%2 ارتفاعا بالذهب    افتتاح منتدى القطيف الاستثماري 2025    21% نموا برواتب الأنشطة المعمارية والهندسية    المملكة وباكستان.. شراكة وتحالف استراتيجي    لقاء ثلاثي يجمع ولي العهد والرئيس السوري ورئيسة كوسوفا    "الخدمات الطبية" بوزارة الداخلية تستعرض تجربة صحية متكاملة لخدمة ضيوف الرحمن في موسم الحج    دخول خدمات الرعاية الصحية الرقمية للأسواق العالمية انعقاد ناجح لمعرض خدمات تشيجيانغ (السعودية)    العطاء فطرة سعودية    مختصون يطالبون بتطبيق التجربة الصينية    توظيف تقنية الذكاء الاصطناعي حاضرة في متغيرات المشهد العالمي    "دربي" الهلال والشباب أقوى سابع جولات «روشن»    الأهلي والقادسية أقوى مواجهات ربع نهائي كأس الملك    المرافق العامة مرآة الوعي    التعليم بين الاستفادة والنمذجة    مطالبات بتشديد رقابة مقاصف المدارس    التحول الرقمي السعودي    مركز التميّز للعيون.. نموذج وطني متكامل    استعراض منهجية «الإخبارية» أمام فيصل بن بندر    برعاية وزير الثقافة.. "روائع الأوركسترا السعودية" تعود إلى الرياض    تدشين موقع الأمير تركي الفيصل.. منصة توثيق ومساحة تواصل    هيئة التراث: أطر قانونية وتعاون دولي لصون الإرث الإنساني    أمير تبوك يستقبل مدير الأحوال المدنية    إنزال الناس منازلهم    أمير جازان يطلع على سير العمل في المحاكم والدوائر العدلية    دارفور تتحول إلى مركز نفوذ جديد وسط تصاعد الانقسامات في السودان    لماذا الشيخ صالح الفوزان    إسرائيل تعلن استئناف وقف النار وحماس تتهم واشنطن بالانحياز    إلزام المبتعثين بتدريس الصينية    مواجهات قوية في ربع نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين    منافسات سباقات الحواجز تواصل تألقها في بطولة العالم للإطفاء والإنقاذ 2025    أمير منطقة جازان يستقبل مواطنًا لتنازله عن قاتل والده لوجه الله تعالى    300 طالبٍ وطالبة موهوبين يشاركون في معرض الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي في الدمام    السعودية ترحب بإعلان سوريا اعترافها بجمهورية كوسوفا    هيئة الأمر بالمعروف بجازان تفعّل معرض "ولاء" التوعوي بمركز شرطة شمال جازان    "GFEX 2025" تستعرض أحدث تقنيات الطب الشرعي    "رهاني على شعبي" إجابة للشرع يتفاعل معها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان    العويران: نصف الرياضيين يعزفون عن الزواج.. "يبحثون عن الحرية بعيدًا عن المسؤوليات"    عطارد يزين الليلة سماء السعودية    روائع الأوركسترا السعودية تعود إلى الرياض في نوفمبر    تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية بما يخدم المصالح المشتركة.. إطلاق تعاون اقتصادي بين السعودية وباكستان    الاحتلال يشن غارة جوية على الضفة الغربية    دعا لتشديد الضغط على موسكو.. زيلينسكي: أوكرانيا مستعدة للسلام دون تنازل عن أرض    استعرض تميز التحول الاقتصادي وثمار الرؤية بقيادة ولي العهد.. الرميان: العالم يأتي إلى المملكة وثروتها تقاس بازدهار الإنسان    أكد أن الاتفاق مع باكستان امتداد لترسيخ العلاقات الأخوية.. مجلس الوزراء: مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار يدفع نحو التنمية والازدهار    التعلم وأزمة المعايير الجاهزة    الاتحاد يقصي النصر من كأس خادم الحرمين الشريفين    غضب من مقارنته بكونسيساو.. خيسوس: رحلة الهند سبب الخسارة    الجلاجل يناقش مع مقدمي «الرعاية الصحية» تعزيز الشراكة    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالمحمدية في جدة يستأصل بنجاح ورماً ضخماً من البنكرياس ويعيد بناء الوريد البابي    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالتخصصي يُجري الفحوصات الطبية للملاكمين المشاركين بنزالات موسم الرياض    قصيدة النثر بين الأمس واليوم    فترة الإنذار يالضمان الاجتماعي    فيصل المحمدي من بيت امتلأ بالصور إلى قلب يسكنه التصوير    ولادة توأم من بويضات متجمدة    العلماء يحذرون من الموز في العصائر    أمير منطقة تبوك يستقبل مدير شرطة المنطقة    أمير جازان يستقبل المستشار الشرعي بفرع الإفتاء في المنطقة    كباشي: شكراً صحيفة «البلاد»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا لا يساند الروس الثورات العربية؟
نشر في الحياة يوم 15 - 01 - 2012

يثير الموقف الرسمي لروسيا من ثورات الربيع العربي كثيراً من التساؤلات في الأوساط العربية والغربية. وفي الوقت الذي يبدو أن سياسيّي الغرب يعرفون الأسباب ويتجاهلونها، أو يسكتون عنها ويوجهون الأنظار إلى غيرها، فإن الثوريين العرب المهتمين بتغيير روسيا موقفها حيال ثوراتهم، يدهشهم أن لا تفعل ما يجدونه منطقياً وأخلاقياً وبراغماتياً، ويصر كثيرون منهم على رؤية الأسباب في عماء الساسة الروس عن الأفق الذي ينتظرهم.
وثمة من يرى نقصاً في الدراسات والمعطيات التي تتيح لروسيا اتخاذ القرار الصحيح الذي يراعي مصلحتها في الأفق العربي، ومن يرى أن روسيا تتمسك بتوجيه رسالة أخلاقية تعبّر عن عدم تخليها عن حلفائها السابقين.
وإلى جانب المشتغلين في الشأن السياسي الباحثين عن علة الموقف الروسي، تجد من المثقفين العرب من يجد في موقف روسيا ازدراء للشعوب العربية وتعبيراً عن نظرة استعلائية لا ترى شعوبنا جديرة بالحرية والديموقراطية. فهل واقعي القول بأن روسيا متعالية على حاجات الشعوب العربية إلى الحرية والديموقراطية أو أنها صاحبة مصلحة في بقاء شعوبنا على ما هي عليه، أو أنّها لا تعرف مصلحتها فتتخذ القرارات الخاطئة مفوّتة الفرصة تلو الفرصة؟
لعلّ اللقاءات والحوارات التي شاركت فيها مع محللين سياسيين وإعلاميين ورجال دولة من مستويات مختلفة خلال الأشهر الثلاثة التي هي زمن وجودي في موسكو، تتيح لي القول إنّ روسيا لا تنطلق من نقص في المعلومات ومن تقدير خاطئ لمجريات الثورات في إقرار سياساتها حيالها. ليست العلّة في رؤية مؤامرة متسلسلة أميركية- بريطانية- فرنسية في ثورات الربيع العربي، الأمر الذي يعبّر عنه غير قليل من الروس بصيغ مختلفة، إنما في تقدير قد لا يكون خاطئاً لإمكانية التأثير في الثورات العربية.
نعم، روسيا تبني موقفها على خلاصات من دراسات جدوى التأثير في مجريات الأحداث الدائرة على الأرض العربية، وتنتهي، كما وصلني بطريقة أو بأخرى، إلى أنه مشروع خاسر لروسيا بكل المقاييس، من دون أن يعني ذلك أن المعطيات تسوّغ الوقوف مع الأنظمة ضد الثورات.
حسابات روسيا حيالنا نحن العرب حسابات مصالح وليست حسابات أخلاقية. وفي حسابات المصالح لا ترى موسكو جدوى من إنفاق الجهد والوقت والمال على مشروع خاسر. ولكن، لماذا تنطلق روسيا من ثقتها بخسارة أكيدة لأية فاعلية تقوم بها على الأرض العربية، أمِنْ نقص في المعلومات أم من وفرة فيها، أم من حسابات خاصة خفية؟
مع إصرار الروس على أنهم لا يدعمون الأنظمة إنما يعرقلون اتخاذ قرارات ضد مصلحة الشعوب ووحدة البلدان الثائرة، فإنهم لا يجدون قوىً جاهزة وفاعلة يمكن الرهان عليها ودعمها. وربما كانوا يحسبون أن إطالة أمد الثورات تتيح لقوى الداخل العربي أن تتشاكل بصيغ أخرى، قد تجد فيها موسكو ما يسمح بالتدخل غداً لتغيير المعادلة التي تتأكد في هذا البلد وذاك.
تقول الحسابات الروسية ما تقول به النتائج على الأرض. على الأرض، يقول الروس، خسرنا نزال البلقان، ليس لأننا لم نتدخل أو تدخلنا في صورة خاطئة، إنما لأن غيرنا تدخل بصيغة لا نستطيعها ولا نريدها. في البلقان بيّض الغرب صفحته مع الإسلام، على حساب وحدة الأرض والشعب، وفعل كل ما من شأنه أن يسوّد صفحة روسيا في الشيشان. تعلم الاستخبارات الروسية علم اليقين الدعم الذي يتلقاه انفصاليو الشيشان والقوقاز عموماً من الغرب، بخاصة بريطانيا، صاحبة التاريخ الأسود في الذاكرة الروسية، وراعية الإخوان المسلمين الحنون. تلقت روسيا ضربة في البلقان في زمن ضعفها، وربما كان بالإمكان تلافي الخسارة لو كانت أقوى. ومع أن موسكو اليوم أقوى، إلا أن الحسابات أعقد وإمكانية التأثير أضعف.
في الربيع العربي ترى روسيا ساحة للّعب البريطاني – الأميركي – الفرنسي - التركي عبر الإخوان المسلمين وحلفائهم الواعين والغافلين، وترى نفسها ساحة لمثل هذا اللعب في القوقاز اليوم، وربما في موسكو في الغد القريب. حسابات روسيا، هنا، قد تكون صحيحة، فلا تأثير لها في القوى الملعوبة - اللاعبة. وتأثيرها في القوى المدنية والعلمانية التي تستشعر الخطر «الإخواني» يتطلب زمناً طويلاً، بعد انكساره مع انهيار الاتحاد السوفياتي، زمناً لا تتيحه الثورات المشتعلة اليوم، والتي يصر الروس على رؤية الأيدي الغربية فيها.
لقد كسب «الإخوان» في ليبيا وفي تونس، وإن أخذت أحزابهم مسميات مختلفة، وسيكسبون مكانة أكبر من حجمهم في مصر وقد يكسبون في سورية... فعلى ماذا يراهن الروس، وهم فاقدو الأدوات في معركة يرون أن القوى التي تديرها هي نفسها التي تدير اللعبة على أرض روسيا؟ وهل ننتظر من موسكو أن تؤيد ثورات يقطف ثمارها «الإخوان المسلمون» هناك وغيرهم هنا بدعم غربي، أم ننتظر منها الدخول في منافسة خاسرة؟ قد نرى دوراً لروسيا غداً ولكن في غير مكان!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.