ولادة "مها عربي" في محمية عروق بني معارض    القيادة تعزي رئيس روسيا الاتحادية في ضحايا حادث تحطم طائرة ركاب بمقاطعة آمور    يقود تحولاً غير مسبوق لخدمة البشرية .. سدايا: 424 ألف سعودي يتعلمون تقنيات الذكاء الاصطناعي    لتوفير فرص عمل محفزة ومنتجة للمواطنين.. توطين مهنة الصيدلة يدخل حيز التنفيذ    47 اتفاقية بقيمة 24 مليار ريال.. السعودية.. دعم راسخ للتنمية المستدامة والازدهار في سوريا    مساعد وزير الدفاع للشؤون التنفيذية يزور جمهورية تركيا    201 رحلة يوميا بمطارات المملكة    ترقب عالمي لتأثير الفائدة على أسعار الذهب    اتفاقية التجارة الأمريكية اليابانية تثير التساؤلات    أغلقته أمام عمليات تفتيش المنشآت.. إيران تفتح باب الحوار التقني مع «الطاقة الذرية»    واشنطن تحذر من المماطلة.. وجوزيف عون: لا رجوع عن حصر سلاح حزب الله    وسط تحذيرات من المخاطر.. 1.3 مليون سوداني عادوا من النزوح    ترحيب سعودي بإعلان ماكرون العزم على الاعتراف بدولة فلسطين    الأهلي يخسر ودية سيلتيك بركلات الترجيح    مجموعة (هاربورغ) بعد استحواذها على نادي الخلود: لسنا هنا لشراء النجوم بل لتطويرهم    سعود عبدالحميد ينضم إلى تولوز الفرنسي    الاحتراف العالمي الجديد    يارا تضيء منزل خالد الزهراني    البجالي واليزيدي يحتفلان بعقد قران عبد الحميد    الزهراني يحتفل بزواج تركي والوليد في الباحة    من أبرز المعالم التاريخية في قلب الرياض.. هيئة المتاحف تعيد افتتاح متحف قصر المصمك    أليسا وجسار يضيئان موسم جدة بالطرب    وفاة الفنان زياد الرحباني.. نجل فيروز    "سوار الأمان".. تقنية لحماية الأطفال والمسنين    ذوبان الهويات المناطقية تحت المجهر العقلي    النفط ينخفض لأدنى مستوى في ثلاثة أسابيع وسط مخاوف اقتصادية    هلال صفر يزين سماء المملكة    القيادة تهنئ رئيسي المالديف وليبيريا بذكرى يوم استقلال بلديهما    سباق الأندية يشتد في كأس العالم للرياضات الإلكترونية    النصر يتغلّب على إس يوهان بخماسية في أولى تجاربه بالنمسا    122 شهيداً بسبب التجويع بينهم 83 طفلاً    6300 ساعة تختم أعمال الموهوبين بجامعة الإمام عبدالرحمن    رحيل زياد الأسطورة    الباحة: ختام مسابقة الدرمحي لحفظ القرآن والسنة النبوية    المملكة تعزز استقرار سوريا    خطيب المسجد الحرام: التشاؤم والطيرة يوقعان البلاء وسوء الظن    إمام المسجد النبوي: الرُسل هم سبيل السعادة في الدنيا والآخرة    عسكرة الكافيين في أميركا    بتقنية الروبوت الجراحي HugoTM️ RAS .. مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالتخصصي يجري عمليتين ناجحتين    مستشفى المهد يعتمد تقنية تخدير الأعصاب    ضبط شخصين في المدينة المنورة لترويجهما (10) آلاف قرص من مادة الإمفيتامين المخدر    رئيس أركان القوات البحرية يلتقي عددًا من المسؤولين الباكستانيين    أمير الشرقية يعزي أسرة الثنيان    ارتفاع قتلى المواجهات العسكرية بين تايلاند وكمبوديا    نائب وزير الرياضة يشكر القيادة بمناسبة تمديد خدمته لمدة أربع سنوات    خالد الشهراني يهدي السعودية برونزية آسيوية في التايكوندو    التقارب السعودي السوري.. والتعليم بوابة المستقبل    تونس تكافح للسيطرة على حرائق الغابات    ترحيل 11183 مخالفا للأنظمة خلال أسبوع    آل معنتر مستشاراً لسعادة المدير العام للتعليم بمنطقة عسير    الدفاع المدني يقيم معارض بمناسبة اليوم العالمي للوقاية من الغرق    المدينة المنورة تحيي معالم السيرة النبوية بمشروعات تطويرية شاملة    أمير منطقة جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأهالي محافظة الدائر    أمير تبوك يطمئن على صحة الشيخ عبدالعزيز الغريض    الأمير محمد بن عبدالعزيز يستقبل قائدَي قوة جازان السابق والمعيّن حديثًا    الإحسان الطبية تنفذ مشروع «الإستشاري الزائر» في مستشفى صامطة العام    أكثر من 7 آلاف زيارة منزلية خلال 6 أشهر بمستشفى الظهران    المفتي يطلع على أعمال "حياة"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"خفاض" الإناث ليس من السنة
نشر في الحياة يوم 07 - 05 - 2008

نشرت صحيفة"الحياة"يوم 30 - 4 2008 خبراً مفاده أن الدكتور محمد الفارس، - خطيب مسجد في محافظة رنية - تمسك بدعوته لختان الإناث، وقال إنه من السنة النبوية، ويجب الالتزام به، وعدّه مفيداً ومجرباً في الإحصان.
فأقول: إن عادة خفاض الإناث إنما هي عادة فرعونية، مثلها مثل عادة إلقاء فتاة في مقتبل العمر في يوم محدد من كل عام في نهر النيل، لكي ترضى الآلهة، إذ تروي كتب التاريخ أن أحد فراعنة مصر حلم بأنه سيولد في أرضه ذكر يقضي على ملكه، فأصدر أوامره بقتل كل مولود ذكر يولد تلك الأيام، وفي حال الشك تقطع قطعة اللحم الناتئة من عضو الأنثى بتراً من جذورها، ولهذا سميت هذه العادة"الخفاض الفرعوني"، وهي ليست من السنة كما يدعي بعضهم، فكثير من الأسر التي تدين بالنصرانية في الدول العربية وغيرها تلجأ إلى خفاض بناتها، ناهيك عن أن اليهود يمارسون هذه العادة إلى الآن.
والدليل على أن هذه العادة ليست سنة من سنن الإسلام، فقد كرهها الرسول ? صلى الله عليه وسلم - في أحاديثه، فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أم أنمار إذا خفضت فأشمي، ولا تنهكي، فإنه أحسن للوجه وأرضى للزوج"، وفي رواية أنس رضي الله عنه:"فإنه أسرى للوجه وأحظى عند الزوج"، وفي رواية أم عطية:"فإن ذلك أحظى للمرأة وأحب إلى البعل"، وحرف"لا"في اللغة يفيد النهي هنا، أي أن الرسول صلى الله عليه وسلم رأى أن ترك الفتاة من دون خفاض هو الأصل، لأنه أحب إلى الزوج.
إن للمرأة الحق الشرعي في الوصول إلى ذروة النشوة الجنسية مثلها مثل الرجل تماماً، بل إن الشهوة عند المرأة أكثر منها عند الرجل، ففي شعب الإيمان للبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه:"فضلت المرأة على الرجل بتسعة وتسعين جزءاً من اللذة، ولكن الله ألقى عليهن الحياء"، ونجد هذا الإقرار في كتب الفقه كافة، ففي"المغني والشرح الكبير"باب استحباب التأني في الجماع لتدرك المرأة حاجتها، روي عن عمر بن عبدالعزيز عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله:"لا تواقعها إلا وقد أتاها من الشهوة مثل ما أتاك، لكيلا تسبقها بالفراغ". قلت: وذلك إليّ؟ قال:"نعم، إنك تقبلها وتغمزها، وتلمزها، فإذا رأيت أنه قد جاءها مثل ما جاءك، واقعها". وعن أنس - رضي الله عنه - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا جامع الرجل أهله فليقصدها، ثم إذا قضى حاجته فلا يعجلها حتى تقضي حاجتها"، لأن في ذلك ضرراً عليها ومنعاً لها في قضاء شهوتها"- هنا انتهى كلام ابن قدامة، رحمه الله-.
وأثبت الطب أن الخفاض يؤدي إلى حرمان الفتاة الصغيرة في المستقبل من التوافق الجنسي مع زوجها، ويصيبها بنوع من البرود الجنسي، بل هناك استحباب في الحديث الشريف أن تكون الزوجة من النوع الشبق، لقوله صلى الله عليه وسلم"خير نسائكم العفيفة الغلمة، عفيفة في فرجها، غلمة على زوجها"، وفي رواية علي بن أبي طالب رضي الله عنه"إن الله يحب المرأة الملقة البرعة مع زوجها الحصان على غيره".
إن معنى مصطلح الخفاض، هو إزالة قطعة لحمية من عضو المرأة التناسلي تُسمى"البظر"، والقصد من هذه العملية تخفيف شهوة المرأة، ولهذا العضو أهمية كبيرة في تحريض الشعور الجنسي والوصول بالمرأة إلى قمة النشوة، ويختلف طوله من امرأة إلى أخرى، حيث يزداد طوله في المناطق الحارة. وإن أعظم المؤسسات الطبية في العالم تسخّر جلّ إمكاناتها وتتنافس في ما بينها في الوقت الحاضر للوصول إلى أدوية تعالج البرود الجنسي عند الرجال والنساء معاً، وينفق الناس من أجل ذلك الأموال الطائلة، على رغم ما تسببه هذه الأدوية من أضرار جانبية على الإنسان، فنأتي نحن ونعرّض فلذات أكبادنا إلى الموت من أجل إطفاء الشهوة الجنسية لديهم، التي هي حق من حقوقهم الإنسانية قبل كل شيء، وفطرة خلقهم الله بها وعليها، فهل جائز أن نلزم المسلمين بالقيام بعمل فيه مهلكة للنفس وهو ليس من السنة في شيء؟ والأضرار الصحية الناجمة عن الخفاض إذا ما قورنت سلبياته مع إيجابياته، كما يدعي مؤيدوه فيه ظلم كبير للأنثى، فعملية الخفاض تؤدي في كثير من الأحيان إلى تضييق فتحة المهبل بصورة يصعب معها خروج الطمث في أثناء الدورة الشهرية، فيتراكم الدم الفاسد مسبباً الكثير من الأمراض والالتهابات، ومضاعفات النزيف، والتسمم، خصوصاً أن معظم من يقوم بمثل هذه الجراحة ليسوا من أهل الاختصاص في الطب بشكل عام، والجراحة بشكل خاص، إذ تقوم بها قابلات تقليديات يجهلن ما يترتب على هذه الجراحة من أمور طبية صحيحة... وقد نتجت من هذا العمل حالات وفاة عدة، أذكر منها خبراً نشرته صحيفة"الأهرام"المصرية بتاريخ 25-8-1996، مفاده أن فتاة في الرابعة عشرة من عمرها توفيت نتيجة إجراء جراحة ختان لها، كما نشرت الصحيفة ذاتها في عددها الصادر بتاريخ 21 -7-1998، خبراً مفاده أن فتاة في الثانية عشرة من عمرها توفيت في مستشفى خاص في مدينة السلام في القاهرة خلال ختانها على يد أحد الأطباء.
كما أن القيام بمثل هذا الأمر خفاض البنات يعد مأخذاً سلبياً على الإسلام وأهله، في وقت نحن في أمسّ الحاجة إلى أن نحسّن صورة الإسلام في الغرب، فقد نشرت بعض الصحف الغربية العام الماضي خبراً بعنوان"أوروبا تلوّح بعقوبات على دول تسمح بالختان"، فحواه أن أوروبا ستقطع المساعدات عن بعض الدول الإسلامية والعربية بسبب ممارستها عادة خفاض الإناث، الذي يعد انتهاكاً لحقوق الأطفال، وفي مدينة ليريدا الإسبانية أحيل إمام مسجد إلى القضاء بسبب دفاعه في خطبته عن عادة خفاض الفتيات، وتبريره لهذه العادة، وعدّ القاضي تصريحه هذا اعتداء مباشراً على حقوق الإنسان، وفي فرنسا أجري عدد من المحاكمات لبعض الجاليات الإسلامية المقيمة هناك بسبب لجوء بعضهم إلى خفاض بناتهم، والكثير منا شاهد قبل عدد من السنوات الفضائح الإعلامية في قناعة CNN، الإخبارية.
والواقع أن هذه المشكلة ما تزال تعكس تناقضاً كبيراً في مستويات وأنماط التفكير لدى شريحة كبيرة في المجتمع الإسلامي، على رغم أن بعضهم يعلم أن هذه العادة ليست من السنة، وإنما يقومون بها إذعاناً للأعراف والتقاليد الاجتماعية البالية... وإن فتوى كهذه التي قال بها إمام مسجد رنية، على رغم كل ما أثبته الطب من سلبيات ومخاطر في عملية خفاض الفتيات كممارسة بشعة تنطوي على انتهاك صريح لحقوق المرأة المكفولة شرعاً في التمتع بحياتها الزوجية، وأداء دورها الإنجابي من دون التعرض للأذى والمخاطر، تعد خطوة إلى الوراء في مسألة إبراز أن المرأة المسلمة في المملكة خصوصاً تنال حقوقها كاملة غير منقوصة.
وأخيراً، إن المعايير التي قال بها إمام المسجد بأن الخفاض هو صيانة للمرأة المسلمة، هي معايير خاطئة، وقوله بذلك جانبه الصواب، فالإحصان لا يكون ببتر عضو لدى الأنثى، فمعظم النساء اللاتي يمارسن البغاء في الغرب هن من النساء المختونات، وإن الحفاظ على قيم وأخلاق المرأة المسلمة يكون بحسن التربية والتوجيه والإرشاد إلى قيم والتعاليم الإسلامية الصحيحة، وتعميق الوازع الديني لضبط الشهوات.
* باحث في الشؤون الإسلامية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.