف    لا ترم كنزك: الموظفون القدامى وتشكيل النجاح    676 مستفيدا من الاستشاري الزائر بصامطة    الديوان الملكي: وفاة الأمير الوليد بن خالد بن طلال بن عبدالعزيز    وفاة الوليد بن خالد بن طلال بعد معاناة مع المرض    رالي العقيلات ينطلق من القصيم إلى الطائف بمشاركة 15 سيارة    ألماني يقود وسط أسود نجران    بدء القبول في المعاهد الصناعية والدبلوم المسائي بالرياض    السعودية تُرحب بالتوقيع على إعلان مبادئ بين الكونغو وتحالف نهر الكونغو    ترمب يقاضي مردوخ ويطالبه ب 10 مليارات دولار    أمير منطقة جازان يفتتح مبنى فرع وزارة "الموارد البشرية"    حسام حبيب: السعودية أصبحت مركزا فنيا عالميا    مجلس الجمعيات الأهلية بجازان ينفذ لقاء التواصل الثالث مع ممثلي الجمعيات بالمنطقة    صدور قرار تقاعد مدير مكتب التعليم بطريب والعرين الأستاذ حسين آل عادي    حرائق الغابات تلتهم 6 ملايين هكتار في كندا حتى الآن    رياح نشطة وأتربة مثارة في عدة مناطق    الفريق الفتحاوي يواصل تدريباته بحضور رئيس النادي    إدارة "النصر"تعيّن البرتغالي"خوسيه سيميدو"رئسياً تنفيذياً    حملات إعلامية بين «كيد النساء» و«تبعية الأطفال»    "هيئة الطرق": الباحة أرض الضباب.. رحلة صيفية ساحرة تعانق الغيوم عبر شبكة طرق متطورة    إنقاذ مريضة تسعينية بتقنية متقدمة في مركز صحة القلب بمدينة الملك سعود الطبية    خارطة لزيادة الاهتمام بالكاريكاتير    اختتام أعمال الإجتماع الأول للجان الفرعية ببرنامج الجبيل مدينة صحية    (إثراء) يعلن عن فوز 4 فرق في المنافسة الوطنية لسباق STEM السعودية    جامعة الإمام عبد الرحمن تختتم فعاليات برنامج موهبة الإثرائي الأكاديمي    السعودية تعرب عن بالغ الأسى لحادث الحريق الذي اندلع في أحد المراكز التجارية في مدينة الكوت العراقية    أمير منطقة جازان يستقبل وكيل الإمارة والوكلاء المساعدين الجدد    وزارة الحج والعمرة تكرم عمر بالبيد    إسرائيل تكثّف ضرباتها على سوريا رغم تعهدات التهدئة.. اشتباكات دامية في السويداء والجيش يفرض السيطرة    20 قتيلاً.. وتصعيد إنساني خطير في غزة.. مجزرة إسرائيلية في خان يونس    نيابة عن أمير عسير محافظ طريب يكرم (38) متفوقًا ومتفوقة بالدورة (14) في محافظة طريب    أمير تبوك يطمئن على صحة الشيخ عون أبو طقيقه    عزت رئيس نيجيريا في وفاة الرئيس السابق محمد بخاري.. القيادة تهنئ رئيس فرنسا بذكرى اليوم الوطني لبلاده    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من دفتر مجنون !
قصة قصيرة
نشر في الجزيرة يوم 29 - 05 - 2015

ألقيتُ القبضَ على اللحظةِ الهاربة في أحد أزِقَّةِ الحواري العتيقة.. وإنْ شئتَ الدِّقَّة استوقفْتُها على حين غِرَّة من أمرِها ولم تُبْدِ أيَّ مقاومةٍ أو محاولةٍ للهَرَب مرَّةً أُخرى.. ولكن قبل أن أضع القفلَ على مِعْصَمَيْها اللذيَن لا يحتملان النَّدَى؛ تمَّ اختطافي من قِبَل مُلثَّمين، لا أزالُ في قبضتهم!
الحقيقة لم أكُن أدري أنَّ حريَّتي رهينةٌ بالتخلّي عن اقتناص اللحظات الهاربة، سيَّما وأنِّي لا أحملُ - في مِخلاةِ عقلي - فَخَّاً قط.. ولا أناصب أحداً شِراكاً في وديان الخيال منذ أن خرجتُ من خاطرتي البِكْر في ذلك الفجر المُراهق وأنا أتأبَّط خُفَّيْ حنيني، ماشياً على أمشاطِ ظِلِّي ابتغي موعداً مع قصيدةٍ عصماء في بيت الخليل! ولمَّا تحوَّل بفِعلِ فاعلٍ إلى غُرفةِ أشباح تصطفق أبوابُها وشبابيكها وتصطرع أثاثاتها - في ذلك الضُحى الدامس - وتتهاوى جدرانها إثرَ العُواء الرابض فوق الأسوار الخارجيَّة، لم أجِد مناصاً من التسلُّلِ عارياً إلاَّ من إزارِ تفعيلةِ بحر الكامل!
ولكي أدرأُ عنِّي شُبهةَ التلبُّسِ بالقريض القاتل الذي يجلب الوِتْر والإقصاء ربَّما أو الإخصاء؛ طفقتُ أقول ما لا يُفهَم من همهمات وغمغمات وإشارات تشي باختلال البوصلة، بل تُحْملُ العقْلَ الجمعيَّ على آلةِ التأويلِ الحدباء لا ليرى العُرْيَ والحفاء، ولكن ليسمعَ وقع أقدام المُشيِّعين!
كلَّما بعُدت عن موقع الحدث الجفرافي أو التاريخي؛ ازْدد قُرباً من هذا الزوال الكئيب! أسيرُ دونما وجل.. فيفسح لي الآخرون ويفتح لي بعضُهم آذانَهم وأفواههم ليأخذوا الحكمة أو ما يدغدغ وجدانهم، ويخاطب أشواقهم ويُنفِّس عن كُرباتهم، ولو كان ذلك على لسان مَن رُفع عنه القلم أو قُل نُزع منه القلم!
إذا ما بلغ منِّي الجهد والرَّهَق؛ أجلس أنَّى شئتُ لأخربشَ بإصبعِ الوُسطى مُطلْسِماً الأرضَ كما ينبغي لدجَّالٍ أو رمَّالٍ لا يعنيه شكل الخطوط بقدر حبْكةِ النتائج المُسبقات وقراءة ما يدور بخلَد الواقفين حوله!
أمَّا إذا أزِفَ الإيابُ إلى اللا مكان وأذَّن مؤذِّنُ الرحيلِ من المقيل؛ تأبَّطتُ رواحي لأقذَّ السيرَ حثيثاً كَراوٍ يحمل الحلوى والعلقم.. الآمال والآلام.. الدموع والابتسام..البُشريات والمشانق لأبطاله المتكدِّسين في المحطَّات.. اللاهثين خلف المركبات.. الراكضين بلا أقدام.. الدامعين بلا عيون.. الصارخين بلا ألسُن.. المُنْتطحين على مَكبِّ القمامة والنفايات.. الراكبين الفارهات.. الخانسين في المُتنزَّهات.. الخاشعين على موائد السُحْتِ.. الشاربين من دماء الفقراء والمساكين!!
أراهم جميعاً ولا أرى منهم أحداً.. أسمعهم جيِّداً ولا أفهم منهم شيئاً..لا..لا.. بل كنتُ أعِي جيِّداً ما يدور في عالمهم وأعلم الكثير من بواطن الأمور والتي لو علموها لأصبح جُلَّهم في مقامي هذا!
الآن ينحسر المدُّ البشريُّ والليلُ يُرخي سدولَه. الآن تتبدَّى الخلوةُ كعروسة جنِّ تنتظر عرسها منذ آلاف السنين على (حُفرة طلح ) في وادي عبقر.. رياحُ الشتاءِ لها فحيح أفعى.. طقطقة كراتين (الشمَّاسة) والشحَّادين.. سعال المرضى والمجانين.. هسهسة الأكياس المتطايرة.. عطن مخلَّفات السوق.. المصطبة باردة.. ولكني لا أبالي.. أسمالي لا تقيني البرد غير أنِّي لا آبه.. أمعائي تصرُّ كسرير متهالك تحت وطأة حمْلٍ ثقيل..! لا شيء يشغلني..لا شيء أخشاه.. لا شيء أخشى عليه.. لن أبحث عن جنْبٍ مُريح.. لن أرهقَ بصري بالنظر، لا إلى السماء ولا إلى الأرض.. سأنام مباشرةً دون أية مقدِّمات.. طفولتي اللاهية.. منزلنا الصغير.. شجرة الليمون.. عجلة أبي (الرالي).. رائحة أُمِّي.. اللبن المحروق.. ضفائر سلمى.. دفتر الشعر القديم.. ابني الوحيد.. رسوماته البديعة.. لثغته الجميلة.. الصباح الهادئ.. الحارة العتيقة.. الأشتجار بين المغرفة التي اختلستْ حبَّتين من الفول المصري والزبونة السليطة اللسان.. الزبونة استخدمتْ الأنياب، بينما دافعتْ المغرفة بنابئ الكلام.. أمَّا الفوَّال فقد كان شاهد ملك! دوران الأرض.. تراقص السماء.. توجَّه الأنظار كلَّها ناحية موقع العراك.. اختزل الزمان عمره في اللحظة التي رأيتها فيها في آخر الزقاق.. ركضتُ نحوها.. ألقيتُ عليها القبضَ.. اختطفني الملثَّمون!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.