اتهم مواطنون السفارتين السعوديتين في الأردن وسورية ب"إهمال الرعايا وعدم مساعدتهم إذا وقعوا في مشكلة ما". وقال هؤلاء إن السفارتين لا تتدخل حتى إذا كان المواطن ضحية عملية نصب أو ابتزاز، ونادراً ما تبعث مندوباً في حال أفضت المشكلة إلى إدخال المواطن السجن. ومعلوم أن نسبة كبيرة من سكان المناطق الشمالية يقصدون هاتين الدولتين باستمرار، وأحياناً أكثر من مرة في الأسبوع، لدواع عدة أبرزها العلاج والتسوق. وتتنوع القضايا التي يتعرض لها السعوديون في هاتين الدولتين، ومنها الحوادث المرورية والجنائية وقضايا تهريب المخدرات، وفي كل تلك القضايا يكون موقف السفارتين هناك"سلبياً"برأي بعض من تعرضوا لمثل تلك الحوادث وتحدثوا إلى"الحياة". ويستغرب هؤلاء"تراخي"السفارتين في أداء واجباتها،"خصوصاً أن سفارات الدول الخليجية الأخرى لا تتأخر في مساعدة رعاياها وتحفظ حقوقهم وتصون كرامتهم". ويتذكر محمد الرويلي موقفاً"أليماً"تعرض بسببه هو وعائلته للضرب والابتزاز من بعض العناصر الأمنية في سورية. ويضيف:"كنت أقضي إجازة الصيف قبل نحو خمسة أعوام أنا وعائلتي، في أحد المصايف المشرفة على العاصمة السورية دمشق، وفي أثناء تجولنا بالسيارة التي كان يقودها ابني الشاب صدمنا حماراً اعترض علينا الطريق ما أدى إلى نفوقه". وزاد:"بعد أن التف حولنا أصحاب الحمار وهددونا بأننا سندفع الثمن غالياً على صدم حمارهم، اقتادتنا عناصر أمنية أنا وعائلتي إلى قسم الشرطة، وحين اعترضت على سوء معاملتهم دفعني أحدهم على درج المخفر ما أدى إلى سقوطي وإصابتي برضوض". وقال إنه اضطر بعد ذلك لدفع"رشاوى"إلى العناصر الأمنية في المخفر حتى يخلوا سبيله وعائلته، كما"دفعت مبلغاً آخر لصاحب الحمار الذي دهسناه". وأشار إلى أنه ذهب إلى سفارة بلاده في دمشق لتقديم شكوى ضد قسم الشرطة بسبب سوء المعاملة التي وجدها هناك. وأضاف:"بعد انتظار طويل في السفارة طلب مني أحد الموظفين كتابة الشكوى خطياً وهو ما فعلت". ويتابع:"وعدني الموظف بأن يتصل بي، إلا أنه لم يفعل حتى الآن". ولا يختلف حال السفارة في الأردن عن شقيقتها في سورية، إذ يتداول مواطنون كانوا ضحايا لمشكلات أمنية قصصاً عن إهمال السفارة في عمان لهم. فمع تزايد سرقات سيارات السعوديين في الأردن وعدم استطاعة السفارة السعودية هناك تقديم المساعدة لمواطنيها، لجأ أحد المواطنين تحتفظ"الحياة"باسمه بناء على طلبه إلى رئيس عصابة سرقة سيارات في الأردن لاستعادة سيارته التي سرقت هناك قبل أربعة أعوام. وقال المواطن ل"الحياة":"لم تنفعني الأجهزة الأمنية هناك، ما دفعني إلى اللجوء إلى زعيم العصابة لاستعادة سيارتي وهي من طراز جيب لاندكروزر ودفعت له مبلغاً في مقابل ذلك". ويضيف:"فوجئت بالزعيم يتصل بي في اليوم التالي من لقائي به، وأخبرني أن سيارتي موجودة في أحد الشوارع التي تقع في واحدة من ضواحي العاصمة الأردنية، وبالفعل اتجهت إلى هناك وعثرت عليها". وأكّد أنه لم يلجأ إلى هذه الطريقة لاستعادة سيارته "إلا مضطراً بعد أن علمت أن السفارة لم تفعل شيئاً لمواطنين سرقت سياراتهم في الأردن". من ناحيته، يقول عبدالله الخالدي إنه توسط بأحد الوجهاء في الأردن، لإطلاق سراحه من أحد مراكز الشرطة هناك،"بعد أن وقعت ضحية لكمين نصبه أردني". وقال:"ارتمى أمامي حين كنت أقود سيارتي بالقرب من المستشفى الذي يعالج فيه والدي، وفوجئت بأنه يدعي بأنني صدمته وأن هناك شخصين يشهدون على صحة كلامه". وأضاف:"بعد احتجازي لمدة عشرة أيام في أحد مراكز الشرطة لجأ والدي إلى أحد الوجهاء في الأردن ممن كان يعرفهم، وبعد مفاوضات تنازل الأردني عن حقه المزعوم في مقابل عشرين ألف ريال بعد أن كان يطلب أكثر من 120 ألف ريال!". وأشار إلى أنه دفع المبلغ مضطراً ليتخلص من هذا الموقف"المهين"، خصوصاً أنه لم يجد دعماً ومساندة من السفارة السعودية هناك. وإذا كانت السفارة السعودية في الأردن لا تتدخل في مثل تلك القضايا"البسيطة"، فإنها تتهم بتحاشي التدخل في قضايا أمن الدولة الأردنية التي يحاكم فيها سعوديون. فأشهر سجين سعودي هو فهد الفهيقي 28 عاماً الذي حاول قبل نحو أربعة أعوام تفجير معبر الكرامة بين الأردن والعراق وحكم بالإعدام شنقاً قبل أن يوجّه العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني قبل نحو سنتين بتخفيف الحكم إلى السجن المؤبد، لم يزره بحسب شقيقه صالح أي موظف من السفارة السعودية في عمان. واتهم صالح الفهيقي في حديث مع"الحياة""السفارة السعودية في الأردن بعدم الوقوف مع شقيقه أثناء محاكمته ولم يحضر جلسات المحاكمة مندوب منها، كما أنها لم تدعم فهد مادياً". وفي السياق ذاته، كشف مصدر مطّلع في السفارة السعودية في الأردن ل"الحياة"أن السجناء السعوديين في السجون الأردنية يبلغ عددهم نحو 61 سجيناً، تمثل قضايا المخدرات 90 في المئة من مجمل قضاياهم. وقال إن عدد السعوديين المقيمين في الأردن يبلغ نحو 7 آلاف سعودي، منهم 6 آلاف طالب وطالبة يدرسون في المدارس والجامعات الأردنية، فيما يقيم ألف سعودي في الأردن إقامة دائمة، مشيراً إلى عدد السعوديين في الأردن يتضاعف في أوقات الإجازات. وكانت السلطات الأردنية أطلقت سراح 21 سجيناً سعودياً قبل نحو شهرين، بموجب عفو ملكي أصدره العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني لمناسبة عيد الفطر المبارك.