عزا خبراء اقتصاديون ارتفاع أسعار النفط الى انخفاض سعر الدولار، والمضاربات النفطية، فضلاً عن زيادة الطلب العالمي على استهلاكه. وأوضح الخبير الاقتصادي خالد الحارثي، أن السبب الأول في ارتفاع أسعار النفط هو"المضاربات التي تحدث في الأسواق العالمية، قبل أن يكون السبب هو نقص الإمدادات"، موضحاً أن"هناك انخفاضاً في سعر الدولار، إلى جانب الاستغلال في المضاربات على سلعة النفط من الأسواق العالمية"، الأمر الذي"يسهم في ارتفاع تدريجي في أسعاره". وأضاف أن"المستفيد الأول هو الدول المصدرة للنفط"، إلا أن هذه الاستفادة"مرهونة بمرحلة وقتية، لأنها ليست مستمرة، فقد مررنا قبل ذلك بمرحلة من الارتفاعات، تلتها انخفاضات غير متوقعة". وقدر العوائد المتوقعة من ارتفاع أسعار النفط بأكثر من"100 في المئة من توقعات الموازنة السعودية"، مشيراً إلى أن"الموازنة كانت متحفظة في توقعاتها التي كانت تقدر ب 45 دولاراً لسعر برميل النفط"، مضيفاً:"نشهد الآن ارتفاعاً إلى 135 دولاراً، أي بمعدل 110 دولارات للبرميل خلال هذا العام، وبالتالي فالارتفاع أكثر من توقع الموازنة ب 100 في المئة". ولفت إلى أن"هذه الدراسة المتوازنة، تتخذها الدول عادة في دراسة الموازنات حتى لا يكون التفاؤل أكبر من الواقع. خصوصاً في الدول التي تعتمد على سلعة النفط". ويتوقع الحارثي أن"ينخفض سعر البرميل بعد نهاية موسم الشتاء، إذا قلت المضاربات في الأسواق العالمية". ونفى وجود علاقة بين عائدات النفط والتضخم"، لافتاً إلى أن"التضخم مرتبط بسياسات مالية ونقدية، إضافة إلى سياسة الحد من الإنفاق الحكومي". وأوضح أنه"إذا كانت سياسة المملكة النقدية محافظة في ضخ هذا العائد بأي شكل من الأشكال إلى الإنفاق التأسيسي أو الإنفاق الرأسمالي، فلن تؤثر مباشرة في زيادة التضخم"، مشيراً إلى أن"المملكة اتخذت سياسة الحد من الإنفاق الحكومي، وزادت في ضخ السيولة في الاستثمار الرأسمالي"، أي"فتح مجالات استثمارية أكبر، في وقت لا تكون هناك آليات لضخ سيولة تسهم في زيادة التضخم"، الأمر الذي اعتبره إيجابياً". وزاد:"لاحظنا أن عرض النقد الذي يعطي انطباعاً على حجم السيولة المتوافرة، وصل إلى أعلى مستوياته في الشهر الماضي منذ 8 أشهر"، مضيفاً أنه"كلما زادت السيولة زاد عرض النقد، وبالتالي زاد التضخم". وأشار إلى أن علاجه هو"تدخل السياسة النقدية للحد من الإنفاق الحكومي"، معطياً مثالاً على ذلك وهو"زيادة الاحتياطي الإلزامي على البنوك"، لافتاً إلى أن"الكرة الآن في ملعب القائمين على السياسات النقدية والمالية". وعدد الحارثي طرقاً مثلى لاستثمار هذا العائد، منها"توجيهه إلى الصناديق الاستثمارية والسيادية، على أن توجه إلى أسواق أجنبية، لأن توجيهها إلى أسواق محلية سيسهم في زيادة التضخم، حتى لو كانت عن طريق أسواق المال". وفضل أن تكون السوق الأجنبية"أميركية للفرص المتاحة هناك في ظل الوضع الذي يمر به الدولار والاقتصاد الأميركي". وأشار إلى أن"ضخه بطريقة مباشرة إلى المواطن قد يسهم في زيادة التضخم، لأنه سيزيد من الطلب". والطريقة الأخرى هي"توجيه العائد بشكل مؤسسي إلى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، إضافة إلى تخصيص جزء من هذا العائد لهيئة تختص بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، تقوم على دعم هذا القطاع الذي يعتبر عامود اقتصاد أي دولة نامية"، الأمر الذي"سينعكس إيجاباً على الاقتصاد، ولن يؤثر سلباً في التضخم، لأنه يعتبر استثماراً رأسمالياً". وشدد الحارثي على ضرورة وجود"استراتيجية طويلة المدى للتعامل مع هذه الطفرة، والتعلم من التجارب السابقة"، مشيراً إلى"مرور المملكة بطفرة في الماضي لم تستغل بالشكل الصحيح لصناعة اقتصاد ذي تنمية مستدامة". ومن جهته، أرجع الخبير الاقتصادي الدكتور سالم باعجاجة سبب ارتفاع أسعار النفط الى"زيادة الطلب عليه من الدول المنتجة". وقال ان الارتفاع في إيرادات النفط"سينعكس على ميزان المدفوعات بزيادتها"، الأمر الذي"سيحقق وفراً في الموازنة، وستستغله الدولة في تسديد جزء من الدين العام"، إضافة إلى استخدامه في"توسعات للبنية التحتية للمشاريع المستقبلية، نظراً لمرور المملكة بمرحلة جديدة من النمو". وأشار إلى ان أرتفاع أسعار النفط"سينتج منه ارتفاع في أسعار المواد المصنعة من البترول المستوردة من الخارج". وتوقع أن"تقوم الدولة باجراءات مماثلة للسابق لعلاج ارتفاع الأسعار، مثل زيادة دعم، وخفض الرسوم الجمركية على المواد المستوردة".