أمانة الطائف تكثِّف جهودها بالتزامن مع الحالة المطرية التي تشهدها المحافظة وضواحيها    ارتفاع أسعار الذهب    مهرجان كأس العالم للرياضات الإلكترونية يعلن عن إقامة مباريات استعراضية للألعاب    خطوة تفصل موليكا عن مغادرة الخلود        الخليج يواصل تحضيراته    الفريق الفتحاوي يستأنف تدريباته ويرفع مستوى جاهزيته    رمزية «القائد» تلهم السعوديين    جامعة الإمام تمنح الباحثة البحرينية أسماء خالد درجة الدكتوراه بامتياز    مدرب الهلال يمنح نيفيز راحة إضافية لمدة 3 أيام    ليون الفرنسي يمدد تعاقده مع تاجليافيكو حتى 2027    كأس العالم للرياضات الإلكترونية.. فريق Team Liquid يواجه SRG.OG في نهائي بطولة ML:BB MSC    شراكة بين جمعيتي "سقيا جازان" و "بر أبوعريش" لدعم العمل الخيري بجازان    الأهلي يجدد عقد أيمن فلاتة حتى 2029    "الهلال": القحطاني يلتحق بمعسكر الفريق الخميس المقبل    ضبط شخص في جدة لترويجه (54) كجم "حشيش"    المملكة توزّع (290) سلة غذائية للنازحين من السويداء إلى درعا    فرنسا : المملكة لعبت دوراً مهماً في إنجاح مؤتمر حل الدولتين    مستشفى الملك فهد الجامعي يفعّل اليوم العالمي لالتهاب الكبد الوبائي    الدكتور علي آل زهير يحتفل بزواج ابنه الدكتور عبدالله    البحث عن مصطفى سعيد بحث عن المعنى ورواية يقتحمها مؤلفها ليصبح واحدا من شخصياتها    حادثة منتزه الطائف: دروس في السلامة وأهمية الصيانة    الشيخ الدوسري: المملكة نموذج يُحتذى في التقدّم التقني دون تفريط بالقيم    الحذيفي: تقوى الله طريق النجاة والصراط أعظم ساعة كرب    الذهب يستقر ويتجه لتكبد خسارة أسبوعية    العادات الدخيلة على مجتمعنا    محافظ الدرعية يجتمع مع مدير إدارة المساجد والدعوة والإرشاد بالمحافظة    أمير المدينة يزور معرض الكتاب ويشيد بمكانة المدينة الثقافية    صناعة الرياضة السعودية: من استضافة البطولات إلى بناء الاقتصاد    الروبوت الرسامة    تنوع أحيائي فريد وحياة فطرية مزدهرة    الغرق.. أسبابه والحاجة لزيادة الوعي    اكتشاف جديد يمهد لعلاج التوحد    مدارس الرياض.. خمسة عقود من التميز والعطاء    أحمد الصانع.. الكفاءة والاقتدار    الجيب يذبل قبل الورد    نائب امير منطقة مكة يكرم رعاة الحملة الوطنية الإعلامية لتوعية ضيوف الرحمن (الحج عبادة وسلوك)    أمير منطقة المدينة المنورة يزور معرض الكتاب ويشيد بمكانة المدينة الثقافية    في معرض المدينة الدولي للكتاب مكتبة الملك عبدالعزيز تحتفي بالتراث والحِرَفِ اليدويّة    السعودية ترحب بإعلان حكومة البرتغال عن بدئها بالإجراءات التي تمهد لاعترافها بالدولة الفلسطينية    السعودية: لا اشتراطات جديدة على معتمري الخارج    محافظ الطائف يوجه بإغلاق منتجع شهد سقوط إحدى الألعاب والتحقيق في ملابسات الحادثة    تكريم "التخصصي" لدوره في تعزيز الصحة المجتمعية بالمدينة المنورة    مؤتمر حل الدولتين: إطار زمني لإقامة دولة فلسطينية خلال 15 شهرا    هجوم روسي على منشآت تدريب أوكرانية    14 قتيلاً برصاص الاحتلال في غزة.. نزيف مستمر قرب مراكز المساعدات    مؤتمر نيويورك يعيد الزخم لتحقيق سلام عادل.. رؤية سعودية حاسمة تقود «حل الدولتين»    موجز    أول جهة حكومية تنال شهادات (CREST) العالمية.. سدايا تحقق التميز في الأداء الحكومي ورفع الإنتاجية    لتولى مهام مراقبة ساحل البحر الأحمر.. تدشين فريق مفتشات بيئيات بمحمية الأمير محمد بن سلمان    ضبط 12 مروجاً ومهرباً و380 كجم من المخدرات    9 مليارات ريال كفالات تمويلية    التجارة تستدعي 96 طقم أكواب زجاجية للأطفال    توثيق أصوات مؤذني مساجد وجوامع الأحساء    نائب أمير جازان يستقبل قائد قوة أمن المنشآت المعيّن حديثًا بالمنطقة    نائب أمير مكة يطلع على أعمال الجهات المعنية بخدمة المعتمرين    وزير الداخلية يطلع على "العمليات الأمنية" لشرطة باريس    أمير جازان ونائبه يطّلعان على سير المشروعات التنموية بمحافظة صبيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نظرة في برطعات الطلبة والطالبات
إلى الأمام
نشر في الجزيرة يوم 23 - 05 - 2012

أول شيء تعلمناه من الدراسة عند الخواجات تنظيف مكان العمل بعد انتهاء الدرس وتركه كما وجدناه قبل بداية الحصة. كان معنا في مختبر الكيمياء الطبية زميلان من إيران ينحدران من أسرة ارستقراطية فارسية، ينويان دراسة الطب في جامعة ماينز في ألمانيا الغربية. ذات يوم أحضر الشابان في يوم التطبيق العملي لحصة الكيمياء امرأتين من جنسيتهما وأمراهما بالوقوف في ركن قصي من المختبر. سألهما المشرف الألماني ما شأنهما فأشارتا بالأصابع إلى الشابين الإيرانيين من بين مجموعة الطلبة. اتضح للمشرف ولبقية الطلبة أن الامرأتين تعملان في خدمة الطالبين الإيرانيين فأحضراهما للمعمل بقصد تنظيف مكانيهما بعد انتهاء الحصة الدراسية. عليكم أن تتخيلوا احتقان وجه المشرف الألماني وضحكات الاستهزاء عليهما من الطلبة. لم نر الطالبين الإيرانيين ولا الخادمتين في الكلية بعد ذلك اليوم. واضح أن الزميلين الإيرانيين كانا يستنكفان من القيام بأعمال تنظيف مكانيهما بعد الدرس لأنهما لم يتربيا على ذلك في المنزل الارستقراطي وجلبا معهما من يقوم بالمهمة عنهما على جاري العادة في طهران أيام حكم الشاه.
هنا عندنا تكررت في الأسابيع الأخيرة في الصحافة السعودية (جريدة الحياة) مشاهد الوصف بالكلمة والصورة لشكوى العاملات الآسيويات في جامعة الأميرة نورة من الطالبات الجامعيات هناك، وكيف يتركن أماكن الطعام والصالات والدرج في حالة فوضى تملأها بقايا الأكياس والمناديل والطعام لأنهن يفتقدن ثقافة نظافة المكان كلازمة تربوية يجب أن تتوفر في عقلية الطالبة الجامعية. بتعبير أوضح، طالباتنا وطلبتنا الجامعيون يتمادون في البرطعة ومغادرة المكان في حال مزرية لأنهم لم يتربوا على غير هذه الثقافة الرديئة منذ أن كانوا تلاميذ، لا في المدارس ولا في المنازل.
البرطعة كمفردة لغوية وردت في كتاب ألف ليلة (حكاية الحمار والثور مع صاحب الزرع) ونجدها هكذا: فلما رأى الحمار صاحبه حرك ذيله ورفس وبرطع فضحك التاجر حتى استلقى على قفاه. لاحظوا أن التاجر كان مبسوطاً من حماره.
إذن البرطعة هي إحداث الفوضى في المكان المخصص للكائن الحي كتعبير إما عن الاحتجاج أو الابتهاج أو الشعور بعنفوان النعمة والدلال الزائد. في كل الأحوال يحتاج المبرطع إلى إعادة تأهيل. للاستعارة فقط، لأن البشر لا يفترض بهم أن يبرطعون، أستعمل هذه المفردة لوصف الأحوال التي يجد عليها عاملات وعمال النظافة الأجانب الصفوف الدراسية ودورات المياه وصالات الطعام بعد مغادرة طلبتنا وطالباتنا لها عائدين بحفظ الله إلى منازلهم ليستمروا في البرطعة هناك.
ليس الموضوع مضحكاً على الإطلاق وإنما يبعث على البكاء لهذا التشوه الأخلاقي في مفاهيم النظافة في العقلية السعودية وكيف تتعامل مع المكان. المتنزهات والشوارع والميادين والمدارس والجامعات وحتى أقاصي الصحاري، هذه كلها تفيض بالمخلفات التي يتركها المبرطعون في كل مكان. السبب هو أنهم لم يتربوا على عقلية المسؤولية عن المكان وصحة البيئة منذ الصغر وتركت المهمة للعمالة الأجنبية مقابل الفلوس. الناس عندنا يتوضؤون ويحفظون آيات وأحاديث النظافة كجزء من الإيمان منذ الطفولة المبكرة ويتباهون أمام الأديان الأخرى بأن دينهم دين النظافة، لكن تصرفاتهم ليس لها من ذلك أي نصيب.
لماذا طغت عقلية البرطعة على كل التعاليم والمفاهيم ومقاييس الذوق.. ذلك ما يحتاج إلى بحث جدي في نفسية وقناعات الموطن السعودي. عموما لا جدال في أن البطر الاستهلاكي وإهمال التهذيب والتأديب والتدريب يفتح أبواب البرطعة على مصاريعها.
مع ذلك لا بد من هذا السؤال: إذا كانت الطالبات في أفخم وأغلى وأحدث جامعة عندنا على هذا المستوى من الانفلات البيئي فما هو حال الطالبات والطلبة في أماكن أخرى ليست بهذه الفخامة والحداثة؟.
لو كان لي من الأمر شيء لفرضت مقرراً دراسياً تطبيقياً للتعامل مع المكان والبيئة في كل الصفوف الدراسية عليه درجات نجاح أو رسوب، ولصرفت عمال وعاملات النظافة من جميع مؤسساتنا التعليمية وألزمت الطلبة والطالبات بالمهمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.