سعى رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس عشية الاستفتاء المقرر اليوم، إلى تعبئة مواطنيه وحضّهم على التصويت ب «لا»، «للعيش بكرامة في أوروبا». ودعاهم إلى عدم الخضوع ل «الإنذارات والابتزاز وحملة التخويف». ولاقته الأحزاب المعارِضة للاتحاد الأوروبي من التيارات المتشددة اليسارية واليمينية، لمصلحة أجندتها السياسية الرافضة لنظام العملة الموحدة. وحضّت الحكومة اليونانية اليسارية إلى التصويت ب «لا»، رفضاً لخطة المساعدة التي عرضها الدائنون (الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي)، في وقت أظهر استطلاع جديد ميلاً في اتجاه التصويت ب «نعم». وانضم تسيبراس إلى تجمع لأنصار «لا» مساء أول من أمس، ضم أكثر من 25 ألف شخص، احتشدوا في ساحة «سينتاغما» أمام البرلمان. وقال وسط تصفيق الحضور «نحن نحتفل بفوز الديموقراطية، اليونان توجه رسالة كرامة ولا أحد يملك الحق في التهديد بتقسيم أوروبا». وتزامن الحشد المعارض مع تجمع آخر ضم أكثر من 22 ألف مناصر للتصويت ب «نعم» أمام الملعب الذي شهد الألعاب الأولمبية في العصر الحديث عام 1896، وهتفوا بشعارات مؤيدة لأوروبا وسط أعداد كثيرة من الأعلام اليونانية. وقال مقدم البرامج النجم نيكوس الياغاس وهو يخاطب الحشد في تأثر: «نعم، سنمنح مستقبلاً أفضل لأبنائنا». وأظهر استطلاع أعدّه «معهد الكو»، أن «44.8 في المئة من اليونانيين يعتزمون التصويت ب «نعم»، في مقابل 43.4 في المئة ينوون التصويت ب «لا»، مظهراً تقدم المؤيدين على المعارضين. لكن استطلاعاً آخر أجرته جامعة مقدونيا لحساب «بلومبرغ»، أفاد بأن «الفارق ضئيل مع 43 في المئة سيصوتون ب «لا»، في مقابل 42.5 في المئة سيصوتون ب«نعم». لكن وزير المال الألماني فولفغانغ شويبله انتقد مجدداً حكومة تسيبراس، معتبراً أنها «لا ترغب في أي برنامج إصلاح». وقال في حديث إلى صحيفة «بيلد»: «كنت منذ البداية مشككاً جداً في وصول المحادثات مع الحكومة اليونانية إلى نتيجة»، موضحاً أن «هذا الشك تأكد في النهاية، وهذا الأمر لا يثير استغرابي». وشدد على «عدم التخلي عن الناس في اليونان». ورأى أن «خطر العدوى (الذي قد ينجم عن البنوك اليونانية) ضعيف نسبياً بالنسبة إلى بقية المصارف الأوروبية». وانتقد فاروفاكيس مقالاً منشوراً في صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية، أشار الى «اقتطاع 30 في المئة من ودائع المدخرين اليونانيين لضخ أموال في المصارف المحلية»، واصفاً المقال في تغريدة ب «الإشاعة المغرضة التي نفاها رئيس جمعية البنوك اليونانية هذا الصباح». وأشارت الصحيفة نقلاً عن صيارفة ورجال أعمال، إلى أن اليونانيين الذين «تتجاوز قيمة حساباتهم 8 آلاف يورو، يمكن اقتطاع نسبة 30 في المئة منها بهدف فرض الاستقرار في القطاع المالي اليوناني». وأكدت مديرة اتحاد البنوك اليونانية الرئيسة التنفيذية ل «البنك الوطني اليوناني» لوكا كاتسيليو، أن لدى المصارف اليونانية «السيولة الكافية حتى إعادة افتتاح المصارف المقرر الثلاثاء المقبل». إلى ذلك، اعتبر صندوق الإنقاذ التابع لمنطقة اليورو، أن أثينا «في حالة عجز عن تسديد ديونها لمنطقة اليورو بعد تخلّفها عن تسديد دين لصندوق النقد الدولي». وأكد «الاحتفاظ بالحق في المطالبة بتسديد ديون قيمتها 130.9 بليون يورو قبل موعد استحقاقها». وفي مواقف اليسار المعارض، عاهد زعيم المعارضة اليسارية الإيطالية المتمثلة ب «حزب الخضر والحرية» نيشي فيندولا، ب «التضامن مع الشعب اليوناني في مواجهة المجزرة الاجتماعية». وفي إسبانيا يعتزم «حزب بوديموس» اليساري الراديكالي إرسال مسؤول العلاقات الدولية بابلو بوستيندوي إلى أثينا. أما الناشط السياسي الإيطالي والكوميدي بيبي غريللو، فوعد بزيارة أثينا اليوم، وقال «نريد القول علناً أن تسيبراس يقوم بأمر استثنائي عبر تنظيم هذا الاستفتاء، فهو بكل ديموقراطية يمنح الكلمة الأخيرة للشعب». ودعا إلى التصويت ب «لا». ولا يقتصر دعم تسيبراس والاستفتاء، على الأحزاب اليسارية الأوروبية، بل تعتبره الأحزاب اليمينية أيضاً خطوة أولى أمام استعادة الدول سيادتها من سيطرة بروكسيل. وقال مسؤول في حزب «فورتزا إيطاليا» اليميني ريناتو برونيتا: «سئمنا من أوروبا البيروقراطية هذه، وتعبنا من أوروبا الألمانية». وأوضح نائب رئيسة «الجبهة الوطنية» في فرنسا فلوريان فيليبو، أن بروكسيل «لعبت باليونانيين وكأنهم حقل تجارب لسياسة التقشف القاسية». وفي بريطانيا، اعتبر رئيس حزب استقلال المملكة المتحدة (يوكيب) نايجل فراغ، أن «الشعب اليوناني يحتاج إلى حريته كي يزدهر». وفي إيطاليا، رأى ماتيو سالفيني من «حزب رابطة الشمال»، أن أوروبا «بذاتها كارثة، لأن القوانين الأوروبية كارثية»، مطالباً بضرورة مراجعة المعاهدات الأوروبية، كما أن العملة الموحدة نظام خاطئ». وأعلن النائب في البرلمان الأوروبي هيرالد فيليمسكي من «حزب الحرية» النمسوي القومي، أن الأزمة اليونانية بمثابة «بداية نهاية منطقة اليورو».