صوت برلمان اقليم كردستان أمس على ترشيح نائب رئيس الوزراء السابق برهم صالح لرئاسة حكومة الاقليم. لكن الترشيح لن يكتمل قبل مصادقة رئيس الاقليم مسعود بارازاني ليبدأ صالح تشكيل حكومته التي لن تكون في منأى عن مواجهة التباين في الخطاب الكردي تجاه العلاقة المتأزمة مع بغداد. وجاءت مصادقة البرلمان على ترشيح صالح لرئاسة الحكومة مصحوبة بمصادقة اخرى على اختيار ازاد برواري من «الحزب الديموقراطي الكردستاني» نائباً له. وصوت 73 نائباً من مجموع 111 نائباً على الترشيح بعد مرور نحو شهر ونصف الشهر على ظهور نتائج الانتخابات وفوز «القائمة الكردستانية» بزعامة صالح ب 59 مقعداً، مقابل تشكل جبهة للمعارضة السياسية يتوقع ان تضم في المرحلة المقبلة نواباً من قائمتي «التغيير» و «الاصلاح». وبرهم صالح القادم الى حكومة اقليم كردستان بعد نحو سبع سنوات من توليه مناصب مختلفة في الحكومة العراقية، آخرها نائب رئيس الوزراء، كان اعد منذ اسابيع لاعلان حكومته بمشاورات، يقول المقربون منه انها شملت معظم الكتل السياسية وستنفتح خلال الايام المقبلة في لقاءات مع قادة المجموعة الاسلامية في البرلمان التي حصدت نحو 12 مقعداً، بالاضافة الى قائمة نوشيروان مصطفى المنشق عن حزب الرئيس جلال طالباني والذي حصل على 25 مقعداً برلمانياً. لكن واقع التأزم السياسي بين الاطراف الكردية لا يشير الى امكان اقناع مصطفى الذي يخوض صراع كسر عظم مع شركائه السابقين بالمشاركة في الحكومة المقبلة التي ستكون خريطتها السياسية مؤشراً إلى طبيعة الائتلافات السياسية الكردية التي ستخوض الانتخابات في العراق بداية العام المقبل. وساد نوع من الغموض آلية اختيار رئيس الحكومة بعدما كان متوقعاً ان يكلف بارزاني صالح ومن ثم يصادق البرلمان على التكليف. لكن العملية التي تبدو يسيرة لخروج حكومة الاقليم الى العلن، تواجه في الواقع تحديات التشكيل وتنتظرها معوقات اخرى تتعلق بحرية الحكومة الجديدة في صنع القرار، في مواجهة دور متعاظم للرئاسة، وتباين مستوى الخطاب الكردي تجاه الخلافات المتنامية مع بغداد حول القضايا المعلقة ابتداء من كركوك والمناطق المتنازع عليها وصولاً الى العقود النفطية. وحكومة برهم صالح المقبلة التي تقول المصادر ان خبرات عربية من بغداد ستكون موجودة فيها في مناصب استشارية للمرة الاولى، لن تكون في مأمن من ضغط برلماني كبير يتوقع ان توجهه جبهة المعارضة التي تتهم الحكومة السابقة والحزبين الكرديين بقضايا فساد، ومحسوبيات. صالح بحسب المقربين منه يهيئ لسلسلة قوانين تتعلق بتشكيل هيئة نزاهة في الاقليم وديوان رقابة مالية وقوانين لمكافحة الفساد كإجراء استباقي يسحب بساط الاتهامات من المعارضة، خصوصاً ان الاقليم سيغرق في حملة انتخابية جديدة بدخول منافسين حقيقيين للحزبين الكرديين على مقاعد برلمان العراق. في المقابل، فإن الحكومة الكردية الجديدة ستخوض في تحديات اشد خصوصية تتعلق بتباينات معروفة في طريقة مقاربة الحزبين الرئيسيين مع القضايا الخلافية مع بغداد. وفي مواجهة تناغم سابق بين مسعود بارزاني ورئيس الحكومة السابق نيجيرفان بارزاني في مخاطبة بغداد بتشدد، سيكون على برهم صالح الذي تعايش طويلاً مع الواقع السياسي في بغداد واختبر تأثيرات الخطاب الرسمي الكردي في تشكيل انطباعات ملتبسة لدى الرأي العام العربي – العراقي مواجهة الاستمرار في الخطاب نفسه او طرح تعديله كمدخل لحل دائم مع بغداد. لكن المهمة لن تكون سهلة، فالخطاب الذي يعبر عن وجهة النظر الكردية بطريقة اكثر تشدداً يدخل في نطاق آليات معقدة لادارة الواقع الكردي الذي تتنازعه طروحات مختلفة، وتتداخل فيه الاعتبارات القومية بالمصالح السياسية الداخلية، فيما تخفيف حدة الخطاب لن يقود الى حلول قبل الوصول الى آليات عمل واضحة ومتفق عليها بين منظومتي الرئاسة ورئاسة الحكومة، تهيئ لمرحلة جديدة ما بعد انتخابات عام 2010، مع احتمالات ظهور خريطة سياسية جديدة قد لا تحقق بالضرورة امكانات القدرة الكردية نفسها.