أمير تبوك يواسي الغرير في وفاة زوجته    كيف أصبح هيكل ملكية أرامكو بعد طرح 1.545 مليار من أسهمها    صالة إضافية بمطار الطائف لانسيابية توافد الحجاج    بدء مرحلة إبداء الرغبات لمشروع المباني السكنية في المنافذ البرية    "الوزاري الخليجي": يجب وقف إطلاق النار بغزة    وزير الخارجية يشارك في الاجتماع الوزاري للحوار الاستراتيجي الخليجي-التركي    التصنيف الآسيوي كلمة سر الأخضر أمام الأردن    جماهير الأهلي تتصدر "إكس" بسبب كيميتش    بلجيكا تُعول على دي بروين ولوكاكو في يورو 2024    ضبط 18 شخصا لنقلهم 103 مخالفين ليس لديهم تصريح الحج    "لذة الوصول" يوثقها الحجاج في ميقات ذي الحُليفة    محاولة من الاتحاد لضم رحيمي    نائب أمير الشرقية يستقبل رئيس وأعضاء لجنة الحج في مجلس الشورى    سمو أمير منطقة القصيم يوجه ادارة التعليم بالمنطقة بتوثيق أسماء الطلبة المتفوقين    "كلية العلوم" بجامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل تختتم معرض الملصقات العلمية لمشاريع التخرج    عادل الجبير يلتقي وزير خارجية تشيلي و وزير خارجية سورينام    فريق طبي "ب"مركزي القطيف" ينقذ حياة مقيم    ( نقد) لقصيدة ( في رثاء بدرية نعمة) للشاعرالحطاب    أمير الرياض يستقبل رئيس نادي الهلال    استقبال 683 حاجا من 66 دولة من ضيوف خادم الحرمين الشريفين للحج    محافظ البكيرية يتفقد مشاريع الإسكان بالمحافظة    نمو الأنشطة غير النفطية 3.4% بالربع الأول    التدابير الوقائية تخفض ضربات الشمس بالحج 74%    الأرصاد: ابتداء من غد الاثنين استمرار ارتفاع درجات الحرارة لتصل إلى 48 درجة مئوية    وصول الفوج الأول من حجاج أمريكا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا    شرائح إنترنت واتصال مجانية لضيوف خادم الحرمين الشريفين للحج    تقييم: رصد عدد من المواقع الوهمية التي تنتحل هوية موقع "تقدير" لتقييم أضرار حوادث المركبات    ليس للمحتل حق «الدفاع عن النفس»..!    مستشفيات وعيادات دله تواصل تقديم رعايتها الصحية خلال إجازة عيد الأضحى المبارك    صور مولود عابس.. تجذب ملايين المشاهدات !    رصد 1000 مخالفة نقل بمكة والمدينة    مليون ريال مخالفات أسواق ومسالخ الرياض    تعامل سريع لإنهاء إجراءات الحاج في صالات مطار جدة    بارقة أمل.. علاج يوقف سرطان الرئة    ختام العام الدراسي الحالي غداً.. العام الجديد في 14 صفر    بعدما صفع معجباً على وجهه.. هل يمثُل عمرو دياب أمام النيابة المصرية؟    الجبير يؤكد التزام المملكة بالتعاون مع المجتمع الدولي لحماية المحيطات والموارد البحرية    قميص النصر يلفت الانتباه في ودية البرتغال وكرواتيا    تحتفل برحيل زوجها وتوزع الحلوى    نادي الرياض يُتَوّج بكأس بطولة المملكة لسلة الكراسي    توفير الأدوية واللقاحات والخدمات الوقائية اللازمة.. منظومة متكاملة لخدمة الحجاج في منفذ الوديعة    استفزاز المشاهير !    مَنْ مثلنا يكتبه عشقه ؟    مرسم حر    نصيحة للشعاراتيين: حجوا ولا تتهوروا    نفائس «عروق بني معارض» في لوحات التراث الطبيعي    السعودية للكهرباء تكمل استعداداتها لموسم حج 1445ه بعشرين مشروعاً جديداً    وزير الدفاع يؤكد دعم المملكة للحكومة اليمنية    أثر التعليم في النمو الاقتصادي    الجامعات منارات التقدم    اطلاق برنامج أساسيات التطوُّع في الحج    إعلانات الشركات على واتساب ب«الذكاء»    التنظيم والإدارة يخفِّفان الضغط النفسي.. مختصون: تجنُّب التوتّر يحسِّن جودة الحياة    «إنجليزية» تتسوق عبر الإنترنت وهي نائمة    رئيس وزراء باكستان يعود إلى بلاده بعد زيارة رسمية للصين    القلعة الأثرية    الجهات الحكومية والفرق التطوعية تواصل تقديم خدماتها لضيوف الرحمن    فقدت والدها يوم التخرج.. وجامعة حائل تكفكف دموعها !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تسعة كتاب وكاتبة يجيبون عن سؤال الوسط 7 من تحولات الخطاب الثقافي الى اعادات النظر الحميمة ما الذي تغير أو سيتغير في الطريق الى فلسطين ؟ 1 من 2

عبرت الاشهر القليلة الماضية بلمح البرق، وتدافعت الاحداث فلم نعد نقوى على اللحاق بها7 لم نعد نتعرف الى أنفسنا في هذا المشهد الجديد، في الغرب تغيرت خرائط، وسقطت جدران وانهارت قيم، من دون أن يعني ذلك أن العالم يسير بالضرورة نحو الافضل7 وبين مجزرة وأخرى، بين هزيمة وهزيمة أشنع، على المستوى الوطني والسياسي - لكن ايضاً على المستوى الداخلي الحميم - يجد العرب أنفسهم على عتبة مرحلة جديدة مجهولة المعالم7 ثمة أشياء انكسرت، وأشياء أخرى تحولت، وربما كان التحول في أسوأ حالاته افضل من الجمود والركود 777 أم أننا نردد ذلك في سرنا، من باب تعزية الذات ومهادنة التاريخ؟
وها هي فلسطين، تلك الاسطورة التي ترعرعت في ربوعها أجيال كاملة، وأزهرت في الطريق الدامية اليها الاغاني والاحلام والتطلعات المثالية، حتى صارت رمزاً للوعي القومي، وحجر الاساس في أي مشروع تحرري فردي او جماعي 777 ها هي تصبح في متناول اليد7 هذا على الاقل ما يصر على الايمان به أمثال ليانة بدر التي تعتبر أن الحلم يصبح اكثر قابلية للتجسيد كلما اقتربت من وطني، والتي بدأت تطرح على نفسها بشكل عملي أسئلة تتعلق بكيفية المباشرة في بناء الدولة7 فيما يقف آخرون متشائمين من المستقبل يخامرهم شعور بأن الوطن المؤجل ابتعد مرة أخرى
هل قرعت أجراس العودة حقاً؟ لعل الاسطورة تعبت من البقاء أسيرة القصائد، واختارت المغامرة في الارتماء بين وحول الواقع، عساها تتمخض عن وطن فعلي، عن مشروع وطن 777 لكن ماذا بقي من شعارات الامس وأوهامه وتطلعاته؟ كيف انعكس كل ذلك وسينعكس على وعي الفرد العربي؟ ما هي الآثار التي سيتركها الربيع الفلسطيني على النتاج الأدبي والحركة الثقافية بشكل عام؟ ما هي الاسئلة التي تسكن ضمير المبدع عند هذا المفترق الحاسم، وكيف يتصور دوره؟ تخوفاته وآماله، مراجعاته ومراهناته 777 ما عساها تكون؟ كيف يقرأ الراهن في ضوء تجربته الحميمة، وكيف يتراءى له مستقبل الخطاب الثقافي الفلسطيني؟
طرحنا هذه التساؤلات على مجموعة من الكتاب الفلسطينيين في منافيهم، فتكرم بالرد هم حسب التسلسل الابجدي كل من رشاد أبو شاور، رسمي ابو علي، ليانة بدر، أحمد حبور، حسن خضر، محمود الديماوي، فخري صالح، محمد القيسي، عزالدين مناصرة ويحيى يخلف7 والوسط إذ تنشر هذه الردود المتأرجحة بين النقاش الفكري أو السجال السياسي والهم الثقافي العام، تأمل في فتح النقاش واحتضانه عند اعتاب زمن مختلف، وفصل جديد من تاريخنا لا يزال عند صفحته الاولى7
ليانة بدر: أن أسترد خطواتي الضائعة من صحاري التيه
إن أجيالا عدة ساهمت، بل وشاركت، في عيش القضية الفلسطينية من مختلف المواقع والامكنة والازمنة7 ولا أعتقد أن بوسعنا رصد التحولات الراهنة انطلاقاً من تصنيف المثقفين الفلسطينيين في خانات وأجيال7 هل من السهل أن نعثر على قواسم مشتركة بين كتابات غسان كنفاني وكتابات جبرا ابراهيم جبرا؟ ما الذي يجمع بين أدب سحر خليفة وأدب فدوى طوقان مثلاً؟ ليس هناك الا الخطوط العامة التي تتجسد القضية الفلسطينية من خلالها7 أما التباينات فكثيرة، والأجيال متعددة ومختلفة بالطريقة ذاتها التي اختلفت فيها الأمكنة والمفاهيم، والمقاربات7
من موقعي كمواطنة فلسطينية، أتيح لها معايشة تجربة المقاومة الفلسطينية ابتداء من التنظيمات الطلابية، وحتى الحرب الأهلية في لبنان مروراً بمناف عديدة، أشعر أن الحلم الذي كنت أسعى اليه يتجسد ويزداد حضوراً كلما اقتربت من وطني7 الوطن! ليس بالمعنى المجرد ولا بالمعنى الشاعري، إنما بمعناه الواقعي والحقيقي7 أريد أن أعايش الناس في البلاد، أن أسترد خطواتي الضائعة التي حملتني إلى صحاري التيه وبراري القسوة7 أريد رائحة الهواء طعم الماء لمسة الجدة 777 وأريد حياة حقيقية من صلصال البدايات الأولى
أنا، في الحقيقة، سئمت المنافي بما فيها من تصنيع بشري متقن لما يشبه الحياة7 أود أن أسمع الامثال الشعبية وهي تنبع من أرضها، أن أرتوي بالحكايات وهي تنبثق من سمائها7 لا أريد أن أسترسل في الاحلام مخافة أن أغرق في نبعها السحري7 حلمنا في ما مضى حتى شبعنا، وتطلعنا كثيراً باتجاه عالم يسود فيه السلام والعدالة والسعادة7 وها نحن على حافة كرة أرضية تعج بالجوع والحروب العرقية والعصبية7 ربما كان الحلم أثقل منا، أو أن وسائل ترجمته على ارض الواقع، لم تكن ميسرة ولا كافية7
لذا أجد أن رقعة الحلم وحدها لا تكفي7 نحن بحاجة الى عقلية علمية، منهجية، وثورية بالمعنى العصري، كي تفتح أمامنا مجالات التطور7 ولن يمكننا التطور مستقبلاً على الصعيد الفلسطيني ان لم نعرف المعنى الفعلي للديموقراطية، خارج نطاق الادعاء اللفظي الاجوف7 يتضمن معنى الديموقراطية الاعتراف بحق الافراد في التعبير عن رأيها، أي أنه يفترض التخلي عن العشائرية التي ما زالت تطبع الحياة السياسية لدينا7 كما أن الاعتراف بحق الفرد في التعبير والاختلاف، يعنى حكماً معاملة النساء كمواطنات حقيقيات، وليس ككائنات هامشية تتحمل الاعباء والمسؤوليات من دون ان تحصل على أية حقوق7
نعم، ستكون الديموقراطية متمثلة أولا في إعطاء المرأة حق المواطنية بما فيها من واجبات وحقوق، وهذا هو الحلم الأول الذي سأسعى اليه في ظل الوضع الجديد المقبل7 أريد أن أشارك في تمهيد الطريق أمام النساء، كي يمارسن حقوقهن ويتمتعن برعاية المجتمع المدني، لن تكون فلسطين المستقبل جميلة الا بأهلها، ولذا فان الحلم الفاتن يتجسد في جعلها الرمز الحضاري البارز في التعددية وفي ممارسة الديموقراطية7
ثم يأتي بالنسبة الى زمن الكتابة7 بعد تحقيق مناخ الحرية فوق ارضنا، لا بد من مواصلة المعركة ، وهي قاسية حتماً هذه ا لمرة لأنها ستكون معركة البناء تسكنني الحماسة منذ الآن عندما اتصور غزارة المواضيع الادبية التي ستتوفر للكتاب7 فاذا استطعنا ان نكتب في الخارج رغم الحروب المنافي الصعبة، فلم لا نكتب بشكل افضل، انطلاقاً من رؤية اكثر دراية بالناس وفي لغة اشد نقداً والتماعاً بالخلق، ونحن على أرضنا؟ هذا هو الأمل، وإن كان تحقيقه مرهوناً بتأسيس المجتمع المدني الذي لا تنتعش الحريات الا في ظله، لما يوفره في ثباته واستقراره من مساحات شاسعة للابداع والتراكم وارتقاء الانسان7
عزالدين المناصرة: خطاب التبعية والتلفيق !
ظل المثقف الفلسطيني طيلة ثلاثين سنة، وما زال حتى الآن، مثقفاً ذيلياً تابعاً يجاري الخطاب السياسي المهيمن المتقلب7 وكلما عارض، كانت معارضته تأتي سياسية وليست ثقافية7
لذا فإن الخطاب الثقافي الفلسطيني الحالي هو خطاب تلفيقي7 وصل عدد مهم من المثقفين الفلسطينيين الى مواقع في السلطة السياسية ولست منهم بالتأكيد7 لكن هؤلاء انطلاقاً من مصالحهم الشخصية البحتة، باعوا القرار الثقافي وضحوا به على مذبح السياسة، مقابل قيام السلطة السياسية بالترويج لهم وبتكريسهم كسلطة موازية في مجال الابداع7 هكذا أصبح مثقفو السلطة سداً منيعاً، وحاجزاً في وجه اي مشروع ثقافي بديل من النوع الذي كان يطالب به مبدعون على اتصال بالواقع، بالشارع وبالمرحلة7 هكذا صرفت مثلاً أموال طائلة باسم الثقافة، دون أن يستطيع روائي كبير او شاعر كبير أن ينشر أعماله الابداعية7
ولا تقتصر التبعية على الخطاب الثقافي الفلسطيني،7 بل أن الخطاب الثقافي العربي الحالي نفسه، ما زال تابعاً الى درجة محو الهوية777 أين نحن اليوم، على ضوء المتغيرات الراهنة؟ من بوسعه الاجابة بدقة على هذا السؤال7 أنا أطرح مفهوم التفاعل المشروط بدلاً من التبعية أو المواجهة مع الآخر العالمي7 أما الآخر الاسرائيلي، فما زلت أعتقد أن ثقافته ليست أوروبية، كما يزعم بعض المثقفين العرب، إنما هي ثقافة متخلفة، لأنها ما زالت عنصرية حتى الآن - اذا استثنينا أعمالا أدبية محدودة الفاعلية - علي عكس ثقافتنا المفتوحة على كل الاحتمالات7
محمود الريماوي: القيم المهددة وتحديات المستقبل
إن مستقبل الخطاب الثقافي الفلسطيني لا علاقة له بما درجنا عليه كل هذه السنوات7 وكما لاحظ مفكر كبير هو إدوارد سعيد فإن اتفاق غزة أريحا أولا يهدد الكثير من المعاني والرموز والقيم في ثقافتنا وفي وجداننا الجماعي7 ولكنني، وإن كنت أتفق مع هذا الرأي، أشك في أن الوضع السابق - أي استمرار الاحتلال بشكل أشرس غير قابل للنقد، وتفشي الاستيطان، وانسداد الآفاق أمام أية حلول، وحرمان اللاجئين والنازحين من الحق أو حتى الأمل في العودة - أشك في أن هذا الوضع كان ليساهم في الحفاظ على المعاني والرموز والقيم التي تواجه اليوم هزة عنيفة وتحولات جذرية7
في مستقبل قريب سنتحدث أقل عن فلسطين التاريخية، وذلك بتأثير محددات الاتفاق وتداعياته7 لكننا لن نكف عن السعي للدفاع عن حق اللاجئين في العودة الى أرضهم ولن يتوقف السعي لاقامة دولة مستقلة على جزء من وطن الآباء والاجداد7
أما عداؤنا للصهيونية فسيتجسد في موقفنا من العنصرية والتمييز العرقي والفئوي7 كما أننا سنتمسك بالعروبة هوية واطاراً قومياً 777 وسنتمكن من فرض التطبيع على الاسرائيليين الذين استمرأوا طويلاً تغييب الفلسطينيين بابداعهم وثقافتهم ومكوناتهم الوطنية والروحية7 وعليه فان مستقبل الخطاب الفلسطيني سوف يستمد مشروعيته وفاعليته باعتباره جزءاً من مستقبل الخطاب العربي والعالمي، عشية قرن جديد حافل بالزلازل والتحولات7
رسمي أبو علي: من عدو مطلق الى جار محتمل
عندما أطلقت مع مجموعة من الخوارج مجلة رصيف 81 في بيروت، كان مشروعنا يمثل ثورة شاملة على المفاهيم السائدة7 كنا نقول بالشك بالمسلمات وبنسبية المبادئ والافكار، ونضع الواقعية في مواجهة الغيبيات والنظريات المطلقة7 كم كنا متقدمين على المرحلة، حين دعونا الى تغيير التعامل مع الآخر الغربي / الاسرائيلي من عدو مطلق الى جار محتمل7
ولم تكن الانتفاضة الا التعبير المادي الملموس، والجسر الذي تكفل بتحويل مفهوم الآخر - العدو في الذهن الفلسطينيني العربي، والذهن الاسرائيلي الغربي الى جار أو شريك محتمل7 فتجنب القطيعة ورفض التبعية في آن مهد للخيار الثالث الذي هو خيار توفيقي جدلي7 والانتفاضة ليست في النهاية الا تجسيداً لالخيار الثالث، واستكمالاً لتغيير لمفاهيم المطلقة وتحطيم التابويات المحظورات7
وحين نشرت ابتداءً من العام 1983 رواية على حلقات في جريدة النهار اللبنانية، كان عنوان هذه السيرة الذاتية هو الطريق الى بيت لحم7 واعتبر البعض أنني أوحي، من خلاله، بامكانية القفز عن القدس، اذا ما اعترضت هذه العقدة المصير الفلسطيني7 فالمقدس بالنسبة الي كان ولا يزال مصير الشعب الفلسطيني أولا". وأي مقدس آخر يأتي في المقام الثاني7
فخري صالح: كفانا شعارات
إن التخوف من احتمال التطبيع الثقافي مع اسرائيل هو تخوف ليس واقعياً على الاطلاق، ولنا في مثال التجربة المصرية برهان على عدم قدرة الثقافة العبرية اختراق الواقع الثقافي العربي، لأن هذه الثقافة ببساطة لا تمتلك شخصية متميزة ومستقلة عن الثقافة الغربية7
لكنني أرى أن على المثقف الفلسطيني خاصة، والعربي بشكل عام، أن يتحمل مسؤوليته في مواجهة المشروع الصهيوني التوسعي في المنطقة، وذلك بوسائل جديدة تختلف جذرياً عن تلك الكتابات الشعاراتية والايديولوجية التي كان نتعامل من خلالها مع الثقافة الاسرائيلية7 فكشف طبيعة الفكر الصهيوني وفضحه، يجب أن يتم بطريقة علمية موضوعية، كما أن الثقافة الاسرائيلية ليست كلاً متجانساً7 كما لم يعد يخفى على احد، وبوسعنا أن نتعامل مع ثقافة الاحتلال من هذا المنطلق7
علينا أن ننجح في مخاطبة الوعي الغربي والنفاذ اليه، لا أن نكتفي باثارة مشاعر القارئ العربي الذي يتفق معنا سلفاً في ما سنقول7 إن كتاباً واحداً في لغة عالمية كالانكليزية أو الفرنسية، سيكون له تأثير اكبر من كل المقالات والدراسات والطروحات الايديولوجية777 على المثقف الفلسطيني أن يثبت حضوره في وسائل الاعلام الغربية، فإذا أصبح صوته مسموعاً تمكن من تذكير الرأي العام بأن الصهيونية، على الرغم من اتفاقات السلام، لا تزال تحتفظ بمنطقها العنصري، بفلسفتها العرقية وبالرغبة في التوسع على حساب الشعوب الاخرى7
محمد القيسي: لو يتحقق الوطن لأهجره777
أشعر أن المثقف العربي، والفلسطيني خاصة، غدا اليوم بين عتمتين حالكتي السواد7 عتمة ما قبل الاتفاق، وعتمة ما بعده7 أجد نفسي مدعواً الى اختيار احدى العتمتين7
يشهد الشعب الفلسطيني، بلا شك، مرحلة جديدة قوامها انتهاء فكرة اسرائيل التوراتية، كأسطورة تراثية سلفية7 انها المرة الاولى التي نشهد فيها سقوط مقاولات ونظريات وبرامج شكلت ثوابت أساسية لدى الأحزاب والحركات السياسية الاسرائيلية، ومنها تلك التي كانت ترى الاحتلال كمبدأ وطني صهيوني، اضافة الى اننا ننتزع من الآخر اعترافه بنا كشعب إمام العالم7
علي المثقف أن يبدأ بعبور هذه العتمة وتجاوزها، بدل اعتبارها قدراً محتوماً7 عليه أن يعيش بين شعبه مدركاً حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه7 أن يستعيد تجربة الجزائر كاتب ياسين الذي عاد الى وطنه نابذاً اللغة الفرنسية بعدما كانت منفاه ليؤسس مسرحه الجزائري باللغة المحلية ويطوف مع فرقته في انحاء البلاد، فينشر فكرته عن الوطن7
البناء على أرض الوطن مسؤولية الجميع، مسؤولية المثقف كما هي مسؤولية السياسي7 والحقيقة أنني تعبت من العيش بلا وطن7 وأريد أن يتحقق لأهجره، فقد مرمر حياتي!
حسن خضر : حماية الفكرة من خطر الدولة
كانت فلسطين وما زالت وطناً مؤجلاً، يستعصي عليه الواقع فيكبر في الخيال7 وكان محمود درويش، كعادته، أقدر من غيره على التقاط هذه المعادلة الذهبية: ما أكبر الفكرة، ما أصغر الدولة مديح الظل العالي7 ويمكن حصر سؤال الثقافة الفلسطينية اليوم في حماية الفكرة من خطر الدولة7 ففي الماضي كان التعارض بينهما نظرياً الى حد بعيد، أما اليوم فانه يملك من امكانيات التحريض والتجنيد ما يجعل من العلاقة بينهما حقلاً من الألغام الصريحة7
ورغم ذلك يجب ان نتفادى الانسياق وراء البساطة المدهشة التي قد توحي بها معادلة كهذه7 فبعض الافكار البسيطة، أو التي تبدو كذلك، على درجة من التعقيد تجعل الاستسلام الى سلطة البداهة افراطاً في التبسيط، او انسلاخاً عن الواقع7
تتجاوز الفكرة الدرويشية فلسطين الجغرافيا لتمنحها مكانة أعلى، كالمثال الذي يصبو اليه المؤمنون ولا يطالونه7 كأن الطريق هي غاية الطريق7 أما الدولة في المعادلة نفسها، ففي كمالها انتقاص للفكرة، بما أضفته على نفسها من الدلالات السياسية والتاريخية7 والمشكلة ان دولة اليوم، أو احتمالاتها، هي انتقاص للناقص اصلاً، وفي هذه المفارقة ما يجعل ميلاد الوعي المعذب أو الشقي أمرا مؤكداً7 مفارقة المفارقة، اذا جاز التعبير، أن الفكرة والدولة، على الرغم من التعارض الصريح بينهما، تلتقيان في نفي الوعي المعذب، ولا يمكن تعيينهما الا في حقول دلالية ايمانية خلاصية ومطمئنة7
واذا اقتنعنا ان رب ضارة نافعة فعلاً، فان الوعي المعذب قد يحرر الثقافة الفلسطينية من طمأنينتها، تلك التي ترى العالم في صورة متجانسة الألوان واضحة المعالم7 والتمزق الراهن قد يمنحنا فرصة افضل لتقليل الهيام المفرط بأنفسنا. وبمؤسساتنا الثقافية والسياسية7 والأهم، اذا اعترفنا أن الفكرة هي التي صنعت من الفلسطينيين شعباً، وان افتقار جماعة بشرية ما الى احلام توحيدية وموحدة، يهدد بتبديد وجودها في التاريخ، فان الوعي المعذب قد يحرر الجماعة من الترسانة البلاغية التقليدية، ويمكنها من إعادة صياغة علاقتها بالفكرة بوسائل ومفاهيم جديدة7
وقد لا يسعنا تحديد كيفية تجلي هذه الدينامية الجديدة على ارض الواقع، فهي تبدو في اللحظة الراهنة نوعاً من الفرضيات الناقصة في افضل الأحوال لكن اشكالية حماية الفكرة من خطر الدولة - او احتمالات - تبدو اليوم في منتهى الوضوح7 العلمانية والديموقراطية، في هذا السياق، هما المعيار الحقيقي لقياس حجم الخطر، وللحكم على اي رهان7
فالثقافة ستلعب في هذا المجال دوراً أساسيا بقدر تقليل تماهيها مع الدولة، وبقدر ما تتمكن من اعادة الاعتبار الى نفسها بصفتها تعبيراً عن المجتمع المدني، وبقدر ما تتحرر من العلاقة الملتبسة بين الانتاج الثقافي والعمل الدعائي والاعلامي 777 ومع هذا كله، فوق هذا كله، بقدر تمردها على العلاقة التقليدية بين الفقيه والسلطان التي وسمت علاقة المثقف العربي بالسلطة منذ ألف عام7


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.