عرضت شركة "تويوتا" على المزارعين في جزيرة سومطرة الاندونيسية المشهورة بانتاج الحبوب، ان يحصروا محاصيلهم بالبطاطا الحلوة على أن تتكفل بشراء كامل الانتاج وبأسعار مشجعة، مما يوحي بأن الشركة اليابانية قد تحولت الى مقاول خضار او انها نوعت نشاطاتها. والواقع ان المجموعة اليابانية طورت أخيراً تقنية جديدة لصنع مادة البلاستيك انطلاقاً من النشاء المستخرج من البطاطا الحلوة تفوق ذاك المستخرج من الذرة أو القمح 30 في المئة، لذلك عمدت الشركة الى زرع عشرة آلاف هكتار بالبطاطا الحلوة واقامة مصنع وسط هذه المزارع لانتاج مادة البلاستيك بكميات كبيرة. ويتميز هذا النوع من البلاستيك بأنه قابل للانحلال في التربة بعد عملية الطمر حيث يتحول الى ثاني اوكسيد الكربون وماء، ما يؤدي الى تقلص كمية النفايات الواجب تكريرها وخفض نسبة التلوث في الجو، وتأمل شركة تويوتا ألا يقتصر استخدام هذا النوع من البلاستيك على قطع السيارات فحسب بل يتعداها الى الآلات الكهربائية والالكترونية المستخدمة في المنازل. وفي تقديرات أولية أكدت الشركة اليابانية ان يصل حجم عمليات المواد الخام النباتية المستخدمة في صناعة السيارات والالكترونيات الى عشرة مليارات دولار سنوياً، اذا كانت تويوتا تنوي استخدام هذه التقنية على نطاق واسع فإن المجموعة الألمانية الأميركية مرسيدس بدأت فعلاً بتجهيز سياراتها من الداخل بقطع مصنوعة من ألياف القنب الطبيعي الذي يتم انتاجه في حقول افريقيا الجنوبية وينوي المسؤول عن هذا المشروع الانتقال قريباً الى استخدام هذه المواد في انتاج القطع التي تؤلف هيكل السيارة الخارجي. ان مسألشة استخراج مادة البلاستيك النباتية تشكل هدفاً مشتركاً بين مراكز الأبحاث التكنولوجية اليابانية، حيث يعتقد البروفسور كيمورا من مركز طوكيو ان البلاستيك المستخلص من مواد نباتية من شأنه ان يحل مكان كل المعادن المستخدمة في صناعة السيارات. وبالفعل بدأ المركز بزراعة ما اسماه معادن البناء واختبار مقاومتها تحت تأثير عوامل السخونة والبرودة والتلوث الطبيعية. لقد بدأ المركز المذكور في العام الماضي بزراعة نوع من الأرز الياباني يسمى Nihonbare، لا يختلف في شكله الخارجي عن الأرز العادي غير انه وخلال فترة النمو تبين انه يشكل مصنعاً حقيقياً لانتاج مادة البولييستر التي يختزنها في أوراقه وازهاره، وعمد الخبراء الى نقل جينات عضوية دقيقة قادرة على توليد البولييستر وقاموا بحقنها في نبات الأرز وبذلك تم الحصول على نوع من البولييستر قابل للتحلل في التربة خلافاً لذاك المستخرج من البترول. ان اختيار مركز البحوث التكنولوجية في طوكيو للأرز كفاتحة لاستخراج البلاستيك النباتي يعود، من دون شك، الى التقدم الكبير الذي حققه خبراء التحليل الجيني في حقل الأرز مع ان الهدف النهائي لهؤلاء الخبراء هو اعتماد تقنية التحريض الوراثي لدى الأشجار الحرجية بغية استخدامها لاحقاً كمعادن للبناء بفضل ارتفاع أداء مقاومتها الناتج عن وجود مادة البلاستيك التي تتولد تلقائياً داخل بنيتها وذلك للتخلص من النفايات التي باتت تهدد الكرة الأرضية. ويرى القائمون على هذه المشاريع ان تحويل الحقول الى مصادر للطاقة ومصانع لانتاج المعادن سيساعد الاقتصاد العالمي في مواجهة مشاكل نفاذ احتياط البترول وتخريب البيئة بسبب تفاقم اخطار النفايات الصناعية، كما ان هذه التقنية ستقضي على حرب المصالح التي شهدها ولا يزال قطاعا الزراعة والصناعة منذ القرن التاسع عشر بحيث يصبح التكامل والتكافل المعيار الضابط لازدهار الاقتصاد.