تجدد الاختلاف بين أكثرية الأعضاء في المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى وبين مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني على خلفية الدعوة التي وجهها الأخير لانتخاب أعضاء جدد للمجلس في 14 نيسان (ابريل) المقبل، بذريعة أن من صلاحيته توجيه مثل هذه الدعوة، في مقابل إصرار المعارضين في المجلس الممدد له، على أن المجلس مجتمعاً هو صاحب الدعوة إلى إجراء الانتخابات. وعلمت «الحياة» من مصادر مواكبة للتأزم القائم بين المفتي قباني وبين أكثرية الأعضاء في المجلس الشرعي، بأن ممثلين عنهم تقدموا أول من أمس من مجلس شورى الدولة بمراجعة يطعنون فيها بدعوة قباني لإجراء الانتخابات ويطلبون بطلانها والتعامل معها على أنها لم تكن. وقالت هذه المصادر إن المراجعة سجلت في قلم مجلس الشورى وتتضمن مجموعة من المخالفات في توجيه قباني الدعوة إلى إجراء الانتخابات، وأبرزها: - لا يحق لمفتي الجمهورية توجيه هذه الدعوة بمنأى من المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، باعتبار أن المجلس مجتمعاً هو الذي يوجه مثل هذه الدعوة، وبالتالي لا بد من إيقافها، خصوصاً أنه سبق لمجلس الشورى أن أوقف تنفيذ قرار دعوة قباني السابقة إلى إجراء الانتخابات في 30-12 من العام الماضي. - أن المجلس عندما ارتأى التمديد لنفسه لم يُقْدِم على مثل هذه الخطوة لأسباب خاصة، وإنما استند في تبريرها إلى أن الظروف الراهنة التي يمر فيها البلد لا تسمح بإجراء الانتخابات، ويعود له اليوم مجتمعاً إعلان إذا كانت هذه الظروف قد انتفت أم أنها مازالت قائمة. - أن التعيينات الأخيرة التي أقدم عليها المفتي قباني، وبعضها يعود القرار فيها للمجلس الشرعي مجتمعاً، أدت إلى إدخال تعديلات على لوائح الشطب الخاصة بأعضاء الهيئة الناخبة الذين يحق لهم الاشتراك في انتخاب أعضاء المجلس، إضافة إلى الحاق عدد من الأسماء بهذه اللوائح، مع انهم يفتقدون الشروط التي تجيز لهم أن يكونوا في عدادها، وهذا ما يشكل نقطة اختلاف بين قباني وبين أكثرية الأعضاء في المجلس الشرعي. إضافة إلى أن المفتي قباني لم يبد أي تجاوب مع مبادرة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالتوافق ورؤساء الحكومات السابقين، التي تنص على استمرار المجلس الشرعي في مهماته على أن تجرى الانتخابات في مهلة أقصاها ثلاثة أشهر، انطلاقاً من حرصهم على وحدة الصف الإسلامي والحفاظ على المؤسسات التابعة لدار الفتوى، لكن مصادر مقربة من أكثرية الأعضاء في المجلس الشرعي، رأت أن دعوة قباني لإجراء الانتخابات تأتي في سياق الرد على أمرين: الأول يتعلق بنشر قرار الشورى بوقف تنفيذ دعوته في السابق إلى إجراء الانتخابات في الجريدة الرسمية، والثاني مرده الى اعتراضه على ما صدر في اجتماع المجلس الشرعي برئاسة نائبه الوزير السابق عمر مسقاوي في 8-12-2012، لجهة التمديد للمجلس الشرعي بذريعة أن الظروف التي استدعت التمديد له مازالت قائمة، إضافة الى عدم رضاه عن مبادرة الرئيس ميقاتي بالنيابة عن نفسه وعن رؤساء الحكومات السابقين، التي قضت باستمرار المجلس في مهماته على أن تجرى الانتخابات في مهلة أقصاها ثلاثة أشهر. واعتبرت المصادر ذاتها أن مبادرة ميقاتي شكلت ضمناً رفضاً لدعوة قباني إلى إجراء الانتخابات في 30-12-2012، لكنها في الوقت عينه آثرت عدم الدخول في التداعيات المترتبة على إصراره على إجراء الانتخابات، وفضلت التريث إلى حين صدور المراجعة عن مجلس شورى الدولة في الطعن الذي تقدم به عدد من الأعضاء.