لبناء القدرات وتبادل الخبرات وزارة الدفاع توقّع مذكرات تعاون مع 10 جامعات    أوكرانيا تستهدف موسكو بعشرات الطائرات المسيرة    إنطلاق الملتقى العلمي الخامس تحت عنوان "تهامة عسير في التاريخ والآثار "بمحايل عسير    أمانة نجران 4287 جولة وزيارة خلال أسبوع للصحة العامة    ختام بطولة المملكة المفتوحة للكاراتيه في الباحة    ارتفاع أسعار النفط    ترامب يغادر ماليزيا متوجها إلى اليابان    إثراء تجارب رواد الأعمال    فريق مصري يبدأ عمليات البحث في غزة.. 48 ساعة مهلة لحماس لإعادة جثث الرهائن    إنستغرام يطلق «سجل المشاهدة» لمقاطع ريلز    إسرائيل تحدد القوات غير المرغوب بها في غزة    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. انطلاق مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار    تمهيداً لانطلاق المنافسات.. اليوم.. سحب قرعة بطولة العالم للإطفاء والإنقاذ في الرياض    القيادة تهنئ رئيس النمسا ورئيسة إيرلندا    يامال يخطط لشراء قصر بيكيه وشاكيرا    الدروس الخصوصية.. مهنة بلا نظام    «التعليم»: لا تقليص للإدارات التعليمية    هيئة «الشورى» تحيل تقارير أداء جهات حكومية للمجلس    القمة العالمية للبروبتك.. السعودية مركز الاستثمار والابتكار العقاري    المعجب: القيادة حريصة على تطوير البيئة التشريعية    قيمة الدعابة في الإدارة    2000 زائر يومياً لمنتدى الأفلام السعودي    الصحن الذي تكثر عليه الملاعق    أثنى على جهود آل الشيخ.. المفتي: الملك وولي العهد يدعمان جهاز الإفتاء    تركي يدفع 240 دولاراً لإعالة قطتي طليقته    علماء يطورون علاجاً للصلع في 20 يوماً    تداول 168 مليون سهم    كلية الدكتور سليمان الحبيب للمعرفة توقع اتفاقيات تعاون مع جامعتىّ Rutgers و Michigan الأمريكيتين في مجال التمريض    الاستراتيجية الزراعية.. 38 مبادرة وطنية رائدة    قرار وشيك لصياغة تشريعات وسياسات تدعم التوظيف    480 ألف مستفيد من التطوع الصحي في الشرقية    14.2% نموا في الصيد البحري    غوتيريش يرحب بالإعلان المشترك بين كمبوديا وتايلند    سلوت: لم أتوقع تدني مستوى ونتائج ليفربول    رصد سديم "الجبار" في سماء رفحاء بمنظر فلكي بديع    ريال مدريد يتغلب على برشلونة    صورة نادرة لقمر Starlink    8 حصص للفنون المسرحية    «مسك للفنون» الشريك الإبداعي في منتدى الأفلام    قافلة إغاثية سعودية جديدة تصل غزة    منتخب إيران يصل السعودية للمشاركة ببطولة العالم للإطفاء والإنقاذ 2025    المعجب يشكر القيادة لتشكيل مجلس النيابة العامة    أمير الرياض يستقبل مدير عام التعليم بالمنطقة    الشؤون الإسلامية بجازان تواصل تنفيذ البرنامج التثقيفي لمنسوبي المساجد في المنطقة ومحافظاتها    مفتي عام المملكة ينوّه بدعم القيادة لجهاز الإفتاء ويُثني على جهود الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ رحمه الله    نائب أمير الشرقية يؤكد دور الكفاءات الوطنية في تطوير قطاع الصحة    العروبة والدرعية في أبرز مواجهات سادس جولات دوري يلو    أبرز 3 مسببات للحوادث المرورية في القصيم    الضمان الصحي يصنف مستشفى د. سليمان فقيه بجدة رائدا بنتيجة 110٪    116 دقيقة متوسط زمن العمرة في ربيع الآخر    الديوان الملكي: وفاة صاحبة السمو الأميرة هيفاء بنت تركي بن محمد بن سعود الكبير آل سعود    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على هيفاء بنت تركي    %90 من وكالات النكاح بلا ورق ولا حضور    ولي العهد يُعزي هاتفياً رئيس الوزراء الكويتي    النوم مرآة للصحة النفسية    اكتشاف يغير فهمنا للأحلام    "تخصصي جازان" ينجح في استئصال ورم سرطاني من عنق رحم ثلاثينية    نائب أمير نجران يُدشِّن الأسبوع العالمي لمكافحة العدوى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"ديموقراطية" الفتوى ... وغياب المصدر
نشر في الحياة يوم 19 - 08 - 2010

علماء الأزهر في مصر هم المصدر الوحيد للفتوى، والعالم الإسلامي يعرف أن الفتوى في مصر مقصورة عليهم، لذا نجد الاحترام الاجتماعي لأي فتوى يصدرها الأزهر حاسمة ولا يمكن لأحد أن يجرؤ على نقضها إلا من خلال مصدرها، والفتوى تصدر بعد جلسات ومناقشات تأخذ جوانب متعددة، لذا وجدنا أن استقرار المصدر للمجتمع أوجد لُحمة وتماسكاً بين الناس.
في نجد منذ عهد دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب، رحمه الله، وانتشار العلم الديني بين طلابه، أوجد تخمة علمية ما ساعد كثيراً على نشوب خلافات بين طلابه، والعلم الفقهي واسع الخلاف والأقوال. انتشر بين أفراد المنطقة النجدية هذا الخلاف وامتد إلى وقتنا، وهي أن الفتوى تتداول بين طلبة العلم صغاراً وكباراً، على رغم وجود هيئة كبار العلماء، ومع هذا لم يكن هذا المصدر قوياً لأن يحكم السيطرة عليه، والسبب في ذلك هو غياب الهيئة عن المجتمع، فالذي يريد فتوى يصعب عليه الاتصال بمشايخ الهيئة، وهذا ما أوجد الفجوة بينهم وبين المجتمع، لذا يجب أن نعالج الأمر قبل أن نطالب بتحجيمها ونقصرها على كبار هيئة العلماء، هذا الغياب أوجد مفتين في كل مكان، مفتياً في الشارع، أو في الملتقيات، أو القنوات الفضائية، وأرقام هواتفهم تتداول بين الناس، وهذا أوجد فجوة كبيره بين فئات الناس، خصوصاً أن معظم المستفتين ينقصهم الوعي الديني، وأبجديات الخلاف بين هذا وذاك، وحتى وأنت تستمع إلى المذياع أو تشاهد قناة فضائية وهي تستضيف ذلك المفتي ليقوم بالإجابة عن أسئلة المتصلين ينقصه الحكمة في إفهام السائل الذي يغلق الاتصال ولم يفهم ماذا أجابه ذلك المفتي؟
يجب أن تعيد هيئة كبار العلماء تنظيمها لتكون أكثر وجوداً وتفاعلاً وقرباً بين الناس، وذلك باعتماد فروع لها بمناطق المملكة كافة، وتضع موقعاً الكترونياً يستطيع السائل ان يتواصل مع المشايخ المعتمدين للفتوى إذا تعذر التواصل معهم هاتفياً أو شخصياً.
الأمر الملكي الكريم الذي يقضي بتحديد مسؤولية الفتوى في هيئة كبار العلماء جاء في وقته المناسب، الذي حتمت الحاجة وجوده، لما كان من تعدد الفتاوى التي توالت تحرّم وتحلل ممن يرون في أنفسهم أنهم أهل لمثل ذلك، سواء كان ذلك بحسن نية أو لغرض في بعض النفوس التي مهدت المساحات للخلاف بين الخاصة والعامة. إن تعددية مصدر الفتوى يفتح المجال واسعاً للمغرضين والمنتمين إلى منظمات إرهابية دافعها تقويض كيان الأمة، متذرعين ومتكئين على من يدّعون العلم والمعرفة في الأمور الدينية وهم في المستوى المتدني من العلم والتعمق في فقه الواقع المتجدد، أو في الحياة العامة. لقد عانت الكثير من الأمم من مثل هذه المؤامرات والدسائس التي تكون موجهة للهدم وليس البناء، وقد شاهدنا كيف وقع كثير من الشباب في براثن الفكر الإرهابي بسبب فتاوى تصدر من المنظرين لهذا الفكر، فكان لابد من تحديد لمسؤولية الفتوى في الأمور الدينية بحيث تكون من شأن من يقوم بها خير قيام بشهادة رجال الدين والمسؤولين الثقاة الذين يراعون الله في تصرفاتهم كافة، وهم مؤتمنون على توجيه المجتمع لما فيه صالحه، فصلاح الأمة هو المنشود دائماً تحت راية الإسلام، ودستورها القرآن كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
لقد كان للقرار الحكيم الذي وجِّه من خادم الحرمين الشريفين صداه الطيب في نفوس المواطنين وكل من يريد الخير للوطن وللأمة الإسلامية، فهو وإن كان قراراً داخلياً فإن نتائجه ومراميه ستكون لها انعكاساتها الإيجابية في سائر المعمورة التي تدين بالإسلام، لأنه خارج من جوار بيت الله الحرام قبلة المسلمين جميعاً، هذا العهد الزاهر، عهد الإصلاح والتنوير بقيادة الملك المهتم بالإصلاح الداخلي كهمّ أولي، قرنه بمجهود من شأنه التقارب والتسامح وتوحيد وربط مصير الأمة العربية.
قرار الفتوى وتحديد الجهة المسؤولة عنها هو قرار يتوج القرارات الملكية التي سبقت، وجميعها تعمل من أجل إسعاد الوطن والمواطنين والأمة العربية والإسلامية، وقد تأتت من واقع المسؤولية لرجل المسؤولية العامل بإخلاص دوماً، ربما يقول البعض إن هذا القرار يعارض مفهوم"حرية الرأي"وأنه يحد من الحوار ويدفع بالفكر الديني إلى العمل البيروقراطي، إن وما نص عليه القرار هو قصر الفتوى الشرعية التي لها طرقها ومنهجها، ولا يشمل هذا القرار الاجتهاد العلمي والحوار المعرفي الذي يذكي الفكر ويقويه، وحتى لا يُفهم من هذا القرار أنه ضد الاجتهاد فإن منع الفتوى لغير المختصين يمكن تشبيهه بمنع ممارسة التشخيص الطبي لغير الأطباء.
إن انتشار الفتوى في القنوات الفضائية يُحدث بلبلة ويُثير الشكوك ويصنع خللاً في التركيبة الثقافية والاجتماعية، وأنا على يقين أن مثل هذا القرار سيعطي العلماء الحقيقيين والمخلصين منهم خصوصاً فرصة لبناء معرفة دينية غير مرتبطة بالوهج الإعلامي الذي صار يخطف الأبصار ويزيغ القلوب ويدفع"المتعالمين"للظهور أكثر من العلماء أنفسهم. إن تنظيم الفتوى يجب ألا يتوقف عند مجرد القرار الملكي فقط، فهذه هي البداية، ويجب على من يقود المؤسسة الشرعية تحويل هذا القرار إلى"نظام مهني"ومعرفي واضح.
محمد بن خلف الشيخ - الرياض
تربوي سعودي
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.