بعد انقطاع خمس سنوات، يصل الرئيس المصري حسني مبارك الى واشنطن اليوم في زيارة محورية يلتقي خلالها نظيره الأميركي باراك أوباما وأركان إدارته، لإجراء محادثات ستركز، بحسب مصادر البيت الأبيض وأخرى ديبلوماسية، على عملية السلام وأفق الخطة الأميركية لاستئناف المفاوضات، كما ستؤسس لآلية «تعزيز التعاون» في ما يتعلق ب «الأهداف الاستراتيجية المشتركة، خصوصاً استقرار المنطقة وأمنها، والحفاظ على التوازنات الإقليمية». وقال مسؤول في البيت الأبيض ل «الحياة» إن أوباما «يتطلع إلى استقبال الرئيس مبارك والبناء على المحادثات التي بدآها في القاهرة، لتعزيز العلاقات الأميركية - المصرية». وأشار إلى أن القمة التي ستجمع الرئيسين الثلثاء المقبل، ستبحث في «نطاق واسع من القضايا، بينها محاربة التطرف والإرهاب، والدفع بعملية السلام، وتشجيع الإصلاح في الشرق الأوسط». وأضاف أن أوباما «يريد تحديداً البحث في سبل مساعدة الدول العربية، في إطار المبادرة العربية للسلام، لخلق مناخ لإطلاق المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين». وكانت هذه الزيارة مقررة مطلع الصيف، لكنها أرجئت بسبب وفاة حفيد الرئيس المصري. وسيكون اللقاء بين مبارك وأوباما الثالث بعد اجتماعهما في القاهرة مطلع حزيران (يونيو) الماضي قبل خطاب الرئيس الأميركي إلى العالم الإسلامي من جامعة القاهرة، ولقائهما الشهر الماضي في إيطاليا على هامش قمة مجموعة الثماني. وأكدت مصادر ديبلوماسية مطلعة ل «الحياة» أن «توقيت الزيارة يرتبط بحرص الجانب الأميركي على إطلاع القيادة المصرية مباشرة وبالتفصيل على الجهود الأميركية للسلام، واستعداداتها لإطلاق خطة ديبلوماسية تحيي من خلالها المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وعلى مستوى أقل في المسارات الأخرى». ويعكس حجم الوفد المصري ومستواه الأهمية التي توليها القاهرة للزيارة، خصوصاً مع تطلع الطرفين إلى تعميق العلاقات بينهما وتوسيعها. ويضم الوفد رئيس الاستخبارات الوزير عمر سليمان ووزير الخارجية أحمد أبو الغيط ووزير الاعلام أنس الفقي ووزير التجارة والصناعة رشيد محمد رشيد. وتلفت الخبيرة في «مركز سابان» التابع ل «معهد بروكينغز» تمارا كوفمان ويتس، إلى أن العلاقات بين القاهرةوواشنطن شهدت خلال السنوات الماضية، خصوصاً في الولاية الثانية للرئيس جورج بوش، «مرحلة من التشنج، وهذه الزيارة تمثل فرصة لإعادة العلاقة على بنية ثابتة وجديدة، وتحديد ماهيتها والأهداف الاستراتيجية المشتركة». وأكدت ل «الحياة» أن الولاياتالمتحدة تريد «توسيع أفق العلاقة، وجعلها أبعد من النطاق الحكومي من خلال تعميقها بين الشعبين، وهذا ما فعله أوباما في خطابه في القاهرة». واعترضت العلاقة بين إدارة بوش والحكومة المصرية مراحل تشنج على خلفية حرب العراق ومسائل نشر الديموقراطية والإصلاح التي وقفت الإدارة السابقة وراءها بقوة. وكان أبرز محطات الصدام خطاب وزيرة الخارجية السابقة كوندوليزا رايس من الجامعة الأميركية في القاهرة في حزيران (يونيو) 2005 عن نشر الحرية والديموقراطية، والذي التقت بعده المعارض أيمن نور. ويتبنى الرئيس الحالي الذي وصل البيت الأبيض بسبب معارضته حرب العراق، سياسة أكثر براغماتية في علاقاته مع حلفاء واشنطن، وفي بناء أعمدة السياسة الخارجية. وغابت لغة نشر الديموقراطية عن خطابات أوباما، بعدما استبدلها بلغة «مد اليد مقابل إرخاء القبضة» في التطرق إلى هذه المسائل. وسيكون الوضع الإقليمي، خصوصاً الملف الإيراني والانسحاب من العراق، حاضراً على جدول أعمال اللقاءات بين الرئيس مبارك ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون غداً، إلى جانب اجتماعاته بالمبعوث جورج ميتشل ومستشار الأمن القومي جيمس جونز ووزير الدفاع روبرت غيتس خلال اليومين المقبلين.