ما تزال حادثة الدهم التي نفذتها «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» في جدة لمقهى «جسور الثقافي» قبل أيام، حين كان المقهى ينظم، كعادته، فعالية بعنوان «تحولات فكرية» يتحدث فيها الكاتب عبدالله حميد الدين، تثير الكثير من الأسئلة، في أوساط المثقفين. وكانت الهيئة دهمت المقهى، بحجة «الاختلاط»، في حين أكد حضور ان المقهى ينظم فعاليات ثقافية مفتوحة وليست مغلقة، ويحضرها الجنسان، وأن هذه الفعالية ليست الأولى. وقال أحد الحضور ل «الحياة» إن «الهيئة» اقتحمت الموقع، أثناء ما كان المحاضر حميد الدين يلقي ورقته، وسط حضور يفوق الأربعين شخصاً من الشباب والفتيات. وأضاف: «وفي وسط المحاضرة وعقب صلاة العشاء مباشرة، عندما فتح العاملون المقهى الأبواب تفاجأ الجميع بوجود رجال «الهيئة»، الذين صعدوا إلى الدور الثاني، لمشاهدة المحاضر والحاضرين، ثم سأل عضو الهيئة عن المسؤول عن اللقاء، فرد عليه عبدالله حميد الدين أنه المسؤول عن هذا اللقاء، فقام عضو «الهيئة» بأخذ هويته منه وأمر النساء بالنزول إلى الأسفل، ثم بدأت مشادات كلامية بين عضو «الهيئة» وعدد من الحاضرين الذين استفزتهم المداهمة بطريقة مريبة». وكانت المشادات، كما أوضح أحد الحضور واسمه مهند، حول سبب المداهمة، مشيراً إلى أن عضو «الهيئة» أكد وجود «اختلاط»، وأكد أن «هذا أمر ممنوع»، فرد أحد الحاضرين، وقدم نفسه بصفته محامياً، مؤكداً عدم وجود «اختلاط بين فردين. فالحضور تجاوز الأربعين، والمكان مفتوح وليس مغلقاً على شخصين، وأن هذا لقاء ثقافي»، فأجاب عضو «الهيئة» بانفعال: «الاختلاط حرام سواء لقاء ثقافي أم غيره». وقام بأخذ عبدالله حميد الدين معه وأركبه سيارة «الهيئة»، رافضاً توسلات الحاضرين بالإفراج عن المحاضر أو الاكتفاء بأخذ هويته». وقال عبد الله حميد الدين ل «الحياة» إنه لم يرفض الذهاب مع عضو «الهيئة» والذي كان اسمه سعيد الغامدي، رغبة في صرفه عن الحاضرين وعدم المساس بهم. وأشار إلى أنه للمرة الاولى يتعرض لمثل هذا الموقع، ولا يعرف «في الحقيقة ما صلاحيات الهيئة ولا طريقة تصرفهم». ولفت إلى أنه دار نقاش معه حول طبيعة المحاضرة، وإلى ماذا تهدف «فأخبرته عن طبيعة المحاضرة وما هي، فما كان من العضو إلى أن قال لي بالانكليزي: (Be careful) ثم أخبرني العضو أن هناك شكاوى من الناس علي وعلى محاضراتي التي أقدمها. فلم اجبه بشيء لأني لا أريد فتح باب للمناقشة واكتفيت بالصمت حتى وصلنا إلى مقر «الهيئة»، وهناك طلب مني التوقيع على تعهد بعدم إقامة محاضرات في أوقات الصلاة، ولكني رفضت ذلك التوقيع على أي تعهدات بتاتاً». وتابع حميد الدين قائلاً: «ثم وصل مجموعة من الشباب الذين كانوا حاضرين في المقهى، ودار نقاشات حادة بينهم وبين رجال «الهيئة» عن سبب اقتيادي. بعدها تم إخلاء سبيلي». وتوجهت «الحياة» إلى أحد ملاك مقهى «جسور الثقافي» لسؤاله عما حصل، فقال محمد جستنية، أنه لم يكن متواجداً وقت وقوع الحادثة، موضحاً أنه قام بزيارة مقر «الهيئة» ( فرع الرويس) للاستفسار منهم عما حصل، فلم يجد مدير الفرع. وأضاف أنه ينتظر ملاحظاتهم حول نشاط المقهى، «الذي يسعى لتطبيق اللوائح والأنظمة المعمول بها». وحاولت «الحياة» الاتصال بفرع «الهيئة» في حي الرويس، فطلبوا الاتصال بالمتحدث الإعلامي ل «هيئة جدة»، الذي أعتذر عن الحديث، وأعطانا رقم جوال المتحدث الرسمي للهيئة في منطقة مكةالمكرمة الشيخ سالم، وتم الاتصال بالأخير غير أن هاتفه كان مغلقا.