أمير جازان يشهد انطلاق أعمال ورشة الخطة التنفيذية لمنظومة الصحة 2026    فيصل بن مشعل يدشن الموقع الإلكتروني لإمارة القصيم بعد تطويره وتحديث خدماته الإلكترونية    "تنظيم الإعلام" تقدم مبادرة "التصريح الإعلامي المبكر" ضمن مشاركتها في مؤتمر ومعرض الحج    تعليم الشرقية يدشن فعاليات موسم التشجير الوطني 2025م تحت شعار "يدٌ تغرس وأرضٌ تزدهر"    نجم تستعرض حلولها الرقمية المبتكرة ودورها في تمكين قطاع تأمين المركبات    الطائرة المجنحة.. عين وزارة الداخلية الذكية في سماء المشاعر المقدسة    جلسة حوارية حول "الاتصال الثقافي بين السعودية والصين" في قسم الإعلام بجامعة الملك سعود    وزير الخارجية يصل إلى كندا للمشاركة في الاجتماع الوزاري لمجموعة ال7    آل الشيخ يرأس وفد المملكة في اجتماع رؤساء المجالس التشريعية الخليجية بالبحرين    القبض على مخالفَيْن لنظام أمن الحدود لتهريبهما (15) كيلو جرامًا من نبات القات المخدر    جمعية ترابط وبناء تكرمان 17 مستفيد من رواد مبادرة "تاكسي أيتام السعودية"    جمعية "نماء" بجازان تطلق دورة "تصميم وفن احتراف الديكور الداخلي" ضمن "مشروع إنطلاقة نماء"    خادم الحرمين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء بجميع أنحاء المملكة يوم غدٍ الخميس    ريمار العقارية تعين الدكتور بسام بودي رئيسا تنفيذيا للشركة    مسؤول سعودي: نسعى لتكون السياحة ثاني أكبر قطاع اقتصادي لتعزيز التوظيف ووزبر السياحة اكد ذلك    وزير الصحة السعودي: الاستطاعة الصحية شرط الحصول على تأشيرة الحج    تحسين متوسط العمر في ضوء رؤية 2030    ارتفاع اسعار الذهب    تعليم المدينة يدعو للمشاركة في المسابقة المحلية على جائزة الملك سلمان لحفظ القرآن    إمارة منطقة مكة تشارك في مؤتمر ومعرض الحج والعمرة    وسط تحركات دولية وإدانة مصرية.. هيئة محاميي دارفور: «الدعم السريع» يرتكب مذابح في الفاشر    أشاد بالتميز الصحي وأكد أن الإنسان محور التنمية.. مجلس الوزراء: الدولة تعتني بشؤون الحج والعمرة والزيارة    نحو نظرية في التعليم    «محمية الإمام» تطلق تجربة المنطاد    المنتخب الوطني يواصل تحضيراته لودية ساحل العاج    الاتحاد يخطط للتعاقد مع مدرب فرنسا    نهى عابدين تشارك في فيلم «طه الغريب»    تعزيز حضور السينما السعودية في السوق الأمريكي    معاناة ابن بطوطة في كتابه    رونالدو: السعودية بلدي وسأعيش هنا بعد الاعتزال    القيادة تعزي رئيسة سورينام في وفاة الرئيس الأسبق رونالد فينيتيان    وسط تعثر تنفيذ خطة ترمب.. تحذير أوروبي من تقسيم غزة    المفتي يحث المسلمين على أداء صلاة الاستسقاء غداً    وزير الحج يلتقي ب100 وزير ومفتي ورئيس مكتب شؤون حج ويحثهم على استكمال إجراءات التعاقد قبل 15 رجب    «أونروا»: هناك مدن دمرت بالكامل في غزة    دراسة: فيروس شائع يحفز سرطان الجلد مباشرة    بدء التسجيل لجائزة سلامة المرضى    معايير تحديد سرقة رسومات الكاريكاتير    منطقة الحدود الشمالية الأقل في حالات النزيف والتمزق    أمير المدينة يتفقد محافظة المهد    أمير نجران يستعرض تقرير "التجارة"    الرئيس الأميركي يتعهد بمساندة سورية بعد لقائه الشرع    من أجل السلام    الأقل جاذبية يتمتعون بشهرة أعلى    "مدني الرياض" يكثّف "السلامة" في المباني العالية    «أحمر الشرقية».. برامج تأهيلية ودورات تخصصية    علاج جيني واحد يخفض الكوليسترول    أقراص تطيل العمر 150 عاما    أزمة قانونية تلاحق ChatGPT    حالة من الاستياء في سانتوس البرازيلي بسبب تصرفات نيمار    فهد المسعود ينضم إلى لجنة كرة القدم بنادي الاتفاق    أرقام الجولة الثامنة.. 20 هدف ونجومية سيلا سو ومشعل المطيري    الفتح يعود للتدريبات بعد الإجازة استعداداً لاستئناف دوري روشن    3 آلاف وظيفة يولدها القطاع الصحي الخاص بالأحساء    مركز الحياة الفطرية: إدراج «الثقوب الزرقاء» و«رأس حاطبة» ضمن قائمة المحميات الوطنية يعزز الريادة السعودية في الحماية البيئية    أمير تبوك يطّلع على التقرير السنوي لأعمال فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر    الديوان الملكي: وفاة وفاء بنت بندر    رجال أمن الحرمين قصص نجاح تروى للتاريخ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المملكة تدعو الأمم المتحدة إلى اتخاذ قرارات مصيرية وحازمة لمواجهة هجمة الإرهاب الشرسة
في كلمة للأمير سعود الفيصل في الدورة العادية ال(69) للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك
نشر في الجزيرة يوم 28 - 09 - 2014

أكدت المملكة العربية السعودية حرصها على بذل قصارى جهدها دوما سعيا لتحقيق أهداف العمل الجماعي تحت مظلة الأمم المتحدة، داعية إلى اتخاذ السياسات والقرارات المصيرية والحازمة لمواجهة هجمة الإرهاب الشرسة التي أصبحت جيوشا بعد أن كانت خلايا ، وأصبحت تستهدف دولا بعد أن كانت تستهدف بؤرا.
كما تساءلت المملكة متى يتحرك المجتمع الدولي لإنصاف الشعب الفلسطيني وردع إسرائيل عن سياساتها التعسفية؟. وشددت على أنها كانت ولا زالت داعمة للمعارضة السورية المعتدلة، ومحاربة الجماعات الإرهابية على الأراضي السورية، وأن المعركة تشمل الظروف المؤدية إليه أيضا. وقد عبرت المملكة عن أملها بأن يحقق اتفاق السلم والشراكة الوطنية المبرم بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي تطلعات الشعب اليمني نحو وقف العنف والاقتتال واستكمال العملية السياسية، مشيدة بما بذله الرئيس اليمني عبد ربه هادي من جهود مكثفة للوصول إلى اتفاق يجنب الفوضى وإراقة الدماء.
جاء ذلك في كلمة لصاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية رئيس وفد المملكة العربية السعودية في الدورة العادية التاسعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة وزعت أمس في نيويورك.
كلمة الأمير سعود الفيصل
وفيما يلي نص الكلمة:
السيد الرئيس.. يطيب لي في البداية أن أتقدم لمعاليكم بخالص التهاني على انتخابكم رئيساً للدورة التاسعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة، متمنياً لكم التوفيق والسداد في أداء مهامكم ومسؤولياتكم، خاصة في ظل الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم، وإني لأغتنم هذه الفرصة لتقديم بالغ الامتنان والتقدير لسلفكم معالي السيد / جون و.آش JOHN W.ASHE رئيس الجمعية العامة في دورتها الثامنة والستين الذي أدار أعمالها بكل حكمة واقتدار ويسعدني أن أشيد مجدداً بالجهود الكبيرة التي يبذلها معالي الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي مون في إدارة الأمم المتحدة ونشر رسالتها الهادفة لتحقيق الأمن والسلم الدوليين.
العمل الجماعي
السيد الرئيس.. لقد حرصت المملكة العربية السعودية على بذل قصارى جهدها دوماً سعياً لتحقيق أهداف العمل الجماعي تحت مظلة الأمم المتحدة انطلاقاً من إيمان المملكة الراسخ بمبادئ وأهداف العمل الجماعي ولا سيما أن المملكة من الدول المؤسسة لميثاق الأمم المتحدة عام 1945م. ويؤكد وفد بلادي مجدداً على أهمية مواكبة المستجدات والمتغيرات على الساحة الدولية من خلال تطوير آليات العمل في الأمم المتحدة وإصلاح مجلس الأمن ودعم أعمال الجمعية العامة وتعزيز دور المجلس الاقتصادي والاجتماعي.
القضية الفلسطينية
السيد الرئيس.. تشكل السنة الحالية 2014م علامة مهمة بالنسبة للقضية الفلسطينية كونها سنة التضامن مع الشعب الفلسطيني، ومن المؤلم أن يتزامن ذلك مع ما شهدناه هذا العام من عدوان إسرائيلي غاشم يرقى إلى جرائم حرب ارتكبتها إسرائيل في قطاع غزة في تجاهل إسرائيلي صارخ للإرادة الدولية وأحكام القانون الدولي. ولنا أن نتساءل هنا : متى سوف يتحرك المجتمع الدولي لإنصاف الشعب الفلسطيني وردع إسرائيل عن سياساتها التعسفية المناقضة لهذه الإرادة ؟ متى سوف يتحرك المجتمع الدولي تجاه إسرائيل التي لا زالت تمارس سياساتها التعسفية الأحادية الجانب من خلال محاولاتها تهويد القدس الشريف وتغيير تركيبته الديمغرافية وارتكاب الانتهاكات اليومية ضد الفلسطينيين من تهجير وطرد واعتقال تعسفي ؟ هذا إلى جانب استمرار سياسات إسرائيل الاستيطانية، بما في ذلك احتجاز آلاف الأسرى، وانتهاك حرمة الأماكن المقدسة، وتهجير المواطنين الفلسطينيين خاصة في القدس الشريف، والاستمرار في ممارسة سياسة الفصل العنصري والتطهير العرقي ناهيك عن مواصلة سياسة الحصار الجائر لقطاع غزة. يحدث ذلك كله تحت أنظار المجتمع الدولي دون أي تحرك لوضع حد لهذه الممارسات.
مسؤولية المجتمع الدولي
وعليه فإننا ننادي من هذا المنبر بضرورة تحمل المجتمع الدولي مسؤوليته إزاء توفير الحماية للشعب الفلسطيني بصورة عاجلة وفورية. ومن هذا المنطلق، فإننا نحمل إسرائيل المسؤولية الكاملة عن فشل الجولة الأخيرة من المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية تحت رعاية الولايات المتحدة الأمريكية، على الرغم من التزام السلطة الوطنية الفلسطينية بكل التزاماتها وتعهداتها بأسس عملية السلام.
الدور المصري
ومع إشادتنا بجهود جمهورية مصر العربية الشقيقة التي أفضت إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وإيقاف نزيف الدم الفلسطيني يجب ألا يغيب عن أذهاننا أن وقف إطلاق النار في حد ذاته لا ينبغي أن يشكل هدفاً في حد ذاته بمعزل عن هدف تحقيق السلام العادل والشامل والدائم وفقاً لمبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية، وصولاً إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والمتصلة والقابلة للحياة وعاصمتها القدس الشرقية.
الوضع في سورية
السيد الرئيس.. يمثل الوضع في سورية الشقيقة أكبر مأساة إنسانية يشهدها هذا القرن. وقد علمنا التاريخ أنه كلما طال أمد الصراع الداخلي المسلح، كلما زاد تمادي النظام السوري في وحشيته وجرائمه، ويصاحب ذلك انتشار جماعات التطرف والإرهاب التي وجدت في الأرض السورية مرتعاً خصباً لها. إن استراتيجية النظام السوري كانت منذ البداية تدفع باتجاه المشهد الذي نراه اليوم في سورية.. ففي الوقت الذي وقف فيه المجتمع الدولي متردداً ومنقسماً على نفسه في تعامله مع الأزمة السورية، عمد النظام السوري إلى عسكرة الثورة وقمع التظاهرات السلمية بوحشية وممارسة سياسات الحصار والتجويع والقتل. كل ذلك بهدف دفع الثورة السورية إلى حاضنة الجماعات الإرهابية وتبرير سلوكه الهمجي كحرب على الإرهاب.
دعم المملكة للمعارضة السورية المعتدلة
إن المملكة كانت وما زالت داعمة للمعارضة السورية المعتدلة، ومحاربة الجماعات الإرهابية على الأراضي السورية، إلا أن معركتنا على الإرهاب في سورية يجب أن تشمل القضاء على الظروف المؤدية إليه أيضاً. إن الشواهد كلها تدل على أن النظام السوري هو الراعي الأول للإرهاب في سورية.
التسوية السياسية بدون الأسد
إننا نرى أن أي إمكانية للتسوية السياسية ينبغي ألا يكون بشار الأسد الفاقد للشرعية أي دور سياسي فيها وبأي شكل من الأشكال. ونرى في إعلان مؤتمر (جنيف 1) ما يوفر أفق الحل المؤدي إلى انتقال سلمي للسلطة بما يحافظ على مؤسسات الدولة ، ويحفظ لسورية استقلالها وسيادتها ووحدتها الوطنية والإقليمية. ومن البديهي ألا تتوافر إمكانية لمثل هذا الحل مع وجود القوات الأجنبية على الأراضي السورية ممثلة في الحرس الثوري الإيراني وقوات حزب الله، وانعدام توازن القوى على الأرض.
أوضاع اليمن
السيد الرئيس.. تشهد الجمهورية اليمنية أوضاعاً متسارعة وبالغة الخطورة تستدعي منا جميعاً وقوفنا معها واقتراح الحلول اللازمة لمواجهة هذه التحديات غير المسبوقة، التي يخشى إن لم نتداركها أن تقود - لا سمح الله - إلى مزيد من الانحدار نحو العنف والصراع الذي سيكون الشعب اليمني ضحيته الأولى. إن ذلك سيتسبب أيضاً في تقويض ما توصل له اليمنيون من اتفاقات بناءة لاستكمال العملية السياسية السلمية وفقاً لمقررات المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني. أضف إلى ذلك أن دائرة العنف والصراع ستمتد بلا شك لتهدد الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي، وقد تصل لمرحلة تجعل من الصعوبة بمكان إخمادها مهما بذل لذلك من جهود وموارد. وقد سبق لنا الترحيب باتفاق السلم والشراكة الوطنية المبرم يوم الأحد الماضي 21 سبتمبر بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي، وكان أملنا أن يحقق تطلعات الشعب اليمني نحو وقف العنف والاقتتال واستكمال العملية السياسية واستئناف التنمية والبناء.
تبديد الآمال
ومع إشادتنا بما بذله فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي من جهود مكثفة للوصول إلى اتفاق يجنب اليمن وأبناءه العنف والفوضى وإراقة الدماء.. إلا أن عدم تنفيذ الملحق الأمني للاتفاق وعدم إنفاذ الاتفاق نفسه على الوجه المطلوب من قبل جماعة الحوثي قد بدد تلك الآمال. إننا ندعو جميع الأطراف المعنية إلى التطبيق الكامل والعاجل لبنود الاتفاق كافة، كما نحث المجتمع الدولي على تقديم جميع أوجه المساعدة لليمن في هذا الشأن.
جيوش الإرهاب
السيد الرئيس.. نقف اليوم أمام وضع خطير للغاية، فبعد أن كان الإرهاب خلايا أصبح جيوشاً. وبعد أن كان يستهدف بؤراً، تحول إلى استهداف دول يعبث فيها وفي مقدراتها كيفما يشاء.. وأصبح الإرهاب يشكل طوقاً خطيراً يمتد ليشمل كل من ليبيا ولبنان وسورية والعراق واليمن.
القرارات المصيرية
أمام هذه الحقائق الخطيرة، نحن اليوم مطالبون باتخاذ السياسات والقرارات المصيرية والحازمة لمواجهة هذه الهجمة الشرسة بكل قوة وحزم ، والتحرك الجاد والسريع، آخذين في الاعتبار عنصر الوقت ومغبة التخاذل. من هذا المنطلق، فإننا نرى أن الحرب على الإرهاب ينبغي أن تكون شاملة، ووفق استراتيجية واضحة مدعومة بخطة تنفيذية تحقق الأهداف المنشودة من هذه المواجهة من جوانبها العسكرية والأمنية والاقتصادية والفكرية كافة.. يجب أيضاً الأخذ في الاعتبار أن الحرب على الإرهاب تتطلب عملاً جاداً ومستمراً قد يمتد إلى سنوات، ولا يجب أن يتوقف عند تحقيق انتصارات جزئية على تنظيمات محددة، بل يجب المضي قدماً فيه حتى يتم القضاء على التنظيمات الإرهابية كافة أينما وجدت، ومهما كانت الدوافع التي تقف وراءها، كي نخلص الإنسانية من هذا الشر المقيت، ونحافظ على حقوق الإنسان المشروعة في العيش بكرامة وأمن وسلام. المملكة ملتزمة بمحاربة الإرهاب ومن هذا المنطلق، فإني أجدد التأكيد على موقف بلادي والتزامها بمحاربة الإرهاب الذي ما فتئ خادم الحرمين الشريفين يحذر من مخاطره ونتائجه مراراً وتكراراً منذ أكثر من عقد من الزمن، آخرها في شهر أغسطس الماضي حينما دعا قادة وعلماء الأمتين العربية والإسلامية إلى إحقاق الحق وإزهاق الباطل والوقوف صفاً واحداً في مواجهة هذه الآفة الخبيثة التي تهدد الأمن والسلم الدوليين، معبراً عن استغرابه من صمت المجتمع الدولي على الرغم من سعي هذه الآفة الحثيث إلى التمدد لتطال العالم بأسره دون هوادة.
إجراءات مشددة
لقد ترجمت حكومة المملكة العربية السعودية هذه السياسة إلى إجراءات مشددة من خلال سن القوانين المجرمة لها, ووضع القوائم بأسماء الإرهابيين والتنظيمات الإرهابية التي تقف وراءهم, ومكافحة هذا الشر المستطير بكل السبل الأمنية والفكرية وتجفيف منابعهم المالية. ولم يقتصر الأمر على مكافحته وطنيا, بل تجاوزه إلى السعي نحو الدفع بالجهود الدولية كل بما في ذلك إنشاء المركز الدولي لمكافحة الإرهاب تحت مظلة الأمم المتحدة ودعمه بأكثر من مائة مليون دولار. ومع ذلك, وعلى الرغم من إجماع العالم على خطورة الظاهرة وضرورة مكافحتها, لا يزال المركز في حاجة ماسة إلى المساهمة الدولية الفاعلة لتمكينه من القيام بالدور المطلوب منه في سياق الجهود الدولية القائمة. إن نتائج السياسة الصارمة التي تنتهجها بلادي ما كانت لتجني ثمارها على المستوى الوطني لولا توفيق الله - عز وجل - ثم وقوف المجتمع بقياداته وعلمائه وأبنائه صفا واحدا في مواجهة الإرهاب والفكر الضال المؤدي إليه.
بيان هيئة كبار العلماء
إن البيان الواضح والصريح الذي صدر عن هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية في السابع عشر من هذا الشهر ليعكس وبجلاء المدى الذي ذهبت إليه المملكة في مواجهة الإرهاب ويكشف حقيقة هذا الفكر الإرهابي وممارسات من يعتنقونه المخضبة بالدماء والدمار, محذرا المنتمين إليه والداعين له, وداعما ذلك بتأصيل شرعي يبين فساد هذا الفكر وخطره وشذوذه, ويؤكد أن محاربة الجماعات الإرهابية واجتثاثها قد بات أمرًا واجبًا على الجميع.
النووي
السيد الرئيس.. يظل هاجس خطر انتشار السلاح النووي في منطقة الشرق الأوسط أحد العوامل المؤرقة لدول وشعوب المنطقة, خصوصا في ظل الاضطرابات المستمرة التي تشهدها, وقياسا على التجارب التي شهدتها المنطقة التي دللت بشكل قاطع على أن ما من سلاح جديد دخلها إلا وتم استخدامه.
الشرق الأوسط والخليج بلا أسلحة دمار شامل
ومن هذا المنطلق, فإن بلادي ما انفكت تدعو إلى أهمية جعل منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل بما فيها السلاح النووي وفي إطار الجهود الساعية إلى إقامة مناطق خالية من الأسلحة النووية في جميع أنحاء العالم. وعليه, فإن المملكة تؤكد ضرورة عقد المؤتمر المؤجل حول إنشاء منطقة الشرق الأوسط الخالية من الأسلحة النووية وباقي أسلحة الدمار الشامل في أسرع وقت ممكن خلال عام 2014م. إن عدم عقد هذا المؤتمر في موعده يمثل إخلالاً بعملية المراجعة وبالالتزامات المتفق عليها في مؤتمر مراجعة معاهدة عدم الانتشار النووي في عام 2010 م, كما يلقي بشكوك كبيرة على عملية التوافق والحلول الوسط التي يتم اتخاذها في إطار العلاقات متعددة الأطراف في مجال نزع السلاح. إن عملية التأجيل تتحملها إسرائيل التي لم تعلن عن موافقتها على حضور المؤتمر وما نجم عن ذلك من آثار سلبية أعاقت التقدم نحو إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى, كما تتحملها الدول الراعية لأنها تخلت عن التزامها بعقد المؤتمر في موعده المحدد.
الملف الإيراني
وفيما يتعلق بأزمة الملف النووي الإيراني, فإن المملكة لا تزال تعلق أهمية على معالجة هذه الأزمة بالطرق السلمية من خلال المفاوضات الجارية بين مجموعة 5+1 وإيران, وبما يكفل لإيران حق الاستخدام السلمي للطاقة ووفق الاتفاقيات الدولية المبرمة في هذا الشأن, مع ضرورة تطبيق هذه الإجراءات والضوابط على دول المنطقة كافة.
الرموز الدينية
السيد الرئيس.. من جملة القضايا والمحن التي نواجهها استمرار التعرض للرموز الدينية, وعلى وجه الخصوص تعرض الإسلام الحنيف والرسول -صلى الله عليه وسلم- للكثير من الإساءات من جهات وأفراد ووسائل إعلام يجهلون حقيقته وسماحته.
وفي هذا الصدد, أود أيضاً التذكير بدعوة خادم الحرمين الشريفين للأمم المتحدة لإصدار قرار يجرم ويمنع الإساءة للرموز والمقدسات الدينية من قبل مختلف الجهات وإيقاع العقوبات الزاجرة بكل من يتورط في هذه الأعمال المسيئة، هذا إلى جانب ما تتعرض له الجاليات الأقليات المسلمة في الدول غير الأعضاء في المنظمة من حالات تمييز وتعصب وأعمال عنف وغير ذلك من السياسات والممارسات المرتبطة بظاهرة الإسلاموفيبا، وأقوى مثال ذلك هو ما يتعرض له المسلمون في الروهينجا وأفريقيا الوسطى ودول مثل مالي ومن أشكال مختلفة من الاضطهاد ومحاولة الإبادة.
صك دولي لمنع التعصب على أساس الدين
من هذا المنطلق, فإننا ننادي بأهمية تسريع عملية تنفيذ قرار وضع «صك دولي ملزم قانوناً لمنع التعصب والتمييز والكراهية على أساس الدين وكذلك الإساءة للأديان ولتعزيز وضمان احترام جميع الأديان».
مركز الملك عبدالله لحوار أتباع الديانات
انطلاقا من حرص المملكة العربية السعودية على تحقيق التفاهم والاحترام للأديان والمعتقدات, عمدت إلى إقامة مركز مستقل في نوفمبر عام 2012م في فيينا باسم مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الديانات والثقافات، يهدف هذا المركز إلى تعزيز التفاهم والاحترام والتعاون بين أتباع الثقافات والمعتقدات, مع التركيز على المشترك الإنساني الذي يدعو إلى الخير والمحبة والتسامح والوئام، وقد انطلق هذا المسعى النبيل بمشاركة فعالة من كل من جمهورية النمسا ومملكة إسبانيا.
حقوق الإنسان
السيد الرئيس.. لقد حققت المملكة العربية السعودية في مجال حقوق الإنسان إنجازات عدة مستمدة من مبادئ شرعيتها الإسلامية ومن وفائها بالتزاماتها الدولية، تماشياً مع التطورات الدولية في هذا المجال, فقد صادقت المملكة خلال العقدين الماضيين على الكثير من الاتفاقيات الدولية والإقليمية التي من شأنها الإسهام في تحسين أوضاع حقوق الإنسان في الداخل، فقد أنشأت المملكة هياكل وطنية حكومية كهيئة حقوق الإنسان وغير حكومية كالجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بهدف معالجة قضايا حقوق الإنسان الداخلية والسعي في مساءلة ومحاسبة كل ما من شأنه عدم احترامها أو الإخلال بأنظمتها.
إن فوز المملكة العربية السعودية في الترشح لعضوية مجلس حقوق الإنسان للفترة 2014- 2016م يعد خطوة مهمة تحمل في طياتها واجباً ومسؤولية تحتم عليها ممارسة مهامها كعضو في المجلس في حماية جميع قضايا حقوق الإنسان الدولية، بما يتوافق مع مبادئ شريعتها الإسلامية والتزامها الدولية.
الشباب
السيد الرئيس.. تؤمن حكومة المملكة بأن فئة الشباب هم نواة المجتمع فلم تغفل المملكة عن رعاية حقوقهم التي تتمثل في التركيز على توفير متطلباتهم بكل السبل التي تضمن إخراج جيل صالح من الشباب، كما ركزت حكومة المملكة على الاهتمام بالجانب التعليمي ضمن أولويات خططها الإستراتيجية الوطنية لجميع القضايا والبرامج المتصلة بالشباب، بالإضافة إلى ذلك, حرصت المملكة على بناء تعاون قوي مع الكثير من منظمات وهيئات الأمم المتحدة من خلال اختيار أفضل البرامج التي تسهم في توظيف وتدريب الشباب من كلا الجنسين لتحسين مستواهم التعليمي والفكري وتعزيز علاقاتهم بثقافات المجتمعات الأخرى، وقد كفلت المملكة عند وضع استراتيجيات خططها الوطنية حقوق ومتطلبات الشباب من ذوي الاحتياجات الخاصة والشباب المقيمين في المناطق الريفية, ولم تغفل عن رعاية أبناء الأسر المقيمة أو العاملة في المملكة من خلال دعم جميع حقوقهم الأساسية بما يتوافق مع قوانين المملكة الوطنية.
ولا تزال حكومة المملكة تسعى جاهدة إلى حماية جميع حقوق أفرادها مواطنين ومقيمين دون تمييز, والعمل على قضاء أي عنف يوجه ضد النساء والأطفال والمسنين, إن قوانين المملكة الوطنية تعمل بشكل قاطع على محاربة كل السبل التي من شأنها الانحطاط بكيان المرأة التي تتمثل في استغلال النساء أو المتاجرة بهن.
المرأة
تؤمن قيادة المملكة بأن المرأة والرجل شريكان يكملان بعضهما الآخر وقد أثبتت المرأة السعودية نجاحها في الكثير من المجالات السياسية والتعليمية والفكرية والقانونية والاقتصادية والصحية في القطاعين الحكومي والخاص.. ويجدر بناء الإشارة إلى ما حصلت عليه المرأة السعودية -مؤخرا- من عضوية في مجلس الشورى وحقها في التصويت والترشح لعضوية المجالس البلدية.
التنمية
السيد الرئيس.. تؤكد المملكة العربية السعودية على أهمية التخطيط السليم لقضايا التنمية وبالأخص جدول أعمال التنمية لما بعد 2015م بما في ذلك أهداف التنمية المستدامة بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية, وتؤكد المملكة على أهداف التنمية المستدامة العادلة والهادفة التي تزيد من تعزيز القدرات والجهود الدولية لمواجهة التحديات الناتجة عن الأزمة المالية العالمية وتدعم جهود إصلاح النظام المالي والنقدي والتجاري الدولي من خلال المؤسسات القائمة لبناء اقتصاد عالمي يقوم على شراكة جديدة بين الدول النامية والمتقدمة وعلى أساس من التعاون والعدل والمساواة والشفافية والمنافع المتبادلة, وتؤكد المملكة في هذا الشأن على أهمية العمل الجماعي من أجل تقليل الفجوة بين الدول المتقدمة والنامية في مجالات التنمية المتعددة.
التنمية المستدامة
تحرص المملكة العربية السعودية على تحقيق ذلك من خلال عضويتها في فريق العمل الحكومي المفتوح المعني بأهداف التنمية المستدامة وعضويتها في لجنة الخبراء الحكومية الدولية والمعنية بتمويل التنمية المستدامة وبما أننا على مشارف إقرار خطة عمل وبرنامج تنموي بعد العام 2015م فإن المملكة العربية السعودية تدعو أن تكون هذه الخطة قابلة للتطبيق والتنفيذ وأن تستوعب الاحتياجات المختلفة للدول بشكل لا يتعارض مع مبادئ وتشريعات الدول الأخرى, وبشكل يليق باهتمامات الدول المختلفة لتحديد برنامج للتنمية قادر على معالجة تحدياتها.
وتأمل المملكة في أن تركز هذه الأهداف على الأولويات الأساسية للدول النامية وعلى رأسها القضاء على الفقر وإنهاء الجوعوالجهل والمرض وفقا لمبادئ المسؤولية المشتركة والمتباينة للدول وإنهاء كل أشكال الاستعمار والاحتلال لتتمكن الشعوب الواقعة تحت الاحتلال من الحصول على حقها من سياسات التنمية.
كما تأمل المملكة ألا تتشتت الجهود في وضع أهداف التنمية المستدامة بما يصرف النظر عن الأساسيات التنموية الملحة للإنسان في العالم.
التكافل الإنساني
السيد الرئيس.. في إطار استشعار المملكة العربية السعودية بمسؤولياتها الدولية وضمن مبادئ التكافل الإنساني قامت بتقديم العديد من المساعدات النقدية والعينية بما في ذلك المساعدات التي تطوع بتقديمها المواطنون السعوديون في مناسبات عدة ولقد اشتركت المملكة مع المنظمات الدولية المتخصصة أو بواسطة أجهزتها المعنية في تقديم العون للدول والأفراد الذين تضرروا من الكوارث الطبيعية في آسيا وأفريقيا وفي منطقة الكاريبي وغيرها, كما قدمت بلادي المساعدات التنموية إلى ما يقارب تسعين دولة في العالم للعمل على إنشاء مشروعات البنية التحتية والاستثمارات الاقتصادية التي توفر فرص العمل المناسبة، فضلا عن مبادرة المملكة إلى الإعفاء من الديون للدول الأقل نموا وبرنامج الطاقة للجميع الذي يهدف إلى تيسير الحصول على الطاقة لهذه الدول، لذلك فإن المملكة العربية السعودية هي من أعلى الدول في العالم تقديما للمساعدات كنسبة من إجمالي دخلها الوطني, وتتجاوز في ذلك بكثير هدف 0.7 بالمائة الذي حددته الأمم المتحدة، حيث بلغ إجمالي ما قدمته المملكة خلال الثلاثين عاما الماضية ما يقارب مائة بليون دولار أمريكي, وتأمل المملكة أن تسعى الدول الصناعية إلى الوفاء بتعهداتها في مجال المساعدات الإنمائية وتحقيق الهدف الذي وضعته الأمم المتحدة وتجاوزه إن أمكن ذلك. لقد سعت المملكة العربية السعودية في مساعداتها الإنسانية دائما إلى التركيز على مشروعات مكافحة الفقر والمرض والبطالة والمخدرات وذلك استشعارا لواجبها الديني والأخلاقي والإنساني وحرصا على تخفيف المعاناة الإنسانية للشعوب وعلى توطيد السلم وتحقيق الرفاهية لكل البشر في جميع أنحاء العالم.
العمل الجماعي
السيد الرئيس.. لن تألو المملكة جهدا في العمل مع المنظمات الدولية والدول المؤمنة بالعمل الجماعي في سبيل تحقيق كل ما فيه خير البشرية وهو ما قامت عليه الأمم المتحدة أساسا، وسوف تستمر المملكة العربية السعودية في أداء دورها الإنساني والسياسي والاقتصادي بحس المسؤولية والاعتدال والحرص على العدالة وهي المفاهيم التي كانت وما زالت تشكل المحاور الثابتة للعمل الدولي لبلادنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.