ارتفاع أسعار النفط إلى 83.27 دولارًا للبرميل    الفرصة ماتزال مهيأة لهطول أمطار على معظم مناطق المملكة    1.6 ألف ترخيص ترفيهي بالربع الأول    الطاقة النظيفة مجال جديد للتعاون مع أمريكا    جامعة الملك خالد تدفع 11 ألف خريج لسوق العمل    «الأقنعة السوداء»    السعودية والأمريكية    العيسى والحسني يحتفلان بزواج أدهم    احذر أن ينكسر قلبك    5 مخاطر صحية لمكملات البروتين    تقنية تخترق أفكار الناس وتكشفها بدقة عالية !    إلتقاء سفيرة خادم الحرمين الشريفين بطلبة المنتخب السعودي في آيسف.    حلول سعودية في قمة التحديات    فتياتنا من ذهب    تضخم البروستات.. من أهم أسباب كثرة التبول    بريد القراء    الرائد يتغلب على الوحدة في الوقت القاتل ويبتعد عن شبح الهبوط    ولي العهد يلتقي الأمين العام للأمم المتحدة وملك الأردن والرئيس السوري    هتان السيف.. تكتب التاريخ في الفنون القتالية    حراك شامل    الدراسة في زمن الحرب    الإطاحة بوافد مصري بتأشيرة زيارة لترويجه حملة حج وهمية وادعاء توفير سكن    76 مليون نازح في نهاية 2023    فصّل ملابسك وأنت في بيتك    الشريك الأدبي وتعزيز الهوية    التعليم في المملكة.. اختصار الزمن    صالح بن غصون.. العِلم والتواضع        WhatsApp يحصل على مظهر مشرق    رئيس موريتانيا يزور المسجد النبوي    ابنة الأحساء.. حولت الرفض إلى فرص عالمية    الاستشارة النفسية عن بعد لا تناسب جميع الحالات    فوائد صحية للفلفل الأسود    ايش هذه «اللكاعه» ؟!    خطر الوجود الغربي    العام والخاص.. ذَنْبَك على جنبك    حق الدول في استخدام الفضاء الخارجي    كلنا مستهدفون    أثقل الناس    تحولات التعليم.. ما الذي يتطلب الأمر فعله ؟    لماذا يجب تجريم خطاب كراهية النساء ؟    الاتحاد يتعثر من جديد بتعادل أمام الخليج    المسابقات تعدل توقيت انطلاق عدد من مباريات دوري روشن    بتوجيه ولي العهد.. مراعاة أوقات الصلوات في جدولة المباريات    البنيان يشارك طلاب ثانوية الفيصل يومًا دراسيًا    أمير القصيم يرفع «عقاله» للخريجين ويسلم «بشت» التخرج لذوي طالب متوفى    النفط يرتفع والذهب يلمع    أمير تبوك يرعى حفل جامعة فهد بن سلطان    بمشاركة السعودية.. «الحياد الصفري للمنتجين»: ملتزمون بالتحول العادل في الطاقة    أمطار على أجزاء من 6 مناطق    صفُّ الواهمين    أمير تبوك يطلع على نسب إنجاز مبنى مجلس المنطقة    سقيا الحاج    السفير الإيراني يزور «الرياض»    أمين العسيري يحتفل بزفاف نجله عبد المجيد    خادم الحرمين الشريفين يصدر عدداً من الأوامر الملكية.. إعفاءات وتعيينات جديدة في عدد من القطاعات    رحالة فرنسي يقطع ثمانية آلاف كلم مشياً على الأقدام لأداء مناسك الحج    رعاية ضيوف الرحمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الوسط" تحاور مسؤولين من 9 دول عربية عن عمق المشكلة . العالم العربي كان ممراً للمخدرات فصار مدمناً وموزعاً لها !
نشر في الحياة يوم 26 - 10 - 1992

بعدما تفاعلت مشكلة تهريب المخدرات وانتشارها بأنواعها السامة المتعددة في العالم وصارت القضية الاولى على لائحة اهتمامات المسؤولين الغربيين ومنهم الرئيس جورج بوش الذي اعلن الحرب على صانعي هذه المواد وزارعيها ومهربيها الذين يتمركز معظمهم في اميركا اللاتينية وبخاصة في كولومبيا، بدأت هذه الآفة تأخذ بعدها الكبير في الدول العربية بعد انتشارها، ولو بنسبة مختلفة، بين مواطنيها.
وقد عقد هذا الشهر في ابو ظبي مؤتمر دولي لمكافحة المخدرات شاركت فيه 30 دولة وتسع منظمات عالمية، حيث كان مناسبة ل "الوسط" للالتقاء على هامشه مع رؤساء الوفود العربية المشاركة وهم من المملكة العربية السعودية، ودولة الامارات، وقطر، والكويت، ولبنان، وسورية ومصر، وتونس وسلطنة عمان، فحاورتهم حول عمق هذه المشكلة في بلدانهم وفي العالم العربي، وكانت النتيجة التحقيق الخاص الآتي:
هل يمكن ان يطلق على حرب المخدرات "الحرب العالمية الثالثة"؟
- كثيرون يؤكدون انها فعلاً حرب كونية تدور بين "بارونات" المخدرات والمافيا العالمية التي تريد تحقيق ثروات خيالية على حساب الشعوب من جهة، وبين الحكومات والمنظمات الدولية التي تعمل جاهدة للقضاء على هذه الظاهرة من جهة ثانية.
لكن، رغم كل الجهود الرسمية للانتصار على هذه الآفة التي ادت في العام الماضي الى الايقاع بتجار المخدرات وضبط كميات من "موادهم القاتلة" تبلغ قيمتها 300 بليون مليار دولار اميركي، فان الحرب ما زالت مستعرة ويذهب ضحيتها الملايين من البشر والثروات والامكانات، الامر الذي ادى الى آثار بالغة السلبية على المجتمعات الانسانية والخطط الانمائية وبخاصة في دول العالم الثالث. وعلى هذا الاساس يشحذ كل طرف ادواته وطاقاته كاملة لتوظيفها في هذه المعركة الضروس التي تدور اولاً وأخيراً بين الخير والشر. اللقاءات والمخططات الهدامة بين "بارونات" المخدرات تدور في الظلام، فيما تحاول الحكومات والمنظمات الدولية العمل في وضح النهار لتصل الى كافة شرائح المجتمع لتجميع القوى في مواجهة ظاهرة تجار الموت وسمومهم، فكانت لقاءاتها السنوية في مؤتمرات عالمية شهدتها دول اميركا اللاتينية والولايات المتحدة واوروبا وانتقلت حديثاً الى دول الخليج والشرق الاوسط.
مؤتمر ابو ظبي
في هذا الاطار انعقد في أبو ظبي المؤتمر العالمي لمكافحة المخدرات الذي نظمته وزارة الداخلية في دولة الامارات بالتعاون مع وزارة الداخلية الفرنسية وشاركت فيه 30 دولة وتسع منظمات دولية. وتناول المؤتمر خمس قضايا اساسية يأتي في مقدمتها غسل اموال المخدرات ومصادرة الاموال المنقولة وتنظيف الاموال بعدما استفحلت هذه الظاهرة وأخذت بعداً عالمياً أتاح لتجار المخدرات اعادة تدوير أموالهم في قنوات مالية ومصرفية شرعية، وتركت تأثيراتها السلبية على كثير من المصارف والمؤسسات المالية العالمية.
كما بحث المؤتمر اطر التعاون الدولي لمكافحة المخدرات والجوانب القانونية ودور الاجهزة الرسمية في هذا المجال، وكيفية الوقاية من تعاطي هذه المواد السامة والمشاكل الصحية المترتبة عنها والطرق الحديثة لعلاج واعادة تأهيل المدمنين.
لماذا انعقد المؤتمر في أبو ظبي؟
في معرض الاجابة على هذا السؤال يقول العقيد ثاني عبيد الرميثي مدير عام شرطة أبو ظبي رئيس المؤتمر: "ان دول الخليج اصبحت الآن مستهدفة من جانب عصابات التهريب التي تعمل على ترويج هذا الداء داخل دولة الامارات أو العمل على نقله من خلالها.
فدول المنطقة بشكل عام اصبحت بوابة لعبور المخدرات بين دول الانتاج ودول الاستهلاك، لذلك لا بد من اغلاق هذه البوابة ورصدها بعناية فائقة بخاصة بعدما انتشرت ظاهرة تعاطي المخدرات في منطقتنا".
ويؤكد العقيد الرميثي ان دول الخليج العربية ومن بينها دولة الامارات لم تكن مجتمعاتها تعرف خطر المخدرات منذ عقود، وقد اصبحت الآن مستهدفة من جانب عصابات التهريب والترويج التي كانت تتخذها أولاً كمناطق للعبور بالمخدرات الى دول اخرى، ثم اتجهت عقب ذلك الى توزيع المخدرات في الدولة نفسها.
وقد ساعد على ذلك قرب الامارات من بعض مناطق الانتاج ووجود العديد من الجنسيات التي يمكن ان يتواطأ بعض افرادها مع عصابات التهريب، وارتفاع المستوى المادي الذي يغري هذه العصابات بجني ارباح طائلة.
الجهود الدولية
ما هي النتائج التي حققتها الجهود الدولية لمكافحة المخدرات عام 1991؟
- تمكنت منظمة الشرطة الدولية "الانتربول" بالتعاون مع الدول النشطة في مكافحة المخدرات في العام الماضي من مصادرة كميات من المخدرات المهربة على المستوى الدولي تقدر قيمتها ب 300 بليون مليار دولار اميركي.
وتشير المنظمة بالاستناد الى هذا الرقم الضخم ان الاموال المستخدمة في تجارة المخدرات تفوق كمية الاموال المستخدمة في تجارة النفط ولا يضاهيها سوى تجارة السلاح.
ويؤكد اقبال حسين رزفي ضابط ارتباط شعبة المخدرات في منظمة "الانتربول" ان المنظمة ساهمت العام الماضي في مصادرة اكثر من 22 طنا من الهيرويين و100 طن من الكوكايين و600 طن من القنب الهندي وملايين الجرعات من المؤثرات العقلية. كما ساهمت في اعتقال 12 الف مهرب، وقال ان المعلومات الواردة للمنظمة بواسطة 158 بلداً عضواً في الامانة العامة للانتربول تؤكد ان قضية المخدرات في جميع انحاء العالم تتفاقم بسرعة، مشيراً الى ان الكميات التي تم ضبطها من الكوكايين ارتفعت من نصف طن عام 1991 الى 100 طن عام 2199. كما اشار الى تطور حجم كميات الكوكايين التي ضبطت في اوروبا حيث ارتفعت بين عامي 1971 و1991 من 26 كيلوغراماً الى 15 الف كيلوغرام، فيما ارتفعت كميات الهيرويين المضبوطة من 5،1 طن الى 22 طناً على المستوى العالمي، وارتفعت في اوروبا من 54 كيلوغراماً الى 3 آلاف كيلوغرام عام 1991.
وأكد رزفي ان ما يقارب من نصف مليون شاب أوروبي يستهلكون سنوياً حوالى 50 طناً من الهيرويين كما ان هناك ما يقارب المليون شخص في أوروبا يسيئون استعمال الكوكايين والحشيش والمؤثرات العقلية.
وقال إنه يوجد في جنوب غرب آسيا وحدها ما يقارب المليون شخص ممن يسيئون استعمال الافيون أو الهيرويين وأن أعدادهم في ازدياد.
يؤكد اقبال رزفي: "ان تزايد اعداد مستخدمي المخدرات سيكون له انعكاسات اقتصادية خطيرة الى جانب انعكاساته الامنية والاجتماعية. فالمخدرات ستترك تأثيرات وهماً عميقاً لأرباب العمل حيث ترتفع نسبة التغيب عن العمل ويكون أداء العمل خفيفاً، وتزداد اصابات العمل، وكلفة العناية الصحية، والتسبب في تلف معدات العمل من جراء استخدامها غير الصحيح".
وقال رزفي ان دولاً في جنوب شرق آسيا وتايلاندا وبورما ولاوس ودول الهلال الذهبي في الشرق الادنى والاوسط افغانستان - باكستان - ايران وكولومبيا في اميركا اللاتينية تتعزز فيها سلطة بارونات المخدرات الذين تساهم ثرواتهم الخيالية في خلخلة اجراءات مكافحة المخدرات والنشاطات الاقتصادية المشروعة في دولهم والدول التي يصدرون اليها المخدرات.
وأكد ضابط الارتباط في "الانتربول" ان المنظمة وبتعاون جميع الدول الاعضاء ستربح الحرب ضد المخدرات على الرغم من انها خسرت بعض المعارك حتى الآن.
وقال ان الحرب ضد المخدرات حققت حتى الآن نتائج جيدة، مشيراً الى ان المنظمة تعاملت في العام 1991 مع أكثر من مليون جريمة أكثر من 60 في المئة منها تتعلق بالمخدرات.
دور الامم المتحدة
انشأت الامم المتحدة برنامجاً خاصاً لمكافحة المخدرات عام 1990 بهدف مساعدة الحكومات في انشاء البنى الصحية والمناسبة لمكافحة المخدرات ووضع الخطط الرئيسية والشاملة الوطنية والاقليمية للنشاطات والجهود المبذولة في المكافحة.
ويؤكد جيل داي رئيس قسم الخدمات التقنية في برنامج الامم المتحدة لمكافحة المخدرات أهمية تأييد ودعم الجهود الوطنية والدولية للقضاء على الاتجار بالمخدرات من خلال التعاون المشترك، ودعا ضباط تنفيذ القانون بضرورة الاعتقاد بصحة وفائدة أعمالهم لمجتمعاتهم وعدم الشعور بالفشل والتشاؤم ازاء انتشار المخدرات وزيادة مخاطرها، مؤكداً في الوقت نفسه عدم وجود حلول بسيطة لهذه القضية المستعصية التي اصبحت تهدد الاغنياء والفقراء على السواء.
غسيل الاموال
وقد اخذت هذه القضية ابعاداً خطيرة جداً نتيجة قيام تجار المخدرات بغسيل أموالهم "القذرة" وتحويلها الى أموال نظيفة عن طريق البنوك. حيث اوصوا بأنها اموال مكتسبة بطرق قانونية وشريفة لأنها اذا تركت كما هي فانها من المحتمل ان تقود الى اكتشاف مرتكبي الاعمال الاجرامية، وهي بالتالي محاولة لاخفاء مصدر الكسب غير المشروع لهذه الاموال حتى يمكن استثمارها بحصانة تامة في قنوات مشروعة مالية واقتصادية.
لقد تأكدت اهمية هذه المشكلة بالاهتمام الكبير الذي اولاه لها المجتمع الدولي، حيث اقر مؤتمر الامم المتحدة لمكافحة التجارة غير المشروعة للمخدرات والمواد المؤثرة على الجهاز العصبي النفسي في 19 كانون الاول ديسمبر 1988 في فيينا تعريفاً قانونياً لغسيل الاموال. وهناك ايضاً عمل مجموعة العمل المالي والذي كان استمراراً لاجتماع رؤساء مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى في قمة "آرش" في تموز يوليو 1989 والذي نتج عنه اصدار 40 قراراً هدفت الى منع استخدام نظام العمل المصرفي لهذه الاموال "القذرة". واخيراً العمل الجاري الآن لمجموعة العمل المالي لدول البحر الكاريبي والتي تبحث المشاكل الخاصة بتلك المنطقة.
ويؤكد الخبراء ان مشكلة غسيل الاموال الناتجة عن تجارة المخدرات تتطلب تقنيات عالية لكشفها لانها ليست كالجرائم الاخرى لكونها ذات طبيعة سرية يصعب ادراكها بسهولة، خاصة وانه لا يتسبب عنها ضحايا بصفة مباشرة. مما يجعل هذه الجريمة غير المرئية وبلا مدعي تنساب دون جهد في مظاهر الشرعية من خلال القنوات والدوائر المالية المتعددة في العالم.
ويتم غسل الاموال عادة عن طريق تحويل اوراق بنكية الى اعتمادات مصرفية أو اوراق مالية أو التمكن بواسطة اساليب وطرق متعددة من تبرير هذه الاموال ومصادرها. وذلك عن طريق استغلال الثغرات الموجودة في القوانين المصرفية والاستعانة بالخبراء والمستشارين.
وقد قطعت الدول الصناعية الكبرى خطوات مهمة في كشف هذا النوع من الجرائم وأنشأت آليات على مستوى رفيع من الخبرة لتتبع هذه الاموال تمهيداً لمصادرتها.
ويؤكد اللواء احمد الحادقة الخبير العربي في مكافحة المخدرات: "ان مشكلة غسيل الاموال هي مشكلة دولية، ولا بد ان يتم التصدي لها على مستوى عالمي، بخاصة وأن تجار المخدرات تمكنوا من وضع الاساليب الخاصة بتنظيف الاموال وانشأوا مؤسسات خاصة بهم ذات باع طويل للهروب من القوانين التي تضعها الدول، وسبقوا في ذلك الجهود الدولية في وضع اتفاقية عام 1988 وقاموا بتهريب الاموال وغسلها".
وناشد الدول الصناعية ان تنقل هذه التكنولوجيا الحديثة للدول النامية بهدف التعاون بين جميع دول العالم في تعقب هذه الاموال التي يراد غسلها.
وتبرز في هذا الصدد أهمية استكمال جميع الدول المهتمة بمشكلة المخدرات وغسل الاموال الناتجة عنها اجراءاتها لوضع نظام مالي متطور يضع سدوداً متتابعة في وجه مافيا المخدرات لتبييض اموالها، لأن الاشخاص الذين لديهم اموال ناتجة عن المخدرات سيتجهون الى الدول التي لا تتبع مثل هذه القوانين لغسل اموالهم.
ويؤكد الخبراء ان الدول المعنية بحاجة الى فترة تتراوح ما بين 5 و10 سنوات لوضع حد لظاهرة غسيل الاموال على المستوى الدولي. وستكون البداية باصدار التشريعات المالية. وتشكل اتفاقية فيينا اساساً لتعاون دولي منظم في مكافحة هذه القضية.
المخدرات عربياً
ولكن، اين موقع ظاهرة المخدرات في الدول العربية؟ وما هو حجمها؟ وكيف يمكن مقاومتها؟ والى اين وصلنا؟
هذه بعض الاسئلة التي حملناها الى اللواء محمد فتحي الامين العام المساعد لمجلس وزراء الداخلية العرب الذي اكد ل "الوسط" ان مشكلة المخدرات باتت مشكلة عربية ودولية وهي لم تترك احداً.
وقال: "نحن نعاني منها اما كدول مستهلكة او دول عبور، وواضح اننا مستهدفون، وهي مشكلة شاملة لجميع الدول العربية".
واضاف: "لقد اكد مجلس وزراء الداخلية العرب حرصه على التصدي لهذه الظاهرة بوضع استراتيجية عربية شاملة، وتم تقسيم الوطن العربي الى ثلاث مناطق تضم منطقة الخليج ومنطقة شرق البحر المتوسط ومنطقة شمال افريقيا لتنظيم العمل بين الدول في كل منطقة، وبالتالي تنظيم وتنسيق العمل بين هذه المناطق مجتمعة، وتقضي الاستراتيجية:
1 - يتم عقد اجتماعات دورية سنوية لمديري مكافحة المخدرات.
2 - وضع خطة خمسية لتنفيذ الاستراتيجية، وتنتهي الخطة الخمسية الاولى في نهاية هذا العام وتبدأ الخطة الثانية في بداية العام المقبل.
وتتضمن الخطة الخمسية اتفاقيات ثنائية ومتعددة الاطراف في مجال تسليم المجرمين، اضافة الى تشجيع الدول العربية على الانضمام للاتفاقيات الدولية.
3 - وضع نظام عربي نموذجي موحد. تسترشد به الدول العربية في عملها لمكافحة المخدرات، وتشديد العقوبة لتصل الى الاعدام لتجارها ومروجيها ومعالجة المدمنين وعدم ايقاع العقوبة بالمدمن اذا تقدم من نفسه للاعتراف وطلب العلاج.
وسألنا اللواء محمد فتحي عن التعاون العربي في مجال التصدي لظاهرة غسيل الاموال فاجاب: "هذا موضوع جديد وصعب للغاية، ولا بد ان نتابع ما حققته الدول الصناعية المتقدمة في هذا المجال".
وأضاف: "ان مصر انشأت ادارة متخصصة لتحري ومتابعة اموال تجارة المخدرات، وتحتاج هذه التجربة الى متابعة ولا يمكن الحكم عليها بسرعة حيث لم يمض عليها سوى عام واحد".
المخدرات في الدول العربية
بدأت الدول العربية بالتعامل مع ظاهرة انتشار المخدرات بفاعلية كبيرة وانشأت اجهزة ضخمة ومتخصصة في كافة جوانب المكافحة الامنية والصحية والثقافية والاجتماعية للحد من هذه الظاهرة والقضاء عليها. لذلك كانت مشاركتها في مؤتمر ابو ظبي الذي عقد تحت شعار "نحو عالم خال من المخدرات" كبيرة وواسعة، حيث تمثلت دول مجلس التعاون الست، وخمس دول عربية اخرى هي سورية ولبنان ومصر وتونس والمغرب.
وقد التقت "الوسط" على هامش المؤتمر رؤساء وفود هذه الدول وحاورتهم حول ابعاد هذه الظاهرة في منطقتنا العربية، وكيفية التعامل معها وكانت البداية مع العميد محمد المالكي رئيس مكافحة المخدرات في مدينة جدة الذي اكد ل "الوسط" ان الاجراءات الرسمية المتخدة ادت في المملكة العربية السعودية الى الحد من مشكلة المخدرات، وبخاصة بعد صدور القرار الملكي بتنفيذ فتوى كبار العلماء باعدام المهرب والمروج للمخدرات اذا تكرر منه هذا الفعل.
وقال: "لقد تم اعدام أكثر من 38 شخصاً من المهربين منذ العمل بهذه الفتوى في العام 1987، واستطيع ان اؤكد انه بعد تنفيذ العقوبات تراجعت ظاهرة انتشار المخدرات في المملكة بأكثر من 50 في المئة". وأضاف: "ان انتشار المخدرات في المملكة العربية السعودية بدائية جداً اذا ما قيست بحجمها في بعض الدول المجاورة، والسبب في ذلك يعود الى تمسك المواطن السعودي بالقرآن الكريم والسنة الشريفة، وعمليات التوعية المستمرة للمواطنين والمقيمين بأضرار المخدرات بصفة عامة. اضافة الى صدور الموافقة الملكية بانشاء اللجنة الوطنية العليا لمكافحة المخدرات برئاسة الامير فيصل بن فهد وهي على مستوى رفيع وتضم عدداً كبيراً من المسؤولين الذين يعنيهم تثقيف المواطنين بأضرار هذه الآفة، ونستطيع القول أننا سنحقق نتائج ايجابية كبيرة في السنوات المقبلة باتجاه القضاء على هذه الظاهرة".
وعن التعاون الخليجي اكد اللواء المالكي انه قائم وجيد في مجال مكافحة المخدرات، و"هناك اتصالات واجتماعات مستمرة بيننا، كما ان السعودية تربطها اتفاقيات تعاون ثنائية مع بعض الدول المنتجة للمخدرات مثل باكستان لمتابعة خيوط الجريمة منذ بدايتها".
ويؤكد المسؤول السعودي من جهة اخرى ان ايران لا تصدر المخدرات الى السعودية ولم يحدث ان تم ضبط أية كميات من المخدرات الايرانية في السعودية نظراً لاهتمام الحكومة الايرانية بتعقب نشاط المهربين في اراضيها.
وسألنا العميد المالكي عن الاجراءات التي يمكن للمملكة العربية السعودية ان تتخذها لمواجهة مشكلة غسيل أموال المخدرات فقال: "ان الشريعة الاسلامية تتضمن احكاماً لمعالجة كل اشكال الفساد. وتنص آيات القرآن الكريم على محاربة الفساد بجميع أنواعه، وتؤكد على مصادرة الاموال التي يتم تحصيلها عن طريق الفساد".
المخدرات في الامارات
اما العقيد محمد عمران كريم رئيس فرع مكافحة المخدرات في أبو ظبي، فقال ان مشكلة المخدرات في بلاده تعود الى الثروة والانفتاح على العالم والمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والتطور التقني المذهل في حركة النقل ووسائل الاتصال... مؤكداً ان دولة الامارات لم تكن حتى عشرين عاماً مضت تعرف هذا الوباء. وأشار الى ان الرعايا الآسيويين يشكلون 85 في المئة من عدد الاجانب المتورطين في قضايا المخدرات وجلبها والاتجار بها والترويج لها.
وأكد على اهمية التعاون الدولي لمحاصرة هذه المشكلة بعد ان اثبتت التقارير ان حجم الاموال المتداولة في تجارة المخدرات أصبحت تتجاوز تلك المتداولة في تجارة النفط وتقل قليلاً عن حجم الاموال المتداولة في تجارة الاسلحة. واشار الى كميات المخدرات التي تم ضبطها في الامارات خلال الفترة الاخيرة، وقال: "ان كميات الهيرويين المضبوطة ارتفعت من 20 كيلوغراماً فقط عام 1991 الى 139 كيلوغراما منذ بداية هذا العام، وحتى شهر ايلول سبتمبر الماضي، منها 93 كيلوغراماً في شهر ايلول سبتمبر وحده. فيما تم ضبط 58 كيلوغراماً من الافيون خلال هذا العام مقابل 13 كيلوغراماً في العام 1991".
وأضاف: "ان دولة الامارات تقدم عناية طبية وعلاجية متقدمة، وبلغ عدد الشباب الذين تمت معالجتهم 494 مريضاً في العام الماضي، بينما بلغت حالات الوفاة 40 حالة من بينها 37 في صفوف المواطنين مات منهم 16 في دول انتاج المخدرات".
واشار الى ان "دولة الامارات بدأت تعاوناً مكثفاً مع الدول المجاورة والمنظمات الاقليمية والدولية وخاصة منظمة الانتربول، ووقعت اتفاقات دولية، وتوصلت الى مذكرات تفاهم وقعتها مع الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وايران تمهيداً لعقد اتفاقات ثنائية مع كل منها".
وأكد ان "دولة الامارات ترى في اتفاقية الامم المتحدة لعام 1988 ضد الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية اطاراً متكاملاً لاضفاء المشروعية على التعاون الدولي المأمول بحيث يكون المردود منسقاً وسريعاً. ويتسم بالقوة والشمولية والابتكار تجاه هذه المشكلة الخطيرة".
وقال العقيد كريم ل "الوسط": "اننا طلبنا من الحكومة وضع التشريعات المالية والقوانين التي تخولنا مراقبة الاموال في اطار جهودنا لمكافحة المخدرات، وعلينا ان نطور قوانينا ونلح على حكوماتنا اصدار مثل هذه التشريعات التي من شأنها الحد من هذه الظاهرة".
والجدير ذكره هنا ان دولة الامارات تتخذ حالياً الاجراءات القانونية لرفع عقوبة تجارة المخدرات والمهربين الى عقوبة الاعدام. وأكدت وزارة العدل انها بصدد اصدار هذه التشريعات بناء على توجيهات سياسية عليا.
حجم المشكلة في الكويت
النقيب عبدالوهاب المجرن ضابط مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية في دولة الكويت قال: "ان المخدرات غير منتشرة في الكويت والتهريب يتم بكميات بسيطة، واذا وجد فيكون عن طريق الترانزيت لبعض الدول المجاورة. وأكثر المواد المروجة في الكويت هي الحشيش والهيرويين وحبوب الهلوسة وبالذات حبوب "كيبتاغون"".
واضاف: "ان تعاطي هذه المواد يشمل الفئات من 18 الى 35 سنة" مؤكداً ان الكويت تعطي أهمية أكبر للعلاج أكثر مما تعطيه للعقاب. وقد تم اصدار قانون "شكوى ادمان" وبموجبه لن يعاقب المتعاطي الذي يفشي عن سره للمسؤولين.
وفي سلطنة عمان
يقول السيد عبدالرحمن بن محمد الكندي رئيس وفد سلطنة عمان لمؤتمر ابو ظبي: "ان انواع المخدرات المنتشرة في سلطنة عمان هي الحشيش والهيرويين والافيون والحبوب المخدرة، وتم ضبط كميات من الحشيش في الاعوام الاخيرة بلغت 313 كيلوغراماً عام 1989 وارتفعت الي حوالى 60 الف كيلوغرام عام 1990، فيما ارتفعت كميات الهيرويين المضبوطة من 91 الف كيلوغرام عام 8819 الى 1223 ألف كيلوغرام عام 1989، وبلغت كميات الافيون التي تم ضبطها خلال عام 1988 حوالي 194 كيلوغراماً ولم يتم ضبط أية كميات خلال الفترة 1989 - 1991.
وتم ضبط كميات من الحبوب المخدرة تراوحت بين 2000 حبة عام 1986 و2819 حبة في عام 1992.
كما ارتفع عدد المضبوطين في مجال المخدرات من 62 شخصاً عام 1989 الى 89 شخصاً عام 1990 و82 شخصاً عام 1991 من بينهم عمانيون".
واكد الكندي ان "شرطة سلطنة عمان تولي اهتماماً كبيراً بمكافحة المخدرات عن طريق تنفيذ القوانين التي تحرم التهريب او الاتجار أو التعاطي مع الالتزام بالقوانين والاتفاقات الدولية وتسخير كافة الامكانات المادية والمعنوية في سبيل مكافحتها".
في قطر
تأثرت قطر كغيرها من دول المنطقة والعالم بمشكلة المخدرات وأخذت خطورتها تبرز مع ظهور مخدر الهيرويين في البلاد عام 1981، ولم يتجاوز ما تم ضبطه في ذلك العام على 43 غراماً. ويعتبر مخدر الحشيش أكثر المخدرات انتشاراً بين المتعاطين يليه الهيرويين ثم المؤثرات العقلية وفي مقدمتها اقراص "الكبتاغون". وتمثل باكستان ولبنان أهم مصادر مخدر الحشيش المضبوط أما الافيون والهيرويين فيتم تهريبه من باكستان والهند وايران وتايلاندا. وقد اخذ حجم هذه المشكلة بالارتفاع خلال السنوات الاخيرة وبخاصة في الفترة ما بين 1987 و1991، حيث بلغ عدد القضايا خلالها 268 قضية وعدد المتهمين 470 منهم 221 قطرياً، فيما بلغ وزن الكميات التي تم ضبطها خلال الفترة المذكورة حوالى 97 كيلو غراماً من الحشيش و1106 غرامات من الافيون و13 كيلوغراماً من الهيرويين و55 كيلوغراماً من القات و3246 حبة من الكبتاغون و25 حبة مندوكس و181 حبة من أنواع اخرى.
وتؤكد قطر أنها تولي اهتماماً كبيراً تجاه مشكلة المخدرات وبذلت الجهات المختصة فيها العديد من الجهود وما زالت من أجل التصدي لها. حيث انضمت الى الاتفاقية الموحدة للمخدرات لعام 6191 والبروتوكول المعدل لها، واتفاقية المؤثرات العقلية لعام 1971، واتفاقية الامم المتحدة لعام 1988 لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية، والانضمام الى عضوية اللجنة الفرعية للاتجار غير المشروع لدول الشرقين الادنى والاوسط.
كما صدر في قطر القانون رقم 9 لسنة 1987 بشأن مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية الخطيرة وتنظيم استعمالها.
في لبنان
يؤكد العميد الركن اسماعيل الحسن رئيس قسم المباحث الجنائية العامة في لبنان أن لبنان عرف منذ القديم نوعاً عاماً من المخدرات هو "حشيشة الكيف" عرفها زراعة فصناعة فتصديراً الى الخارج، وقال ان اللبناني كان يفخر بأنه يعمل في هذا الحقل ولكنه لا يتعاطى المخدرات.
ويؤكد ان الحرب الاهلية وما رافقها وضمن تأثير عوامل مختلفة ادت الى تكاثر تواجد المواد المخدرة وعصابات التهريب والترويج، ووقع اللبناني فريسة المخدرات تعاطياً وتصنيعاً واتجاراً.
واشار الى ان "عدد قضايا المخدرات في لبنان بلغ 1400 قضية عام 1991 وعدد الموقوفين 490 شخصاً وكميات المخدرات المضبوطة 3235 كيلوغراماً من الحشيشة و50 كيلوغراما من الهرويين 87.5 كيلوغرام من كوكايين و906 غرامات من الافيون".
وأكد ان "لبنان نفذ عمليات عدة للمكافحة بالتنسيق مع مسؤولي المخدرات في اميركا واوروبا بخاصة، وكانت نتائجها هامة لجهة الكميات ولجهة الموقوفين فيها مما دعا الرئيس الاميركي الى توجيه الثناء والشكر للشرطة اللبنانية.
في سورية
ويقول العميد علي الدربولي رئيس الوفد السوري الى مؤتمر أبو ظبي: "ان مشكلة تعاطي المخدرات في سورية لا تزال غير مقلقة حيث ان نسبتها متدنية جداً لعوامل عدة منها المستوى الثقافي في سورية". وأضاف أنه تم تشكيل لجنة وطنية لشؤون المخدرات والمؤثرات العقلية عام 1987 بقرار من رئيس مجلس الوزراء وبرئاسة وزير الداخلية مهمتها وضع السياسة العامة لاستيراد المواد المخدرة والمؤثرات العقلية وتصديرها ونقلها وانتاجها وصنعها وزراعتها وتملكها، ومكافحة الافعال المذكورة عندما تكون غير مشروعة، ووضع خطط الرقابة والعلاج في مجال مكافحة الاستعمال غير المشروع للمخدرات والمؤثرات العقلية. وتم تدعيم اجهزة مكافحة المخدرات وبخاصة في المنافذ الحدودية بسورية، واتبع اسلوب مركزية التحقيق بقضايا الاتجار بالمخدرات منذ بداية العام 1991 للوصول الى نتائج ايجابية في مجريات التحقيق من حيث القبض على تجار المخدرات وبالتالي ردعهم بالقاء القبض عليهم وتقديمهم للقضاء.
كما انضمت سورية الى جميع الاتفاقات الدولية لمكافحة تجارة المخدرات، وابرمت اتفاقات ثنائية عدة مع عدد من الدول العربية والاجنبية لهذا الغرض.
وذكر العميد الدربولي انه تم عام 1991 تنظيم 1758 قضية مخدرات في سورية اتهم فيها 2479 متهماً و17 قضية هيرويين صودر بموجبها 5،12 كيلوغراماً واتهم فيها 41 متهماً و5 قضايا أفيون مخدر صودر بموجبها 65،4 كيلوغراماً اتهم فيها 13 متهماً و3 قضايا كوكايين صودر بموجبها 5،43 غراماً اتهم فيها 32 متهماً و106 قضايا حبوب مخدرة صودر بموجبها 369 الف حبة كبتاغون و21 الف حبة مخدرة من انواع مختلفة اتهم فيها 195 متهماً.
وفي مصر
يؤكد اللواء محمد صادق بركات وكيل الادارة العامة لمكافحة المخدرات في مصر ان بلاده تعتبر من الدول المستهلكة لمختلف انواع المخدرات التي تهرب اليها من الخارج براً وبحراً وجواً، أو داخل الطرود البريدية، وذلك نظراً للموقع الجغرافي لمصر الذي يجعلها أيضاً منطقة عبور للمخدرات المهربة من دول الانتاج من دول جنوب شرق وغرب آسيا الى دول الاستهلاك في أفريقيا وأوروبا واميركا الشمالية. كما توجد في مصر بعض الزراعات غير المشروعة لنباتي القنب والخشخاش والتي تغطي جزءاً من الطلب المحلي.
والحشيش هو المخدر الاكثر انتشاراً بين المتعاطين في مصر حيث يهرب اليها بصفة أساسية من لبنان بالاضافة الى بعض دول جنوب غرب آسيا.
ويؤكد اللواء بركات أنه كان لحرب الخليج 1990 - 1991 اثر واضح في تحول خطوط تهريب شحنات الحشيش اللبناني الضخمة من السواحل والحدود الشرقية الى الساحل الشمالي الغربي المصري وعلى السواحل الليبية ومنها الى مصر بطريق البر، وذلك بعدما أدت جهود المكافحة للحد من عمليات التهريب عبر الحدود السودانية - المصرية.
وقال انه تم خلال عام 1991 ضبط العديد من القضايا في مصر وبلغ اجمالي ما ضبط من مخدر الحشيش 10 آلاف و726 كيلوغراماً.
وأضاف ان مصر تحرص على تنفيذ الاستراتيجية الدولية لمكافحة المخدرات وأصدرت اول تشريع لمكافحة المخدرات في العام 1879 ثم توالت التشريعات فيها لمواجهة تفاقم المشكلة حتى صدر القانون الحالي في شأن مكافحة المخدرات في مصر وتنظيم استعمالها والاتجار بها عام 1960 والمعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 الذي يساير احكام الاتفاقية الدولية للامم المتحدة لعام 1988.
في تونس
اما في تونس فالمشكلة تعود الى 100 سنة عندما صدر أمر تجريم زراعة حشيش التكروري الذي كان منتشراً فيها في ذلك الوقت، وبعد استقلالها نظمت حملات متتالية للحد من ظاهرة انتشار المخدرات.
ويقول خالد ابراهيم محافظ الشرطة القضائية التونسية لمكافحة المخدرات ان بلاده تعتبر دولة عبور للعصابات الدولية الى أوروبا وبلدان مجاورة اخرى باعتبارها نقطة وصل بين اوروبا وأفريقيا في حين يتعمد بعض المهربين ترويج بعض الكميات في تونس لتسديد بعض المصاريف.
ويؤكد خالد ابراهيم في حديثه ل "الوسط" ان خطط الدول الصناعية لتوقيع اتفاقية دولية بشأن غسيل الاموال انما تهدف الى حرمان الدول النامية من تدفق الاموال اليها.
وقال ان هذه الاجراءات ستحرم الدول النامية من اموال كبيرة تتدفق اليها للخوف من المصادرة في الدول الصناعية، وعلينا بموجب الاتفاقية الدولية في حالة الانضمام اليها ان نعيد هذه الاموال الى الدول الصناعية. وفي هذه الحالة يجب ان يعود قسم من الاموال المصادرة للدول التي تتم المصادرة فيها.
وأضاف: إنه في النهاية لا بد لنا من الدخول في هذه الاتفاقية وسيستغرق تنفيذها سنوات عدة حتى تتمكن الدول النامية من استيعاب المسائل الفنية والتكنولوجية المستخدمة في مكافحة غسيل الاموال خاصة وان الدول المتقدمة لا تبدي تعاوناً كافياً مع الدول النامية في هذا المجال.
توصيات
وفي النهاية تبقى قضية المخدرات قضية دولية وتعني جميع الدول العربية، وقد اخذ العالم وبخاصة في الدول العربية حديثاً مواجهة هذه المشكلة. فماذا يقول الخبراء لزيادة الاجراءات في مكافحة المخدرات وتحقيق تعاون دولي ذي فاعلية لكسب هذه الحرب؟
البداية ستكون كما اكد الخبراء في تبادل المعلومات والخبرات وان توقع جميع الدول على الاتفاقية الدولية للمخدرات لعام 1961 والاتفاقية الدولية للمؤثرات الفعلية لعام 1971 واتفاقية الاتجار غير المشروع للمخدرات لعام 1988 ووضع التشريعات المناسبة التي تساعد على منع غسيل الاموال. وأوصى الخبراء بتنظيم مؤتمرات دولية سنوية على غرار مؤتمر أبو ظبي تعد له منظمة الانتربول واللجنة الدولية لمنع المسكرات وبرنامج الامم المتحدة لمكافحة المخدرات، وأن تقوم الدول المتقدمة والمنظمات الدولية بمساعدة الدول النامية في حقل التدريب في شتى مجالات مكافحة المخدرات.
وفي مجال القانون ودور أجهزة انقاذ القوانين، أوصى المؤتمر ان تقوم الدول الاعضاء والمنظمات الدولية بجهد أكبر في تدريب رجال مكافحة المخدرات لتمكينهم من استحداث أحسن الاساليب والطرق لملاحقة عصابات التهريب والاتجار غير المشروع في المخدرات، وأن يكون لأجهزة تنفيذ القانون دور أكبر في برامج الوقاية والتوعية بمخاطر المواد المخدرة لما لهذه الاجهزة من معلومات وخبرات يمكن الاستفادة منها، وأن تقوم منظمة الانتربول وبرامج الامم المتحدة لمكافحة المخدرات واتحاد التعاون الجمركي بتنظيم دورات تدريبية في تقنية التحقيق في الجرائم المالية ذات المصادر المشبوهة.
وأوصى المؤتمر في مجال الوقاية ومنع تعاطي المخدرات بزيادة الاهتمام بالواعز الديني وأن تكون العقيدة وتعاليم الدين الاسلامي السمحاء هي المحور الرئيسي لكل برامج التوعية والوقاية في البلاد الاسلامية وأن يكون للمسجد دور مركزي في البرامج المعتمدة لعلاج واعادة تأهيل المدمنين لتحقيق افضل النتائج، وتنظيم مؤتمر دولي للنساء يتناول موضوع الصحة والثياب وصحة الام وتربية الطفل حتى ينشأ ولديه عزوفاً عن المخدرات والمسكرات، والتركيز على برامج الوقاية والقانون والتأثير الصحي الضار للمواد المخدرة ودراسة تعاطي المخدرات في المدارس وبين الشباب وتنظيم مؤتمر دولي للعمل التضامني لحماية المجتمعات الدولية من مخاطر المواد المخدرة وتمكين الدول النامية من الاستفادة من خبرات الدول المتقدمة، واقترح في هذا الصدد عقد هذا المؤتمر سنوياً في احدى الدول النامية.
وفي مجال العلاج واعادة تأهيل المدمنين اوصى المؤتمر بأن تهتم الدول وبخاصة النامية منها بانشاء المصحات العلاجية الحديثة والبرامج الثقافية وبرامج التدريب المهني الملحقة بالمصحات العلاجية، وان يكون لدور العبادة دور مركزي في العلاج وإعادة تأهيل المدمنين، ومتابعة الابحاث في مجالات استحداث انجح الطرق لعلاج واعادة تأهيل المدمنين، والعمل على مواصلة الابحاث والدراسات في مجال نقل مرض الايدز عن طريق الحقن غير المعقمة على ان يكون هذا الموضوع من الموضوعات الاساسية لبرامج الوقاية من مرض "الايدز" حتى في الدول التي ليست معرضة في الوقت الحاضر لانتشار مرض نقص المناعة المكتسبة، وتقديم الخدمات العلاجية لكل من يلتحقون بمثل هذه البرامج حتى يتعافون من الادمان والاعتماد على المخدرات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.