ترمب يتعهد بتمرير العديد من سياساته بعد قرار المحكمة العليا    مقتل 18 سائحًا من أسرة واحدة غرقًا بعد فيضان نهر سوات بباكستان    12 جهة تدرس تعزيز الكفاءة والمواءمة والتكامل للزراعة بالمنطقة الشرقية    الشيخ صالح بن حميد: النعم تُحفظ بالشكر وتضيع بالجحود    إمام وخطيب المسجد النبوي: تقوى الله أعظم زاد، وشهر المحرم موسم عظيم للعبادة    5 شراكات جديدة لدعم مستفيدي إنجاب الشرقية    إحباط محاولة تهريب أكثر من 732 ألف حبة من مادة الإمفيتامين المخدر    بلدية فرسان تكرم الاعلامي "الحُمق"    تمديد مبادرة إلغاء الغرامات والإعفاء من العقوبات المالية عن المكلفين حتى 31 ديسمبر 2025م    مكاسب الهلال من بلوغ دور ال16 في كأس العالم للأندية    مدير جوازات الرياض يقلد «آل عادي» رتبته الجديدة «رائد»    مواعيد مواجهات دور ال16 من كأس العالم للأندية    استشهاد 22 فلسطينيًا في قصف الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة    شاموسكا إلى التعاون.. واتفاق بين نيوم وجالتييه    وزارة الرياضة تحقق نسبة 100% في بطاقة الأداء لكفاءة الطاقة لعامي 2023 -2024    الصين تؤكد تفاصيل الاتفاق التجاري مع الولايات المتحدة    الهلال يتأهل إلى دور ال 16 في مونديال الاندية    طقس حار الى شديد الحرارة على معظم مناطق المملكة    رئاسة الشؤون الدينية تُطلق خطة موسم العمرة لعام 1447ه    القبض على وافدين اعتديا على امرأة في الرياض    استمتع بالطبيعة.. وتقيد بالشروط    د. علي الدّفاع.. عبقري الرياضيات    في إلهامات الرؤية الوطنية    ثورة أدب    أخلاقيات متجذرة    كرة القدم الحديثة.. عقل بلا قلب    القادسية.. موسم ذهبي وأرقام قياسية في موسم مثالي    البدء بتطبيق"التأمينات الاجتماعية" على الرياضيين السعوديين ابتداءً من الشهر المقبل    رسميًا.. رونالدو مستمر مع النصر حتى 2027    نجران ترسم مستقبلها الإستثماري بنجاح مبهر في منتدى 2025    أمير جازان يستقبل رئيس محكمة الاستئناف بالمنطقة    أمير الشرقية يُكرِّم "مجموعة مستشفيات المانع" لرعايتها الطبية منتدى الصناعة السعودي 2025    شبكة القطيف الصحية تطلق مبادرة "توازن وعطاء" لتعزيز الصحة النفسية في بيئة العمل    الأمير تركي الفيصل : عام جديد    تدخل طبي عاجل ينقذ حياة سبعيني بمستشفى الرس العام    القبض على 3 مخالفين لنظام أمن الحدود ظهروا بمحتوى مرئي في صبيا    مفوض الإفتاء بمنطقة جازان يشارك في افتتاح المؤتمر العلمي الثاني    محافظ صبيا يرأس اجتماع المجلس المحلي، ويناقش تحسين الخدمات والمشاريع التنموية    لوحات تستلهم جمال الطبيعة الصينية لفنان صيني بمعرض بالرياض واميرات سعوديات يثنين    ترامب يحث الكونغرس على "قتل" إذاعة (صوت أمريكا)    الخارجية الإيرانية: منشآتنا النووية تعرضت لأضرار جسيمة    تصاعد المعارك بين الجيش و«الدعم».. السودان.. مناطق إستراتيجية تتحول لبؤر اشتباك    حامد مطاوع..رئيس تحرير الندوة في عصرها الذهبي..    تخريج أول دفعة من "برنامج التصحيح اللغوي"    غروسي: عودة المفتشين لمنشآت إيران النووية ضرورية    تحسن أسعار النفط والذهب    أسرة الزواوي تستقبل التعازي في فقيدتهم مريم    الجوازات: جاهزية تامة لاستقبال المعتمرين    في جولة الحسم الأخيرة بدور المجموعات لمونديال الأندية.. الهلال يسعى للتأهل أمام باتشوكا    عسير.. وجهة سياحة أولى للسعوديين والمقيمين    وزير الداخلية يعزي الشريف في وفاة والدته    استشاري: المورينجا لا تعالج الضغط ولا الكوليسترول    "التخصصات الصحية": إعلان نتائج برامج البورد السعودي    نائب أمير منطقة مكة يستقبل القنصل البريطاني    أمير تبوك يستقبل مدير فرع وزارة الصحة بالمنطقة والمدير التنفيذي لهيئة الصحة العامة بالقطاع الشمالي    من أعلام جازان.. الشيخ الدكتور علي بن محمد عطيف    أقوى كاميرا تكتشف الكون    الهيئة الملكية تطلق حملة "مكة إرث حي" لإبراز القيمة الحضارية والتاريخية للعاصمة المقدسة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صدره بالثناء على مقالة نشرتها "الحياة" . الفوزان في "سفر" جديد يشرح الاستراتيجيات الوطنية ل "حماية النزاهة" و "مكافحة الفساد"
نشر في الحياة يوم 08 - 11 - 2012

لا يتوقف الباحث محمد بن براك الفوزان عن نشاطه، وعن مشواره الطويل الذي اختاره في مساره في نقد الأنظمة والقوانين، ودرسها وشرحها أحياناً، وأحياناً مقارنتها بالأنظمة الشبيهة أو تقديم التعليقات والتوصيات عليها.
وهذه المرة يخرج في حلة قشيبة بسِفر عنوانه:"المفاهيم والأبعاد في الاستراتيجيات الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد، الصادر بقرار مجلس الوزراء رقم 43 وتاريخ 1//2/1428ه، عن مكتبة القانون والاقتصاد بالرياض، في ما يقارب ال 550 صفحة من القطع الكبير.
صدّر الباحث محمد بن براك الفوزان كتابه بالأمر الملكي الصادر من الملك عبدالله بن عبدالعزيز في 13/4/1432ه بإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، المرتبطة بالملك مباشرة، وتعيين محمد بن عبدالله الشريف رئيساً لها، وبيان أن"مهام الهيئة تشمل القطاعات الحكومية كافة، ولا يستثنى من ذلك كائن من كان". وتكليف الرئيس بوضع التنظيم الخاص بها...". وأتبع ذلك بقرار مجلس الوزراء مجلس الوزارة تنظيم الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في 28/5/1432ه.
ويؤكد الباحث في مقدمته أن من دواعي فخره واعتزازه أن يكون له شرف تفسير الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة والفساد، مبيناً أن"الاعتراف بالمشكلة هو بداية الحل، ونحن هنا في المملكة ... وضعنا أيدينا على أوجه القصور التي نعاني منها، والتي يتخلل لنا منها ذلك الفساد".
وحول هدف الدراسة يقول:"إنها جاءت لتحصين المجتمع السعودي بالقيم الدينية السمحة والقواعد التربوية العربية الشرقية الأصيلة، وحاولت أن توجه المواطن السعودي والمقيم أيضاً ... نحو التحلي بالسلوك السليم واحترام النصوص الشرعية والنظامية، وتوفير المناخ الملائم لنجاح خطط التنمية وتحقيق العدالة بين أفراد المجتمع".
وتلقي الدراسة عصاها ويستقر بها النوى على أن الفساد ينبغي حصره باختصار في أنه"سوء الاستغلال لأي نوع من أنواع السلطة"، وأنه من حيث وقوعه وانتشاره"لا يختلف اثنان على أنه لا تكاد دولة على وجه الأرض تخلو من وقوعه، أو حصول نوع من الفساد السياسي أو الإداري أو المالي فيها، ولكن المؤكد أن حجم استشراء هذا الفساد وآثاره تتفاوت من مكان لآخر".
ويقرر الفوزان في دراسته أن"أي مجتمع يتصف بالمشاركة السياسية والشعبية واستقلالية القضاء، والإعلاء من قيمة الإنسان وحقوقه وشفافية القرارات وسهولة تدفقها وتدفق المعلومات وحرية الصحافة واستقلاليتها وحيوية المجتمع المدني من خلال مؤسساته والجمعيات والهيئات المستقلة، فإن الفساد فيه يظل محاصراً، ويتعرض المتهمون فيه للكشف والمساءلة القضائية والمحاسبة العلنية حتى وإن كان المتورط على رأس الهرم الحكومي، أما إذا لم تتوافر البيئة الصحية المذكورة سابقاً فإن الفساد يصبح مرضاً فتاكاً ينخر في جسد المجتمع حتى يصبح ثقافة سائدة، بل ويسعى في حماية نفسه من خلال الإبقاء على الهياكل المنتجة له من دون مساس أو تغيير".
ثم ينقل الفوزان ما نشرته منظمة الشفافية الدولية في تقريرها، وأشارت فيه إلى أن الفساد في العالم العربي ليس ظاهرة جديدة،"بل إن الدول العربية تحتل عادة مراكز متأخرة في نسبة الشفافية، وذلك لأن الاستبداد والفساد مترسخان في الحياة اليومية، إلى درجة أن قوانين مكافحة الفساد القائمة ليس لها أثر كبير، على رغم أن الكثير من البلدان العربية وافقت على اتفاق الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وسنت قوانين في هذا الشأن، لكنها لا تطبقها على أرض الواقع".
وبناء على ذلك يرى الباحث أن محاربة ظاهرة الفساد واستئصاله لا يمكن لها النجاح الدائم ولا النجاح الوقتي على أرض الواقع إلا من خلال حزمة من الخطوات الرئيسة يذكر أن من أهمها:"توسيع دائرة المشاركة الشعبية في صنع القرار". موضحاً هذه النقطة بأربعة أمثلة أولها: بعلاقة طردية مع كل من درجة احتكار القرار واتساع حرية التصرف، ويرتبط بعلاقة عكسية بدرجة المساءلة، فكلما احتكر فرد أو مؤسسة أو فئة القرار أو الثروة أو سلعة ما أو خدمة ما كانت هناك فرصة أكبر للفساد ولسوء استغلال هذا الأمر المحتكر". والثاني: من الخطوات المهمة تعزيز استقلال القضاء،"فالقضاء هو العنصر الأهم في القضاء على الفساد، وهو صمام الأمان الذي يفرض سلطة وسيادة القانون على الجميع، فمعظم الحكومات والدول المتقدمة تستمد قوتها من وجود أنظمة قضائية عادلة مستقلة تفرض هيبتها وقوانينها العادلة على الجميع وتوقع المساءلة على كل من يحاول خرق القوانين وانتهاكها". والثالث: بروز أهمية الإعلام ورفع سقف حرية التعبير،"إذ لا يمكن الحديث عن محاربة الفساد من دون وجود صحافة تنال سقفاً عالياً من الحرية في الطرح، فحين تتمتع وسائل الإعلام بحرية التعبير يمكن حينها المشاركة بفاعلية في عملية المحاسبة والمساءلة، ونشر الشفافية وفضح حالات الفساد، وتمثيل مصالح المواطنين والدفاع عنها بكل صراحة ووضوح.
والمثال الرابع: يتمثل في دور منظمات ومؤسسات المجتمع المدني"للقيام بدورها في تعزيز قيم النزاهة والشفافية في عمل المؤسسات الحكومية، والمشاركة في صياغة السياسات العامة وحماية الحقوق، وتعزيز المشاركة في الشؤون العامة، إضافة إلى دورها في رفع الوعي العام بموضوع الفساد، وفي الرقابة على القطاع العام، حينها نستطيع القضاء على كثير من مظاهر الفساد السياسي والمالي والإداري وهدر المال العام، والاختلالات الاقتصادية في التنمية، وسوء توزيع وإدارة الثروة وتنميتها، وكذلك الاختلالات الاجتماعية والثقافية والفكرية والتعليمية، وعندها يمكن إصلاح التعليم وإصلاح الثقافة والاقتصاد والمجتمع بأسره".
ويختصر الفوزان خواتيم بحثه بأنه"لا حلّ لدينا سوى قيام الأجهزة التشريعية بتخصيص بعض الهيئات المستقلة، ونركز هنا على معنى الاستقلال، فيجب أن تقوم هذه الهيئات بالدور الرقابي من دون الخضوع لأحد، وأن تتعامل مع الظاهرة ... بكل حزم، ونجد بارقة أمل في الآليات التي وضعتها الاستراتيجية حين نصت على ذلك، وعلى إنشاء تلك الهيئات التي تكون مهمتها أولاً: متابعة تنفيذ الاستراتيجية ورصد نتائجها وتقويمها ومراجعتها، ووضع برامج عملها وآليات تطبيقها. ثانياً: تنسيق جهود القطاعين العام والخاص في تخطيط ومراقبة برامج مكافحة الفساد وتقويمها. ثالثاً: تلقي التقارير والإحصاءات الدورية للأجهزة المختصة ودرسها، وإعداد البيانات التحليلية في شأنها. رابعاً: جمع المعلومات والبيانات والإحصاءات وتصنيفها وتصوير أنواعها وتحليلها وتبادلها مع الجهات المختصة ذات العلاقة.
ويختتم الفوزان بحثه بإيراد ملاحق عدة هي: ملحق اتفاق الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وملحق الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد، وملحق تنظيم الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، ومؤشرات مدركات الفساد للدول العربية.
استقرار حياة الناس لا يتحقق إلا بالمساواة
يؤكد الفوزان الذي عُرف باعتنائه بالأنظمة والقوانين في المملكة حتى أنشأ لها مكتبة خاصة في الرياض، أن"الكشف عن بواطن القصور في العمل الوظيفي العام، سواء تعلق بالتقصير في أداء العمل أو بانتشار الرشوة والعملات أو اعتبار المنصب ملكاً خاصاً، فضلاً عن التهاون في اختيار الأكفاء"، عوامل يتطلع إلى أن يشتد بأس الهيئة في ملاحقتها، ومواجهتها بصمود حديدي، كما عبر. وذلك أن"انتظام الأحوال واستقرار حياة الناس لا يمكن تحققها إلا بالعدل والمساواة بين كل أفراد المجتمع حكاماً ومحكومين".
وفي ما يأتي نماذج من ملاحظاته التي أبداها على نظام"الهيئة"في أول صدور له:
المادة الأولى التعريفات: جاءت خالية من توضيح بعض الألفاظ مثل لفظ النزاهة والشفافية والفساد على رغم ارتباط عمل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بهذه المصطلحات. لذلك نأمل أن يتم وضع تعريف جامع مانع لكل مصطلح من هذه المصطلحات السابقة لأهميته، حتى نصل إلى ارتباط هذه المصطلحات ببعضها باعتبارها مكملة لبعضها الآخر، فتحقيق النزاهة والشفافية عوامل من شأنها منع الفساد في العمل العام.
المادة الثانية ارتباط الهيئة ومركزها النظامي: فقد جاءت محدودة للغاية من حيث الصياغة واحتوت على فقرتين: الأولى: أشارت إلى ارتباط الهيئة بالملك مباشرة، مع تمتعها بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، فضلاً عن عدم جواز االتدخل في مجال عملها. الثانية: تحدثت عن مقر الهيئة الرئيسي وحددت له مدينة الرياض مع السماح بإنشاء فروع أو مكاتب أخرى داخل المملكة. ويبدو لنا ضرورة إيضاح مضمون الفقرة 1 من م2 بصورة أفضل بحيث يتسنى لدى المهتمين بالنظام وكذلك جمهور المواطنين معرفة طبيعة هذا الارتباط المباشر بالملك كذلك معرفة مضمون عبارة"ليس لأحد التدخل في مجال عملها". فضلاً عن ذلك: نأمل أن تضاف فقرة ثالثة، يكون مضمونها إيجاد نوع من التعاون مع الهيئات القضائية وبالخصوص ديوان المظالم. بحيث يطلع الملك ومن ثم يحيل أو يوجه الأمر للجهة القضائية لاتخاذ اللازم حيال ما تسفر عنه تقارير الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد. ونقترح النص الآتي:"يجوز للهيئة بعد أن ترفع الأمر للملك أن تحيل ما تراه إلى ديوان المظالم لاتخاذ اللازم نظاماً بشأن ما تسفر عنه التقارير التي أعدتها".
المادة الثالثة أهداف الهيئة واختصاصاتها: جاءت م3 لتحدد اختصاصات الهيئة ويلاحظ تعدد الاختصاصات وتكرارها بصورة غير مباشرة، اذ بلغت الاختصاصات إلى 21 اختصاصاً. وهذا من شأنه إحداث الخلط واللبس من دون مبرر لذلك نرجو قصر الاختصاصات على 12 اختصاصاً فقط. وبالنظر أيضاً إلى الفقرة 10 من م3، والعمل على تعزيز مبدأ المساءلة لكل شخص مهما كان موقعه وهذا يدل على عدم استثناء أحد، ولعل هذه العبارة تنسحب على التشهير بالمفسدين الذين يثبت عليهم الفساد بوسائل الإعلام المختلفة ومن شأن ذلك إرساء الشفافية والنزاهة والحياد الكامل تجاه جميع المسؤولين، أياً كانت مراكزهم ومواقعهم داخل مؤسسات وأجهزة الدولة حتى يكونوا عبرة لغيرهم . يذكر أن التشهير بفساد المسؤول بوسائل الإعلام المختلفة من أهم الآليات الفعالة لتحقيق مكافحة الفساد، لأن مواجهة الرأي العام من شأنها تحقيق الردع اللازم بصورتيه الردع العام، والردع الخاص. ولعل التوفيق حالف واضعي التنظيم لهذه العبارة التي يعد النص عليها من الايجابيات الرئيسية فيه، فالتنظيم بإجماله يسعى من دون أي لبس وبوضوح كامل نحو العمل على الشفافية والنزاهة، بشكل عام دونما استثناء أحد مهما كانت سلطاته، وهذا يعد واجباً وطنياً قبل أن يكون التزاماً وظيفياً وإلا بطلت أهداف التنظيم واستحال تحقيقها. هذا وسيبقى لنا أن ننتظر ما سيكشف لنا المستقبل القريب من نتائج تكون في تطهير مؤسسات الدولة من كل مسؤول ليس جديراً بالمنصب والثقة وبالتالي فاقداً لشرطي القوة والأمانة كما أخبر عنهما القرآن الكريم والسنة المطهرة فيمن يولى ويقلد الأعمال العامة.
المادة الرابعة علاقة الهيئة بالجهات الأخرى. جاء نص المادة الرابعة، ليشير إلى تعاون الجهات الرقابية المختصة مع الهيئة في مجال عملها، ولم يحدد النص صور هذا التعاون، بل اقتصر النص على عبارة:"في شأن أي استفسار أو إجراء". لذلك نرى عند وضع اللوائح التنفيذية أن يتم بيان أوجه التعاون بشكل محدد، حتى لا يتصادم عمل الهيئة مع الجهات الرقابية.
الباحث يثني على كاتب في "الحياة" "قبل المقدمة"!
وقبل المقدمة، يستعين الباحث محمد الفوزان بمقالة نشرها الكاتب عيد بن مسعود الجهني في صحيفة"الحياة"في 15/2/1431ه، ويذكر الباحث أن"هذا المقال يعبر تماماً عن وجهة نظرنا، إذ لم يزد عليها، ويتحدث عن واقع الحال، وما يعانيه المواطن تجاه استفحال الفساد، وسيطرته على مفاصل الإدارة والاقتصاد". ويتابع الفوزان:"كان لي توجه أن أتدخل في تقديم هذا المقال بالحذف والإضافة، فلم أجد قدرة، بسبب تماسك هذا المقال من حيث صلابة العبارة ونهاية الجملة في بلاغتها وحسن تعبيرها، فالكاتب معروف بحسه الوطني وانتمائه الصادق، هذا من جهة، ومن جهة أخرى لا أستطيع التعدي ولو على بعض العبارات، وبالتالي أنسبها لمصدرها، فالمقالة جاءت كلاً جامعاً في سياقه وموضوعه، لذلك ابتدأنا به ليكون قبل المقدمة"!
فساد بالقانون... وآخر ضده!
رأت الدراسة أن أكثر تعريفات الفساد دقةً تعريف المنظمة الدولية للشفافية الذي تحدده بإيجاز أنه"إساءة استعمال السلطة التي ائتمن عليها لمكاسب شخصية".
وتفرق المنظمة الدولية للشفافية بين نوعين من الفساد، هما:
الفساد بالقانون، وهو ما يعرف بمدفوعات التسهيلات التي تدفع فيها رشاوى للحصول على الأفضلية في خدمة يقدمها مستلم الرشوة، وفقاً للقانون. والفساد ضد القانون، وهو دفع رشوة للحصول من مستلم الرشوة على خدمة يُمنع تقديمها. أما في المجال الأكاديمي، فتنقل الدراسة أنها طرحت تعريفات عدة للفساد، من دون أن تبرز بينها اختلافات جوهرية، غير أن بعض التعريفات جاءت مطلقة لبيان مفهوم عبارة الفساد، بينما جاءت بعض التعريفات لتركز تحديداً على عبارة الفساد الإداري، وفي هذه الفئة الأخيرة من التعريفات جزء ير كز على الفساد الإداري في القطاعين.
توصيات الدراسة
الحديث عن الفساد ينبغي ألا يكون هو الشغل الشاغل وكفى. فمكافحته لن تتحقق بمجرد عد الندوات والمؤتمرات والمحاضرات على أهميتها.
- الاستراتيجية التي نقترحها للتعامل مع هذه الظاهرة الخطيرة ينبغي أن تكون نابعة من إرادة الراعي والرعية، ومن قناعات الأفراد والجماعات والأسر والمنظمات الرسمية والأهلية، ومعبرة عن فهمها وقناعاتها بمخاطر الفساد وآثاره، وضرورة المشاركة في مقارته أينما وجد ومن أي يأتي.
- توجيه الجهود وتكثيفها للتعريف بممارسات الفساد على مختلف المستويات، وفي جميع المجالات المجتمعية والسياسية والاقتصادية والإدارية والتروية والاجتماعية، وتعقبها لدى أصحاب المهن الطبية والتعليمية والهندسية والقضائية والأمنية، ينبغي أن يكون واجباً وطنياً وشرعياً وإنسانياً يشارك فيه الجميع مهما كلفهم ذلك من ثمن، وفقاً للقاعدة الشرعية"دفع المفاسد مقدم على جلب المصالح"، وهذا يقتضي أن يتبنى البعض من أصحاب هذه المهن مسؤولياته كل حسب تخصصه.
- ذلك لا يحول دون ضرورة وضع الاستراتيجية البنائية والوقائية التي تحمل الأسر والمدارس والمساجد ووسائل الإعلام وجميع المنظمات والوزارات والقطاعات تبني ثقافة عربية إسلامية تحفظ للأمة هويتها وتغرس في المواطن حب الوطن والانتماء والولاء، وتعمق فيه حب العمل والإتقان والاعتماد على النفس، وتحمل مصاعب الحياة، وعدم التعجل في كسب الرزق أو التهاون بالقيم والآداب الموجهة للسلوك، وهذه هي ثقافة النزاهة التي ينبغي أن تحل محل ثقافة الفساد.
- التوصية الأخيرة لرجال الأمن وكل العاملين في أجهزته على اختلاف قطاعاتهم بأن يتقوا الله في مصادر رزقهم ويراقبوا أنفسهم وهم يتعاملون مع مواطنيهم، فيحسنوا معاملتهم - أبرياء كانوا أو متهمين - والأهم من كل ذلك ألا يكونوا يوماً من الجناة في قضايا الفساد بعد كل الذي بذلته مجتمعاتهم في إعدادهم وتدريبهم كحماة للوطن والمواطن، فعليهم أن يراقبوا أنفسهم مثلما يراقبون الآخرين.
بحوث متخصصة في نقد القوانين والأنظمة
محمد براك الفوزان هو أكاديمي وباحث شرعي ومتخصص في نقد الأنظمة، والمعروف أنه صاحب بحوث ودراسات عدة، من بينها مسؤولية الدولة عن أعمالها غير المشروعة وتطبيقاتها الإدارية، دراسة مقارنة بالفقه الإسلامي والقانون الوضعي، ونظام المطبوعات والنشر في المملكة العربية السعودية، شرح ودراسة، والتعليق على نظام العمل السعودي الجديد، وعمل المرأة في المملكة العربية السعودية، ومكافحة جريمة الرشوة والتزوير في المملكة العربية السعودية، والتنظيم القضائي الجديد في المملكة العربية السعودية، وأحكام نظام الوكالات التجارية السعودي دراسة مقارنة، وأحكام التوظيف في نظام العمل السعودي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.