بدت الأنشطة والفعاليات الصيفية الموجهة للنساء، أو التي تنظمها المرأة وتشرف عليها في شكل شخصي هذا الموسم، تحمل بصمة اختلاف نوعي وكمي في التطوير، من خلال تبني جهات رسمية، وأخرى من القطاع الخاص، أفكار مهرجانات ومناسبات تقدم للنساء في حلة مختلفة هذا الصيف. وما يلفت الانتباه، هو مزج بعض سيدات الأعمال، من واقع أنشطتهن الصيفية، بين"الترفيه المعرفي"المرتبط بالتعليم، والمشاركة في مساندة الجهات الخيرية التي تحتاج إلى دعم المجتمع، من خلال إدراج برامج مخصصة وأنشطة يعود ريعها إلى تلك الجهات، إذ يسهم مركز"نجوم صغيرة"هذا الصيف وهو متخصص في تبني الأطفال الموهوبين وتطوير قدراتهم في تنشيط ارتباط الأطفال والفتيات بالأيتام، من خلال تخصيص"أسبوع للعطاء"، يعود ريعه إلى جمعية إنسان الخيرية لرعاية الأيتام. "نجوم صغيرة"افتتح منذ ثلاثة أعوام، وهو مركز تعليمي، يربط الترفيه بالتعليم وصقل المهارات واكتشاف المواهب، أسسته الأميرة لمياء بنت مشعل بن عبدالعزيز آل سعود، وهي المدير العام، بحسب مسؤولة المركز سميرة السجاء، التي أوضحت ل"الحياة"أن تخصيص أسبوع ضمن أسابيع الأنشطة الترفيهية المرتبطة بالتعليم للأيتام يعتبر"واجباً دينياً ووطنياً". وتضيف أن المركز في فكرته الأساسية يخدم الفتيات من الأعمار كافة، والأطفال الذكور حتى العاشرة، وهو يحقق شعوراً بالاحتواء، لمن لا يجدون في المدن الترفيهية التقليدية متنفساً، من حيث الاهتمام الذي يلقونه بعد اكتشاف توجههم من خلال الترفيه المرتبط بالمعرفة، وينطلق ذلك عبر الأركان الثابتة في المركز، أو عبر تصميم دورات تدريبية. وتلفت إلى أن المشروع يعتمد على تحقيق هدف خدمة المجتمع، والارتقاء بالطفل السعودي، تلبية لحاجة وتوجه الأمهات الراغبات في استثمار وقت وموهبة أطفالهن وتطويرها، مع ربط ذلك بالترفيه. وتأسف السجاء لعدم وجود جهات رسمية تتبنى المفهوم التعليمي المرتبط بالترفيه، نتيجة عدم حصول المركز على تراخيص تدمج بين المفهومين، كما تقول:"للأسف لا يوجد جهة حكومية تتبني التصديق على شهادة للدورات التي يحصل عليها الأطفال بعد اجتيازهم الدورات". وتتطرق إلى الحديث عن الهدف الثاني للمركز، والمتعلق بتحدي السعودة، وخلق الفرص للسعوديات، مبينة أن طاقم العمل والإشراف على الأطفال سعودي 100 في المئة"فتيات يحملن شهادات علمية جامعية في رياض الأطفال، ومتخصصات في مجالات الفنون واللغة الإنكليزية، ولدينا فرص لتدريب المتطوعات، ونمنحهن شهادات خبرة". وحول بعض العقبات التي واجهت المشروع وتم التغلب عليها، ذكرت أن إشكالية الفئة العمرية المستهدفة المنشغلة صباحاً في التعليم العام أثناء الموسم الدراسي، ولا يتوافر لديها وقت للترفيه سوى مساءً، ما"استدعى فتح المجال لفئات عمرية اصغر، وبالتالي يصبح لدينا اهتمام بالأطفال من الحضانة والروضة وصولاً إلى التمهيدي صباحاً، وفي المساء نقدم دورات تدريبية مكثفة في الصحافة والتصوير الفوتوغرافي وعمل الفخار، وركناً دائماً للفنون من أشغال يدوية ورسم وحرق على الخشب والزجاج للراغبات في الانتساب، إضافة إلى التثقيف بفنون الاتيكيت والتوعية الصحية، وممارسة بعض الأنشطة في ركن المطبخ، إلى جانب الألعاب الرياضية التي تقدمها مدربات اختصاصيات"، وتابعت موضحة أن كل صيف يحمل أنشطة متنوعة مدروسة، وفي فترات الإجازات الرسمية للمدارس، يفتتح مخيم شتوي أو صيفي بحسب الموسم، ويتضمن برنامجاً كاملاً للأطفال الذين يفضلون المساء ومثله للصباح، ولا يُستثنى ذوو الاحتياجات أو الظروف الخاصة، إذ نحاول قدر المستطاع استقطابهم لأن جميع الفئات تهمنا، ومن هنا جاءت فكرة أسبوع للعطاء يعود ريعه إلى الأيتام في جمعية إنسان". جيل من السعوديات يقرأ الكتب والقصص بلغات مختلفة تقف غيداء الموسى 14 عاماً بعد عصر يوم مشمس لبيع الايس كريم والمثلجات الى أطفال مركز"نجوم صغيرة"الذي توجد فيه بعد انضمامها إلى المخيم الصيفي، ليس من واقع شغفها بممارسة مهارات البيع، إنما لتسهم في تحقيق نسبة ربح تعود لمصلحة أيتام جمعية إنسان، وهي منهمكة في بيع الايس كريم توضح أنها تحب كرة القدم وممارسة الرياضة في شكل عام، وتحرص على تنمية مهاراتها في أعمال الفخار والخزفيات داخل المركز. ويحتضن البهو الرئيسي مجموعة من الأركان، تتضمن مكتبة توفر كتباً وقصصاً باللغة العربية والانكليزية والفرنسية، تقبل عليها"الفتيات في الصيف بنهم"، كما تقول أمينة المكتبة وخريجة التربية الفنية لمياء بنت طالب، والتي بدورها ترصد تجربة القراءة منذ عامين ونصف، وهي مدة وجودها في المركز:"أجد الفتيات المترددات على المركز قارئات متحمسات - خصوصاً المراهقات - وبلغات مختلفة، إذ لا تقتصر تجربة الفتيات على الاطلاع فقط على الإصدارات العربية"، وبالنظر إلى الأمزجة والاهتمامات تعتقد بنت طالب أن الأذواق تتباين بين الفئات العمرية والذكور والفتيات، ولكل شريحة اهتمامها، لكن المراهقات يحرصن على"المجموعة المتعلقة بالبيئة الاجتماعية". المختصة في أشغال الخزف بعد حصولها على بكالوريوس التربية الفنية المسؤولة عن ركن الخزف نوف عبدالله تبدي ملاحظة مهمة حول نوعية الإقبال على تشكيلات وأعمال الخزف، منوهة إلى أن الخزف مزيج من الفن المسطح والمجسم، ما يمنح هواة الأعمال الخزفية تنوعاً يستقطب محبي هذا النوع من الأعمال الفنية الخزفية، وتوضح أن"المهتمات بهذا الركن من أعمار صغيرة جداً وحتى سن 21 عاماً يحملن قدرات عالية على التشكيل، وهن مبدعات". وتوجد المتطوعة نجد الجعيد لاكتساب الخبرة والتسلية، كما أوضحت أن حبها للأطفال يجعلها تقتسم معهم حصتها الترفيهية في الصيف، أثناء قيامها بتدريب الأطفال على تصميم أساور للمعصم تحمل شعارات معينة يختارها الأطفال، وترى أن الشهادات التي تحصل عليها تضيف لتجربتها العملية"أتحصل على شهادات تثري ملفي للمستقبل، وتبرز حجم خبراتي". حث على الاستثمار في السياحة الترفيهية للفتيات ترى سيدة الأعمال جواهر الحصيني، أن الفئات الشابة في المجتمع تستحق أكثر من المتاح حالياً للفتيات، داعية إلى احتضان المواهب ودعمها، وان تتجه السعوديات إلى الوثوق بقدراتهن، ويجازفن من خلال خوض تجربة الاستثمار في الترفيه لدعم السياحة وتنويع مصادر الدخل الاقتصادي وتوفير متنفس للفتيات. وفيما تؤيد وصول الفتاة السعودية إلى التمثيل على خشبة المسرح داخل المجتمع النسائي المغلق، تعارض وتتحفظ على فكرة الدفع بالفتيات إلى الظهور العلني في القنوات الفضائية مثلاً ، ملمحة إلى ضرورة مراعاة مشاعر الأمهات والعادات والتقاليد السعودية بعد أن لمست منهن أثناء المقابلات الشخصية التي أجرتها للحصول على طاقم فني يجسد حكاية"سنووايت والأقزام السبعة"قلقاً حول مايمكن أن تسفر عنه تجربة تمثيل فتاة سعودية على المسرح، كما تحلل الموقف بقولها:"لاحظت أن الأمهات حذرات ومتخوفات من الفكرة وهذا نابع من الحرص الذي نمتن له واحترمت هذه الرغبة، وحاولت إقناعهن بأن من تم قبولهن من الفتيات السعوديات للعمل في المسرحية يشاركن معنا، وهن معتمرات أقنعة الأقزام السبعة طوال فترة العرض". وتلفت الحصيني إلى أن الصيف الماضي حملت تجربتها التي سهرت عليها في مركز المملكة إقبالاً حاشداً قدرته خلال الأسبوع الواحد ب800 طفل مع والداتهم، وأضافت:"عرضنا حكاية ليلى والذئب وحكاية الأميرة النائمة ومسرحيات دينية - ثقافية، وأدى بي الإقبال الكبير إلى استجماع شجاعتي والاستمرار في العرض طوال الصيف، واستشرف لهذا الموسم إقبالاً اكبر بعد الاستفادة من التجربة السابقة". بلغ عدد المشاركات في المسرحية التي تقام في مركز الخزامي من الطاقم الفني عشر فتيات، وتجسد دور سنووايت والمرأة الشريرة في المسرحية شقيقتان من سورية مقيمات في السعودية، هما رنيم ورؤى عبدالاله في الصف الأول ثانوي سبق لهن خوض تجارب مسرحية في مسرح المدرسة، وفي مركز الملك عبدالعزيز التاريخي، وتستهوي رنيم التي تقوم بدور سنووايت، كتابة النص المسرحي ونظم الشعر، إضافة إلى التمثيل، كما تقول:"يدعمني أفراد العائلة ويثريني حبهم للمسرح والشعر وتذوق الأدب".