ولي العهد والرئيس الأمريكي والرئيس السوري يعقدون لقاءً حول مستقبل الأوضاع في سوريا    شراكة استراتيجية بين مجموعة stc وأوراكل تدعم التحول الرقمي في المملكة باتفاقية سحابية بقيمة 2 مليار ريال سعودي    أمير منطقة الجوف يتسلّم التقرير السنوي لجهود فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بالمنطقة    ولي العهد: شراكة خليجية-أمريكية من أجل السلام والازدهار.. وفلسطين في صدارة الأولويات    رئيس البرلمان العربي يرحب بقرار الرئيس الأمريكي رفع العقوبات على سوريا ويثمن دور المملكة    زلزال بقوة 6 درجات يضرب ولاية موغلا غربي تركيا    السعودية للكهرباء تسجل نمواً قوياً في الإيرادات بنسبة 23% لتصل 19.5 مليار ريال في الربع الأول من عام 2025    "البريك" تهنئ أمير جازان ونائبه على الثقة الملكية    ويندام ولو بارك كونكورد تطلقان مشروع فندق100 "سوبر 8" في المملكة ضمن شراكة تمتد لعقد كامل    بلدية صبيا والجمعيات الأهلية تثري فعاليات مهرجان المانجو بمشاركة مجتمعية مميزة    أمير دولة الكويت يصل الرياض وفي مقدمة مستقبليه نائب أمير المنطقة    ترامب وعد وأوفى وستبقى السعودية الوجهة الأولى    سيادة الرئيس ترامب.. أهلاً بك رئيساً لأمريكا العظيمة في السعودية العظيمة    ترامب يحل ضيفًا على رؤيتنا.. والرياض تحتفي به    السعودية للشحن الناقل اللوجستي الرسمي لمنتدى الأعمال السعودي الصيني 2025    الأمير عبدالعزيز بن سعد يرعى تخريج أكثر من (8400) طالب وطالبة بجامعة حائل    انخفاض أسعار الذهب    وسام المواطن الأول.. بمرتبة الشَّرف الأولى    أكد أنه رفع العقوبات عن سوريا بناء على طلبه.. ترمب: محمد بن سلمان رجل عظيم والأقوى من بين حلفائنا    السعودية موطن موثوق وقبلة للسلام العالمي    بداية إعادة رسم الخريطة الأمنية.. طرابلس تحت النار.. تفكيك مراكز النفوذ    مجلس الأعمال السعودي الأمريكي: زيارة الرئيس ترمب محطة مهمة في الشراكة الإستراتيجية    الاتحاد يسعى لحسم لقب"روشن" في بريدة    فناربخشة يعرض مبادلة النصيري ب» ميتروفيتش»    رائد التحدي سيعود من جديد    المعلّم والتربية الشعبية    "إهمال المظهر" يثير التنمر في مدارس بريطانيا    ضبط 3 وافدين لارتكابهم عمليات نصب لحملات الحج    سمو ولي العهد يصطحب الرئيس الأمريكي في جولة بحي الطريف التاريخي في الدرعية    "واحة الإعلام" تختتم يومها الأول بتفاعل واسع وحضور دولي لافت    حسين نجار.. صوت إذاعي من الزمن الجميل    الكوادر النسائية السعودية.. كفاءات في خدمة ضيوف الرحمن    أمير الشرقية يطلع على إنجازات وزارة الموارد في المنطقة    بمشاركة دولية واسعة من خبراء ومتخصصين في القطاع الصحي.. السعودية رائد عالمي في الطب الاتصالي والرعاية الافتراضية    "مؤتمر علمي" لترسيخ الابتكار في السعودية الاثنين المقبل    رفع كسوة الكعبة المشرفة استعدادًا لموسم حج (1446ه)    «مبادرة طريق مكة».. تأصيل لخدمة ضيوف الرحمن    الجوازات تكثف جهودها لاستقبال الحجاج    أمير الرياض يستقبل سفير موريتانيا ومدير السجون    الصندوق الكشفي العالمي يثمّن دعم المملكة    حرس الحدود بمنطقة مكة المكرمة ينقذ (4) أشخاص بعد جنوح واسطتهم البحرية    المرأة السعودية.. جهود حثيثة لخدمة ضيوف الرحمن    أمير نجران يستعرض تقرير نتائج دراسة الميز التنافسية    تخريج 3128 خريجاً من الجامعة الإسلامية برعاية أمير المدينة    الأمير فهد بن سعد يرعى اليوم حفل جائزة «سعد العثمان» السنوية للتفوق العلمي في الدرعية    مجموعة الدكتور سليمان الحبيب الطبية تُدشّن أول نظام روبوتي مختبري من نوعه «AuxQ»    برشلونة أمام فرصتين لحسم لقب ال «لاليغا»    بندر بن مقرن يشكر القيادة بمناسبة تعيينه مستشارًا بالديوان الملكي بالمرتبة الممتازة    النصر يعادل الرقم القياسي في لقاء الأخدود    الأمير حسام بن سعود يرعى حفل تخريج 4700 طالب وطالبة من جامعة الباحة    الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام بنجران في زيارة لمدير عام التعليم بمنطقة نجران    إنفانتينو: السعودية ستنظم نسخة تاريخية من كأس العالم 2034    ملك البحرين يصل إلى الرياض وفي مقدمة مستقبليه نائب أمير المنطقة    رئيس جمعية الكشافة يكرِّم شركة دواجن الوطنية لدعمها معسكرات الخدمة العامة    قطاع ومستشفى المجاردة الصحي يُنظّم فعالية "اليوم العالمي لنظافة الأيدي" و "الصحة المهنية"    انطلاق منافسات "آيسف 2025" في أمريكا بمشاركة 40 طالبًا من السعودية    أطفالنا.. لسان الحال وحال اللسان    100 مبادرة إثرائية توعوية بالمسجد النبوي.. 5 مسارات ذكية لتعزيز التجربة الرقمية لضيوف الرحمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. عبدالله بن محمد الجارالله
بوح الخاطر في رثاء الشيخ الكبير عبد الحكيم خاطر
نشر في الجزيرة يوم 04 - 10 - 2013

وُلِدَ الشيخ الجليل والمقرئ الكبير -فقيد أهل القرآن- عبد الحكيم بن عبد السلام بن عبدالحفيظ خاطر في الجيزة -(في مصر)- في الثاني من شعبان عام 1364م، تتلمذ وقرأ على كبار المشايخ والعلماء والمقرئين، فاجتمعت له غررٌ ودررٌ من المشايخ الفخام؛ كالشيخ أحمد عبد العزيز الزيات، والشيخ عبد الفتاح المرصفي، كما لبث زمنا طويلا يمارس الدعوة والخطابة وإمامة الناس في المساجد، فجمع بين القرآن والعمل به. كان -رحمه الله- متناهيا في الفضل والدين، منقطعا إلى الخير، فيه ورع وزهد وسكينة، لازم الإقراء معظم دهره؛ فقرأ عليه طلاب كثيرون -من مختلف البلاد والأمصار- بالقراءات المختلفة.
تخرج في كلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر، ثم عين معيدا بقسم الشريعة عام 1976م، كما حصل على دبلومين في الشريعة الإسلامية عام 1980م، وحصل على عالية القراءات من معهد القراءات بشبرا الموافق الأول من شهر سبتمبر لعام 1945م.
ثم كانت بعد ذلك رحلته المجيدة إلى طيبة الطيبة حيث انتقل للعمل مدرسا بكلية القرآن الكريم بالجامعة الإسلامية، ثم استقر به المقام عضوا رئيسيا متفرغا في اللجنة العلمية بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، وفي لجنة الإشراف على تسجيل المصاحف المرتلة.
كانت له مجالس معمورة بالقراءة والإقراء بالحرم النبويّ الشريف، كما هي في بيته وحيِّه يتزاحم عليها الطلاب من كلِّ مكان.
مناقبه وخصاله كثيرة لا يتسع المقام لذكرها ولا عدها؛ منها: تواضعه وإنكاره لذاته، وعنه في هذا الباب حدِّث ولا حرج، وسل تلاميذه أجمعين ينبوك بالخبر اليقين، فكلُّ واحد له مع الشيخ الكبير قصة ومقال، وإني لأعجز أن أصف ما يجول بخاطري ويختلج في نفسي، فأيَّ حكاية أحكي، بل أيّ قصة أروي، كان يرى نفسه إنسانا عاديا مع ما جعل الله له من القبول لدى تلاميذه وأقرانه، ولو أن جسداً خلق بغير حسد في من رأينا من الناس لكان الشيخ الكبير عبد الحكيم خاطر.
شيخٌ إذا لازمته لم تلفه إلا ودوداً عطوفاً لا تمل حديثه ولا يملك مجلسه، لا تسمع فيه غيبة لأحد، بل لا يسمح بذلك ولا يرتضيه، أجمعت القلوب على حبه وتعظيمه وتوقيره.
كان على درجة عالية من الكرم والسخاء؛ حيث كان يحرص على ضيافة تلاميذه وأضيافه بنفسه، فيقدم لهم بنفسه ما تيسر من الطعام والشراب في صورة فريدة من التواضع لا توصف ولا تطاق.
وهو لا يقبل الهدية ولا العطية من تلاميذه ومن يقرأ عليه، وكان دائما ما يقصُّ علينا سير السابقين الأخيار كأبي عبد الرحمن السلمي وحمزة وخلف البزار، في ورعهم ودفعهم للهدية والعطية رجاء ما عند الله العزيز الغفّار.
وإذا ما وافق على إقراء طالب من الطلاب خصَّهُ بوقت لا يشاركه فيه أحد، فهو يحترم الطالب ويبجله كأشد ما يكون التبجيل، فلقد أحب تلاميذه فأحبوه، وعطف عليهم بأبوته واحترمهم فأحاطوه بكل أنواع المحبة والرعاية والتقدير، في قلبه شفقة ورحمة على طلابه، لا يقدر عليها إلا مثله.
ثُمَّ هو يخصُّ طلاب الآفاق بمزيد من العناية والرعاية والاهتمام، فيجبر خواطرهم ويطيب نفوسهم، فيعطيهم زيادة في الوقت والجهد، مقدراً رحلتهم، ومشجعا لهم مسيرتهم في التلقي والطلب.
وهو مع جلالة قدره وإمامته ورحلة الناس إليه من كل مكان إلا أنَّه حبس نفسه وأفنى وقته واستفرغ جهده في إقراء القرآن وقراءاته، ولا زال كذلك حتى جاءته منيته، وكأنه يتمثل حال الإمام الأوَّل أبي عبد الرحمن السلميّ حين روى حديث عثمان بن عفَّان رضي الله عنه أنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: (خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه)، فقال مقولته المشهورة: هذا الذي أقعدني مقعدي هذا، حيث جلس يقرئ الناس في الجامع الأموي أكثر من أربعين عاما، مع حاجة الناس إليه في مختلف العلوم.
لقد كان الشيخ الفقيد عبد الحكيم بن عبد السلام خاطر -رحمه الله- واحداً من أولئك النفر الأخيار الذين استفرغوا الجهد والصحة والوقت خدمة للقرآن العظيم، فحرروا وحققوا وراجعوا المصاحف، وأخرجوها للأجيال بيضاء نقية، أعني بذلك لُجْنة مراجعة وتدقيق المصاحف المسموعة والمقروءة في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، فتتعطر الأسماع بسيرهم العطرة، وحقاً إنَّهَا لُجْنَةٌ لَمْ يُوجَدْ مثلُهَا في هذا العصر؛ لأنه قد تَوافَرَ لها كوكبةٌ من علماء هذا الشأن من النادر أن يجتمعوا لمشروعٍ واحدٍ، ومنهم شيخنا المبجل الشيخ الفقيد عبد الحكيم بن عبد السلام خاطر -رحمه الله- ، وقد بذلَتْ هذه اللجنةُ جهوداً كبيرة؛ حتى بلغ مجموعُ مراتِ القراءة لهذا المصحف أكثَرَ من مائةِ خَتْمَةٍ ، فوصلوا بفضل الله تعالى إلى أصحِّ طبعةٍ للمصحف الشريف في هذا العصر، ثُمَّ كانت الطبعة الثانية من هذا المصحف الشريف، وما بُذِلَ فيها من الجهود العظيمة التي لا يكافئهم عليها أحد إلاَّ الله تعالى. هؤلاء العلماء الكبار -ومنهم شيخنا المبجل الشيخ الفقيد عبد الحكيم بن عبد السلام خاطر -رحمه الله- حقهم أن نذكرهم، وندعو لهم، وألا ننساهم، ونحفظ معروفهم الكبير بما تطولوا به على الأمة بأولى ما تصرف إليه الهمة من خدمة الكتاب العزيز؛ مراجعة وتحقيقا وتدقيقا.
ذهب الشيخ عبدالحكيم خاطر إلى مصر في إجازته السنوية، بعد أن قضى شهر رمضان -أو معظمه- في المدينة النبوية، وبعد وصوله بأسبوعين أصابه مرض مفاجئ في الكبد، فأدخل على إثره إلى المستشفى، حيث مكث أسبوعان، وهو في حالة غياب عن الوعي في معظم أوقاته، وكان لا يتحدث إلا عن شوقه للمدينة، وشغفه للعودة اليها، -كما حدثنا بذلك بعض ولده- ولم يهدأ باله إلا بعد أن حجز له أولاده للعودة إلى المدينة، ولكن الله غالب على أمره، (وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وماتدري نفس بأي أرض تموت)، مات -رحمه الله- في الليلة التي كان موعد سفره إلى المدينة النبوية، في الساعة الواحدة من يوم الأربعاء الموافق (28) من شهر شوال لعام (1434ه) الموافق (4) من شهر سبتمبر لعام (2013م)، بعد معاناة وابتلاء لم يدم طويلاً.
لقد خدم الشيخ عبد الحكيم خاطر القرآن العظيم بكل صدق وتصيحة وإخلاص فنال بركاته في هذه الدنيا، وله عند ربه الجزاء الأوفى. تقبل الله منه خدمته للقرآن وأهله، وجمعنا به في مستقر رحته ودار كرامته، اللهم آمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.