شددت المملكة العربية السعودية على أن الأزمات والمخاطر والصراعات والقضايا التي تواجه إنسان اليوم أينما كان لن تجد لها حلاً حقيقياً إلا من خلال الشرعية الدولية والقانون الدولي والتعاون متعدد الأطراف في سبيل تنفيذ مقتضيات العدالة الدولية. جاء ذلك في كلمة المملكة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها ال 64. وأكدت المملكة في كلمتها أن مبادرة السلام العربية لا تزال قائمة وتوفر بدورها عرضاً جماعياً شاملاً لإنهاء الصراع مع إسرائيل والدخول في اتفاق سلام يوفر الأمن والاعتراف والعلاقات الطبيعية لجميع دول المنطقة. كما أكدت أن الأزمات والمخاطر والصراعات والقضايا التي تواجه إنسان اليوم أينما كان لن تجد لها حلاً حقيقياً إلا من خلال الشرعية الدولية والقانون الدولي والتعاون متعدد الأطراف في سبيل تنفيذ مقتضيات العدالة الدولية. أما ما دون ذلك من تسويات موقتة وحلول جزئية يسميها البعض حلولاً وسطاً أو تسويات مبتكرة فلن تؤدي إلا إلى المزيد من المخاطر والأزمات وتفاقم الصراعات والعجز عن حل القضايا ومواجهة التحديات بشكل جماعي فعال. وأوضحت المملكة ان الالتزام بهذا المعيار يمثل أسهل الطرق وأفضلها وأكثرها فعالية لحل الصراع العربي- الإسرائيلي الذي يعد بحق أخطر تهديد للأمن والسلم في منطقة الشرق الأوسط، التي تعد بدورها منطقة إستراتيجية يتأثر بصراعاتها وقضاياها العالم بأسره وفي المقابل ما كان لهذا الصراع أن يمتد لما يزيد على سبعة عقود وأن يستمر في نتائجه الكارثية على كامل المنطقة إلا بسبب الانحراف الصارخ عن مبادئ الشرعية الدولية وأحكام القانون الدولي ومقتضيات العدالة الدولية. وتابعت: «لقد بذل العالم العربي بما فيه دولة فلسطين كل ما في وسعهم للوصول إلى سلام حقيقي ودائم، فمبادرة السلام العربية لا تزال قائمة وتوفر بدورها عرضاً جماعياً شاملاً لإنهاء الصراع مع إسرائيل والدخول في اتفاق سلام يوفر الأمن والاعتراف والعلاقات الطبيعية لجميع دول المنطقة... وهى تتوافق كلياً مع المعيار الذي سبق ذكره بل تنطلق منه وتتمحور حوله مجسدة التزام الجانب العربي بالسلام كخيار إستراتيجي وبما يتماشى وميثاق الأممالمتحدة. وإذا كان الجميع يدرك معالم الحل المنشود فإن الجميع بات يدرك أيضاً أسباب عدم تحقق السلام حتى الآن وان السلام لم ولن يتحقق عبر استمرار إسرائيل في ارتكاب المجازر والمذابح والقصف العشوائي بحق أبناء الشعب الفلسطيني أو عبر التظاهر بإجراء مفاوضات ثنائية أو متعددة مطولة وغير مجدية تتطرق لكل شيء ما عدا القضايا الأساسية التي تشكل صلب النزاع، والسلام المنشود لم ولن يتحقق بفرض العقوبات والاشتراطات على الشعب الرازح تحت الاحتلال في حين يتم إعفاء إسرائيل من أية تبعات على رغم مخالفتها لأبسط قواعد وقرارات الشرعية الدولية، كما أنه لم ولن يتحقق بمحاولة فرض التطبيع على العرب قبل تحقق الانسحاب وقبل إنجاز السلام وكأن علينا مكافأة المعتدي على عدوانه في منطق معكوس لا يمت للجدية والصدقية بأية صلة. إن جميع المبادرات والحلول والجهود الدولية في هذا المجال كانت ومازالت تصطدم بجدار من الرفض والتعطيل والتلاعب والتسويف من جانب إسرائيل المستمرة في اتخاذها للتدابير أحادية الجانب بما يتعارض مع القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن. وبدلاً من السعي الصادق من أجل السلام نجد إسرائيل ماضية في الإذلال اليومي للشعب الفلسطيني وبناء المستوطنات والجدران والطرق الالتفافية المنافية جميعها للشرعية الدولية، وذلك لخلق حقائق جديدة على الأرض وتؤدى هذه المستوطنات إلى تغيير جغرافي وديموغرافي في الأراضي الفلسطينية، لاسيما في مدينة القدس وما حولها وذلك في انتهاك فاضح للقانون الدولي وجميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، والتزامات خريطة الطريق وتعهدات «أنابوليس»، وتطوق هذه المستوطنات معظم المدن الفلسطينية الرئيسية في الضفة الغربية، كما أنها تستحوذ على أكثر من نصف مواردها المائية. كنت أتطلع لأن يكون حضورنا في مستهل هذه الدورة للجمعية العامة، ونحن جميعاً نعبّر عن السعادة والأمل والتفاؤل بتحقيق نتائج ملموسة، إلا أنه على رغم الجهود المحمودة التي تبذلها الولاياتالمتحدة الأميركية، وما نعرفه من اهتمام شخصي من الرئيس باراك أوباما وفريقه للدفع بعملية السلام إلى الأمام، علاوة على الجهود المستمرة للجنة الرباعية الدولية، لم تتحقق - مع الأسف - أية نتائج فعلية أو أي انفراج يذكر، فإذا كان كل هذا الاهتمام الدولي، وكل هذا الإجماع الدولي، وكل هذه الجهود الدولية لا تزال عاجزة عن دفع إسرائيل للوفاء بالالتزامات المنصوص عليها في خريطة الطريق، فمن أين لنا التفاؤل؟ إن الانحراف عن مبادئ الشرعية الدولية وأحكام القانون الدولي ومقتضيات العدالة الدولية كان ولا يزال السبب الرئيسي في ما تشهده منطقة الشرق الأوسط، بما فيها منطقة الخليج من مخاطر انتشار أسلحة الدمار الشامل، ذلك أن غض النظر طوال عقود عن البرنامج النووي الإسرائيلي، والذي لا يتذرع حتى بإنتاج الكهرباء، بل لا ينتج سوى أسلحة الدمار الشامل يشكّل خطيئة أصلية من شأنها تحفيز بعض الدول على المضي قدماً في تطوير قدراتها النووية، والتذرع بازدواجية المعايير لتبرير عدم الالتزام بقرارات الشرعية الدولية في هذا المجال. ومجدداً نجد أن أسهل الحلول وأسرعها وأكثرها فعالية يتمثل في إعلان كامل منطقة الشرق الأوسط، بما فيها منطقة الخليج، منطقة خالية من كل أسلحة الدمار الشامل، بما فيها السلاح النووي من دون أي استثناءات. ولفتت إلى ان حماية حقوق الإنسان وسيادة القانون ونشر ثقافة السلام ومبادرات الحوار في ما بين الثقافات والشعوب تعد عناصر أساسية في أي استراتيجية فعّالة لمكافحة الإرهاب والتطرف، وغني عن القول ان احترام قرارات الشرعية الدولية ومبادئها هو السبيل الوحيد لحل النزاعات الدولية المزمنة، والقضاء على بؤر التوتر، ما يحرم الإرهابيين من استغلال مشاعر اليأس والإحباط الموجودة، بسبب التعرض للظلم والعدوان والاحتلال. وأوضحت أن التطور الهائل الذي شهدته قطاعات النقل والاتصالات والحاسبات والإعلام ساعد في تيسير وتكثيف التواصل والتفاعل بين كل أبناء هذه المعمورة بمختلف أديانهم ومعتقداتهم وثقافاتهم ولغاتهم، فلم يعد هناك جزء من الأسرة البشرية بكل تنوعها الثري وتعددها الخصب يعيش بمعزل عن التأثر والتأثير، وعلى رغم أن هذه التطورات حسنت عموماً حياة الإنسان، إلا أن بعض الأقليات المتطرفة داخل كل جماعة دينية وثقافية تحاول استغلال هذا التطور التقني الهائل، لبث أفكار الكراهية والإقصاء والعنصرية والبغضاء، لذلك فنحن مطالبون بالتعاون الجاد تحت مظلة الأممالمتحدة في سبيل إيجاد مناخات صحية لنشر قيم الحوار والتسامح والاعتدال، وبناء علاقات تعاون وسلام بين الثقافات والشعوب والدول. ولهذه الأهداف النبيلة، بادر خادم الحرمين الشريفين بإطلاق دعوته الصادقة والشاملة لتبنى نهج الحوار بين جميع أتباع الأديان والثقافات، التي تتكون منها الأسرة البشرية، وسارت هذه المبادرة في مسارين متوازيين، أحدهما سياسي والثاني ثقافي ومجتمعي، ففي المسار السياسي انعقدت القمة الإسلامية الاستثنائية في مكةالمكرمة بدعوة من خادم الحرمين الشريفين، لتؤكد مجدداً إجماع جميع الدول الإسلامية على نبذ العنف والتطرف والإرهاب، ونشر قيم الحوار والتسامح والاحترام المتبادل، ثم انعقد الاجتماع رفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة خلال الدورة السابقة، لتوفير أوسع وأعلى دعم سياسي ممكن لجميع مبادرات الحوار والتفاهم ونشر ثقافة السلام.