سحب لقب "معالي" من "الخونة" و"الفاسدين"    إشعار المراسم الملكية بحالات سحب الأوسمة    تحويل حليب الإبل إلى لبن وإنتاج زبد يستوقف زوار مهرجان الألبان والأغذية بالخرج    أمطار متوسطة إلى غزيرة على معظم مناطق المملكة    جهات محلية ودولية تناقش الاستدامة البيئية والفرص الاستثمارية    "ريمونتادا" مثيرة تمنح الرياض التعادل مع الفتح    محرز: هدفنا القادم الفوز على الهلال    "روشن 30".. الهلال في مواجهة التعاون والاتحاد أمام أبها    تزويد "شات جي بي تي" بالذاكرة    وزير الدفاع يفتتح مرافق كلية الملك فيصل الجوية    شراكة بين "البحر الأحمر" ونيوم لتسهيل حركة السياح    بدء تحقيق مكافحة الإغراق ضد واردات "ستانلس ستيل"    ربط ميناء جدة ب "بورتسودان"    المملكة: صعدنا هموم الدول الإسلامية للأمم المتحدة    بدء إصدار تصاريح دخول العاصمة المقدسة إلكترونياً    " عرب نيوز" تحصد 3 جوائز للتميز    "تقويم التعليم"تعتمد 45 مؤسسة وبرنامجًا أكاديمياً    "الفقه الإسلامي" يُثمّن بيان كبار العلماء بشأن "الحج"    "جوجل" تدعم منتجاتها بمفاتيح المرور    نائب وزير الخارجية يلتقي نائب وزير خارجية أذربيجان    فصول ما فيها أحد!    أحدهما انضم للقاعدة والآخر ارتكب أفعالاً مجرمة.. القتل لإرهابيين خانا الوطن    «الاحتفال الاستفزازي»    سعودية من «التلعثم» إلى الأفضل في مسابقة آبل العالمية    «التجارة» ترصد 67 مخالفة يومياً في الأسواق    وزير الطاقة: 14 مليار دولار حجم الاستثمارات بين السعودية وأوزبكستان    وفيات وجلطات وتلف أدمغة.. لعنة لقاح «أسترازينيكا» تهزّ العالم !    ب 3 خطوات تقضي على النمل في المنزل    الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع    الخريجي يشارك في الاجتماع التحضيري لوزراء الخارجية للدورة 15 لمؤتمر القمة الإسلامي    انطلاق ميدياثون الحج والعمرة بمكتبة الملك فهد الوطنية    في دور نصف نهائي كأس وزارة الرياضة لكرة السلة .. الهلال يتفوق على النصر    لجنة شورية تجتمع مع عضو و رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان الألماني    136 محطة تسجل هطول الأمطار في 11 منطقة بالمملكة    شَرَف المتسترين في خطر !    مقتل 48 شخصاً إثر انهيار طريق سريع في جنوب الصين    تشيلسي يهزم توتنهام ليقلص آماله بالتأهل لدوري الأبطال    ليفركوزن يسقط روما بعقر داره ويقترب من نهائي الدوري الأوروبي    قصة القضاء والقدر    تعددت الأوساط والرقص واحد    اعتصامات الطلاب الغربيين فرصة لن تعوّض    كيفية «حلب» الحبيب !    وزير الدفاع يفتتح مرافق كلية الملك فيصل الجوية ويشهد تخريج الدفعة (103)    كيف تصبح مفكراً في سبع دقائق؟    يهود لا يعترفون بإسرائيل !    من المريض إلى المراجع    أمير جازان يطلق إشارة صيد سمك الحريد بجزيرة فرسان    بيان صادر عن هيئة كبار العلماء بشأن عدم جواز الذهاب للحج دون تصريح    مركز «911» يتلقى (2.635.361) اتصالاً خلال شهر أبريل من عام 2024    القبض على فلسطيني ومواطن في جدة لترويجهما مادة الحشيش المخدر    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على عبداللطيف بن عبدالرحمن آل الشيخ    مباحثات سعودية فرنسية لتوطين التقنيات الدفاعية    "التخصصي" العلامة التجارية الصحية الأعلى قيمة في السعودية والشرق الأوسط    المنتخب السعودي للرياضيات يحصد 6 جوائز عالمية في أولمبياد البلقان للرياضيات 2024    مبادرة لرعاية المواهب الشابة وتعزيز صناعة السينما المحلية    الوسط الثقافي ينعي د.الصمعان    ما أصبر هؤلاء    هكذا تكون التربية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الممرضة المصرية اميرة أدلت باعترافاتها كاملة ل "الوسط" . هكذا غرست السكين في قلب أمي
نشر في الحياة يوم 26 - 10 - 1998

غرست أميرة 21 سنة مدية كبيرة في جسم والدتها فريال 45 سنة ثلاث مرات، واحدة في الصدر، ومرتين في الظهر. ووقفت في ذهول تشاهد الدماء التي تنزف بغزارة من صدر أمها التي كانت ترتدي قميصاً أحمر. وحين خفت النبض وتوقف القلب الممزق عن الخفقان تحت وطأة الألم وتأكدت أميرة الممرضة في قسم الطوارئ في مستشفى قصر العيني وسط القاهرة من وفاة والدتها، طلبت من الجيران استدعاء الشرطة ليسجل المحقق اعترافاتها.
بدأت تروي حكايتها من يوم مولدها وحتى اليوم المشؤوم الذي جرت وقائعه في ضاحية العمرانية العشوائية على اطراف شارع الهرم في محافظة الجيزة وامتدت الصدمة لتهز مصر كلها.
لم يصدق غالبية المصريين ما جرى، ليس لأنها جريمة قتل أو جريمة داخل نطاق العائلة مثلها يحدث، ولكن لأنها للمرة الأولى تتم بيد ابنة ضد أمها.
توالت اعترافات الفتاة التي قررت محكمة جنوب الجيزة الابتدائية حبسها 45 يوماً على ذمة القضية. وأثار الحادث جدلاً شديداً في الشارع المصري. تعاطف بعضهم مع مأساتها لأن والدتها لم تكن سوية او حسنة السلوك حسب اقوال الفتاة، وتعاملت معها بقسوة مفرطة إلى درجة أنها وصفت أمها بأنها "شيطانة"، وانها سعت لحتفها عامدة. الغالبية ألجمتهم صدمة الجريمة وصدمة الاعترافات التي تشكلت من مزيج من الفقر وعدم التماسك الاجتماعي إلى درجة ان الام اتهمت ابنتها قبل اليوم المشؤوم بأنها تقيم علاقة غير سوية مع والدها! بل حاولت دفعها لإقامة علاقة آثمة مع زوج الام أحمد الذي اختفى تماماً أسوة بالتوأم عادل وأميرة اخويْ الفتاة القاتلة غير الاشقاء. وكان عادل قد حاول قتل أميرة بعد ان شاهدها تغرس السكين في قلب أمهما فريال.
"الوسط" التقت أميرة قبل ترحيلها الى السجن العمومي بعدما وجهت إليها النيابة تهمة القتل العمد مع سبق الاصرار والترصد، وعقوبتها في القانون المصري الاعدام أو السجن لمدة 25 سنة. وأدلت القاتلة باعترافاتها كاملة لپ"الوسط" التي التقت أيضاً والدها سمير فهمي في ضاحية امبابة، كما التقت أيضاً الدكتورة عزة كريم مسؤولة وحدة الجريمة في المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية التي شكلت فريقا لبحث حالة اميرة وغيرها من حالات القتل العمد التي تتم في نطاق الاسرة، وتناول الدكتور يسري عبدالمحسن استاذ الطب النفسي في جامعة عين شمس الظاهرة بالتحليل.
ملامح طفولية للقتل
هل كانت تعرف انها ستموت؟ هل كان مقدراً ان أقتلها بيدي؟ بمثل هذه الاسئلة القدرية داهمتنا أميرة التي تبدو من ملامح وجهها مثل طفلة غابت عنها والدتها فجأة وتركتها في احدى شوارع القاهرة المزدحمة، ترفض التصوير وهي مبتسمة وتقول: مفروض اني حزينة على امي، واستطردت: انا كنت في حالة ذهول وارتباك، حاولت ألقي بنفسي من الفراندة، الجيران اوقفوني، فجأة لقيت الدم سايح من صدر فريال مسكت يديها ابحث عن النبض وجدته ضعيفاً. صرخت في الجيران الذين كانوا يصرخون بصوت عال: الاسعاف، الاسعاف، صوتي ذهب في الزحام، جميعاً ردوا: البوليس، البوليس. خفت. جريت نحو الفراندة. وجروا ورائي وامسكوني إلى أن وصلت الشرطة.
كيف نفذت ضربة السكين؟
- صحيح ان عملي كممرضة مفروض يجعل قلبي قوياً، خصوصاً انني أرى الدماء يومياً. لكن دم امي كان مثل النافورة، أغرق يدي وجلبابي. صرخت. ذهلت. هي دفعتني دفعاً لقتلها، امسكتني من شعري، وحاولت طردي من المنزل، جرجرتني على السلالم سبتني في عرضي وشرفي. كان نفسي اتجوز، العرسان يقولوا عليّ ايه؟ اي واحد يريد ان يتزوج لن يتزوج من واحدة أمها تقول عليها مثل هذا الكلام القبيح. عادل شقيقي كان يجهز الليمونادة، يقطع الليمون بسكين المطبخ، لمع في عيني نصل السكين، خطفته هددتها به. دخلت عليّ، بكل قوة سددت السكين في قلبها، انحنت، طعنتها مرتين في ظهرها. الدم كان ينزف وأغرق قميص النوم الذي كانت ترتديه. عادل حاول يضربني بطفاية السجائر، لكني جريت نحو الفراندة احاول الانتحار.
وما سبب الازمة بينكما؟
- الأزمة عمرها 21 عاماً الجريمة تأخرت 5 اعوام، كان محتملا ان تتم في اي وقت، بعد ولادتي بتسعة شهور تم الطلاق بين فريال ووالدي سمير نطقت الاسماء من دون ألقاب. عشت مع جدتي في امان الله. لا أسمع عنها ولا تسمع عني، كنت اعتبرها ميتة، مفقودة، لا علاقة تربطني بها. كل ما اعرفه انها تزوجت من عامل باليومية، وطلقت والدي المعلم الكبير. حتى الاستاذ المحترم لم يكن يزورني أو يعطيني نقوداً، وطلعت الى الدنيا وانا أكرههما، وأتمنى ان يموتا حتى لا أراهما، توفيت جدتي وكان عمري 16 سنة، وبدأت المأساة. قررت ان اعيش مع والدي، فانتقلت وأقمت معه عامين، ارعاه لأن صحته ضعيفة وعموده الفقري مصاب. كانت تأتي الينا وتنفرد به، كنت اكره يوم مجيئها، لكن والدي على ما يبدو كان لا يزال يحبها، عندما ادخل عليهما يصمتان لم اكن اغار عليه. ولكن كنت اخاف عليه منها.
لماذا؟
- لأنها سيئة، هي اتهمتني، انا ابنته، بأنني على علاقة محرمة معه! وقادتني الى طبيب أمراض نساء ليثبت عذريتي، والحمد لله جاءت النتيجة سليمة. لكنها مع ذلك لم ترتدع، وظلت طوال الوقت تسبني إلى درجة انني طلبت منها أن أعيش معها حتى تقطع الشك باليقين.
وماذا عن زوج أمك أحمد؟
- الرجل كان في حاله، لكن هي التي كانت تخطط لكل شيء. كانت شيطانة في ملابس انسانة، حاولت بشتى الطرق كسر عيني إلى درجة أنها حاولت ان تسبَّني مرة أخرى باقامة علاقة محرمة مع زوجها. وصحبتني مرة ثانية لطبيب امراض نساء ليكشف عن عذريتي والحمد لله جاءت النتيجة أيضاً سليمة. كانت تستفزني، لم تكن واثقة من نفسها، لم تكن جميلة، كانت تخاف مني على زوجها، وعلى والدي - زوجها الاول - كانت تتمنى ان اختفي من حياتها.
هل رفضت زواجك من أحد الجيران؟
- كانت تريد تعاستي واذلالي، حتى العريس الذي احضرته أم علاء جارتنا للزواج مني رفضته بحجة اني صغيرة، هي لا ترحم ولا تريد رحمة ربنا تنزل. هل تصدق ان أماً تعمل كل هذا في ابنتها، انا سمعتي اصبحت في الطين، لم اكن استطيع ان اتكلم مع الجيران او اذهب للسينما، من البيت للشغل ومن الشغل للبيت.
كنت ابحث عن نوبات عمل اضافية حتى لا ارى وجهها الشيطاني، كانت تفوح كالثعابين، صدقني ماحدث كان فوق ارادتي، اسألوا عادل شقيقيماذا فعلت بي يوم الحادث، اقتلعت شعري. كانت تحقد عليّ. لم اكن واعية، ولا في اتزاني. كانت لديّ حالات تشنج شديد جداً إلى درجة ان الجيران بصعوبة سيطروا عليّ قبل ان ارمي نفسي من الفراندة.
وماذا كان موقف والدك؟
- ليس له موقف. إنه رجل مريض كانت تذهب لتسري عنه، وهذا حرام لأنها متزوجة، وكان جوزها لا يعرف ذلك، كما انني لست مرتبطة به لأنه لم يرني منذ ولادتي، كيف تضع الحنان في قلوب بشر كهؤلاء، هؤلاء وحوش وليسوا آدميين، هل تصدق ان أما وأبا يرميان ابنتهما الوحيدة، هكذا 16 سنة دون ان يفكرا في رؤيتها مرة واحدة؟.
ألم تكن لديك مشاريع أخرى... حب أو زواج؟
- كل "قصر العيني" أصحابي. اسأل الآنسة منى مشرفة الطوارئ عني وعن اخلاقي. كل البنات صديقاتي. لم اكن أحب أحداً، انا لا اعرف الحب ولا حكاياته، كل بنت لها حبيب وفارس احلام، انا لا فارس ولا حصان، حتى الغناء لا اتذوقه، حتى السينما لم ارها في حياتي. حياتي كانت نكداً في نكد، لم تكن عندي مشاريع للزواج. كنت في نظر الناس فتاة سمعتها سيئة، عمرك شاهدت أماً تشوه سمعة ابنتها على رؤوس الأشهاد؟ حرام. حاولت كثيراً أن اتفاهم معها، مرتبي كنت أعطيه لها لأسد فمها، لكنها كانت مثل بالوعة، كل يوم شتيمة قذرة في حقي، مرة مع والدي ومرة مع زوجها، وحاولت بشتى الطرق دفعي لاتهام احد جيراني الاستاذ مجدي بأنه حاول اغتصابي لمجرد انها على خلاف مع زوجته، وكأني لعبة في يديها أو سمعتي لا تهمها.
هل كانت والدتك تعمل؟
- كانت تعمل ممرضة في القسم نفسه الذي اعمل فيه، وفصلوها لانقطاعها عن العمل، ولأن لسانها طويل وتسب رؤساءها في العمل.
كيف وصلتما إلى مرحلة القتل؟
- دخلت المنزل كان التلفزيون مفتوحاً والاعلانات شغالة، عادل شقيقي كان معه السكين يجهز عصير ليمون. سألتها عن اوراق تخصني، هاجت وماجت وبدأت تسبني وهددتني بأن تذهب بي الى مستشفى المجانين. قلت لها: كل حاجة تهون الا مجنونة، انا لست مجنونة. طردتني. قطعت ملابسي. دفعتني خارج الشقة. جذبتني بعنف من شعري. لم اشعر بنفسي، مسكت السكين وضربتها مرتين أو ثلاثاً.
المرحومة هي السبب
في منطقة البصراوي شارع عبده زيان في ضاحية امبابة القاهرية الفقيرة يقيم والد اميرة. الغريب أنه يبدو غير مكترث بما جرى لابنته وزوجته السابقة، ولم يشأ ان يذهب ليرى ابنته، وأرسل شقيقه مراد الذي وعدها بمحامٍ للدفاع عنها. أقسم الوالد على أنه لم يهمل ابنته، واعتبر أن زوجته هي السبب في كل ما جرى، وقال: البنت هي التي تركتني بإرادتها ورغبتها وبايعاز من والدتها التي كانت مسيطرة عليها تماماً.
هل كانت زوجتك السابقة سبب كل هذه المأساة؟
- نعم هي المسؤولة عن كل هذه المصائب، تزوجتها في منتصف السبعينات وسافرنا الى ليبيا وهناك انجبنا اميرة، وبعد عامين طلبت العودة الى القاهرة، عادت ومعها اميرة ولأنها خائنة سحبت الفلوس من البنك وأخفت البنت عن اسرتي فأرسلت لها ورقة الطلاق من ليبيا. سافرتْ الى المملكة العربية السعودية للعمل هناك ممرضة وتركت اميرة لوالدتها التي رفضت ان تسلمني ابنتي. ومنذ ذلك الوقت وانا ارسل لها شهرياً مبلغ مئة دولار للصرف عليها، وللحق جدتها كانت تعاملها جيداً وانشأتها نشأة دينية. تعرف ان اميرة تصلي الوقت حاضراً. في السعودية تعرفت على زوجها الحالي أحمد وتزوجته وعادت الى القاهرة، وأنا أيضاً عدت الى القاهرة نهاية 1990.
لماذا لم تطلب ابنتك؟
- أولاً، أنا رجل مريض وعندي مشاكل في العمود الفقري وايامي كلها بين المستشفيات. ثانياً: القانون لا يعطيني هذا الحق في ضم الفتاة. ثالثاً: كانت في الاعدادية وصعب انقلها من مدرستها في العمرانية الى مدرسة جديدة في امبابة. لكن المشكلة بدأت عندما ألحقوها بمدرسة التمريض من دون ان اعرف. ثرت وهددت وحاولت ان افعل المستحيل لإلغاء ذلك، إلا أنهم رفضوا، كما ان عدم استلامها للعمل في مدرسة التمريض يتطلب ان تدفع ثلاثة آلاف جنيه، فقررت الخضوع لرغبتهن ويا ليتني ما فعلت.
ولماذا طردتها من منزلك؟
- بعد موافقتي على استمرارها في دراسة التمريض طلبت ان تعيش معي، وقد كان، الا انها تشاجرت مع والدي وتركت البيت وذهبت لأمها ولم استطع اقناعها بالعودة، خصوصاً أن أمها قالت إنني على علاقة غير طبيعية بها. كما قالت انني اريد ان استولي على راتبها. بعد ذلك سمعت ان زوج أمها يحاول الاعتداء عليها، وانها حررت ضده محاضر في اقسام الشرطة، بصراحة حسبت انه غير سوي، فقررت ان ابعد قدر الامكان، كما ان صحتي لم تكن تساعدني، كما ان البنت احيانا كانت تأتي اليّ وتشكو زوج أمها، وآخر مرة قالت لي ان امها تريد ان تدفعها لارتكاب الخطيئة مع زوجها وتريد ان تتهم احد الجيران بأنه انتهك عرضها.
وما حكاية اتهام الأم بوجود علاقة بينك وابنتك؟
- منها لله! هل هذا معقول ان يحصل بين اب وابنته؟ زوجتي السابقة كانت قليلة الادب. لسانها فالت. وفصلت من العمل لهذه الاسباب. وأجهش الرجل بالبكاء.
لحظة ضعف وانفعال
لفتت الجريمة البشعة انتباه الدكتور عزة كريم استاذ الاجتماع بالمعهد القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية وبدأت دراسة مستفيضة للجرائم الأسرية التي أخذت تكثر في القاهرة في الآونة الأخيرة. وقالت لپ"الوسط" إن قصة هذه الفتاة دليل واضح على اختلال شكل العلاقة بين الآباء والابناء، وفقدان الاباء لأدوارهم الأساسية تجاه ابنائهم، مما دفع الأبناء لتخطي حاجز الاحترام والحب تجاه آبائهم، ومن التحليل الذي حصلنا عليه من اعترافات المتهمة نجد ان المسؤولية الحقيقية تقع على عاتق الوالدين من خلال ما حدث من طلاقهما، وطرد الفتاة من منزل والدها، وزواج الام من رجل آخر. واتهام الأم لابنتها بما يسيئ إلى سمعتها، وهي - كبنت - حساسة، ومثل هذه التهم في المناطق الشعبية تجرح الاحساس والكرامة وتهين الانثى وتصعِّب زواجها. كل هذا في مرحلة بين الطفولة والمراهقة وهي اخطر سنوات العمر، وهذه الاحداث ادت لتراكمات خطيرة في نفس الفتاة، تفجرت في لحظة ضعف وانفعال جريمة بشعة. نحن لا نستطيع ان نضع المسؤولية كاملة في رقبة تلك الفتاة، بل يجب ان نحلل الموقف ونحدد المسؤوليات قبل الحكم عليها.
وأشارت إلى انتشار الجرائم الاسرية في الفترة الاخيرة، وقالت: هذه الجرائم بدأت تزيد في هذه الفترة بشكل ملفت وهي تعبر عن التضارب بين الطبيعة البشرية والواقع الفعلي في المجتمع، وعلى رغم ان العلاقة الاسرية هي اقوى العلاقات العاطفية، فجزء منها غريزي وهو علاقة الام بأبنائها، وجزء مكتسب من خلال التنشئة والترابط والتعاطف الذي لابد من وجوده داخل الاسرة، الا ان الواقع يقول بوجود تعارض مصالح بين افراد الاسرة، قد تدفع في النهاية الى الجريمة. هذا التعارض جاء نتيجة متغيرات أدت إلى زيادة الجراثم الاسرية، ابرزها كثرة المشاكل التي تتعرض لها الاسرة سواء المادية أو الاجتماعية أو المعنوية، او لضغوط الحياة بمختلف نواحيها، ومثال ذلك مشاكل التعليم وعدم التناسب بين حاجات الابناء وقدرة الآباء المادية على تحقيقها، ومشاكل اخرى يولدها الاعلام من وجود تضارب بين قيم الآباء والقيم المعلنة في المجتمع. هذه المشاكل أدت الى اضعاف قدرة افراد الاسرة على التحمل، مما يجعلهم سريعي الانفعال والتوتر، وينعكس ذلك على العلاقات بينهم.
ثانياً: على رغم أن الاسرة تجمع بين أفرادها مصالح مشتركة، فإن الوقت الحالي يشهد تضارباً بين هذه المصالح، فنجد كل فرد يطمع في شقة الأبوين، وتجد التضارب على الإرث، وهذا قد يؤدي الى ارتكاب الجريمة، مثال ذلك الابن الذي قتل امه لتحقيق مصلحته الشخصية التي اعترضت عليها وهي الزواج، والاخ الذي يقتل أخاه للانفراد بالميراث.
ثالثاً: ضعف الروابط الاسرية العاطفية نتيجة ظهور الاحساس بالانانية والمصلحة الشخصية، والخلل الذي حدث في دور الام والاب في التربيه فأصبحا مشغولين عن الابناء بأمور أخرى مما تسبب في وجود فجوة بينهم ساعدت على ارتكاب الجرائم.
رابعاً: التفكك الأسري وانتشار الطلاق، والانفصال، والزواج الثاني، والعلاقات العاطفية غير المشروعة، مما يجعل الآباء يشعرون بالاحباط الذي يؤدي الى تبلد المشاعر العاطفية الاسرية مما يمهد لارتكاب الجرائم.
خامساً: اختلاط الأبناء معظم الوقت بالاصدقاء، خصوصاً أصدقاء السوء الذين يشجعون دائماً على المفاسد الاخلاقية والجنسية. الشبان في هذه السن يتأثرون بالافكار والقيم الخارجية بسهولة، خصوصاً في ظل التباعد الأسري، فيصبحون عرضة لارتكاب الجرائم.
سادساً" نتيجة لانفتاح المجتمع وظهور الفروق الطبقية وحدوث نوع من الصراع والغيرة والمنافسة بين مختلف الفئات تولدت حاجات جديدة لم يكن الشباب يشعر بها فحدث الصراع بين الابناء والاباء على توفير الحاجات، وساعد على هذا الصراع التلفزيون بما يعرضه من دراما وأفلام تمثل عامل تشجيع غير مباشر للأبناء على اشباع حاجاتهم وتطلعاتهم، وتعلمهم الكثير من السلوكيات الانحرافية تجاه الاسرة، ومثال ذلك مسلسل "التوأم" الذي عرضه أخيراً التلفزيون المصري بطولة الممثلة ليلى علوي وتظهر فيه الصورة السيئة للعلاقة بين الأختين التوأم، إلى درجة ارتكابهما بعض التصرفات التي وصلت الى حد الجريمة ضد بعضهما البعض. وكذلك مسلسل "أبناء ولكن" الذي يوضح كيف يستطيع الأخ السيطرة على كل شيء مهما كان تأثير ذلك على علاقته بأشقائه وأبنائهم.
كل مشاكل الحياة وضغوطها وصراعاتها والاحباطات التي يعيشها الانسان تساعد على زيادة انفعالاته، مما يؤدي الى ارتكاب الجرائم حتى ضد اقرب الناس اليه، ولذلك نجد ان غالبية هذه الجرائم تحدث في الاماكن المتدنية اقتصادياً، مثل المناطق المزدحمة سكانياً، والمنازل الصغيرة، والأسر الفقيرة، خصوصاً إذا كانت الأمية منتشرة في تلك البيئة. واذا طبقنا هذا على جريمة الممرضة أميرة فسنجد ان الام والاب يعيشان في احياء متدنية اقتصادياً، وحتى لو كان الاب حاصلاً على الدكتوراه، فإن البيئة التي نشأ فيها أثرت عليه، ولكن لا يعني هذا أن هذه الجرائم تنعدم في المناطق الراقية فهي تحدث فيها أيضاً ولكن بدرجة أقل.
وأكد الدكتور يسري عبدالمحسن استاذ الطب النفسي في جامعة عين شمس ان كل المؤشرات يدل على ان هذا البيت سوف يخرِّج مجرمين، فالممرضة أميرة نشأت وسط اسرة مفككة وبها كثير من المتناقضات، فالأم تنقلت من الزواج باستاذ جامعي سمير، كما قيل، إلى عامل أحمد، وهذا النزول في المستوى الاجتماعي للزواج يدل على ان الزواج الاول غير متوافق والزواج الثاني تحوم الشبهات حول صحته وملاءمته. كما ان الطلاق بين الام والاب وقع والفتاة ما زالت في سن الطفولة، دون ان يتفقا على اسلوب تربيتها واحتوائها. فكانت النتيجة انها تخبطت بينهما وأضحت في ضياع، فالاب يطردها والأم كذلك. فلم تعرف الحنان ولا الاستقامة أو الارشاد أو أي نوع من التربية في حياتها سواء من الام او الاب. كل هذا أدى الى ان تحمل الفتاة بداخلها الاحساس بالغضب والكراهية والحقد وروح الانتقام الذي وصل الى حد الانفجار بسبب كثرة الصراعات النفسية التي كانت الأم مصدرها الاساسي بمعاملتها السيئة، واتهاماتها المتكررة لها بسوء سلوكها. فهذه الام لا تصلح ان تفرخ للمجتمع اطفالاً ولو فحصنا طفليها التوأم من الزوج الاخر سنجد بداخلهما ايضا الميل الى الجريمة، لأن الصفات الاجرامية تورث من الام، وهي هنا أم تسيطر عليها روح الجريمة، ويتضح هذا من طلبها من ابنتها الادعاء بأن جارها حاول اغتصابها. وكان من المفروض ان يلعب الاب الدور الواجب وهو احتواء ابنته وعدم تركها تعيش مع ام غير مستقيمة وضعيفة الشخصية وزوج ام هو الآخر غير مستقيم، ولكن الاب الذي اشك اصلاً في أنه استاذ جامعي تناسى ابنته وبدأ الاهتمام بنفسه. والنتيجة منطقية، وقد عبرت عنها الابنة عندما وصلت الى سن المراهقة، فظهر في سلوكياتها ما جعلها عرضة للاتهامات الكثيرة من ناحية الام، ثم اخرجت هذا الكم الهائل من الكراهية وروح الانتقام في اول تصادم بينها وبين والدتها، وكأنهما ضرّتان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.