أكد وكيل إمارة منطقة مكةالمكرمة نائب رئيس لجنة الحج المركزية الدكتور عبدالعزيز الخضيري عدم وجود مخاوف من مختلف النواحي الأمنية والصحية والتنظيمية في حج هذا العام مشدداً على أنه ستتم محاسبة الموظفين المتكاسلين عن أداء عملهم تجاه حجاج بيت الله الحرام. وأوضح الدكتور الخضيري في حوار مع «الحياة» أن إستراتيجية تنمية منطقة مكة أعطت قطاعي الحج والعمرة النصيب الأكبر من رسمها، والمرتكز الذي يتم العمل عليه حالياً هو كيف تكون رحلة الحاج والمعتمر إلى مكةالمكرمة رحلة مريحة، يصلان فيها بأمان، ويلقيان حسن الاستقبال، ويجدان أفضل الخدمات المقدمة. ووجه وكيل إمارة مكة رسائله إلى الجميع من دون استثناء، من العاملين في الحج، ورجال الميدان، وموظفي الأجهزة المعنية كل في قطاعه، حتى المخالفين منهم، والحمقى في هذا المنسك العظيم لم يستثنهم من رسائله تلك، محذراً من أن السعودية ستمنح كلاً منهم ما يستحقه، وكاشفاً عن تطوير جديد سيطال الراغبين في أداء فريضة الحج من سكان مكة. ولفت إلى تقلص نسب المتخلفين عن الحج والعمرة إلى 60 في المئة عن الأعوام الماضية. وحتى لا نجتث وقائع الرواية وفصول القصة إليكم الحوار الآتي: يحل موسم حج هذا العام وسط مخاوف أمنية وصحية مختلفة، ماهي استعداداتكم لمواجهتها؟ - ليست لدينا مخاوف أبداً، فإن أتينا للقضايا الأمنية فلا خوف منها أبداً، ونحن نعلم جميعاً أن كل إنسان مسلم أتى إلى مكة جاء لأداء فريضة الحج وهي معروفة بمناسكها ومتطلباتها، ولو فرضنا جدلاً أن هناك من جاء ليخالف ما أتى من أجله، فإن العلاج موجود ولله الحمد، فكل شيء في السعودية وجدنا له علاجاً، حتى الحماقة، فعلى رغم «أنها أعيت من يداويها فنحن وجدنا لها علاجاً». وإن أتينا للمخاوف الصحية ك«مرض أنفلونزا الخنازير»، فنحن في السعودية وخلال موسم الحج خصوصاً نتعامل مع معظم الأوبئة الخطيرة، ويأتينا في كل عام حجاج من دول موبوءة أصلاً وهي أخطر من الأمراض المنتشرة حالياً، وعلى رغم أن منظمة الصحة العالمية أكدت أن «أنفلونزا الخنازير» أقل ضرراً من أوبئة أخرى، إلا أن وزارة الصحة مستعدة طوال الموسم لمواجهة أوبئة أخطر وأفتك بالإنسان، وأعطت اهتماماً أكثر يوازي الاهتمام الإعلامي بهذا المرض وأصبح اللقاح موجوداً، كما أنها أنشأت واستأجرت مواقع ومراكز طبية وصحية كثيرة جداً لعزل الحالات التي يشتبه فيها سواء الواصلة لمطار الملك عبدالعزيز في جدة أو التي تكتشف في المشاعر، كما أنها هيّأت أماكن محددة لعزلهم في مكة وداخل المشاعر المقدسة لتمكينهم من أداء حجهم. على ماذا اتّكلتم في إيصال مفهوم ورسالة الحج عموماً إلى مختلف الشرائح المسلمة؟ وهل تعتقدون أنها ذات صلة كبيرة باستراتيجية منطقة مكة؟ - الجميع يعلم أن فريضة الحج تعد رحلة مستمرة ودائمة فيها الثابت والمتغير، فالثابت هو المناسك، والمتغير هو الخدمات المقدمة للحجاج سواءً كانت خدمات إعاشة أونقل أوسكن، إضافةً إلى أنها تمثل المرتكزات الثلاثة التي يبحث عنها الحاج إذا أتى إلى مكة، والحج يعتبر من أهم المنظومات التنموية الكاملة للمنطقة، ومكة كمنطقة تمتاز بكثرة أدوارها الوظيفية والاقتصادية المهمة، وأهمها الحج والعمرة، لما لهما من تأثير قوي على أسس وإستراتيجية المنطقة. والجميع يدرك أنه عندما كتبت إستراتيجية تنمية منطقة مكة حظي قطاعا الحج والعمرة بالنصيب الأكبر من رسم الإستراتيجية، والمرتكز الذي نعمل عليه حالياً هو كيف نجعل من رحلة الحاج والمعتمر إلى مكةالمكرمة رحلة مريحة، يصل فيها بأمان، ويلقيان حسن الاستقبال، ويجدان أفضل الخدمات المقدمة. ولا يخفى علينا أننا نواجه مشكلة في قضية السلوكيات، ورسالة أمير المنطقة الأمير خالد الفيصل كانت واضحة منذ أول اجتماع بنا كفريق عمل في لجنة الحج بضرورة إبراز «الابتسامة» عند استقبال أي حاج أو معتمر أو زائر للمنطقة كونها تمثل الانطباع الأول لديه، وهي الصورة التي ترسخ في ذهنه، بعدها يأتي ما يتبع من خدمات، إضافةً إلى أهمية رفع شعار «خدمة ضيوف الرحمن شرف نعتز به». ونحن عندما أنشأنا الإستراتيجية هدفنا إلى الوصول إلى العالم الأول من طريق ستة مرتكزات، جاء ثانيها خدمة ضيوف الرحمن. وبنيناها على ثلاث فترات زمنية، تبدأ من 25 سنة، وتعنى بما يجب أن يكون عليه مستقبل المنطقة، و10 سنوات لما نحتاجه من مرافق وخدمات للارتقاء بالبنية التحتية، فضلاً عن الخطط العاجلة والتي تكون لسنتين، وتختص بما يجب فعله آنياً من مشاريع للمنطقة. ولإدراكنا حجم المسؤولية وعظمها، وضعنا لخدمة حجاج بيت الله الحرام خطة عاجلةً تنطلق وتبدأ من حملة إعلامية متكاملة تحت مظلة «الحج عبادة... وسلوك حضاري»، وتهدف إلى إيضاح أن الحج عبادة، لها سننها ومقاصدها وتشريعاتها الواضحة، لكن في الوقت نفسه يتبع هذا الحج سلوكيات حضارية أخرى، وما أعنيه هنا أن الحاج القادم إلى مكة والمشاعر لابد أن يدرك أنه مطلوب منه الالتزام بسلوكيات معينة أثناء أدائه لهذه الفريضة، مثله مثل مضيفه، والحج أيضاً «نظام»، فلابد أن يحترم النظام، والحج «سلوك» ولابد أن نبرز السلوك الحسن، والحج «مساواة». فلا يمنح أحد مميزات تفوق عن الآخر، والحج «ضيافة» فلا بد أن نحمل المسؤولية سواء على الضيف أو المضيف، كلنا نأتي لهدف واحد وغرض واحد ورسالة واحدة. «الافتراش» و«الحج غير النظامي» ظاهرتان سلبيتان شغلتا الكثير من المهتمين والمتابعين للحج، متى تتوقف هاتان الظاهرتان؟ - عندما وضعنا العناصر الخمسة الأساسية للإستراتيجية العامة، وجدنا أن هناك خللاً واضحاً وكبيراً في الخدمة التي كانت تقدم. فمشكلة الافتراش سببها الحجاج غير النظاميين، الذين لايحملون تصاريح نظامية، وجاؤوا من طريق شركات وهمية، إضافةً إلى صعوبة وصول بعض الحجاج إلى مخيماتهم فيلجأون بالتالي إلى الافتراش، ومن هنا بدأنا النقلة الأولى من خلال وضع نظام التصاريح، لأن حامل التصريح سيحصل على الخدمة، أما المخالف فلن يحصل عليها، ومن هنا نستطيع أن نقلل من هذه الظاهرة، ونمنع تجاوز الطاقة الاستيعابية للمشاعر المقدسة. السعودية لها نسبة معينة من الحجاج مثلها مثل دول العالم الإسلامي الآخر سواء من السعوديين أو المقيمين داخل أراضيها، وحددت ب 250 ألف تصريح، ومن هنا تتضح الصورة جلية لمقدم الخدمة أو للمستضيف، فيعرف عدد القادمين أو المستفيدين من الخدمة للحج، ويخطط لسكن وإعاشة ونقل كل هذا العدد، ولكن إن أتى عدد أكثر حسابياً، وغير معلوم، فحينها سيصبح لديه أخطاء يصعب حصرها، وسيصعب عليه بالتالي خدمة الضيف بالشكل اللائق. وكانت خطوة منع الحجاج غير النظاميين من طريق تنظيم حملة إعلامية قوية وواضحة، ضيقنا من خلالها على شركات حجاج الداخل المخالفة، إضافةً إلى أننا أضفنا خلال هذا العام قرار منع دخول السيارات التي تقل أقل من 25راكباً، لأننا وجدنا أن عددها كبير جداً يتجاوز 57 ألف سيارة، وكلها لا تتجاوز سعة إركابها تسعة ركاب أو أقل، فاقترحنا كلجنة حج مركزية منع دخولها إلى المشاعر، وأن يكون النقل المستخدم في المشاعر للحافلات الكبيرة فقط، وهذه الدراسة أعدت وأنجزت وصدرت موافقة النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء الأمير نايف بن عبدالعزيز عليها، وبلغت الجهات المعنية بها، وستطبق هذا العام للمرة الأولى، فيجب التنبيه والتركيز على أن هدفنا ليس منع الحاج، وإنما تسهيل وتنظيم وإعطاء أصحاب الحق حقهم في الحج وتقديم أفضل الخدمات لهم. ما أهم المنجزات التي خرجتم بها من موسم حج 1429؟ - لعل من أهم الإنجازات التي تحققت «الحد من المخالفين»، فعندما وضعنا حداً لعدد المخالفين ظهرت جهود زملائنا في الأجهزة المختلفة، ووضحت جهود رجال الأمن، والعاملين في الأمانة، وشركات الكهرباء، والماء، ومختلف الأجهزة، وهي جهود جبارة لكنها كانت تقتل لوجود المخالفين الذين يدخلون المشاعر. ونحن نوجه رسالة لكل المخالفين بأننا جادون في منع المخالفين لنظام التصاريح، وجادون في منع المركبات التي تقل أقل من 25 راكباً، وجادون أيضاً في القضاء على شركات الحج الوهمية. «لا حج بلا تصريح»، شعار أطلقته السعودية العام الماضي، برأيكم مامدى النجاح الذي حققه هذا الشعار، مع الأخذ في الحسبان تصريحات الأمير نايف خلال مؤتمره الصحافي العام الماضي حول صعوبة تطبيقه على سكان مكة نظراً لعدم إمكان السيطرة عليهم؟ - «لاحج بلا تصريح» ليس شعاراً، وإنما برنامج تنفيذي أصبح ملزماً للجميع، وهذا البرنامج حتى ينجح تطبيقه 100 في المئة يحتاج إلى أدوات كثيرة من أهمها «التوعية»، وعموماً أنا من المدرسة التي تميل إلى استخدام «الكي» كآخر علاج، إذا نفدت كل الوسائل، والعقوبات الموجودة، ولكن متى ما استوعب واستدرك المواطن أولاً ثم المقيم على أرض السعودية إقامةً نظاميةً، أن هذه الإجراءات الهدف منها خدمة حجاج بيت الله الحرام، وتقديم الخدمة لهم، وإبراز جهود المملكة بشكل واضح وقوي، يجب على الجميع أن يدركوا أن أي إنسان يحج بغير نظام، أو يساعد على تهريب الحجاج فإنه يسيء لوطنه، وأقل ما يمكن أن يقدمه الإنسان أن يحترم النظام. فمن هنا نؤكد أن من يساعد على الفساد والخراب هو من ينقل المخالفين إلى الحج، وهو أيضاً من يأتي إلى الحج من دون تصريح وهو من يخالف أنظمة وتعليمات الحج. ويبقى أن نذكر أن العقوبات موجودة، وسيكون العقاب قاسياً، بدءاً من مصادرة السيارات، وإيقاع الغرامات المالية الكبيرة، والسجن والإبعاد لغير السعوديين من المقيمين، لأن من خالف النظام تبطل إقامته. وفي شأن سكان مكة، فإن هناك دراسات لعملية تسهيل الحج على سكان مكة من دون أن يكون لها تأثير على بعض المواقع والحركة نفسها، وهناك دراسات وتوجيه من وزير الداخلية لوضع أفضل الحلول لمساعدة سكان مكة الأساسيين وليس المتخفين فيها أو المتخلفين، أن يحجوا ويعودوا إلى مكة، لأن غالبية سكان مكة لا يحتاجون إلى المبيت في منى، وهذا يسهل عملية نقلهم بين المشاعر، وهناك فريق عمل في اللجنة التحضيرية (الحج المركزية) لدراسة هذا الأمر. هل تعدون الحملات الإعلامية سلاحاً مجدياً؟ - إن الإعلام يعد الوسيلة الأقوى والأنجح لإيصال الرسالة وهو لم يعد السلطة الرابعة، بل أصبح من أولى السلطات، وأصبحت رسالته واضحة، وأنا أؤمن إيماناً كاملاً بدور الإعلام في إيصال الرسالة. وبالنسبة للحملات الإعلامية فأعتبرها من أهم الوسائل للوصول إلى المواطن والمقيم، وكل أعمالنا تنطلق من برنامج إعلامي فنحن نتبنى هذه الرسالة كاملةً، فإستراتيجية المنطقة العامة ترعاها حملة إعلامية، وعمل مجلس المنطقة وإجراءاته لها رسالة إعلامية، و«جائزة مكة للتميز» لها رسالة إعلامية أيضاً، و«مكة بلا جريمة» لها رسالة إعلامية، و«الحج... عبادة وسلوك حضاري» له رسالة إعلامية، ومعالجة الأحياء والعشوائية له رسالة أيضاً، فالحملات هي الباب والنافذة لكل قارئ ومشاهد ومستمع. مشكلة «التخلف» ألم تجدوا حلولاً للقضاء عليها؟ - عملت المديرية العامة للجوازات من خلال نظام «البصمة»، ووزارة الحج من خلال أنظمة الحج والعمرة في ضبط عملية التخلف، ونستطيع أن نقول أنه ومن خلال الإحصاءات الأخيرة حققنا نجاحاً مميزاً، فالمتوسط بين عامي 2003 و 2007 كان من 450 إلى 480 ألف متخلف سنوياً، وانخفض الرقم في العام الماضي إلى أقل من 60 في المئة. وتؤكد المؤشرات أن العدد في العام الحالي سيصل إلى 50 ألف متخلف فقط، وذلك لأسباب عدة من أهمها أننا طبقنا نظام «البصمة» والتزمنا به، وأغلقنا الشركات والمؤسسات التي يتخلف حجاجها، وأقررنا أن أي شركة يتجاوز عدد متخلفيها خمسة في المئة تغلق. إنجاز كبير جداً يجب الاستمرار عليه، ويجب الحزم وعدم التهاون، فالقضية خطيرة جداً أمنياً وتنموياً، فأنت لا تستطيع أن تعمل وسط مجتمع غير معلوم أو مجهول، نحن نتمنى فعلاً فتح باب العمرة دائماً وفي المستقبل القريب، ولكن عندما نضمن عدم وجود تسربات بشرية تماماً. هل يمكن أن نشاهد يوماً حملة إعلامية تسهم من الإقلال في مشكلات موسم العمرة؟ على غرار حملة الحج مثلاً كحملة «عمرة بلا تخلف»؟ - البرنامج شامل للحج والعمرة ورسالته وشعاره «الحج عبادة... وسلوك حضاري» شامل، ولكن تركيزنا على الحج كان بسبب التركيز على الموسم، لكنه شامل للموسمين، وهناك برنامج كبير في وزارة الحج لموضوع العمرة يمكن الاطلاع عليه يدرس حالياً. أطلقت وزارة الحج هذا العام نظام «الحج المخفض» على حجاج الداخل، كيف تنظرون إلى جدواه؟ وهل تتوقعون أن يحقق النجاح المأمول، خصوصاً بعد إعلان خدماته المقدمة التي تشهد ضعفاً واضحاً؟ - نظام «الحج المخفض» كانت رغبةً ملحةً من وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز لمنح الفرصة لبعض الحجاج السعوديين أو المقيمين الذين لا تساعدهم إمكاناتهم المادية، وكلف وزير الحج بإجراء دراسة شاملة عن هذا الأمر، وخرجوا من خلاله بتصور كامل أنه يمكن تخفيض كلفة الحج من أربعة أو خمسة آلاف إلى 1000 أو 1200 ريال، والعام الماضي ومن خلال التصاريح المخصصة للسعوديين، فإن ال 250 ألف تصريح نفذت جمعيها من قبل السعوديين، وهذا يعني أن هناك قدرة مالية، والحج لمن استطاع إليه سبيلاً، مالياً وعقلياً وجسدياً ولكن هناك إحساس ورغبة شديدين من الأمير نايف بضرورة مساعدة الحجاج كون بعض أسعار الحملات مبالغاً فيها جداً، ونحن من خلال السنة الأولى للتطبيق سنرى أثرها في عدد المتقدمين والخدمة المقدمة لها مقابل السعر. أكدتم في أحد أحاديثكم التلفزيونية أن الدور مشترك بينكم وبين الحاج في حجم المسؤولية؟ ما هي المسؤولية التي تقع على عاتق الحاج؟ - الحاج إذا التزم بالمناسك فإنه احترم حقوق الآخرين، لابد من استخدام مبدأ الإيثار، إذا رأيت رجلاً كبيراً في السن لابد أن تساعده لا أن تدفعه، أو تعيق تحركه، أيضاً لابد أن تساعد المرأة، وكذا الطفل الصغير، كل منا ينمي لديه الإحساس بأن هذا الحاج هو أبوه أو أمه أو أخته أو أخوه، إحساس الحاج أيضا يجب أن ينمى في المكان الذي يقيم فيه، فيجب أن يكون نظيفاً، والسعودية وضعت كمية كبيرة جداً من حاويات النفايات لأن كل ما نأمله أن يرمي الحاج كل مخلفاته في صندوق النفايات حتى يسهل على عمال البلدية والنظافة حمل هذه المخلفات، إضافةً إلى ابتعاده عن ارتكاب بعض السلوكيات الخاطئة في الحج، كاستخدام المواقد التي تؤدي إلى الحرائق، والاستعجال في ركوب الباصات، ونأمل منه أيضاً خلال الفترة التي يقضيها أن يبرز السلوك الإسلامي الحسن، فلو طبقت سلوكيات الحج كافة لضبط موسم الحج. هل هناك آلية معينة من العقوبات للمسيئين للحجاج والمعتمرين والزوار من العاملين في القطاعين العام و الخاص؟ - نعم هناك آلية للعقوبات، وجميعنا يعمل تحت مظلة فريق عمل واحد في لجنة الحج المركزية، هناك معايير توضع وتقوّم لكل محطات رحلة الحاج، بدءاً من وصول الحاج إلى المطار ومن ثم إلى مواقع الفرز، وحتى وصوله إلى مكة والانتقال إلى المشاعر المقدسة ومن ثم المغادرة، في كل تلك الأماكن فرق عمل تعمل على تقويم أداء العاملين والأفراد، وترفع نتائجها للوزارة، وهناك لجان ميدانية بدأت من الآن في رفع تقرير يومي لأمير المنطقة تدون فيه كل الملاحظات لمحاولة معالجتها. وإذا وجدنا أن هناك أفراداً من العاملين حجاجاً تتم محاسبتهم، والأمور تسير بشكل متكامل وسلس، لأن الجميع أصبح لديه إحساس بالآخر والمسؤولية الملقاة على عاتقه، وأمير المنطقة يشدد دوماً على العمل بروح الفريق الواحد، أكرر نحن لا نعمل لوحدنا أو بمفردنا أو على الطريقة الرأسية، والتعاون مشترك بين العاملين في الإمارة وهم يحسون بنظرائهم في وزارة الحج، والأمن، والجوازات، والخدمات البلدية والنقل، ونحن أبعدنا تماماً ثقافة المسؤول والخطابات، وأصبح بيننا اتفاق لمعالجة الأمور، وهناك لجنة داخل المطار عند القدوم تعالج الأمور أولاً بأول، ويرأسها أمير المنطقة وتتكون من عضوية اللجان العاملة، وهناك فرق ميدانية تعمل على مدار الساعة، كل فرقة تتسلم ست ساعات بنشاط تام، هدفها خدمة الحاج وتسهيل إجراءات وصوله وراحته. يكثر الحديث دوماً عن مشكلات الطوافة والمطوفين؟ هل لديكم بعض الخطط المساندة لوزارة الحج لتطوير عمل هذه المؤسسات؟ ومار أيكم بالمطالبات برفع الرسوم التي تحصل عليها المؤسسات عن كل حاج؟ - ندرك جميعاً أن مؤسسات الطوافة تبذل جهوداً كبيرة في مجال الحج، وأنا زرتها وسعدت بها كلها، والطموحات في عملها كبيرة جداً لكن المهم أن ندرك أن نتائج العمل لا تأتي في يوم واحد، وأي عمل يحتاج إلى تطوير، والعمل الذي لا يتطور يتأخر، ووزارة الحج تعمل جنباً إلى جنب مع مؤسسات الطوافة كفريق واحد للارتقاء بالخدمات المقدمة، ومن المفيد أن نعلم أن أعداء التنمية هم من يخافون التطوير، ومن يعتقدون أن أي تغير أو تطوير يعد إساءةً لهم أو هزاً لمواقعهم، أقول لهم «لا تخافوا من التغير أو التطوير». ولابد هنا أن أشير إلى أن من المميز في هذه المؤسسات أنك تجد رجالاً ونساء يعملون فيها هم من أبناء هذه المهنة أباً عن جد، إضافةً إلى إحساسهم من الداخل بعظم العمل الذي يؤدونه، واليوم داخل تلك المؤسسات برامج كثيرة جديدة وجيدة لكيفية أداء العمل بشكل أفضل، وكيفية التواصل مع حجاجهم، وكيفية تطوير مكينة العمل داخل مؤسساتهم، وكيفية استقطاب الكفاءات من أبناء وبنات المطوفين للعمل ضمن منظومة، أنا أعلم بعض المشكلات التي تواجههم ووقفت معهم عليها، وأهمها حاجتهم لبعض الكفاءات للعمل معهم، كون أن عمل الحج موسمي، وبعض الأفراد الذين ينخرطون معهم خلال الموسم ربما يكونون غير مؤهلين، فيسيئون للحجاج والمؤسسة التي يعملون لصالحها، لكن مع الوقت ستتطور الرؤى، ومع استمرار الحج والعمرة سيتطور العمل، وتستفيد الكفاءات في تلك المؤسسات. وفي خصوص موضوع زيادة الرسوم على الحجاج، فإن هذا الأمر نوقش لدى أعضاء لجنة الحج المركزية، وهم مقتنعون بأهمية الرسوم أو المبالغ التي تمنح لتلك المؤسسات، وهناك فريق عمل مشترك من اللجنة والهيئة العليا لنقل الحجاج لتقويم المبالغ التي يرونها. شكّل أمير منطقة مكة لجنةً خاصة لمتابعة العمل داخل مطار الملك عبدالعزيز في جدة، ماترمي إليه تشكيل مثل هذه اللجنة؟ - يجب أن يدرك الجميع أن اللجنة موجودة من الأساس، ولكن أوكد عليها أن تبقى موجودة دائماً داخل المطار، وصالة الحجاج تحديداً، والصورة ربما لا تتضح للقارئ أو تُفهم، لكن عندما يصبح المطار في وضع حرج يستقبل فيه خلال الساعة الواحدة أكثر من 70 ألف شخص وست إلى سبع طائرات في أوقات الذروة، فإنك حينها تحتاج لجهود جبارة وإمكانات بشرية عالية، ومعدات، وأجهزة ووسائل ربط، ونحن إذا لم نعمل بروح الفريق الواحد فلن ننجح، وإذا بقينا نكتب لبعضنا إشارة إلى خطابكم المؤرخ برقم وتاريخ أفيدونا، فإن الوقت يمضي، والحج لا يمكن تأجيله، ولو حدثت مشكلة في المطار وأصحاب القرار في منزلهم أو مكاتبهم ويتابعون بالرسائل والبرقيات فلن نتطور ولن نتقدم، ولم يبق أصلاً إلا أربعة أو خمسة أيام فقط، والحج في اليوم التاسع ولايمكن بأي حال من الأحوال تأخيره إلى اليوم ال 15، فكانت توجيهات أمير المنطقة وإصراره على ضرورة وجودنا وبقائنا كمسؤولين في مختلف القطاعات داخل المواقع المباشرة ميدانياً، وفي حال حدوث أي خلل نحن أصحاب قرار، نتخذه مباشرةً. مع العلم أن هناك نقاطاً إيجابية مهمة يأتي من أبرزها أن هؤلاء الشبان والعاملين إذا رأوا المسؤولين معهم في الميدان تفاعلوا أكثر، ونما لدىهم إحساسهم بالمسؤولية وإحساسهم بالمحاسبة حال تقصيرهم، لعلمهم أن هناك عيناً تراقبهم، وسيكون عطاؤهم في هذه الحال أكبر، عموماً لن تسير السفينة ونحن خلف مكاتبنا ولن ننجح إذا تركنا المتابعة والتفعيل والحضور المباشر والقوي. تصدرون تقارير يومية وأسبوعية عن أعمال الحج، ما أهم الأرقام التي سجلتها هذه التقارير؟ - هناك إحصائية يومية شاملة لعدد الحجاج، والخدمات المقدمة لهم كالإعاشة والسكن، والنقل، والملاحظات الموجودة عليها، إضافةً إلى أي إصابات أو وفيات بين الحجاج حال وقوعها تبلغ بها اللجنة الميدانية، كما أنها تراقب كل أعمال الحج، وهناك تقرير يومي يرفع لأمير المنطقة، وتتخذ إجراءات عاجلة نحو إيجاد الحلول، إضافةً إلى أنه يوجد فريق عمل ميداني يعمل على مدار الساعة لمعالجة أي إشكالية وهو عبارة عن مجموعات عمل تهتم بمتابعة ومراقبة أعمال الإسكان، والنظافة، والمياه، والأمن، إلى آخره من المواضيع المتعلقة بالحاج. عقدتم قبل أسبوعين من الآن اجتماعاً خاصاً في مكة يختص بمتابعة أعمال الحج وتسجيل الملاحظات ووضع الحلول المناسبة لها، ما أبرز الملاحظات التي وجدتها اللجنة؟ - اجتماعاتنا دائمة، ولجنتنا في انعقاد دائم، وهي تبدأ عملها مع مطلع موسم الحج، وكل فرق العمل تصبح فيها متفرغة تماماً لمتابعة أعمال الحج، ولقاءاتنا الحالية هي استمرار للقاءات العام الماضي، لكن التغيير فقط يكون في مكان اللقاء، فبدلاً من الاجتماع في إمارة المنطقة أو مقار إحدى الجهات الحكومية، فإننا نجتمع في موقع العمل داخل المشاعر، والهدف من هذا الأمر هو تفرغنا التام، إضافةً إلى تفعيل اللجان الميدانية لبدء العمل، ومن اشكالاتنا الحقيقية التي تواجهنا وجود الكفاءات التي لا تشعر بحجم المسؤولية، وبعضهم للأسف يذهب ليكتب تقريراً من داخل منزله، ووجودنا ميدانياً يحد من تلك الظواهر، ويجعل الجميع يعلم أنه مراقب في أدائه لعمله، وأريد أن ؤكد أننا بدأنا نرصد كل الملاحظات والسلبيات، وهي لا تخرج عن أشياء شكلية تتركز أحياناً في عدم نظافة بعض المساكن، أو نقص في المياه، و بعض الخدمات. كما أننا نراقب أيضاً من خلال فريق عمل إختصاصي مدى صلاحية وسلامة الغذاء المقدم للحجاج، وعموماً فإن اللجنة تحظى بانضباط تام، والجهود التي بذلت خلال السنوات التي مضت كانت كبيرةً وجليلةً وانعكست إيجاباً على الجهود التي تقدم الآن، ونحن نبني عملنا في اللجنة على تجاربنا السابقة وماذا أنجزنا قبل خمس وأربع سنوات. ونتابع في ذات الوقت البناء المعرفي لعمل المتابعة والمراقبة على كل الأعمال المقدمة.