إن الأندية الرياضية تحمل في شعاراتها "رياضية - اجتماعية - ثقافية"، فالجانب الرياضي مُفعل ويُدفع من اجله مئات الملايين من الريالات، لذا تجد هذا الجانب متفوقاً، وهذا يدل على أن الشباب والمال قوتان ضروريتان إذا تم استثمارهما وتوجيههما التوجيه السليم، فالجانب الثقافي، خطواته في الأندية الرياضية تمشي على استحياء، ولا تتعدى مسابقة تقام من اجل المعونة المستحقة، والجانب الاجتماعي لا وجود له ولا نشاط يذكر، فهو جانب مغيّب من أجندة نشاطات الأندية، أما الجانب الرياضي فنحن نرى عشرات الآلاف من الشباب يكتظون في جنبات الملاعب لتشجيع فرقهم التي يحبونها ويعشقونها، ونرى هذا التعصب المقيت لشعار النادي الذي يشجعه هذا الشاب وذاك... لماذا لا يوجه هذا الشباب وطاقاته داخل الأندية الوجهة السليمة ويُفعل دوره بشكل إيجابي؟ الشباب هم أغلى ما تملك أي أمة من طاقاتها البشرية، فهم في مرحلة المراهقة، وبداية مرحلة الشباب، قوة احتياطية تُعدّ نفسها لتتسلم مهامّ الحياة، وكيفما يكون الشباب، يكون مستقبل الأمة، وعمّا قريب يتسلمون شؤون الحياة بأكملها، لذا فإن العناية بجيل الشباب ورعايته، هي جزء من التخطيط لمستقبل كل أمة، والحرص على مكانتها. إنّ التفكير في استيعاب طاقات الشباب، من خلال المؤسسات الشبابية، ورعاية طاقاتهم، وتنمية قدراتهم وملكاتهم، هي مسؤولية الدولة والمجتمع والأسرة... إنّ طاقة الشباب الجسدية والفكرية والنفسية، إن لم تُوجّه وتُوظّف بشكل سليم ومدروس جيداً، تتحول إلى عمليات هدم وتخريب في المجتمع، بل وتنعكس على كيان الفرد نفسه انعكاساً سلبياً. إنّ الأهمية الكبرى لطاقة الشباب، ومخاطر إهمالها، وعدم توجيهها ورعايتها، هي التي دعت الدول إلى تأسيس وزارة خاصة بالشباب، تكون مهمتها رعاية الشباب، وتوجيه طاقاتهم والاهتمام بمواهبهم وميولهم، والعمل على تنشئتهم التنشئة الصحيحة لخدمة وطنهم وحمل المسؤولية لتقدم الوطن ورقيه. ففي الشباب قطاعات واسعة تحتاج إلى تأهيل، واكتساب الخبرات والمهارات العملية، واللحاق بحركة العلوم المدنية وتطور المجتمع ورقيه، لذا فإن تدريبهم من خلال معاهد التأهيل على الوسائل العلمية الحديثة، وإدارة الأجهزة واستخدامها، مسألة أساسية وضرورية. فالتدريب على الكومبيوتر واستخداماته المختلفة، وآلات الإنتاج، وأجهزة إدارة الأعمال والأجهزة الالكترونية، وتدريبهم على الأعمال التأهيلية المختلفة، لإنقاذهم من"الفراغ والبطالة"، اللذان يعتبران السببين الرئيسين في الفقر، والمشكلات الاجتماعية والنفسية والأمنية قضية مهمة وحيوية. كثير من الشباب يملكون مواهب ومؤهلات فنية عالية، ولابد من رعايتها والعمل على تنميتها وإبرازها للوجود، حتى نقضي على أوقات الفراغ لديهم، بدلاً من التسكع في المراكز التجارية، أو أن يقعوا فريسة سهلة لأصحاب الفكر المنحرف، فهم يتمتعون بمواهب كثيرة كموهبة الخط والرسم والزخرفة، والقدرة على الأعمال الفنية والجمالية المصنَّعة. إنّ توفير الظروف المعنوية والمادية والخبرات والمعاهد والمعارض، وفتح الدورات التخصصية، والنوادي المعنية، وتسويق إنتاجهم، يساعد على تشجيع الشباب على تنمية مواهبهم، وتنمية الحركة الفنية، وإشغالهم، وإنقاذهم من الفراغ، لأن خطر الفراغ كبير على الإنسان، وذو مردود سلبي على نفسيته وسلوكه. ولدى كثير من الشباب ملكات كتابية وشعرية، كثيراً ما تُهمل وتموت. إن الرعاية الأدبية والثقافية للشباب حتمية، وذلك بايجاد جمعيات ونوادٍ ثقافية وأدبية لهم، وطبع ونشر الإنتاج الثقافي والأدبي للشباب، وتشجيعهم على تنمية المواهب، لكي نمد الأمة بأعداد من المبدعين، ومن الكتّاب والشعراء والأدباء والفنانين. إن الشباب لديه طاقات إبداعية تنفجر في مجال الاكتشاف والاختراع، تجب رعايتها، وتوفير المستلزمات المادية، والتسهيلات والتوجيه العلمي لأولئك المبدعين. لابد للجهات والمؤسسات المعنية في الدولة من إعداد برامج إذاعية وتلفزيونية خاصة بالشباب، وبمشكلاتهم وتوجيههم وإرشادهم إلى الطريق الصحيح لخدمة وطنهم. كما أنّ وجود صحافة ومجلات ودوريات متخصصة بشؤون الشباب ومشكلاتهم، ونشر إنتاجهم وإسهاماتهم، وإبراز دور المتفوقين منهم، مسألة مهمة جداً في التشجيع، وحل المشكلات، وتوجيه الشباب، وتنمية وعيهم، وتزويدهم بالخبرات والنصائح. يمتاز الشباب في هذه المرحلة بالحيوية، والقوة الجسدية، لذا فإن تنمية روح الفتوة والرياضة مسألة أساسية، لإنقاذهم من الميوعة والتحلل الفكري والأخلاقي، بفتح النوادي الرياضية، والملاعب، والمسابح، وساحات السباق، وإقامة المسابقات الرياضية والثقافية، ورصد الجوائز، لأن الرياضة كما هي تربية وإعداد جسدي، فإنها تربية وإعداد أخلاقي"فهي تربية على أخلاق القوة واحترام المنافسة، وتفوّق الآخرين، وانضباط أخلاقي في التعامل مع القوة وجمال الجسم، بعيداً عن الغرور والاستعلاء. إن رعاية الشباب يقع على عاتقها دور أساسي ورئيس لرعاية الشباب، إذ هي من أولى وسائل توفير القوة الفكرية والأخلاقية والمهنية والبدنية التي دعا إليها القرآن الكريم بقوله: وأعدّوا لهم ما استطعُتم من قوة، لذا فإن جيل الشباب يجب ان يتمتع بالقوة والأخلاق بدلاً من الميوعة والتسكّع. محمد بن خلف بن الشيخ - الرياض [email protected]