نائب أمير مكة: منع الحجاج المخالفين ساهم بتجويد الخدمات    تخريج كوكبة من الكوادر الوطنية لسوق العمل    النفط يعاود الارتفاع    "الجدعان" يبحث الفرص الاقتصادية بمنتدى قطر    القادسية يحسم لقب دوري يلو    الغموض يحيط بعودة محرز لمنتخب الجزائر    فرص للمواهب العلمية ببرنامج كندي    «الموارد» تطلق خدمة «حماية أجور» العمالة المنزليَّة في يوليو    أمير تبوك: خدمة الحجاج والزائرين شرف عظيم ومسؤولية كبيرة    تداولات ب 7 مليارات للأسهم.. المؤشر يقفز 43 نقطة    «الممر الشرفي» يُشعل ديربي العاصمة    التجديد إلكترونياً لجوازات المواطنين الصالحة حتى (6) أشهر قبل العملية    المملكة رائدة الرقمنة والذكاء الاصطناعي    أمير الباحة يستقبل مدير وأعضاء مكتب رواد كشافة بعد إعادة تشكيله    سمو أمير منطقة الباحة يناقش في جلسته الأسبوعية المشروعات التنموية والخدمات المقدمة    تغطية أرضيات مشعر منى بالسيراميك.    الكويت في الصدارة مجدداً    سرابُ النصرِ وشبحُ الهزيمة    وزير الخارجية يصل إلى المنامة للمشاركة في الاجتماع التحضيري ل «قمّة البحرين»    أمير المنطقة الشرقية في ديوانية الكتاب    نائب أمير مكة: "لاحج بلا تصريح" وستطبق الأنظمة بكل حزم    الرياض ولندن.. شراكة وابتكارات    في لقاء مؤجل من الجولة 34 من الدوري الإنجليزي.. مانشستر سيتي يواجه توتنهام لاستعادة الصدارة    ضمن الجولة 32 من دوري" يلو".. العروبة في اختبار البكيرية.. والعربي يواجه الترجي    فابريزيو رومانو يؤكد: 3صفقات عالمية على أعتاب دوري روشن السعودي    بطلتنا «هتان السيف».. نحتاج أكثر من kick off    في الإعادة إفادة..    المملكة تتصدر اكتتابات الشرق الأوسط المنفذة والمتوقعة في 2024    قلق أممي إزاء عمليات التهجير القسري والإخلاء من غزة    وزير التعليم يزور مدرسة معلمة متوفاة    يستيقظ ويخرج من التابوت" قبل دفنه"    استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة حتى السبت المقبل    اللجنة الوزارية للسلامة المرورية تنظم ورشة "تحسين نظم بيانات حركة المرور على الطرق"    الداوود يتفقد نطاق بلدية العتيبية الفرعية ويطّلع على أعمال التحسين ومعالجة التشوه البصري    الرزنامة الدراسية !    أبل تطور النسخ الصوتي بالذكاء الاصطناعي    ماهية الظن    فخامة الزي السعودي    استعراض الفرص الواعدة لصُناع الأفلام    الكويت.. العملاق النائم ونمور الخليج    آنية لا تُكسر    تركي السديري .. ذكرى إنسانية    «Mbc Talent» تحصد جوائز أفلام السعودية وتقدّم المنح    يدخل"غينيس" للمرة الثانية بالقفز من طائرة    الصحة.. نعمة نغفل عن شكرها    دور الوقف في التنمية المستدامة    الماء البارد    إزالة انسدادات شريانية بتقنية "القلب النابض"    «سعود الطبية» تنهي معاناة ثلاثينية من ورم نادر    حكاية التطّعيم ضد الحصبة    18 مرفقاً صحياً لخدمة الحجاج في المدينة    ما رسالة أمير حائل لوزير الصحة؟    أمير المدينة يرعى تخريج طلاب جامعة طيبة.. ويتفقد مركز استقبال الحجاج بالهجرة    فهد بن سلطان: خدمة الحجاج والزائرين شرف عظيم ومسؤولية كبيرة    محافظ الخرج يستقبل رئيس جامعة سطام    الدكتوراه الفخرية العيسى    النزوح الفلسطيني يرتفع مع توغل إسرائيل في رفح    أمير تبوك يرعى حفل تخريج طلاب وطالبات جامعة فهد بن سلطان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«نظام شكيب أفندي» اللبناني والمسرحية الطائفية الدولية
نشر في الحياة يوم 09 - 12 - 2013

منذ سنتين اشتعل الشارع الشعبي في تونس وليبيا ومصر وسورية والعراق - ولبنان مرحلة بعد مرحلة - فهوت الأنظمة وتلاشت، وعمت الأزمات الاقتصادية والمالية من دون أي خطوة إصلاحية لرفع مستوى المواطنين في هذه البلدان بينما يواجه أبناؤها أصعب الأزمات، المناقضة لمبادئ العيش المشترك والوحدة الوطنية التي كانت سائدة فيها - على رغم المآخذ المعروفة عليها - وهي مآخذ لا تقاس بما يتخوف منه المراقبون مع الأيام والشهور المقبلة، فكيف بالسنوات والعقود.
والانطلاق من لبنان، في هذه الخطة الجهنمية المفضوحة، لم يبدأ مع حرب 1975 و لا مع أحداث 1958 التي مهدت لاحتدامها، بل انها أقدم تاريخاً وأحداثاً، حيث كانت جذور الفتنة المشهورة بما حصل بين 1840 و1860 في جبل لبنان، بعلم قناصل الدول الأوروبية الكبرى ومشاركتهم بنسب مختلفة فيها، كي تقوم بريطانيا بتحريض الدروز على المسيحيين أو تقوم فرنسا بالدفاع عن المسيحيين وعن مصالحها ومصالح بعثاتها التعليمية في الأديرة والمدارس بالجبل.
تجربة لبنانية مبكرة
وهذا الوضع الخاص الذي كان عليه نظام جبل لبنان أيام الحكم العثماني، والذي زال مع انتهاء دور السلطنة العثمانية في لبنان، بداية القرن العشرين حيث ظهرت اتفاقات سايس - بيكو، وإعلان الجمهورية اللبنانية باسم لبنان الكبير كما هو معروف حالياً بحدوده الجغرافية، لم يتوافق مع التطور السليم الذي كان من المفترض أن يظهر عليه في عهد الاستقلال، بل بقيت عقدة القائمقاميتين التي فرضتها السلطنة العثمانية، على مناطق جبل لبنان، واحدة درزية وواحدة مسيحية مارونية الطابع، فبينت المستندات التاريخية الرسمية كيف عينت الآستانة المفوض الاستثنائي للباب العالي الى لبنان المعروف باسم شكيب أفندي والذي اعلن نظام القائمقاميتين عام 1846، فعرف باسم نظام شكيب أفندي، هذا النظام الذي تطرق اليه مؤرخون لبنانيون وغير لبنانيين وبنوا عليه أحكامهم السياسية حول تلك المرحلة الأليمة من تاريخ لبنان، الا ان السفير المؤرخ الدكتور عادل اسماعيل، صاحب المؤلفات المتعددة عن تاريخ لبنان، أصر قبل رحيله عام 2010 بعام واحد، على العودة الى تنبيه اللبنانيين وتوعيتهم من مخاطر التقسيم، بناء على المستندات الديبلوماسية الفرنسية الضخمة التي جمعها، وعربها، فتأتي شهادته الصارخة في هذا المجال تحذيراً من الواقع الذي تتدهور به الأوضاع العربية، فتسقط نظمها الوحدوية في أكثر من بلد، لتظل مشاريع التقسيم المشبوهة الخطرة والهادفة الى القضاء على سلامة العرب مواطنين ومجتمعات ومؤسسات - والصور الصارخة يومياً ما بين العراق وسورية ولبنان ومصر وليبيا وتونس، على الأقل - تحمل من الأدلة والنصائح والتحذيرات، ما حرص المؤرخ الكبير عادل إسماعيل على إظهاره لأبناء وطنه أولاً وذلك في كتابه «مساوئ التقسيم ومخاطر إنشاء الدويلات الطائفية: نظام شكيب افندي 1845 - 1860.
وانصافاً للمؤرخ المؤلف، لا بد من الإشارة الى انعقاد الندوة التاريخية حول أعماله بتاريخ 28 تشرين الثاني (نوفمبر) 1996 في كلية الأداب والعلوم الإنسانية - الجامعة اللبنانية، حيث ركز المؤتمرون على أعمال ابن دلهون الشوف، المولود عام 1927، متنقلين من الدراسات الجامعية وشهاداتها، في الآداب والحقوق والتاريخ، بين لبنان وفرنسا، الى المناصب الديبلوماسية والإدارية التي تبوأها بنجاح في إسبانيا وإيطاليا والسودان والمملكة العربية السعودية والمملكة المغربية ولدى منظمة اليونسكو، بعدما شغل إدارة الشؤون السياسية في وزارة الخارجية والمغتربين ببيروت.
وأما مؤلفاته وفيها الأدلة على مكانته التاريخية والأدبية والوطنية فتناولت بالمشاركة مع اميل خوري السياسة الدولية في الشرق العربي، ثم تاريخ لبنان الحديث بالمشاركة مع منير إسماعيل أيضاً (1990) والصراع الدولي في الشرق العربي بالمشاركة مع الدكتور منير إسماعيل (1990).
وفي اللغة الفرنسية ألف ونشر المستندات الديبلوماسية والقنصلية المتعلقة بتاريخ لبنان وبلدان الشرق الأدنى منذ القرن السابع عشر حتى اليوم في اثنين وعشرين مجلداً، كما ألف ونشر تاريخ لبنان منذ القرن السابع عشر حتى اليوم في جزءين، وكذلك «لبنان: تاريخ شعب» عام 1965، ثم تاريخ البلدان العربية من خلال المستندات الديبلوماسية: الجزء الأول: في مجلدين عام 1992.
وبالعودة الى مؤلفاته باللغة العربية التي تبلغ العشرات فقد شارك في مؤلفات صدرت عن مؤسسة الحريري وتولى إدارتها والإشراف عليها، وهي: لبنان في تاريخه وتراثه - جزءان - عام 1993، ثم كتاب التنشئة الوطنية ومقومات المواطنة، ثم النموذج اللبناني في الحياة الفكرية الاجتماعية المشتركة بين الطوائف والأديان، ثم الإسلام والمسلمون في العالم - بالفرنسية - في ستة أجزاء، وذلك بالإضافة الى مؤلفات أخرى أصدرها في منشورات دار النشر للسياسة والتاريخ، ومنها المردائيون عام 2009 وانقلاب على الماضي عام 2003 والفتن الطائفية وحروبها في لبنان عام 2007، ومأساة جنوب لبنان عام 2008 و «ثمانون» - مذكرات عام 2010،
وأما نظام شكيب أفندي الذي عالجه عادل إسماعيل بكتابه عام 2009 قبيل اندلاع الانقلابات العربية عام 2011 فانه يدل على استمرار الخطط الأجنبية ضد العرب والمسلمين، ولعل ما ينطوي عليه من السخرية السياسية التاريخية يصلح لمحاولة توعية المواطنين بالمسرح الهادف المستنير، حتى تظل قصة شكيب أفندي، المتشعبة تركياً وعربياً، ودولياً، مسرحية فيها المأساة الكبرى، وفيها الكوميديا الدالة على خطورة المأساة الكبرى هذه، لعل جماهير العرب والمسلمين تتعظ وتنتصح.
ولتأليف مسرحية سياسية تاريخية فكاهية، في مثل هذا المستوى، فقد كان ينبغي على الأخوين رحباني، عاصي ومنصور، ومعهما أقطاب الفرقة وفي طليعتهم الفنان الكبير فلمون وهبي، ان يحققوها مع المسرحيات المتنوعة التي اغنوا بها لبنان والعرب، أو كان على الممثل الكبير شوشو أن يتفرغ لها في حياته، وهي فرص فاتت، والأمل حالياً، على الأرجح، بالفنان زياد الرحباني القادر على ذلك، بالتعاون مع مسرحيين آخرين، في لبنان وفي البلدان العربية، حيث يشهد المسرح الوطني السياسي نهضة كبرى في بلدان الخليج العربي، وفي إمارة الشارقة بالأمارات العربية المتحدة خصوصاً، وبحيث يستطيع ابن عاصي وفيروز، أن يحقق عملاً تاريخياً، يسهل للفن المسرحي الإسهام في حل المشاكل العربية وتحرير المواطنين من عقد الانغلاق والتعصب والانقسام التي تهدد لا المستقبل العربي وحده، بل مستقبل السلام العالمي والثقافة العالمية وتبادل التجارب والخبرات بين العلماء والمفكرين والفنانين شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً.
وإذا انصرف زياد الرحباني الى تحقيق هذا الأمل فلا بد له من إدخال أبطال على السيناريو يتمثلون في نواب أصنام ووزراء أزلام، ورؤساء أخصام قد يتكرر ذكرهم بصوت فيروز مستقبلاً، عبرة لمن يطرب ويعتبر.
* كاتب لبناني مقيم في باريس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.