ضم مول تجاري فريد وفندق عالمي بمواصفات 5 نجوم و276 وحدة سكنية و16 قصر فخم، ومساحات ترفيهية فريدة العثيم للاستثمار تطلق مشروع العثيم كروز في مدينة حائل    يوم عرفة.. 42.2 مليون مكالمة في مكة والمشاعر.. و5.61 ألف تيرابايت استهلاك البيانات    «الداخلية»: السجن والغرامة والترحيل ل18 مخالفاً نقلوا 95 شخصاً ليس لديهم تصريح بالحج    الدفاع المدني يدعو ضيوف الرحمن إلى اتباع تعليمات السلامة في قطار المشاعر    حركة اقتصادية تسجلها أسواق المواشي بحائل خلال عيد الأضحى المبارك    أمانة حائل تنهي استعداداتها خلال عيد الأضحى المبارك.    وكيل محافظة بيش يتقدم المصلين لأداء صلاة عيد الأضحى المبارك ويستقبل المهنئين    أمير منطقة جازان ونائبه يؤديان صلاة عيد الاضحى    السلام في أوكرانيا يستدعي "إشراك جميع الاطراف"    محاولة أخيرة من الاتحاد لضم محمد صلاح..وتحديد البديل    وزير الإعلام يرفع التهنئة لخادم الحرمين وولي العهد بعيد الأضحى المبارك    سمو محافظ الخرج يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك مع جموع المصلين    الملك سلمان: أسأل الله أن يديم الأمن والاستقرار على وطننا وشعبنا    الصحة تحذّر الحجاج من التعرض لأشعة الشمس    أمير منطقة المدينة المنورة ونائبه يستقبلان المهنئين بمناسبة عيد الأضحى    محافظ الطائف يؤدي صلاة عيد الأضحى في مصلى الخالدية    رئيس مجلس الشورى يهنئ القيادة الرشيدة بعيد الأضحى المبارك    الرئيس المصري: لمست في الحج حسن التنظيم والخدمات.. شكرا للملك سلمان وولي العهد    "روبوتات المطاعم " هل تهدد وظائف البشر ؟    أمير الرياض يؤدي صلاة عيد الأضحى مع جموع المصلين    القيادة تهنئ رئيس جمهورية جنوب أفريقيا بمناسبة إعادة انتخابه لمدة رئاسية جديدة    أمطار رعدية المرتفعات الجنوبية    الكشافة تواصل جهودها بإرشاد الحجاج التائهين في مشعر عرفات    سمو أمير منطقة الباحة يهنئ القيادة الرشيدة بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك    "كشافة الزلفي" تواصل تقديم الخدمات لحجاج بيت الله الحرام    عروض مسرحية وفلكلور شعبي في احتفالات الشرقية بعيد الأضحى    الذكاء الاصطناعي يتحكم بالقرارات الشرائية لحوالي 80 %    اكتشاف النهر المفقود في القطب الجنوبي منذ 34 مليون سنة    توصية متكررة بتحديث متصفح «غوغل»    الصين تنشئ صناديق مؤشرات للاستثمار في الأسهم السعودية    بياض الحجيج يكسو جبل الرحمة    «الدرون» العين الثاقبة في المناطق الوعرة    واجهات جدة البحرية ومرافقها العامة جاهزة لعيد الأضحى المبارك    «الكانفاس» نجمة الموضة النسائية    هل يستحوذ «السيادي السعودي» على 15 % من مطار هيثرو؟    وزير الخارجية يرأس وفد المملكة في قمة (السّلام في أوكرانيا) بمدينة لوتسيرن السويسرية    الأهلي وصفقات الصيف    15 خطيباً اعتلوا منبر عرفة.. أكثرهم «آل الشيخ» وآخرهم «المعيقلي»    القبض على بلوغر إماراتية بعد تصويرها مقطعا في مكان محظور    أبرز أمراض العيد وكيف يمكن الوقاية منها    5 مخاطر للأشعة فوق البنفسجية    ابتكار علاج جيني يؤخر الشيخوخة    في هذه الحالة.. ممنوع شرب القهوة    المتحدث الأمني ل"الوطن": المملكة مدرسة في إدارة الحشود    ضبط (12950) مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    الشيخ السديس يهنئ القيادة بنجاح نفرة الحجاج من عرفات إلى مزدلفة    الملك وولي العهد يتلقيان تهنئة قادة الدول الإسلامية بعيد الأضحى    وزير الخارجية يستعرض العلاقات التاريخية مع رئيس المجلس الأوروبي    نيمار يُعلق على طموحات الهلال في كأس العالم للأندية    العيد في غزة حزين وبلا أضاحي    رئيس مصر يزور المتحف الدولي للسيرة النبوية    بدء مفاوضات انضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي    وزير الخارجية يترأس وفد المملكة بقمة السلام في أوكرانيا    وزير الإعلام يتفقد مقار منظومة الإعلام بالمشاعر المقدسة    السعودية تتسلم علم استضافة أولمبياد الفيزياء الآسيوي 2025    2000 إعلامي من 150 دولة يتنافسون في الأداء    فيلم "نورة" من مهرجان "كان" إلى صالات السينما السعودية في رابع العيد    صحفيو مكة يشيدون بمضامين ملتقى إعلام الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آه يا جدتي
نص
نشر في الجزيرة يوم 10 - 10 - 2014

في صباح يوم الثلاثاء استيقظت على صوت نغمة رسالة بجوالي تذكرني بأن لي موعد بالمستشفى قرابة الساعة الثانية ظهراً، بعدها وضعت هاتفي جانباً وعدت للنوم مرة أخرى واستيقظت عند الحادية عشرة مشحونة ومتوترة من كوابيس وأحلام نوم النهار.
قمت بتجهيز نفسي للذهاب لموعدي، وعند دخولي لهذه المستشفى أتذكر جدتي الراحلة منذ أعوام.. فهي لا تغيب عن ذاكرتي أبداً. ففي كل زاوية وفي كل مكان لي حكاية معها.. فقد كانت تعاني من تليف بالرئة وظلت تعيش على أنبوب الأكسجين.
وبينما أنا أذهب لعيادة الروماتيزم لمحت الطبيب المعالج لجدتي، فهو استشاري الصدر وعادت بي الذاكرة للخلف حينما كانت جدتي تنام على السرير الأبيض بالطوارئ قرابة أربعة أشهر وأنا أرافقها، فالأطباء بكل صباح يتجولون على مرضاهم، ولا زلت أذكره حينما جاء لجدتي قائلاً:
- صباح الخير يا أمي
ردت جدتي بحزن وتهالك: صباح النور.
- كيف حالك اليوم.
- الحمد لله.
أخذ الطبيب الملف وقام يقلب صفحاته بين يديه، ووضعه على الطاولة، وضع السماعة بأذنيه واقترب من جدتي كي يسمع نبضات قلبها الشائخ الذي أعياه التعب، فجدتي وضعت يدها على يد الطبيب وقلبتها قبل أن يسحب الطبيب يده بسرعة وهي تطلبه أن يساعدها على إنهاء معاناتها مع أنبوب الأكسجين. هنا بدت معالم الحزن على وجه الطبيب فهو أعلم بحالتها وبتقدم المرض فيها.
ابتسم الطبيب وهو يشير: حسناً يا أمي، ماذا تريدين أن أفعل.. أمر الله، وسنسعى إلى حل له بإذن الله.
ما كان من جدتي إلا أن قالت بيأس: إن لي على هذا السرير قرابة أربعة أشهر.. أريد أن أمشي قليلاً يا بني..
رد الطبيب بهدوء: قلبك لا يحتمل، ولكن سأبلغ الممرضة بأن تطيل سلك الأكسجين فتكوني قادرة على التجول داخل الغرفة فقط، وساد الصمت فارتفع صوتي ليكسر الصمت قلت: حسنا يا دكتور أبلغ الممرضة لكي تقوم باللازم..
وأضاف بهدوء: هل تريدين شيئاً آخر؟ قالت: شكراً، فخرج من الغرفة وبيده الملف وأغلق الستارة، فقمت بسحب الغطاء على وجهي وعدت للنوم إلى جوارها ولكني لم أنم، إذ ظللت أفكر في جدتي وفي طلبها للدكتور وكيف لي أن أساعدها ما دمت أبيت إلى جوارها.
فكنت أسترق النظر لها فإذا بها تمسك بخيط الأكسجين وتعيد تثبيته إلى أنفها وتطيل النظر بيدها فإذا بالستارة تنفتح إنها أخصائية التغذية تجلب وجبة الإفطار وتضعها على الطاولة وتنصرف، فقمت من فراشي ووضعته بالجانب الآخر من الغرفة ونظرت لجدتي هل: تودين الخروج لتغسلي يدك، فنظرت إليَّ بحزن، قلت لها لا تهتمي لذلك تناولي وجبة الإفطار لكي تأخذي العلاج وبعد ذلك أعدك أن تنزلي من السرير ونخرج من هذه الغرفة قليلاً، فقالت: حسناً..
وبينما أنا أفكر في مشاهد جدتي القديمة إذا بي وصلت لعيادتي وقدمت ورقة الموعد للممرضة فقالت: «أختي» أنا لازم آخذ الوزن والضغط والحرارة، فقلت لها: حسناً وبينما نحن نذهب إلى غرفة القياس تذكرت أن بهذا الممر كانت تسير جدتي بتعب وإعياء وحب للحياة.. فكانت تنزل من سيارة الإسعاف بالسرير وبها عبوة الأكسجين فقد كانت تقول لي ونحن من طريق الخرج إلى الرياض: أنا أخشى أن تنتهي هذه «الأسطونه» ولا يكون هناك بديلاً عنها.
ولم تفارقني صورة جدتي حينما كانت متعبة وجسمها هزيل ونفسها ضعيف فقد كنت أنظر إلى وجهها الطاهر البريء ونحن في غرفة انتظار الدخول فوجهها ازداد اصفراراً وشفاهها أصبحت بلون أزرق لقلة ما يصلها من الأكسجين، ويداها ترتعش من البرد فكان لدى العيادة مرضى ومراجعون كثر.. فجاءت إليَّ امرأة منهن لتخبرني بأن جدتي متعبة ويجب أن أتعجل في دخولها إلى الطبيب لأنها فعلاً تعاني، فما كان مني إلا أن شكرتها على شعورها النبيل نحونا حينما تنازلت عن رقمها لنا، وفعلاً دخلنا على الطبيب وكتب لها التنويم.
وعندما انتهيت من أخذ الحرارة والضغط ذهبت لغرفة انتظار النساء، فقد كانت مليئة كالعادة بالمرضى وعيناي تترقبان دخول الممرضة لمناداتي.. مرت نصف ساعة ولم تفعل، بعدها دخلت مريضة تدفعها ابنتها بكرسي متحرك ومعها أنبوب أكسجين، أرجعت كرسي والدتها للخلف وجلست البنت بجانب أمها وأخرجت من حقيبتها شراب عصير وقطعة من الخبز لتعطيها لوالدتها.. تذكرت جدتي -رحمها الله.. وأيامها الممزوجة بالمعاناة والأمل والصبر على المكاره.. فما كان مني إلا أن تنهدت بحزن.. رحمك الله يا جدتي.
هذا هو صوت الممرضة تنادي اسمي.. «ف»
ذهبت معها للعيادة ومن ثم لصرف العلاج وخرجت من المستشفى أنتظر السيارة لتعديني إلى البيت.. فأنا في كل مرة أذهب إلى هذا المستشفى أسترجع مواقف كثيرة جمعني بها أمل وحزن.. ولا أملك إلا أن أقول بحزن: آه يا جدتي يا لفقر الأماكن حينما أنظر ولا أجدك!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.