في تظاهرة تعد الأولى من نوعها التم شمل عدد كبير من الفنانين العرب في المهرجان العربي الأول للأعمال الصغيرة، الذي افتتحه مساء الثلثاء الماضي نائب أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير مشعل بن ماجد، في مركز الملك عبدالعزيز الثقافي في أبرق الرغامة في مدينة جدة، وأبرز الفنون الإسلامية والعربية وقدم الحداثة التشكيلية العربية المعاصرة، بمختلف مدارسها تحت سقف واحد، مع العمل على رفع الذائقة الجمالية في المجتمعات العربية، خصوصا أن المهرجان سيقام كل عامين على غرار البيناليات الدولية كما صرح بذلك القائمون عليه. واستطاع المشاركون في المهرجان تقديم عصارة تجربتهم الفنية، في نشر ثقافة الأعمال الصغيرة، والحث على التفاعل معها واقتنائها وتسليط الضوء على جماليات التشكيل بالخط العربي في أعمال المبدع محمد سالم باجنيد. وعلى رغم الظروف السياسية والاجتماعية والمتدهورة في العراقوفلسطين إلا أن الفن كان حاضراً وبجودة عالية في أعمال الفنان العراقي سعدي الكعبي والفنان سمير سلامة من فلسطين، ليبرهنا نبوغ الفنون التشكيلية والبصرية وحفاظاً على الهوية العربية الأصيلة. وأكد منسق المهرجان الفنان السعودي نايل ملا أن الفنان المسلم"هو أول من مارس اللوحة الصغيرة في العهود الماضية، وأكدت ذلك المراجع التاريخية"، متمنياً من خلال هذا المهرجان الذي نظمه غاليري روشان للفنون الجميلة بجدة،"أن تكون فنوننا العربية والإسلامية قد استعادت ولو جزءاً يسيراً من توهجها وبريقها لتسطع من جديد في عالم الفنون البصرية، وليفتح المهرجان آفاقاً جديدة للزوار". وقال شربل داغرلبنان إن قيام هذا المعرض"حدث في حد ذاته، لجدة الفكرة ولقلة العناية بها في العالم العربي، إذ بات هذا النوع من الإنتاج الفني مقتصراً على تظاهرات هامشية، وأن العمل الفني المصغر لم يعد نسخة مصغرة بالضرورة، ولكنها كافية في تمثيلها عن عالم اكبر منها". ويرى عبدالرزاق عكاشة مصر إنه إذا كان الوطن بحجم صغير يصارع العولمة بحجمها الكبير،"فان اللوحة التشكيلية الصغيرة فرضت عليه المواجهة نفسها مع اللوحات الكبرى، وهنا تكمن عبقرية فكرة اختيار صالونات من المنظمين في السعودية لفعاليات اللوحات الصغرى، التي قُدر لها في 2008 أن تحمل قلق دول ومتغيرات حدود جغرافية جديدة". وأوضحت الناقدة التشكيلية السورية رفاء المصري أن الأعمال الصغيرة مادة فنية ثلاثية الأبعاد"تعتمد دقة ومهارة الفنان الذي يحتاج إلى تشخيص الدلالات بأبعادها الثلاثة، وان عامة الناس تقتني اللوحة الصغيرة بسبب خفة وزنها وقلة كلفتها ومناسبتها للأبنية الحديثة". وقال إياد كنعان الأردن إن الاحتفال باللوحة الصغيرة"اليوم له ما يبرره حضارياً وجمالياً فهو يأتي في سياق إعادة الاعتبار إلى فن"المنمنمة". من جهته، أكد رئيس اللجنة العليا للمهرجان ومدير غاليري روشان للفنون الجميلة طلال كردي أن"طموحاتنا لا تقف عند حدود استقطاب النخبة، بل تتعداه إلى آفاق ربما على الأرجح بديلة أو جديدة تفرضها طبيعة المرحلة والمتغيرات التي تتصل بالتيارات البصرية، لإيماننا بالدور الذي تلعبه الفنون في حياة المجتمعات الإنسانية". وشهد المهرجان تسامحاً من الرقابة مع بعض الأعمال المعروضة، خلافاً على ما كانت عليه في السابق، وجاءت الأسعار ميسرة وفي متناول الجميع، وهو ما أشاد به معظم المشاركين. كما شهد المهرجان، الذي يستمر عشرة أيام، حضوراً جماهيريا كبيراً من مختلف شرائح المجتمع ومحبي الفن التشكيلي.