أكد عدد من الخبراء المصرفيين أن القطاع المصرفي في السعودية يشهد تسرباً في كوادره البشرية، خصوصاً العاملين في الفروع، بنسبة تتراوح بين 12 و15 في المئة سنوياً لأسباب من أهمها الحوافز والمميزات التي تتوافر في قطاعات أخرى. وقال مسؤول موارد بشرية في أحد المصارف المحلية إن التسرّب لم يشكل ظاهرة إلى الآن، لكنه عبارة عن تغيير وظائف، بسبب وجود عدد من الحوافز والمميزات المغرية التي تقدمها بعض القطاعات الأخرى. ولفت إلى أسباب كثيرة لهذا التسرّب، من أهمها توافر برامج ابتعاث لكثيرين من الشباب إلى الخارج، وارتفاع معدل التوظيف الحكومي بسبب تأسيس عدد من الهيئات والوزارات، التي بدورها قدّمت مميزات وحوافز أفضل مما هو موجود لدى المصارف، إضافة إلى طرح عدد من شركات التأمين وظائف بمميزات عالية، والتحسينات التي سجلها رواتب الموظفين في القطاع الحكومي، ما شجّع الكثير من موظفي المصارف على الالتحاق بها. وتلك العوامل رفعت نسبة التسرّب من خمسة في المئة قبل سنوات عدة إلى أكثر من 12 في المئة حالياً، وتركزت التسرّبات في الفروع التي تعتمد في عملها على مقابلة الزبائن. ولفت إلى أن المصارف اتجهت للتعويض إلى استقطاب خريجي معهد الإدارة وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، واستقطاب خريجي برنامج خادم الحرمين للابتعاث إلى الخارج. وأكد أن المصارف تولي الموارد البشرية اهتماماً كبيراً، ما جعلها تركز على استقطاب المميزين، سواء من مصارف أخرى، أو من خلال استقطابهم من القطاعات الأخرى. وأوضح الخبير الاقتصادي فضل بو العينين أن دوراناً وظيفياً في القطاع المصرفي أصبح مرتفعاً في الآونة الأخيرة، بسبب ضغوط العمل والمتطلبات المبالغ فيها، إضافة إلى تدنّي مستوى الأجور في المصارف مقارنة بالأخطار والفرص الوظيفية المتوافرة في القطاعات الأخرى. ولفت إلى أن مجالس الإدارة في القطاع المصرفي أصبحت تطلب كثيراً من موظفيها بهدف تعزيز ربحية المصرف والتوزيعات النقدية الخاصة بحملة الأسهم، مشيراً إلى أن المتطلبات الأمنية في الوظائف المصرفية أصبحت أكثر تعقيداً، وأصبح الأجر لا يتناسب مع حجم تلك الأخطار وحجم العمل اللذين يتحملهما الموظف. ولفت بو العينين إلى مشكلة أخرى هي أن المصارف لا تنفق على التدريب، وتسعى إلى الحصول على موظف مدرّب، بإغراء موظفي المصارف الأخرى لاستقطابهم. وأوضح أن هناك إحصاءات تؤكد أن حجم التسرّب في المصارف يزيد على 15 في المئة، وهذا مؤشر قد ينمو في السنوات المقبلة إذا لم تعد المصارف تقويم خططها المتعلقة بالموارد البشرية. واعتبر أن هناك انفصالاً بين مجالس الإدارة وما يحدث في المصارف، إضافة إلى أن عدم وجود كلّية متخصصة لتأهيل الكوادر البشرية التي تحتاج إليها المصارف. وتابع بو العينين أن دخول قطاع التأمين إلى السوق أصبح يهدد المصارف، عبر استقطاب موظفيها القادرين على العمل في شركات التأمين. وتوقع أن تتكبد المصارف خسائر من جراء تسرّب موظفيها، لأنها تعتمد كثيراً على موظفيها في درس الأخطار وتقويم شروط التمويل والاستثمار وتشغيل الفروع، ما قد يزيد من نسبة الديون المتعثّرة وخسارة للمودعين، بخاصة الزبائن الكبار. وأكد أن بعض الرؤساء التنفيذيين يحاولون إثبات قدرتهم على تحقيق الربحية عبر خفض التكاليف، ومنها تكاليف الموظفين، وهذه الطريقة وإن حسنت الربحية في السنوات الأولى إلا أنها في المدى الطويل ستؤدي إلى نتائج عكسية في القطاع. وأفاد الخبير المصرفي محمد العمران أن دوران العمل في القطاع المصرفي عال، ومعدل التغيير يقدر بنحو 30 إلى 35 في المئة سنوياً منذ 15 سنة، إذ يبلغ متوسط عمر الموظف المصرفي ثلاث سنوات. وأشار إلى أن ضغوط العمل كبيرة على الموظف، لافتاً إلى أن أكثر التسرّبات هي في الفروع التابعة للمصارف. ونفى أن يكون السبب الأبرز للتسرب هو وجود حوافز أو رواتب جيّدة في قطاعات أخرى، عازياً الانتقال إلى ضغوط العمل. ولفت إلى أن نسبة العودة ما زالت كبيرة في كل المصارف، إضافة إلى أن المصارف تستقطب خريجين جدداً.