بدأ مستشفى الصحة النفسية في الأحساء حملة توعية ضد حالات الانتحار، التي بدأت تشهد تزايداً في الفترة الماضية، وأشارت إحدى الأخصائيات في المستشفى إلى ارتفاع نسبة خطر الانتحار خلال العقود الأربعة الماضية إلى أكثر من 60 في المئة، وشكل الاكتئاب لدى المرضى من كبار السن العامل الأقوى والأخطر في الإقدام على الانتحار. وقالت أخصائية أول طب نفسي الدكتورة فاطمة عبد اللطيف المحيش، بمناسبة الحملة التوعوية بالصحة النفسية التي بدأت في الأحساء تحت عنوان"جدد حياتك"، ان"خطر الانتحار في تزايد مستمر، وفي دراسة لمنظمة الصحة العالمية أكدت أن المرضى اليافعين يشكلون نسبة كبيرة من المرضى المعرضين لخطر الانتحار وتعاطي المخدرات، ما يؤدي إلى زيادة نسبة الإقدام على الانتحار بمعدل مرتين إلى أربع مرات، بالنسبة لهذه الفئة. وقالت:"هناك إحصاءات تشير إلى أن نحو مليون شخص ماتوا بسبب محاولة انتحار ناجحة، وفي مقابل كل محاولة انتحار ناجحة كان هناك 20 محاولة انتحار سابقة، ودائماً ما تسبب محاولة الانتحار إلى صدمة عصبية وعاطفية وتنويم متكرر في المستشفى". وأضافت"في العام 2000، دلت الدراسات على أن كل محاولة انتحار ناجحة تحدث كل 40 ثانية، وكل محاولة انتحار تحدث كل 30 ثانية بشكل تقريبي"، وأشارت إلى أن العوامل التي تؤدي إلى السلوك الانتحاري"منها الاكتئاب إذ تقدر عدد حالات الانتحار الناجحة بعشرة إلى 15 في المئة من المصابين باكتئاب نفسي، وأيضاً اضطرابات المزاج ثنائية القطب، والمصابون به معرضون للانتحار بمعدل 12 إلى 20 مرة، والفصام الذي يؤدي في نهاية المطاف للانتحار بنسبة عشرة في المئة، وقد ينجح أربعة في المئة منهم في هذه المحاولات". ودلت دراسة من الطب الجنائي على أن ستة إلى 14 في المئة فقط من الأشخاص المصابين بالاكتئاب كانوا يأخذون العلاج بشكل مناسب، وجرعة مناسبة لدرجة اكتئابهم، والذين وصلوا إلى مرحلة الاكتئاب 50 إلى 70 في المئة ممن كانوا يرتادون العيادة النفسية قبل وفاتهم في فترة تتراوح ما بين أيام إلى شهور. وتحدث استشاري الطب النفسي الدكتور خليل إبراهيم السليم عن"الأمراض النفسية والانتحار خلال مراحل الحياة"، وأشار إلى أن"معدل الانتحار في مرحلة الطفولة منخفض، وهو السبب العاشر في وفاة الأطفال لمن هم أقل من 14 سنة، ويقدر أن لكل طفل يموت بالانتحار هناك أكثر من 50 محاولة انتحار غير مميتة". وارتفع معدل الانتحار لدى الذكور في مرحلة المراهقة، وزيادة المعدل تعزى إلى زيادة الأمراض النفسية، وحوالي 90 في المئة من المراهقين المنتحرين لديهم على الأقل مرض نفسي واحد. وجاءت هذه الدراسات من خلال الكتيب الذي أعده مستشفى الصحة النفسية في الأحساء بمناسبة الحملة التوعوية بالصحة النفسية. وقال الدكتور السليم:"غالبية حالات الانتحار تحدث لدى الناس الذين تكون أعمارهم أقل من 45 سنة، وأصبح الانتحار أحد أهم ثلاثة أسباب للوفاة في هذه المرحلة في جميع العالم، وبعض الطلبة الأجانب الذين يدرسون في أميركا وبريطانيا، تكون نسبة لجوئهم للانتحار مرتفعة، نتيجة العزل الاجتماعي، وأشارت الدراسات إلى أن انتحارهم في عام 1950 بلغ أكثر من 80 في كل 100 ألف وهي نسبة أعلى بكثير من غيرهم". وأشار إلى أن"الأشخاص فوق سن 65 سنة يقتلون أنفسهم بمعدل أعلى بكثير من أي مراحل العمر الأخرى، بحسب الجمعية الصحية الخيرية في بريطانيا، التي دلت على أن معدل الانتحار لدى الكهول في الجنسين يتجه نحو الانخفاض، إلا أنه ما زال عالياً، وهو مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالاكتئاب والألم الجسدي والمرض والوحدة والإحساس باليأس والذنب". وأظهرت تقارير من منظمة الصحة العالمية أنه ما يقارب 121 مليون شخص حول العالم يعانون من الاكتئاب، وأنه ما يقارب 5.8 في المئة من الرجال و 9.5 في المئة من النساء يعانون من حالة اكتئاب سنوياً، ويقدر بأن الاكتئاب سيكون بحلول العام 2020 السبب الثاني للعجز المرضي بعد أمراض القلب، والنساء أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب ضعفي عدد الرجال، حيث إن الرجال أقل شكوى وطلباً للعلاج. وتبنت دول عدة برامج إستراتيجية قومية لمنع الانتحار، ففي انجلترا وضع برنامج لتقليل الانتحار بنسبة 20 في المئة بحلول عام 2010، وينتحر أكثر من مليون شخص سنوياً في مختلف دول العالم بمعدل 14.5 عن كل 100 ألف شخص وهذا الرقم أعلى من حالات الوفاة نتيجة الحروب.