دعا المدير العام لإدارة الأوقاف والمساجد في محافظة جدة فهيد بن محمد البرقي، إلى المحافظة على المساجد التاريخية في منطقة البلد، مؤكداً أن المحافظة عليها"مسؤولية مشتركة يدخل فيها جميع فئات المجتمع وأطيافه كافة". وكشف البرقي في حديث إلى"الحياة"عن تنسيق قائم بين إدارته وأمانة جدة، لضمان بقاء المساجد التاريخية معلماً من معالم جدة التاريخية، ب"الحفاظ على هذا الإرث التاريخي، وصيانته ووقايته من الاندثار، ومن أي نوع من أنواع الضياع". وقال المدير العام للأوقاف والمساجد:"إن مدينة جدة إحدى مدن العالم الاسلامي التي تتميز مساجدها بنفحة تاريخية وثقافية واجتماعية، إذ شكل بعض مساجد جدة حياة إنسانها عبر الأدوار التي لعبتها في تزويد ذلك الإنسان بمختلف فنون العلوم والثقافات، ومشاركتها في القضايا الاجتماعية، من خلال حل المشكلات والخلافات الاجتماعية والأسرية داخل المسجد". وأوضح البرقي أن أهم المساجد القديمة والتاريخية في محافظة جدة مسجد الشافعي، والذي يقال إن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه هو من بناه"وهو قول فيه نظر"، ويوجد المسجد في محلة المظلوم بمنطقة جدة القديمة، إلى جوار سوق الصاغة الخاص بالبدو وصانعي النحاس، وإلى الشرق منه يوجد سوق النسيج والملابس المعروف بسوق البدو. ويرجع تاريخ المسجد على أقل تقدير إلى العصر الأيوبي، نظراً لوجود لوحتين تذكاريتين تثبتان رجوعه إلى ذلك العصر العام 649ه/1251م في عهد الملك المظفر من ملوك اليمن، إضافة إلى دليل آخر، هو المئذنة الباقية إلى اليوم، والتي يدل أسلوبها وطرازها المعماري على أنها من الطراز الأيوبي الذي ظهر في كل من مصر واليمن والشام في الربع الأخير من القرن السادس للهجرة. وأشار إلى وجود تشابه كبير بين مئذنة المسجد ومئذنة المدرسة الصالحية في القاهرة، التي بناها الصالح نجم الدين أيوب في العام 648ه، وتعود تسمية المسجد إلى الشافعي كونه مذهب الملك المظفر الذي كان شافعياً، كما توجد تسمية أخرى للمسجد هي"المسجد العتيق"، وأطلقت عليه هذه التسمية بسبب قدمه. وقال البرقي:"من خلال متابعة تاريخ المسجد، نجد سلسة من مراحل التطوير المتتالية، ففي العام 940ه جاء تاجر من الهند اسمه الخواجا محمد علي، مصطحباً معه المؤن والأعمدة المنحوتة والخشب، وهدم المسجد وأعاد بناءه، لكنه أبقى المئذنة كما هي لتصبح أقدم مئذنة في منطقة الحجاز، وبنى منبراً جميلاً في المسجد، كما أرسل معه وزراء هنود مالاً بنى به دكاكين وبيوتاً، إلا أنه توفي قبل انتهاء العمل". وأضاف:"كان للمسجد صهريج كبير، تشير الدلائل على أن من بناه هو الملك المظفر، كما ذكر ذلك المؤرخ عبدالقدوس الأنصاري في كتابه الشهير"تاريخ جدة"، ولا يزال هذا الصهريج عامراً حتى الآن ومملوءاً بالماء العذب الذي ينزل من الأمطار، فيتسرب من أسطح وصحن المسجد إلى الصهريج الموجود أسفل المسجد، وله فتحة تشبه فتحة البئر، وكان يستعمل للشرب قبل دخول العين العزيزية وما زال يستعمل حتى الآن. وأشار المدير العام للأوقاف والمساجد إلى وجود عدد آخر من المساجد في المحافظة لا تقل أهمية تاريخية عن مسجد الشافعي، منها مسجد المعمار الموجود في سوق العلوي، والذي بناه مصطفى باشا"وهو قول فيه خلاف، ولكن ما زال اسم مرمم المسجد محمد أفندي المعمار مكتوباً مع اسم السلطان عبدالحميد خان الأول داخل تجويف محراب المسجد". كما تطرق البرقي إلى مسجد الحنفي في حارة الشام، على ناحية شارع الخراطين سابقاً، ويقع الآن على شارع الذهب بعد أعمال التوسعة التي شهدتها المنطقة، وتم إنشاؤه في العام 1220ه، وتم بناؤه على الطراز العثماني. وقال المدير العام للمساجد والأوقاف:"توجد مساجد قديمة وأثرية أخرى في جدة إلا أنه تم هدمها وأقيمت في مواقعها مساجد جديدة، منها مسجد السلطان حسن، ومسجد عكاشة، ومسجد عثمان بن عفان، ومسجد المغربي في سوق العلوي، ومسجد الحضارم في سوق الندى".