أكد رئيس جمعية الأطفال المعوقين الأمير سلطان بن سلمان ، أنهم ربحوا كل جولاتهم - تقريباً - التي خاضوها ضد مشكلة الإعاقة ، مشدداً على أن الفشل هو الخاسر في العمل الخيري ولفت إلى صدور النظام الوطني للمعوقين، الذي ينظّم ويحدد حقوق وواجبات المعوقين، وإنشاء المجلس الأعلى للمعوقين، معتبراً أن هاتين الخطوتين اللتين جاءتا تلبية لتوصيات المؤتمر الدولي للإعاقة الذي عقد في السعودية تأتيان في مصلحة المعوقين. وأشار إلى أن مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة ينفذ حالياً 18 بحثاً علمياً في مجال الإعاقة، من ضمنها ثلاثة مشاريع"مهمة"منها: البرنامج الوطني للكشف المبكر والحد من الإعاقة لحديثي الولادة، وتطور النطق واللغة عند الأطفال السعوديين، برنامج الأبحاث الخارجية ويضم 15 مشروعاً، منها التشخيص المبكر للجينات قبل الإخصاب، للحد من الأمراض الوراثية. ولم يخف الأمير سلطان أن الأعباء زادت على الجمعية، لجهة توفير نفقاتها التشغيلية، نظراً إلى أن هناك جهات رسمية وغير رسمية تطلب إليها مشاركتها في تبني مشاريع جديدة للتصدي لمشكلة الإعاقة، موضحاً أنهم يعتزون بالاضطلاع بهذا الدور. وأكد أنهم وجدوا في"الوقف الخيري"سبيلاً لتوفير نفقات مراكز رعاية الأطفال المعوقين. كما ذكر أنهم نجحوا بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة في دمج مئات من المعوقين في مراحل التعليم العام بعد تأهيلهم،"وبعضهم تخرج في الجامعة والتحق بسوق العمل". وأوضح أن وضع أساس مشروع مركز لرعاية الأطفال المعوقين في عسير أخيراً، جاء بعدما أكدت الدراسات حاجة المنطقة لخدمات الجمعية، مقدراً كلفه التشغيلية السنوية بنحو 3 ملايين ريال. بداية، نريد أن تلقوا الضوء على أحدث مراكز الجمعية الخاصة برعاية الأطفال المعوقين في منطقة عسير، هل المنطقة في حاجة إلى مركز متخصص في علاج وتعليم وتأهيل الأطفال المعوقين؟ - سأجيب عن الجزء الثاني من السؤال، ومنه نتطرق للجزء الأول، ففي ظل تعاظم ثقة المجتمع بأداء الجمعية، ودورها البارز في التصدي لقضية الإعاقة وقايةً وعلاجاً، فإنها تتلقى عروضاً من جهات عدة رسمية وغير رسمية للتعاون معها، لتتبنى مشروعاً أو برامج جديدة للتصدي لمشكلة الإعاقة، وعلى رغم أن ذلك يمثل عبئاً إضافياً لكننا نشعر أمامه بالفخر والاعتزاز، لأنه يعكس حجم الجهد الذي يبذل في هذه القضية الحيوية الإعاقة، وفي هذا الإطار تبنى مجلس إدارة الجمعية استراتيجية واضحة المعالم، لإيصال خدماتها إلى المناطق المحتاجة، وبالنسبة إلى عسير فأعد مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة دراسة علمية ميدانية في المنطقة، لمعرفة مدى حاجتها إلى مركز متخصص للعلاج والتعليم والتأهيل للأطفال المعوقين. وبناء على الدراسة المدعومة برغبة أمير منطقة عسير الأمير خالد الفيصل في إنشاء مركز للجمعية لرعاية الأطفال المعوقين في المنطقة، شرعت الجمعية في إنشاء المشروع، وذلك بناءً على الأسس التي وضعها مجلس إدارتها لتبني مشاريع جديدة، وهي إيجاد الأرض لإنشاء المركز عليها، التي تكون غالباً منحة من الدولة، ثم توفير كلفة إنشاء وتجهيز المركز من متبرع أو أكثر من أبناء المنطقة، وأخيراً إيجاد تبرع لإنشاء وقف خيري يوجّه ريعه للاسهام في الموازنات التشغيلية السنوية للمركز، بالمستوى الذي يضمن الاستمرار في تقديم الخدمات المجانية المتخصصة للأطفال المعوقين من منسوبي المركز، وهي خدمات عالية الكلفة، وتحرص الجمعية على توفيرها. وهذه الاستراتيجية طبقت في مشروع مركز عسير، الذي تم وضع حجر أساسه في احتفال رعاه الأمير خالد الفيصل، وتم تخصيص قطعة أرض مساحتها نحو 25 ألف متر مربع في إحدى ضواحي أبها لإقامة المركز وتتم الآن إجراءات منحها للجمعية. كيف يتسق أمر شروع الجمعية في إنشاء مركز جديد لها في ظل ما تطرحه باستمرار، من معاناتها بسبب تراجع إيراداتها من التبرعات، وازدياد نفقات تشغيل المراكز؟ - أؤيدك تماماً، وأضيف إلى ذلك أن أعداد الأطفال المعوقين المستفيدين من خدمات الجمعية في تزايد مستمر، ومع زيادة حجم الطاقة الاستيعابية للمراكز القائمة، تقوم الجمعية أيضاً بتطوير أداء المراكز، حتى يمكن التقليل من أعداد الأطفال الذين على قوائم الانتظار للاستفادة من خدمات الجمعية، وكان ذلك تحدياً كبيراً أمام مجلس إدارة الجمعية، ووفقنا لتبني استراتيجية تنمية موارد الجمعية، ومن ذلك إنشاء أوقاف خيرية في المناطق التي توجد بها مراكز للجمعية، بهدف تأمين نسبة من الموازنة التشغيلية لها، بما يضمن استمرارها في تقديم الخدمات المجانية لمنسوبيها من الأطفال المعوقين، بالمستوى المتخصص والمتقدم الذي تحرص عليه الجمعية في كل مراكزها، ومن خلال خبرات محلية وإقليمية ودولية على درجة كبيرة من الكفاءة. وتمكنت الجمعية من إيجاد مشاريع أوقاف خيرية لمعظم مراكزها، جارٍ إنشاؤها، وذلك بدعم من الدولة وأهل الخير في بلادنا. وبالنسبة إلى مركز عسير، فإننا نتطلع إلى مبادرات أهل الخير للتبرع لإنشاء المركز والوقف الخيري للمركز، لتسهم إيراداته في دعم نفقات تشغيله، التي قد تصل إلى نحو 3 ملايين ريال سنوياً. هل نستطيع القول إن عالمنا العربي لديه ثقافة العمل الخيري، أو أداء مؤسسي لهذا القطاع؟ وكيف السبيل لترسيخ ذلك؟ - لا شك في أننا كأفراد جُبلنا على عمل الخير، إذ تحضنا مبادئ وتعاليم الدين الحنيف على ذلك، وحقيقة إن جانباً كبيراً من الانجازات التي حققتها الجمعية خلال مسيرتها كان لأهل الخير الفضل فيها. ولكن أعتقد أننا نواجه مشكلة في العمل الخيري المؤسسي، وقد يكون سبب ذلك افتقارنا بالأساس إلى ثقافة العمل الجماعي كفريق يكمل بعضه بعضاً Team Work، لذلك نعاني في بعض الحالات من عدم الالتزام بالمسار الصحيح، إضافة إلى أن المؤسسات تعمل عادة بفلسفة الجزر المعزولة عن بعضها بعضاً ولا تتواصل، وبالتالي لا تكون هناك فائدة من الدروس والخبرات المتراكمة في عمل كل مؤسسة. وذلك ما انتبهنا إليه منذ سنوات في الجمعية، إذ تم إنشاء مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة، الذي سيقدم إنتاجه ودعمه للجهات والمؤسسات المعنية برعاية المعوقين في المملكة كافة، وسيسهم في بناء قاعدة علمية لبرامج الوقاية والعلاج من الإعاقة، وتم إنشاء جمعية مؤسسين للمركز لتمويل الأبحاث والبرامج في مجالات الإعاقة المختلفة، بالتنسيق مع الوزارات والجامعات والقطاعات ذات العلاقة، لتعظيم وتعميم الفائدة من تطبيقات نتائج هذه البحوث والبرامج لكل أفراد المجتمع وللأجيال القادمة. بعد نحو 20 عاماً من خوضك غمار الحرب ضد الإعاقة... ما الجولات التي ربحتها؟ والأخرى التي لم تُوفَّق فيها؟ - لديّ قناعة ثابتة بأن الفشل هو الخاسر أمام كل عمل يبغي الخير، ويحرص على الخير، ربحنا تقريباً كل جولاتنا ضد الإعاقة، وهذا جاء بمساندة أبناء مملكة الإنسانية، وكذلك بطموحنا إلى إنجاز أكبر قدر ممكن من الخطط والبرامج، للحد من الآثار السلبية لإعاقة الأطفال المعوقين، والتسريع في تخفيف حجم معاناتهم مع الإعاقة، بالمستوى الذي يرقى إلى المعدلات العالمية في هذا المجال، كما أسهمنا في خدمة هذه القضية الإعاقة، بما يشعرنا بالرضا عن أدائنا، ويدفعنا إلى التطلع إلى الأفضل. نظمت الجمعية تحت رئاستكم مؤتمرين دوليين للإعاقة والتأهيل ماذا عن توصيات هذين المؤتمرين، وهل أضافا إلى واقع المعوقين في السعودية؟ - إن حرصنا على تفعيل توصيات هذين المؤتمرين حقق إنجازات نفخر بها، فالمؤتمر الأول كان أبرز توصياته العمل على إصدار نظام وطني للمعوقين ينظّم ويحدد حقوق وواجبات المعوقين، وبذلت جهات عدة جهوداً كبيرة حتى تم إنجازه وصدوره، وما تبع ذلك من إنشاء المجلس الأعلى للمعوقين، وتلك خطوات غير مسبوقة لمصلحة المعوقين، إضافة إلى التوصيات الخاصة بدمج المعوقين بالمجتمع، وهذه القضية تفاعل معها مسؤولو وزارة التربية والتعليم وأسهمت في إنجاحها الجمعية، وذلك بالتعاون المباشر مع الأمانة العامة للتربية الخاصة، إذ تمكنا معاً من دمج المئات من الأطفال في مدارس التعليم العام، بعد أن استكملوا برامجهم العلاجية والتعليمية والتأهيلية في مراكز الجمعية المختلفة، والكثير منهم الآن في مراحل التعليم العام، وبعضهم التحق بالجامعات وتخرّج وانضم إلى سوق العمل. وكان أيضاً من أبرز انجازات هذين المؤتمرين هو النجاح في إثراء النقاش حول قضية الإعاقة والمعوقين، باعتبارها قضية اجتماعية واقتصادية، وطرحها على موائد البحث العلمي وتناولها من جوانبها كافة.