لم يغيّر استئناف المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية الذي نجح في تحقيقه وزير الخارجية الأميركي جون كيري، في نهج الحكومة الإسرائيلية في كل ما يتعلق بمواصلة المشروع الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويكاد لا يمر يوم من دون الكشف عن مخطط استيطاني جديد يؤكد أن إسرائيل ماضية في مخططها غير أبهة بالاحتجاجات الفلسطينية والدولية. فغداة الكشف عن مخطط بناء حي استيطاني ثانٍ في قلب حي «جبل المكبر» الفلسطيني في القدسالشرقيةالمحتلة، أعلن الناطق باسم «الإدارة المدنية» في جيش الاحتلال المسؤولة عن إدارة الضفة الغربيةالمحتلة جاي عنبار أمس أنه تمت الموافقة على الخطط الأولية لبناء أكثر من 800 منزل جديد للمستوطنين في أنحاء مختلفة من مستوطنات الضفة الغربية، وأن هذه الخطط ستخرج إلى حيز التنفيذ مع مصادقة وزير الدفاع موشيه يعالون عليها. وكانت وزيرة القضاء الإسرائيلية مسؤولة ملف المفاوضات مع الفلسطينيين تسيبي ليفني أوضحت مطلع هذا الأسبوع أن قضية الاستيطان في الضفة، وتحديداً في القدس، هي بالنسبة الى إسرائيل أكثر أهميةً من الإفراج عن أسرى فلسطينيين، مؤكدةً أن الدولة العبرية ترفض تجميد البناء في التجمعات الاستيطانية الكبرى، بما فيها القدس (المحتلة)، «لأنه من الناحية السياسية نريد تعزيز هذه التجمعات الاستيطانية التي سنطالب بضمها إلى سيادتنا في إطار أي اتفاق في المستقبل». ورأى مراقبون أن بقاء حزب المستوطنين المتطرف «البيت اليهودي» في الائتلاف الحكومي، رغم الإعلان عن استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين التي يعارضها، ما كان ليتحقق لو لم يكن الحزب تلقى تعهداً واضحاً من رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو بأن البناء في المستوطنات سيتواصل، وهو ما أكده هذا الأسبوع زعيم الحزب، وزير الاقتصاد نفتالي بينيت وزميله في الحزب وزير الإسكان أوري اريئل اللذان وعدا بأن مشاريع استيطانية جديدة سيُعلن عنها في غضون أيام قليلة. وطبقاً لتقارير صحافية، فإن الوزيرين قصدا في حديثهما مخططات لبناء نحو خمسة آلاف وحدة سكنية في المستوطنات المختلفة المقامة على أراضي القدسالشرقية وبيت لحم وبيت جالا المحتلة. ويلقى المشروع الاستيطاني الدعم الكامل من غالبية الإسرائيليين التي لا تؤمن أساساً بإمكان أن تتكلل المفاوضات بالنجاح، وترفض قطعاً أن تقدم إسرائيل تنازلات في القضايا الجوهرية للصراع. ويرى معلقون أن ما تريده إسرائيل من استئناف المفاوضات هو استئناف إدارة الصراع لا البحث الجدي عن سبل حل الصراع، وهي السياسة التي أرست لها ليفني عندما أجرت مفاوضات مع الفلسطينيين قبل خمس سنوات كوزيرة للخارجية في حكومة ايهود اولمرت، وأعلنت في حينه أن إجراء المفاوضات بغض النظر عن نتائجها يمنح إسرائيل دعماً دولياً في مواجهة الملفات الأخرى.